📘 ❞ تهذيب مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي ❝ كتاب ــ د.عبدالقادر بن محمد الغامدي اصدار 2016

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب تهذيب مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي ❝ ــ د.عبدالقادر بن محمد الغامدي 📖

█ _ د عبدالقادر بن محمد الغامدي 2016 حصريا كتاب تهذيب مناقب الإمام أحمد حنبل لابن الجوزي 2024 الجوزي: أبو عبد الله الشيباني الذهلي (164 241هـ 780 855م) فقيه ومحدِّث مسلم ورابع الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة وصاحب المذهب الحنبلي الفقه الإسلامي اشتُهر بعلمه الغزير وحفظه القوي وكان معروفاً بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح وقد أثنى عليه كثير من العلماء منهم الشافعي بقوله: «خرجتُ بغداد وما خلَّفتُ بها أحداً أورع ولا أتقى أفقه حنبل» ويُعدُّ كتابه "المسند" أشهر كتب الحديث وأوسعها وُلد سنة 164هـ ونشأ فيها يتيماً كانت ذلك العصر حاضرة العالم تزخر بأنواع المعارف والفنون المختلفة وكانت أسرة توجهه إلى طلب العلم وفي 179هـ بدأ ابن يتَّجه النبوي فبدأ يطلبه شيخه هُشَيم بشير الواسطي حتى توفي 183هـ فظل يطلب 186هـ ثم برحلاته فرحل العراق والحجاز وتهامة واليمن وأخذ عن والمحدثين وعندما بلغ أربعين عاماً 204هـ جلس للتحديث والإفتاء الناس يجتمعون درسه يبلغ عددهم قرابة خمسة آلاف اشتُهر بصبره المحنة التي وقعت به والتي عُرفت باسم "فتنة خلق القرآن" وهي فتنة العباسي عهد الخليفة المأمون المعتصم والواثق بعده إذ اعتقد هؤلاء الخلفاء أن القرآن مخلوق محدَث وهو رأي المعتزلة ولكن وغيره خالفوا فحُبس وعُذب أُخرج السجن وعاد التحديث والتدريس الواثق مُنع الاجتماع بالناس فلما تولى المتوكل الحكمَ أنهى تلك الفتنة إنهاءً كاملاً شهر ربيع الأول مرض مات عمره سبعاً وسبعين أخلاقه وصفاته الورع والزهد كان ورعاً زاهداً فقد كان التعبد محراب ومحراب الصلاة دائم الصوم أيام يُجلد بالسياط صائم تطوعاً تبتلاً صلاته اليوم ثلاثمئة ركعة أوذي ونزل الضرب والجلد ما نزل وبقيت آثار الجلد تؤلمه لم يستطع يحافظ الركعات الثلاثمئة فأنزلها مئة وخمسين له ختمة كل سبع ليال وكان يتمثل الموت دائماً إذا ذكر خنقته العبرة ويردف قائلاً: «الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب» كما شديد التعلق برسول الإسلام ولم يكن هذا بالحب والاهتمام بالحديث وحسب وإنما بما يقع تحت يده النبي قال ابنه الله: «رأيت أبي يأخذ شعرة شعر صلى وسلم فيضعها فمه ويقبلها وأحسب أني رأيته يضعها عينيه ويغمسها الماء يشربه يستشفي ورأيته قد أخذ قصعة فغسلها حُب شرب غير مرة يشرب ماء زمزم ويمسح يديه ووجهه» ومن شِعر الوعظ: إذا خلوتَ الدهر يوماً فلا تقل خلوتُ قل عليَّ رقيبُ لهَوْنا الأيام تتابعت ذنوبٌ آثارهن ذنوبُ فيا ليت يغفر مضى ويأذن لي توبة فأتوبُ إذا مضى القَرن الذي أنت فيهمُ وخُلِّفتَ قرن فأنت غريبُ غزارة العلم ذاع علم واشتهر حي يرزق بل إن علمه والأثر ذاع لا يزال شاباً يتلقى ويأخذ الشيوخ فيه سعيد الرازي شاب: «ما رأيت أسْودَ الرأس أحفظ لحديث رسول أعلم بفقهه وقال الشافعي: «أنت بالأخبار الصحاح منا فإذا الخبر صحيحاً فأعلمني أذهب إليه كوفياً أو مصرياً شامياً» ورُوي أيضاً أنه قال: أعقل وسليمان داود الهاشمي» معاصره علي المديني: «ليس فينا أيضاً: «أعرف أبا منذ خمسين يزداد خيراً» وينبغي الذكر يعرف اللغة الفارسية ويتكلم أحياناً رُوي قدِم خراسان ابنُ خالته عنده ولما قدَّم يسأله وأهلها بقي ذوي وربما استعجم القول الضيف فيكلمه بالفارسية قوة الحفظ كان يمتاز بقوة الحافظة تضافرت الأخبار يؤيد بعضها بعضاً حنبل: «كنت أذاكر وكيعاً بحديث الثوري فكان العشاء خرج المسجد منزله فكنت أذاكره فربما تسعة أحاديث العشرة فأحفظها دخل أصحاب الحديث: أملِ علينا فأمليها عليهم فيكتبونها» شهد معاصروه حفظه وضبطه قيل لمعاصره زرعة: «من المشايخ أحفظ؟» «أحمد سمعت زرعة يقول: «كان يحفظ ألفَ ألفِ حديث» فقيل له: «وما يدريك؟» «ذاكرتُه فأخذتُ الأبواب» الصبر اتصف بالصبر والجَلَد وقوة الاحتمال وهذه هي أبرز صفاته أذاعت ذكره ونشرت خبره هذه الصفة المزاج اختص فجمع بين الفقر والجود والعفة وعزة النفس والإباء وبين العفو واحتمال الأذى جعلته يحتمل وانٍ راضٍ بالقليل منه يجوب الأقطار ويقطع الفيافي والقفار راكباً أسعفته الحال وماشياً ضاقت النفقة صار شأن وتصدى للدرس البلاء الأكبر والمحنة العظمى فكانت عهدته وبها أهبته صبر وصابر الذين أنزلوا ملوا يهن يستكن يستخذلهم يجبهم قولهم تدل قوة جنانه وثباته بعد هولوا لينطق ينجيه ويرضيهم وكانوا ضربوا عنق رجلين حضرته ولكنه وسط المنظر المروع وقع نظره بعض فسأله: «وأي شيء تحفظ المسح الخفين؟» فأثار دهشة الحاضرين وراعهم الجنان الثابت خصمه دؤاد متعجباً: «انظروا لرجل هو ذا يُقدم لضرب عنقه فيناظر الفقه» التواضع كان متواضعاً متطامناً لعامة مقيلاً لعثراتهم حكى عنه تلميذه المروزي فقال: «لم أر الفقير مجلس أعز مائلاً إليهم مقصراً الدنيا حلم بالعجول التواضع تعلوه السكينة والوقار مجلسه للفتيا يتكلم يسأل وإذا مسجده يتصدر ويقعد حيث انتهى المجلس» الهيبة كان مهيباً خوف وموضعاً للإجلال والاحترام رهبة هيبة نفس أساتذته يمزح مع تلاميذه عالم بمكان المجلس بمكانه لامهم ينبهوه وجوده الشرطة تهابه أما فأعظم أحد تلاميذه: «كنا نهاب نرد الشيء نحاجه الأشياء» معاصريه تتلمذوا «دخلت إسحاق إبراهيم وفلان السلاطين فما أهيب صرت أكلمه فوقعت الرعدة حين هيبته» عبيدة القاسم سلام: «جالست يوسف ومحمد الحسن ويحيى وعبد الرحمن مهدي هبت صفته الشكلية كان يوصف بالحُسن العباس الوليد النحوي: رجلاً حسن الوجه ربعة الرجال يخضب بالحناء خضاباً ليس بالقاني لحيته شعرات سود ورأيت ثيابه غلاظاً إلا أنها بيضاء مُعتمَّاً وعليه إزار خضب رأسه ولحيته ثلاث وستين سكينة ووقار وخشية نظيفاً ملبسه أنيقاً هيئته نطاق الحِفاظ زهده وصفه الملك الحميد الميموني أنظف ثوباً أشد تعاهداً لنفسه شاربه وشعر بدنه أنقى وشدة بياض كتبه ومؤلفاته كان منقطعاً بصفة عامة وللحديث خاصة ولذلك فإنه ترك رصيداً نفيساً المؤلفات تندرج جميعاً باب أكثر اندراجها أي آخر العلوم الدينية وحتى يدل اسمها حديث تعتمد الأحاديث النبوية تأخذ منها مادتها وتنسج موضوعاتها تهذيب للحافظ الفرج ♦ المؤلف: عدد الصفحات: 289 الكتاب مُنتخَبٌ مِن "مناقب حنبل" الجوزي؛ قام الكاتب بتنخيله الأسانيد والمنكرات يُستشعَر الوضْع وكذا البِدَع ونحوها التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم الرسول بزمن يسير حرص حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر التشريع حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي وبالأخص فيما يتعلق أولا ومن الآثار المروية الصحابة والتابعين وباقي خصوصا والناس روى صحيحه مجاهد «جاء العدوي عباس فجعل يحدث ويقول: يأذن لحديثه ينظر يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ فقال عباس: إنا كنا سمعنا رجلا يقول ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة معرفة ناقلي بسبب حال نقلة وذلك لما ينبني المعرفة قبول والتعبد لله تعالى رد والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين يكونوا يسألون الإسناد قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سمع سِنِيِّ هم عنهم (من حدث سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) مدة ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك وكم والآثار روى ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال عنده؟ الأوهام والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ أجراً التحديث؟ عسِراً سمحاً متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب تفرّدته الأمة الإسلامية باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية وقد أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
تهذيب مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي
كتاب

تهذيب مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي

ــ د.عبدالقادر بن محمد الغامدي

صدر 2016م
تهذيب مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي
كتاب

تهذيب مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي

ــ د.عبدالقادر بن محمد الغامدي

صدر 2016م
عن كتاب تهذيب مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي:
أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الذهلي (164-241هـ / 780-855م) فقيه ومحدِّث مسلم، ورابع الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنبلي في الفقه الإسلامي. اشتُهر بعلمه الغزير وحفظه القوي، وكان معروفاً بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح، وقد أثنى عليه كثير من العلماء منهم الإمام الشافعي بقوله: «خرجتُ من بغداد وما خلَّفتُ بها أحداً أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل»، ويُعدُّ كتابه "المسند" من أشهر كتب الحديث وأوسعها.

وُلد أحمد بن حنبل سنة 164هـ في بغداد ونشأ فيها يتيماً، وقد كانت بغداد في ذلك العصر حاضرة العالم الإسلامي، تزخر بأنواع المعارف والفنون المختلفة، وكانت أسرة أحمد بن حنبل توجهه إلى طلب العلم، وفي سنة 179هـ بدأ ابن حنبل يتَّجه إلى الحديث النبوي، فبدأ يطلبه في بغداد عند شيخه هُشَيم بن بشير الواسطي حتى توفي سنة 183هـ، فظل في بغداد يطلب الحديث حتى سنة 186هـ، ثم بدأ برحلاته في طلب الحديث، فرحل إلى العراق والحجاز وتهامة واليمن، وأخذ عن كثير من العلماء والمحدثين، وعندما بلغ أربعين عاماً في سنة 204هـ جلس للتحديث والإفتاء في بغداد، وكان الناس يجتمعون على درسه حتى يبلغ عددهم قرابة خمسة آلاف.

اشتُهر ابن حنبل بصبره على المحنة التي وقعت به والتي عُرفت باسم "فتنة خلق القرآن"، وهي فتنة وقعت في العصر العباسي في عهد الخليفة المأمون، ثم المعتصم والواثق من بعده، إذ اعتقد هؤلاء الخلفاء أن القرآن مخلوق محدَث، وهو رأي المعتزلة، ولكن ابن حنبل وغيره من العلماء خالفوا ذلك، فحُبس ابن حنبل وعُذب، ثم أُخرج من السجن وعاد إلى التحديث والتدريس، وفي عهد الواثق مُنع من الاجتماع بالناس، فلما تولى المتوكل الحكمَ أنهى تلك الفتنة إنهاءً كاملاً. وفي شهر ربيع الأول سنة 241هـ، مرض أحمد بن حنبل ثم مات، وكان عمره سبعاً وسبعين سنة.

أخلاقه وصفاته
الورع والزهد
كان أحمد بن حنبل ورعاً زاهداً، فقد كان كثير التعبد في محراب العلم ومحراب الصلاة، دائم الصوم حتى في أيام المحنة، إذ كان يُجلد بالسياط وهو صائم تطوعاً تبتلاً، وكانت صلاته في اليوم ثلاثمئة ركعة، فلما أوذي في المحنة ونزل به من الضرب والجلد ما نزل وبقيت آثار الجلد تؤلمه إلى أن مات، لم يستطع أن يحافظ على الركعات الثلاثمئة فأنزلها إلى مئة وخمسين ركعة في اليوم، وكانت له ختمة في كل سبع ليال.

وكان ابن حنبل يتمثل الموت دائماً، وكان إذا ذكر الموت خنقته العبرة، ويردف قائلاً: «الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب»، كما كان شديد التعلق برسول الإسلام محمد، ولم يكن هذا التعلق بالحب والاهتمام بالحديث النبوي وحسب، وإنما بما يقع تحت يده من آثار النبي محمد، فقد قال ابنه عبد الله: «رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فيضعها على فمه ويقبلها، وأحسب أني رأيته يضعها على عينيه، ويغمسها في الماء ثم يشربه يستشفي به، ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في حُب الماء، ثم شرب فيها، ورأيته غير مرة يشرب ماء زمزم يستشفي به ويمسح به يديه ووجهه».

ومن شِعر أحمد بن حنبل في الوعظ:

إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا تقل خلوتُ ولكن قل عليَّ رقيبُ
لهَوْنا عن الأيام حتى تتابعت ذنوبٌ على آثارهن ذنوبُ
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ويأذن لي في توبة فأتوبُ
إذا ما مضى القَرن الذي أنت فيهمُ وخُلِّفتَ في قرن فأنت غريبُ

غزارة العلم

ذاع علم أحمد بن حنبل واشتهر وهو حي يرزق، بل إن علمه بالحديث والأثر ذاع وهو لا يزال شاباً يتلقى العلم ويأخذ عن الشيوخ، وقد قال فيه أحمد بن سعيد الرازي وهو شاب: «ما رأيت أسْودَ الرأس أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلم بفقهه من أحمد بن حنبل»، وقال له شيخه الشافعي: «أنت أعلم بالأخبار الصحاح منا، فإذا كان الخبر صحيحاً فأعلمني حتى أذهب إليه كوفياً كان أو مصرياً أو شامياً»، ورُوي عن الإمام الشافعي أيضاً أنه قال: «ما رأيت أعقل من أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي»، وقال معاصره علي بن المديني: «ليس فينا أحفظ من أبي عبد الله بن حنبل»، وقال أيضاً: «أعرف أبا عبد الله منذ خمسين سنة وهو يزداد خيراً».

وينبغي الذكر أن أحمد بن حنبل كان يعرف اللغة الفارسية ويتكلم بها أحياناً، فقد رُوي أنه قدِم عليه من خراسان ابنُ خالته ونزل عنده، ولما قدَّم له الطعام كان ابن حنبل يسأله عن خراسان وأهلها وما بقي من ذوي أحمد بها، وربما استعجم القول على الضيف، فيكلمه أحمد بالفارسية.

قوة الحفظ
كان أحمد بن حنبل يمتاز بقوة الحافظة، وقد تضافرت الأخبار في ذلك يؤيد بعضها بعضاً، قال ابن حنبل: «كنت أذاكر وكيعاً بحديث الثوري، فكان إذا صلى العشاء خرج من المسجد إلى منزله، فكنت أذاكره، فربما ذكر تسعة أحاديث أو العشرة فأحفظها، فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث: أملِ علينا، فأمليها عليهم فيكتبونها». كما شهد معاصروه بقوة حفظه وضبطه، فقد قيل لمعاصره أبي زرعة: «من رأيت من المشايخ والمحدثين أحفظ؟»، قال: «أحمد بن حنبل». وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبا زرعة يقول: «كان أحمد بن حنبل يحفظ ألفَ ألفِ حديث»، فقيل له: «وما يدريك؟»، قال: «ذاكرتُه فأخذتُ عليه الأبواب».

الصبر
اتصف أحمد بن حنبل بالصبر والجَلَد وقوة الاحتمال، وهذه هي أبرز صفاته، وهي التي أذاعت ذكره ونشرت خبره، وقد كانت هذه الصفة المزاج الذي اختص به الإمام أحمد، فجمع بها بين الفقر والجود والعفة وعزة النفس والإباء، وبين العفو واحتمال الأذى، وهي التي جعلته يحتمل ما يحتمل في طلب العلم، غير وانٍ ولا راضٍ بالقليل منه، يجوب الأقطار ويقطع الفيافي والقفار، راكباً إن أسعفته الحال، وماشياً إن ضاقت النفقة، ولما صار له شأن وتصدى للدرس والإفتاء نزل به البلاء الأكبر والمحنة العظمى، فكانت تلك الصفة هي عهدته، وبها كانت أهبته، فقد صبر وصابر الذين أنزلوا به الأذى، حتى ملوا الأذى ولم يهن ولم يستكن، ولم يستخذلهم ولم يجبهم إلى قولهم.

ومن الأخبار التي تدل على قوة جنانه وثباته أنه دخل على الخليفة في أيام المحنة، بعد أن هولوا عليه لينطق بما ينجيه ويرضيهم، وكانوا قد ضربوا عنق رجلين في حضرته، ولكنه في وسط ذلك المنظر المروع، وقع نظره على بعض أصحاب الشافعي، فسأله: «وأي شيء تحفظ عن الشافعي في المسح على الخفين؟»، فأثار ذلك دهشة الحاضرين، وراعهم ذلك الجنان الثابت، حتى قال خصمه أحمد بن أبي دؤاد متعجباً: «انظروا لرجل هو ذا يُقدم به لضرب عنقه فيناظر في الفقه».

التواضع
كان أحمد بن حنبل متواضعاً متطامناً لعامة الناس، مقيلاً لعثراتهم، وقد حكى عنه تلميذه المروزي فقال: «لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلس أبي عبد الله، كان مائلاً إليهم، مقصراً عن أهل الدنيا، وكان فيه حلم، ولم يكن بالعجول، وكان كثير التواضع، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلم حتى يسأل، وإذا خرج إلى مسجده لا يتصدر، ويقعد حيث انتهى به المجلس».

الهيبة
كان أحمد بن حنبل مهيباً من غير خوف، وموضعاً للإجلال والاحترام من غير رهبة، وكانت له هيبة حتى في نفس أساتذته، فقد كان بعض أساتذته يمزح مع بعض تلاميذه غير عالم بمكان أحمد من المجلس، فلما علم بمكانه لامهم إذ لم ينبهوه على وجوده حتى لا يمزح وهو في حضرته. وكانت الشرطة تهابه أيضاً، أما هيبة تلاميذه له فأعظم من ذلك، فقد قال فيه أحد تلاميذه: «كنا نهاب أن نرد أحمد في الشيء أو نحاجه في شيء من الأشياء»، وقال أحد معاصريه الذين تتلمذوا له: «دخلت على إسحاق بن إبراهيم، وفلان وفلان من السلاطين، فما رأيت أهيب من أحمد بن حنبل، صرت إليه أكلمه في شيء فوقعت علي الرعدة حين رأيته من هيبته»، وقال أبو عبيدة القاسم بن سلام: «جالست أبا يوسف ومحمد بن الحسن ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي فما هبت أحداً منهم ما هبت أحمد بن حنبل».

صفته الشكلية
كان أحمد بن حنبل يوصف بالحُسن، قال أحمد بن العباس بن الوليد النحوي: سمعت أبي يقول: رأيت أحمد بن حنبل رجلاً حسن الوجه، ربعة من الرجال، يخضب بالحناء خضاباً ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود، ورأيت ثيابه غلاظاً إلا أنها بيضاء، ورأيته مُعتمَّاً وعليه إزار. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: خضب أبي رأسه ولحيته بالحناء وهو ابن ثلاث وستين سنة. وكانت تعلوه سكينة ووقار وخشية، وكان نظيفاً في ملبسه، أنيقاً في هيئته في نطاق الحِفاظ على زهده، وقد وصفه تلميذه عبد الملك بن عبد الحميد الميموني بقوله: «ما أعلم أني رأيت أحداً أنظف ثوباً ولا أشد تعاهداً لنفسه في شاربه وشعر رأسه وشعر بدنه ولا أنقى ثوباً وشدة بياض من أحمد بن حنبل».

كتبه ومؤلفاته
كان أحمد بن حنبل منقطعاً إلى العلم بصفة عامة وللحديث بصفة خاصة، ولذلك فإنه ترك رصيداً نفيساً من المؤلفات تندرج جميعاً تحت باب الحديث أكثر من اندراجها تحت أي باب آخر من العلوم الدينية، وحتى تلك التي لا يدل اسمها على أنها كتب حديث تعتمد أكثر ما تعتمد على الأحاديث النبوية، تأخذ منها مادتها وتنسج منها موضوعاتها.




تهذيب مناقب الإمام أحمد بن حنبل للحافظ أبي الفرج ابن الجوزي. ♦ المؤلف: د. عبدالقادر بن محمد الغامدي. ♦ عدد الصفحات: 289. هذا الكتاب مُنتخَبٌ مِن كتاب "مناقب الإمام أحمد بن حنبل" لابن الجوزي؛ حيث قام الكاتب بتنخيله من الأسانيد والمنكرات، وما يُستشعَر منه الوضْع، وكذا البِدَع، ونحوها.
الترتيب:

#8K

0 مشاهدة هذا اليوم

#47K

15 مشاهدة هذا الشهر

#34K

7K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 288.
المتجر أماكن الشراء
د.عبدالقادر بن محمد الغامدي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية