📘 ❞ العلاقات الدولية في الفكر السياسي الغربي ❝ كتاب ــ محمد أحمد مفتي

كتب السياسة الشرعية - 📖 ❞ كتاب العلاقات الدولية في الفكر السياسي الغربي ❝ ــ محمد أحمد مفتي 📖

█ _ محمد أحمد مفتي 0 حصريا كتاب العلاقات الدولية الفكر السياسي الغربي 2024 الغربي: مقدمة توضِّح القراءةُ المتعمقة للأدبيات التحليليَّةِ للفكرِ أنَّ هناك افتراضًا "مستترًا" تلك الأدبيَّاتِ فحْوَاه انفصالاً نسبيًّا بين الفكرِ السياسيِّ والعَلاقاتِ الدَّولية وأنَّه من الصُّعوبةِ بمكانٍ توظيفُ الفِكر لفهمِ الأسسِ النَّظريَّة للعلاقاتِ وينطلق هذا الافتراضُ الفكرَ لا يخضعُ للأطرِ المتعارَفِ عليها التَّحليلِ الأمبيريقي للعِلم ومن ثَم يمكِنُ الاعتمادُ عليه لبناءِ الإطار النظريِّ الظَّاهرة السِّياسية كما السياسيَّ يتناول علاقةَ الفرد بالسُّلطة السياسية؛ أي: النَّواحي المتعلِّقة بالتَّنظيمِ الداخليِّ للمجتمعِ بينما تتناول العلاقاتُ الدوليةُ النواحيَ بما يقعُ خارج إطارِ التَّنظيمِ؛ ولذلك فإنَّ معظمَ الدِّراسات التقليدية التي بالبحث والتحليل تركِّزُ دراسةِ الأطُرِ الدَّاخلية للدولة والمتمثِّلةِ والاجتماعي والسُّلطةِ السياسية ولا تحفِلُ كثيرًا بظاهرةِ التفاعُلِ المجالِ الدَّوليِّ أنها تتجاوز دَورَ فهمِ جوهر التفاعلِ رغم هو القاعدةُ انطلق منها المفكِّرون لتنظيرِ العَلاقاتِ الدَّوليةِ المعاصرة فالظَّاهرة السياسيةُ تمِّثل كُلاًّ متكاملاً ثَمَّ حينما يتعاملُ مع الظاهرة يركِّزُ فقط الجوانبِ المتعلِّقةِ بتنظيم المجتمعاتِ شائعٌ دراساتِ السياسيِّ؛ وإنما يتناولُ الظاهرةَ بمختلِفِ أبعادِها ذلك أبعادُها الخارجيَّةُ؛ الأبعادُ المتعلِّقةُ بالعلاقات الخارجيَّةِ للوَحدة السِّياسيةِ ولعلَّ ما يجعلُ دارِسَ يتساءلُ حين يحاول بناءَ إطارٍ نظريٍّ الدَّولي عن الجذورِ الفِكريَّةِ للقِيَمِ السَّائدة المجتمعِ وعمَّا إذا كانت الأفكارُ السائدة اليوم تمثِّلُ امتدادًا لأفكار سابقة وتنطلقُ هذه الدِّراسةُ مسلَّمةٍ جوهرية هي وحدةُ المفكِّرين السياسيين الذين تناولوا الظَّاهرةَ إمَّا بالتَّحليلِ أو بتقديمِ نماذجَ مثاليَّةٍ معياريَّة لَم يقتصروا الغالب داخل السِّياسيِّ؛ لهم تصوُّراتٌ محدَّدة حول "خارج" إطار السِّياسيِّ أيضًا يعبَّرُ عنه حاليًّا بالعَلاقات ومن ناحيةٍ ثانية فإنَّه بعكس التصوُّرِ السائدِ لدى كثيرٍ دارِسِي مِن المفاهيمَ النَّظريةَ لهذا العلمِ تظهَرْ إلا منذ القرنِ التاسع عشر المتأمِّلَ لتطوُّرِ الفِكْرِ يلحظُ قد ظهرت وتبلورت ظهور وتطوُّرِه ولكنَّها تأخذ طابَعَ التَّنظير العلميِّ المحدَّد فتراتٍ تاريخيَّةٍ لاحقةٍ وفي الإطارِ يهدفُ البحثُ إلى إثباتِ فرضيَّتين رئيسيَّتين الأُولى: أن طوَّروا مفاهيمَ وتصوُّراتٍ العَلاقات تنطلق القِيَمِ الفِكرية لهؤلاء المفكِّرينَ والثانية: نظرياتِ إنما تنطلقُ وافتراضاتٍ تجدُ جذورَها المعروف فإننا سنقصر دراستَنا تطوُّرِ الغربيِّ؛ لأنَّ يمثِّلُ وحدةً متميِّزةً أدبيَّات محاولين إثباتَ قدَّم تصوُّراتٍ معيَّنةً الواقعِ وأنَّ نظريات التَّصوُّراتِ ثم فهي تتضمَّنُ تحيُّزًا قِيمِيًّا نحو قِيَمٍ سياسيةٍ غربية معيَّنة أ د علي مفتي تعد الدراسة بمثابة بيان لعلاقة التواصل ونظريات حيث تبرز طريق ونجد القِيَمُ الغربيةُ تركت أثرًا بيِّنًا الواقع الدوليِّ أفرزت تصوُّرًا محدَّدًا لعواملِ الاستقرارِ النَّسقيِّ وقد بيَّن الكاتب البحثِ أهمَّ معالِمِ رؤيةِ الغربيِّ والتي تمثَّلت في: 1 فكرة القانون الطبيعيِّ قدَّمت منظورًا قِيَميًّا للواقعِ واستُخْدِمت كأداةٍ لمعالجة الفوضى الدوليَّةِ والمحافظةِ الدوليِّ؛ طريقِ إيجادِ قواعدَ دوليَّةٍ عامَّةٍ فكرةِ الانسجامِ والوحدة العالَميَّةِ النَّسقيةِ لدعمِ سيطرةِ وسيادة المفاهيمِ الغربيَّةِ 2 بقاءِ الدولةِ وسيادتِها أكَّدت ضرورةَ وجودِ الدَّولةِ كقاعدةٍ جوهريةٍ النَّسقِ والعملِ حمايتِها بصرفِ النَّظرِ دورِها الأخلاقيِّ وقِيَمِها منطلقِ سيادةِ تمَّ التَّأكيدِ فصل النَّشاطِ الدِّينِ وأصبح البقاءُ الوطنيُّ والمصلحةُ الوطنيةُ المعاييرَ الأساسيَّةَ كالتي تحكم صانعَ القرارِ عند بناءِ السِّياسةِ للدَّولةِ 3 نسقٍ دوليٍّ يربط الدُّولِ القويَّةِ والمسيطرةِ؛ وذلك بالتَّأكيدِ "توازن القُوَى" واستمرارِ "الوضع الراهن"؛ بإيجادِ الوسائلِ الكفيلةِ باستقرارِ لخدمةِ أغراضِ المسيطرةِ يتَّضحُ الغربيَّ طوَّرَ ينطلق السياسيةِ بالأساسِ القِيَمَ ركَّزت إبرازِ انعكس الممارساتِ العمليَّةِ المجال سعت الدولُ المسيطِرةُ فرضِ "دوليًّا" أسوةً بسيادتِها "داخليًّا" العديدِ وتصوَّرَ المفكِّرونَ والسياسيون حلقةَ الوصلِ تكتمل حتمًا الأطرِ بصَهْرِ الصُّغرى بُوتقةِ الكبرى والمسيطِرةِ؛ بهدف "أحاديِّ الرؤية القِيَمِية" يصبحُ التعاملُ الدوليُّ فيه انعكاسًا لرؤيا غربيَّةٍ تستترُ خلف أساليبَ تُظْهِرُ اختلافًا شكليًّا تعمِّقُ التَّبعيَّةَ السياسيةَ للدُّولِ كتب السياسة الشرعية مجاناً PDF اونلاين باب أبواب العلم والفقه الدين وفي قيادة الأمة وتحقيق مصالحها الدينية الدنيوية جليل القدر عظيم النفع أفرده جماعة العلماء بالتصنيف القديم والحديث وانتشرت كثير مباحثه مسائلة بطون التفسير والتاريخ وشروح الحديث وهذا الباب خطره ينتج الغلط وعدم الفهم له شر مستطير والخطأ التفريط كالخطأ الإفراط؛ إذ كلاهما يقود نتائج مرذولة غير مقبولة وضح شيخ الإسلام ابن القيم فقال: 'وهذا موضع مزلة أقدام ومضلة أفهام وهو مقام ضنك ومعترك صعب فرط طائفة فعطلوا الحدود وضيعوا الحقوق وجرءوا أهل الفجور الفساد وجعلوا الشريعة قاصرة تقوم بمصالح العباد محتاجة غيرها وسدوا نفوسهم طرقًا صحيحة طرق معرفة الحق والتنفيذ وعطلوها وأفرطت أخرى قابلت الطائفة فسوغت ينافي حكم الله ورسوله وكلتا الطائفتين أتيت تقصيرها بعث به رسوله وأنزل كتابه' وإدراكًا منَّا لأهمية وموقعه وحاجة الناس إليه فقد رأينا نجعل زاوية دورية المجلة؛ سائلين تعالى يتحقق المقصود وأن بالدور المراد الوجه الذي يحب ربنا ويرضى وراء القصد ـ اللغة: لفظ 'السياسة' لغة العرب محمل بكثير الدلالات والإرشادات والمضامين إصلاح واستصلاح بوسائل متعددة الإرشاد والتوجيه والتأديب والتهذيب والأمر والنهي خلال قدرة تعتمد الولاية الرئاسة وما جاء معاجم اللغة يدل تقدم تاج العروس مادة سوس: 'سست الرعية سياسة' أمرتها ونهيتها والسياسة القيام الشيء يصلحه' لسان المادة نفسها: 'السوس: الرياسة وإذا رأسوه قيل سوسوه وأساسوه وسوس أمر بني فلان: أي كلف سياستهم وسُوِّس الرجل لم يسم فاعله: ملك أمرهم وساس الأمر سياسة: قام والسياسة: يصلحه والسياسة: فعل السائس يقال: يسوس الدواب وراضها والوالي رعتيه' والإصلاح ليس مجرد هدف غاية تسعى حركتها لتحقيقه بل نفسها وحقيقتها فقدته فقدت النص الشرعي: لم يرد لفظ شيء مادته سبحانه وتعالى وإن الصلاح والإصلاح والحكم وغير المعاني اشتمل وإما السنة قوله صلى وسلم: 'كادت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه ' وقوله 'تسوسهم الأنبياء'؛ تتولى أمورهم يفعل الأمراء والولاة بالرعية' ويتبين استخدمت بمعناها اللغوي وهي تعني: القيام شأن قِبَل ولاتهم يصلحهم والإرشاد يحتاج وضع تنظيمات ترتيبات إدارية تؤدي تحقيق مصالح بجلب المنافع الأمور الملائمة ودفع المضار والشرور المنافية وهذا التعريف يبرز الجانب العملي للسياسة فالسياسة هنا إجراءات وأعمال وتصرفات للإصلاح وعلى فإن سياسة تتطلب القدرة القيادة الحكيمة تتمكن إتقان التدبير وحسن التأتي لما يراد فعله تركه بدوره تامة تتطلبه والرئاسة خبرة وحنكة وقدرة استعمال واستغلال الإمكانات المتاحة الأمثل المطلوب وقد كلام لذلك فمن ذلك: قال جرير الطبري ـ رحمه السبب أجله جعل عمر رضي الخلافة الستة اختارهم: 'لم يكن أحد المنزلة والهجرة والسابقة والعقل والعلم والمعرفة بالسياسة؛ للستة شورى بينهم' وقال حجر ـ: 'والذي يظهر سيرة أمرائه كان يؤمرهم البلاد أنه يراعي الأفضل يضم مزيد المعرفة بالسياسة اجتناب يخالف الشرع منها' ومما ورد شرح قول النبي 'يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين؛ يدخل وباب يخرجون' والذي ترجم البخاري صحيحه بقوله: ترك بعض الاختيار مخالفة يقصر فهم فيقعوا أشد منه' حجر: 'ويستفاد منه الإمام رعيته إصلاحهم ولو مفضولاً محرمًا' والسياسة فيما مجالها رحب فسيح ليست مقصورة محجوزة شيء؛ 'القيام يحمله العموم والشمول فيعمل بنا كل صاحب ولاية تدبير ولايته وهذا الركن يتضمن الكتب تتحدث الموضوع شتى جوانبه

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
العلاقات الدولية في الفكر السياسي الغربي
كتاب

العلاقات الدولية في الفكر السياسي الغربي

ــ محمد أحمد مفتي

العلاقات الدولية في الفكر السياسي الغربي
كتاب

العلاقات الدولية في الفكر السياسي الغربي

ــ محمد أحمد مفتي

عن كتاب العلاقات الدولية في الفكر السياسي الغربي:
مقدمة

توضِّح القراءةُ المتعمقة للأدبيات التحليليَّةِ للفكرِ السياسي أنَّ هناك افتراضًا "مستترًا" في تلك الأدبيَّاتِ، فحْوَاه أنَّ هناك انفصالاً نسبيًّا بين الفكرِ السياسيِّ والعَلاقاتِ الدَّولية، وأنَّه من الصُّعوبةِ بمكانٍ توظيفُ الفِكر السياسيِّ لفهمِ الأسسِ النَّظريَّة للعلاقاتِ الدَّولية.

وينطلق هذا الافتراضُ من أنَّ الفكرَ السياسي لا يخضعُ للأطرِ المتعارَفِ عليها في التَّحليلِ الأمبيريقي للعِلم، ومن ثَم لا يمكِنُ الاعتمادُ عليه لبناءِ الإطار النظريِّ لفهمِ الظَّاهرة السِّياسية الدولية، كما أنَّ الفكرَ السياسيَّ يتناول علاقةَ الفرد بالسُّلطة السياسية؛ أي: النَّواحي المتعلِّقة بالتَّنظيمِ الداخليِّ للمجتمعِ، بينما تتناول العلاقاتُ الدوليةُ النواحيَ المتعلِّقة بما يقعُ خارج إطارِ هذا التَّنظيمِ؛ ولذلك فإنَّ معظمَ الدِّراسات التقليدية التي تتناول الفكرَ السياسيَّ بالبحث والتحليل - تركِّزُ على دراسةِ الأطُرِ الدَّاخلية للدولة، والمتمثِّلةِ في الإطار السياسيِّ والاجتماعي، والسُّلطةِ السياسية، ولا تحفِلُ كثيرًا بظاهرةِ التفاعُلِ في المجالِ الدَّوليِّ، كما أنها تتجاوز دَورَ الفكر السياسيِّ في فهمِ جوهر التفاعلِ الدَّوليِّ، رغم أنَّ هذا الفكرَ هو القاعدةُ التي انطلق منها المفكِّرون لتنظيرِ العَلاقاتِ الدَّوليةِ المعاصرة، فالظَّاهرة السياسيةُ تمِّثل كُلاًّ متكاملاً، ومن ثَمَّ فإنَّ الفكرَ السياسي حينما يتعاملُ مع تلك الظاهرة لا يركِّزُ فقط على الجوانبِ المتعلِّقةِ بتنظيم المجتمعاتِ والسُّلطةِ السِّياسية، كما هو شائعٌ في دراساتِ الفكر السياسيِّ؛ وإنما يتناولُ الظاهرةَ بمختلِفِ أبعادِها، بما في ذلك أبعادُها الخارجيَّةُ؛ أي: تلك الأبعادُ المتعلِّقةُ بالعلاقات الخارجيَّةِ للوَحدة السِّياسيةِ، ولعلَّ هذا ما يجعلُ دارِسَ العَلاقاتِ الدَّولية يتساءلُ حين يحاول بناءَ إطارٍ نظريٍّ لفهمِ التفاعلِ الدَّولي عن الجذورِ الفِكريَّةِ للقِيَمِ السَّائدة في المجتمعِ الدَّوليِّ، وعمَّا إذا كانت الأفكارُ السائدة اليوم تمثِّلُ امتدادًا لأفكار سابقة.

وتنطلقُ هذه الدِّراسةُ من مسلَّمةٍ جوهرية، هي وحدةُ الظَّاهرة السِّياسية، ومن ثَمَّ فإنَّ المفكِّرين السياسيين الذين تناولوا الظَّاهرةَ السِّياسية إمَّا بالتَّحليلِ الأمبيريقي أو بتقديمِ نماذجَ مثاليَّةٍ معياريَّة - لَم يقتصروا في الغالب على فهمِ الظَّاهرة السياسية داخل المجتمعِ السِّياسيِّ؛ وإنما كانت لهم تصوُّراتٌ محدَّدة حول الظَّاهرة السِّياسية "خارج" إطار المجتمعِ السِّياسيِّ أيضًا، أو ما يعبَّرُ عنه حاليًّا بالعَلاقات الدَّوليةِ.

ومن ناحيةٍ ثانية، فإنَّه بعكس التصوُّرِ السائدِ لدى كثيرٍ من دارِسِي العَلاقاتِ الدَّولية، مِن أنَّ المفاهيمَ النَّظريةَ لهذا العلمِ لَم تظهَرْ إلا منذ القرنِ التاسع عشر، فإنَّ المتأمِّلَ لتطوُّرِ الفِكْرِ السِّياسيِّ يلحظُ أنَّ تلك المفاهيمَ قد ظهرت وتبلورت مع ظهور الفكر السياسيِّ وتطوُّرِه، ولكنَّها لَم تأخذ طابَعَ التَّنظير العلميِّ المحدَّد إلا في فتراتٍ تاريخيَّةٍ لاحقةٍ.

وفي هذا الإطارِ يهدفُ هذا البحثُ إلى إثباتِ فرضيَّتين رئيسيَّتين، الأُولى: هي أن المفكِّرين السياسيين قد طوَّروا مفاهيمَ وتصوُّراتٍ عن العَلاقات الدَّولية، تنطلق من القِيَمِ الفِكرية لهؤلاء المفكِّرينَ، والثانية: هي أنَّ نظرياتِ العَلاقات الدولية المعاصرة إنما تنطلقُ من مفاهيمَ وافتراضاتٍ تجدُ جذورَها في الفكرِ السياسيِّ المعروف.

وفي هذا الإطار، فإننا سنقصر دراستَنا على تطوُّرِ الفكر السياسيِّ الغربيِّ؛ لأنَّ هذا الفكرَ يمثِّلُ وحدةً متميِّزةً في أدبيَّات الفكر السياسيِّ، محاولين إثباتَ أنَّ هذا الفكرَ قد قدَّم تصوُّراتٍ معيَّنةً عن الواقعِ الدَّولي، وأنَّ نظريات العَلاقات الدَّولية المعاصرة تنطلقُ من تلك التَّصوُّراتِ، ومن ثم فهي تتضمَّنُ تحيُّزًا قِيمِيًّا نحو قِيَمٍ سياسيةٍ غربية معيَّنة.

أ. د. محمد أحمد علي مفتي
تعد هذه الدراسة بمثابة بيان لعلاقة التواصل بين العلاقات الدولية المعاصرة ونظريات الفكر السياسي الغربي حيث تبرز هذه الدراسة تطوُّرِ الفكر السياسيِّ الغربيِّ؛ لأنَّ هذا الفكرَ يمثِّلُ وحدةً متميِّزةً في أدبيَّات الفكر السياسيِّ، عن طريق إثباتَ أنَّ هذا الفكرَ قد قدَّم تصوُّراتٍ معيَّنةً عن الواقعِ الدَّولي، وأنَّ نظريات العَلاقات الدَّولية المعاصرة تنطلقُ من تلك التَّصوُّراتِ، ومن ثم فهي تتضمَّنُ تحيُّزًا قِيمِيًّا نحو قِيَمٍ سياسيةٍ غربية معيَّنة.

وفي هذا الإطارِ يهدفُ هذا البحثُ إلى إثباتِ فرضيَّتين رئيسيَّتين، الأُولى: هي أن المفكِّرين السياسيين قد طوَّروا مفاهيمَ وتصوُّراتٍ عن العَلاقات الدَّولية، تنطلق من القِيَمِ الفِكرية لهؤلاء المفكِّرينَ، والثانية: هي أنَّ نظرياتِ العَلاقات الدولية المعاصرة إنما تنطلقُ من مفاهيمَ وافتراضاتٍ تجدُ جذورَها في الفكرِ السياسيِّ المعروف.

ونجد أن القِيَمُ الغربيةُ قد تركت أثرًا بيِّنًا على الواقع الدوليِّ، حيث أفرزت القِيَمُ الغربيةُ تصوُّرًا محدَّدًا لعواملِ الاستقرارِ النَّسقيِّ، وقد بيَّن الكاتب في البحثِ أهمَّ معالِمِ رؤيةِ الفكرِ السياسيِّ الغربيِّ للعلاقاتِ الدولية، والتي تمثَّلت في:

1- فكرة القانون الطبيعيِّ التي قدَّمت منظورًا قِيَميًّا للواقعِ الدَّوليِّ، واستُخْدِمت كأداةٍ لمعالجة الفوضى الدوليَّةِ، والمحافظةِ على الاستقرارِ الدوليِّ؛ عن طريقِ إيجادِ قواعدَ دوليَّةٍ عامَّةٍ تنطلقُ من فكرةِ الانسجامِ الطبيعيِّ، والوحدة العالَميَّةِ النَّسقيةِ لدعمِ سيطرةِ وسيادة المفاهيمِ الغربيَّةِ عن الواقعِ الدَّوليِّ.

2- فكرة بقاءِ الدولةِ وسيادتِها، التي أكَّدت ضرورةَ وجودِ الدَّولةِ كقاعدةٍ جوهريةٍ في النَّسقِ الدوليِّ، والعملِ على حمايتِها، بصرفِ النَّظرِ عن دورِها الأخلاقيِّ وقِيَمِها، ومن منطلقِ سيادةِ الدَّولةِ تمَّ التَّأكيدِ في الفكر الغربيِّ على فصل النَّشاطِ السياسيِّ عن الدِّينِ، وأصبح البقاءُ الوطنيُّ والمصلحةُ الوطنيةُ المعاييرَ الأساسيَّةَ، كالتي تحكم صانعَ القرارِ السِّياسيِّ عند بناءِ السِّياسةِ الخارجيَّةِ للدَّولةِ.

3- فكرة وجودِ نسقٍ دوليٍّ يربط بين الدُّولِ القويَّةِ والمسيطرةِ؛ وذلك بالتَّأكيدِ على فكرةِ "توازن القُوَى"، واستمرارِ "الوضع الراهن"؛ بإيجادِ الوسائلِ الكفيلةِ باستقرارِ النَّسقِ لخدمةِ أغراضِ الدَّولةِ المسيطرةِ.

يتَّضحُ من ذلك أنَّ الفكرَ السياسيَّ الغربيَّ قد طوَّرَ تصوُّرًا للعلاقاتِ الدَّوليةِ، ينطلق من القِيَمِ السياسيةِ الغربيَّةِ بالأساسِ، وأنَّ هذه القِيَمَ ركَّزت على إبرازِ المفاهيمِ الغربيَّةِ عن الواقعِ الدوليِّ، وقد انعكس ذلك على الممارساتِ العمليَّةِ في المجال الدوليِّ؛ حيث سعت الدولُ المسيطِرةُ إلى فرضِ القِيَمِ الغربيَّةِ "دوليًّا" أسوةً بسيادتِها "داخليًّا" في العديدِ من الدُّولِ، وتصوَّرَ المفكِّرونَ والسياسيون أنَّ حلقةَ الوصلِ تكتمل حتمًا بإيجادِ الأطرِ العمليَّةِ الكفيلةِ بصَهْرِ الدُّولِ الصُّغرى في بُوتقةِ الدُّولِ الكبرى والمسيطِرةِ؛ وذلك بهدف بناءِ نسقٍ دوليٍّ "أحاديِّ الرؤية القِيَمِية"، يصبحُ التعاملُ الدوليُّ فيه انعكاسًا لرؤيا غربيَّةٍ تستترُ خلف أساليبَ قد تُظْهِرُ اختلافًا شكليًّا، ولكنَّها في الواقع تعمِّقُ التَّبعيَّةَ السياسيةَ للدُّولِ الغربيَّةِ.


الترتيب:

#8K

0 مشاهدة هذا اليوم

#77K

9 مشاهدة هذا الشهر

#44K

6K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 27.
المتجر أماكن الشراء
محمد أحمد مفتي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث