📘 ❞ حمار من الشرق ❝ كتاب ــ محمود السعدني اصدار 1991

قراءة المزيد .. ❞ إن نمط الحكم العربي يجعل من الخليفة أو الوالي أو السلطان ملكًا معصومًا؛ فلا يسمح لأحد بانتقاده وهو حي يُرزق. مسموح للجميع أن يبالغوا في مدحه وفي حصر مآثره، وفي تسليط الضوء على مواهبه والاعتراف بعبقريته. وتدور الأسطوانة على هذا الوجه ما دام الخليفة حيًّا؛ فإذا مات الخليفة، قلبوا الأسطوانة على الوجه الآخر، وهو دائمًا عكس الوجه الأول، وبينهما مسافة لا تقل بُعدًا عن المسافة بين الأرض والمريخ!
ولذلك، فكرنا - ولله الحمد - أن نلقي نظرة على تاريخ مصر من تاني. نظرة رجل من الشارع غير متخصص وغير كمساري وعلى غير علاقة رسمية بالتاريخ. وسنعيد النظر من جديد - وفي هدوء - على التاريخ كله، بعد أن مات الخلفاء والسلاطين والأمراء والكمسارية البصاصون. وسنحاول أن نجرد التاريخ من السلطة ومن أبهة الحكم ومن أجهزة المباحث والمخابرات.
وسيكون الفرق بيننا وبين المؤرخين الكمسارية، أن مصر في نظر المحترفين هي سلسلة طويلة من الأمراء والملوك والسلاطين، ولكنها في نظر العبد لله مجموعة متصلة من الأجيال والصياع وأصحاب الحاجات والمتشردين . ❝

❞ عندما تكون رئيسا فأنت المفتى وأنت القاضي وأنت الشـاعـر وأنت الذواق وأنت الفنان وأنت القائد وأنت الاستراتيجي والتكتيكي ، وأنت الشاعر الوحيد والمفكر الوحيد ، وكل التوجيهات تصدر من عندك . وكل النصائح هي من فيض عـبـقـريتك ، وأخـبـار تنقلاتك وتحركاتك ، هي نشرات الأخبار وتصريحاتك رد فعلها سلسلة من الهزات في الداخل وفي الخارج ، ومرض سيادتك يصبح
سـرا حـربيـا ، وأيا كـان رأيك فـهـو الخط الـقـومي والوطني للدولة .
تستطيع أن تتجه يمينا أو يسارا ، شرقا أو غربا ، اذهب حيث تشاء
وسيتبعك الجميع أينما تسير . ❝

❞ هأنذا أقف وحدي الآن في الحياة وكل شيء يمضي من حولي. فلا تلميذ أنا أصبحت، ولا موظف أنا أكون، ولا صحفيا أنا استطعت . ❝