📘 ❞ أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة وفاتح الديار الشامية ❝ كتاب ــ محمد محمد حسن شراب اصدار 1997

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة وفاتح الديار الشامية ❝ ــ محمد محمد حسن شراب 📖

█ _ محمد حسن شراب 1997 حصريا كتاب أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة وفاتح الديار الشامية عن دار القلم للنشر والتوزيع 2024 الشامية: عبد الله الفهري القرشي (40 ق هـ 584م 18هـ 639م) صحابي وقائد مسلم وأحد العشرة المبشرين بالجنة ومن السابقين الأولين إلى الإسلام لقَّبَهُ النّبيُّ محمدٌ بأمين حيث قال: «إن لكل أمّة أميناً وإن أميننا أيتها الأمة: الجراح» وقال له بكر الصديق يوم سقيفة بني ساعدة: «قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر الخطاب وأبو أسلم مرحلة مبكرة من الدعوة الإسلامية وهاجر الحبشة ثم المدينة المنورة وشهد مع النبي غزوة بدر والمشاهد كلها وكان الذين ثبتوا ميدان المعركة عندما بُوغت المسلمون بهجوم المشركين أُحُد وفي عهد أبي كان القادة الأربعة عيَّنهم لفتح بلاد الشام أمر خالداً بنَ الوليد أن يسير العراق لقيادة الجيوش فيها فلما ولي الخلافةَ عَزَلَ واستعمل أبا فقال خالد: «وَلِيَ عليكم أمينُ هذه الأمة» وقد نجح فتح دمشق وغيرِها مُدُنِ الشامِ وقُراها عام الموافق 639م توفي بسبب طاعون عمواس غور الأردن ودُفن فيه لا يُعرف ترتيب بين ولكن ابن هشام السيرة ذكره عُصبة أسلمت بعد ثمانية نفر سبقوا والأرجح أنهم لم يُسلموا واحد بل أسلموا متفرّقين أيام ترتيبهم بأجمعهم الثمانية وقبل مَن ذُكر بعدَهم ويُعد فهو ممن التقاهم النبيُّ الأرقم قبل يبلغ أربعين رجلاً وهو صاحبُ أول وحفظ القرآن منذ تباشير فجره الأولى وأوذي سبيل فصبر ونقل سعد أنه هاجر أرض الهجرة الثانية رواية إسحاق ومحمد ولم يذكره موسى عُقبة الذهبي: هاجَرَ فإنه يُطل بها اللَّبث» هجرته المدينة هاجر مكة فنزل كلثوم الهدم الأوسي وبعد وصول آخى المهاجرين والأنصار روى الصحيح أنس مالك: رسول صلى عليه وسلم وبين طلحة (زيد سهل الأسود الخزرجي) الطبقات «أن وسالم مولى حُذيفة» وقيل معاذ» غزوة بدر من المتفق حضر الكبرى التي وقعت 17 رمضان 2هـ 13 مارس (آذار) 624م وأبلى غيره بلاءً حسناً تناقلت كتب المغازي والتاريخ والتفسير قتل أباه كافراً فقد نُقل الخبر تاريخ «وأخرج الحافظ طريق البيهقي شوذب» حجر الإصابة: «وهو فيما أخرجه الطبراني السيوطي "أسباب النزول": حاتم شوذب نزلت الآية حين بدر: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ المجادلة: 22» وأخرجه الحاكم ضمرة ربيعة الفلسطيني وقال آخرون: إن يقتل وليس هذا خبر صحيح أو ضعيف وهذا لا يصح سنداً ولا متناً أما السند معضل لأن بعيد جداً زمن الحدث رجل خراساني بصري شامي يرحل منبت الأخبار حصلت العصر النبوي متناً؛ عساكر نقل المفضل غسان الواقدي ينكر يكون أدرك وينكر قول أهل لقي زحف فقتله وقال: «سألتُ رجالاً فهر منهم زفر وغيره فقال: أبوه الإسلام» غزوة أحد ثبت تاريخياً 7 شوال 3 23 625م وأنه المدافعين ويُذكر نزع الحلقتين اللتين دخلتا المغفر وجنة بثنيتيه فانقلعت ثنيتاه فحسن ثغره بذهابهما وقصة وقوع ثنيتي روتها السيدة عائشة: سمعتُ يقول: «لما يومُ ورُمِيَ رسولُ وجهه حتى دخلت أجنتيه (وجنتيه) حلقتان فأقبلتُ أسعى وإنسان قد أقبل قِبَلِ المشرق يطير طيراناً فقلت: اللهم اجعله طاعة "طلحة" توافينا فإذا بدرني أسألك بالله يا إلا تركتني فأنزعه قال بكر: فتركتُه فأخذ بثنيةٍ إحدى حلقتي فنزعها وسقط ظهره وسقطت ثنية أخذ الحلقة الأخرى بثنيته فسقطت فكان الناس أثرم (أهتم: الذي انكسرت ثناياه أصولها)» سرية الجراح بعث رجلا ذي القصة شهر ربيع الآخر سنة 6هـ لشهر أغسطس (آب) 627م وسبب السرية هو بلغه بعض القبائل يريدون يُغيروا سرح يرعى يومئذ بمحل بينه سبعة أميال فصلَّوا المغرب ومشوا ليلتهم وافوا ذا عماية الصبح فأغاروا عليهم فأعجزوهم هرباً الجبال وأسروا واحداً وأخذوا نعماً نعمهم ورثة أي ثياباً خَلِقةً متاعهم وقدموا بذلك فخمسه وأسلم الرجل فتركه بوابة محمد وقعت سرية عمرو العاص ذات السلاسل جمادى الآخرة 8هـ سبتمبر (أيلول) 629م الإمام أحمد المسند الشعبي: بعث جيش فاستعمل الأعراب لهما: «تطاوعا» وكانوا يؤمرون يغيروا فانطلق فأغار قضاعة بكراً أخواله المغيرة شعبة استعملك علينا فلان ارتبع القوم لك معه أمر» عبيدة: أمرنا نتطاوع فأنا أطيع عصاه عمرو» ورواية تعطي تفسيراً آخر للغزوة بلغ جمعاً تجمّعوا يُريدون يَدنوا أطراف النبوية فدعا فعقد لواءً وبعث ثلاثمئة سراة وأمره يستعين بمن يمرُّ به بلي وعذرة وبلقين قرب لهم كثيراً فبعث يستمدّه إليه مئتين فيهم وعمر يلحق بعمرو وأن يكونا جميعاً يختلفا فلحق فأراد يؤم عمرو: «إنما قدمت عليَّ مدداً وأنا الأمير» فأطاع يصلي بالناس الخَبَط أرسل سريةَ الخبط رجب 8 أكتوبر وجعل أميرَها فعن جابر الله: بعثاً نحو الساحل وأمّر وهم ثلثمائة كانوا ببعض الطريق فَنِيَ الزاد فأمر عُبيدة بأزواد الجيش فجمعها جابر: يقوتنا كلَّ قليلاً فني فلم يكن يصيبنا تمرةٌ تمرة سمع «ما تغني عنكم تمرة؟» «كنا نمصُّها كما يمصُّ الصبيُّ الثدي نشرب عليها الماء فتكفينا يومنا الليل» لقد وجدنا فقدها فَنِيَت فأصابنا جوع شديد أكلنا الخَبَط فسمي ذلك انتهينا البحر حُوت مثل الظَّرب (الجبل الصغير) فأكلنا منه نصف وادَّهنا ودكه ثابت إلينا أجسامنا ثلاثة عشر فأقعدهم وقب عينه (يريد بيان كبر حجم الحوت) فلمّا قدمنا ذكرنا للنبي «كلوا رزقاً أطعمونا معكم» فأتاه بعضهم بعضوٍ فأكله صنعوا قديداً وحملوه معهم يُستفاد يُؤمَّر السرايا العهد يدل ظهور نبوغه العسكري والإداري في ساعدة كان لأبي بنِ تأثيرٌ ساعدة وقصة رواها البخاري فضائل الصحابة: قالت عائشة: «إن مات بالسُّنح فقام «والله ما وليبعثنه فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم» فجاء فكشف فقبَّله «بأبي أنت وأمي طبتَ حياً وميتاً والذي نفسي بيده يذيقك الموتتين أبداً» خرج واجتمعت الأنصار عبادة فقالوا: «منا أمير ومنكم أمير» فذهب إليهم يتكلم فأسكته والله أردت أني هيأت كلاماً أعجبني خشيت يبلغه تكلم فتكلم أبلغ كلامه: «نحن الأمراء وأنتم الوزراء» حباب المنذر: «لا نفعل منا ولكنا الوزراء هم (يعني قريش) أوسط العرب داراً وأعربهم أحساباً فبايعوا عمر: «بل نبايعك فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا وسلم» فبايعه وبايعه » وفي قصة السقيفة شاهدان لهما مدلولات شخصية الجراح: الأول: ذهاب بصحبة عَلِم بخبر اجتماع لتأمير أحدهم الثاني: «بايعوا عبيدة» أهلاً للخلافة منزلة العلم علياء قريش ولكنه حصل الكفاءة بخدمته الجليلة وبتفرّده وتفوّقه مناقب القيادة وصفه بأنه «أمين أخرج مليكة سألتُ «مَن مستخلفاً لو استخلفه؟» قالت: «أبو بكر» فقيل لها: «ثم بكر؟» «عمر» قيل عمر؟» انتهت ورُوي «لو لاستخلفته فإن سألني ربي عنه قلت: استخلفت وأمين رسوله» الصديق امتزجت ترجمة بتاريخ عادةً مناقبه فاتح التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين علم يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم الرسول بزمن حرص العلماء حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر التشريع الحديث حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي وبالأخص يتعلق بالحديث أولا الآثار المروية الصحابة والتابعين وباقي خصوصا والناس روى صحيحه مجاهد «جاء بشير العدوي عباس فجعل يحدث ويقول: يأذن لحديثه ينظر مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا يقول ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة معرفة الرجال ناقلي حال نقلة وذلك لما ينبني المعرفة قبول والتعبد بما لله تعالى رد تلك والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر السنة فيؤخذ حديثهم وينظر البدع فلا يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سِنِيِّ الشيوخ عنهم (من حدث سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) وما مدة ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار ذلك؛ وهل كثير الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال عدد الحاضرين عنده؟ هي الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب منها تفرّدته باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية وقد أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة وفاتح الديار الشامية
كتاب

أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة وفاتح الديار الشامية

ــ محمد محمد حسن شراب

صدر 1997م عن دار القلم للنشر والتوزيع
أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة وفاتح الديار الشامية
كتاب

أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة وفاتح الديار الشامية

ــ محمد محمد حسن شراب

صدر 1997م عن دار القلم للنشر والتوزيع
عن كتاب أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين الأمة وفاتح الديار الشامية:
أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي (40 ق هـ/584م - 18هـ/639م) صحابي وقائد مسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، لقَّبَهُ النّبيُّ محمدٌ بأمين الأمة حيث قال: «إن لكل أمّة أميناً، وإن أميننا أيتها الأمة: أبو عبيدة بن الجراح». وقال له أبو بكر الصديق يوم سقيفة بني ساعدة: «قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح».

أسلم أبو عبيدة في مرحلة مبكرة من الدعوة الإسلامية، وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة، وشهد مع النبي محمد غزوة بدر والمشاهد كلها، وكان من الذين ثبتوا في ميدان المعركة عندما بُوغت المسلمون بهجوم المشركين يوم أُحُد. وفي عهد أبي بكر الصديق، كان أبو عبيدة أحد القادة الأربعة الذين عيَّنهم أبو بكر لفتح بلاد الشام، ثم أمر أبو بكر خالداً بنَ الوليد أن يسير من العراق إلى الشام لقيادة الجيوش الإسلامية فيها، فلما ولي عمر بن الخطاب الخلافةَ عَزَلَ خالداً بنَ الوليد، واستعمل أبا عبيدة، فقال خالد: «وَلِيَ عليكم أمينُ هذه الأمة»، وقد نجح أبو عبيدة في فتح دمشق وغيرِها من مُدُنِ الشامِ وقُراها. وفي عام 18هـ الموافق 639م توفي أبو عبيدة بسبب طاعون عمواس في غور الأردن ودُفن فيه.

لا يُعرف ترتيب أبي عبيدة بين السابقين إلى الإسلام، ولكن ابن هشام في السيرة ذكره في عُصبة أسلمت بعد ثمانية نفر سبقوا إلى الإسلام، والأرجح أنهم لم يُسلموا في يوم واحد، بل أسلموا متفرّقين في أيام، وكان ترتيبهم بأجمعهم بعد الثمانية السابقين، وقبل مَن ذُكر بعدَهم.

ويُعد أبو عبيدة من السابقين الأولين إلى الإسلام، فهو ممن التقاهم النبيُّ محمدٌ في دار الأرقم قبل أن يبلغ المسلمون أربعين رجلاً، وهو صاحبُ النبي من أول الدعوة، وحفظ القرآن منذ تباشير فجره الأولى، وأوذي في سبيل الله فصبر، ونقل ابن سعد أنه هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر، ولم يذكره موسى بن عُقبة. وقال الذهبي: «إن كان هاجَرَ إلى الحبشة فإنه لم يُطل بها اللَّبث».

هجرته إلى المدينة
هاجر أبو عبيدة من مكة إلى المدينة المنورة، فنزل على كلثوم بن الهدم الأوسي، وبعد وصول النبي محمد إلى دار الهجرة، آخى بين المهاجرين والأنصار، وقد روى مسلم في الصحيح عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أبي عبيدة بن الجراح وبين أبي طلحة (زيد بن سهل بن الأسود الخزرجي). ونقل ابن سعد في الطبقات «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حُذيفة». وقيل «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أبي عبيدة وبين سعد بن معاذ».


غزوة بدر
من المتفق عليه أن أبا عبيدة حضر غزوة بدر الكبرى التي وقعت في 17 رمضان 2هـ الموافق 13 مارس (آذار) 624م، وأبلى مع غيره من المهاجرين والأنصار بلاءً حسناً. وقد تناقلت كتب المغازي والتاريخ والتفسير أن أبا عبيدة قتل أباه يوم بدر كافراً، فقد نُقل الخبر في تاريخ دمشق، قال: «وأخرج الحافظ من طريق البيهقي عن عبد الله بن شوذب». وقال ابن حجر في الإصابة: «وهو فيما أخرجه الطبراني عن عبد الله بن شوذب». وقال السيوطي في "أسباب النزول": «وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال: نزلت هذه الآية في أبي عبيدة حين قتل أباه يوم بدر: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ المجادلة: 22». وأخرجه الحاكم من طريق ضمرة بن ربيعة الفلسطيني عن عبد الله بن شوذب.

وقال آخرون: إن أبا عبيدة لم يقتل أباه يوم بدر، وليس في هذا خبر صحيح أو حسن أو ضعيف، وهذا الخبر لا يصح سنداً ولا متناً، أما السند فهو معضل، لأن عبد الله بن شوذب بعيد جداً عن زمن الحدث، وهو رجل خراساني بصري شامي، لم يرحل إلى المدينة منبت الأخبار التي حصلت في العصر النبوي. ولا يصح متناً؛ لأن ابن عساكر نقل عن المفضل بن غسان أن الواقدي كان ينكر أن يكون أبو أبي عبيدة أدرك الإسلام، وينكر قول أهل الشام إن أبا عبيدة لقي أباه في زحف فقتله، وقال: «سألتُ رجالاً من بني فهر، منهم زفر بن محمد وغيره، فقال: توفي أبوه قبل الإسلام».

غزوة أحد

ثبت تاريخياً أن أبا عبيدة حضر غزوة أحد التي وقعت في 7 شوال 3 هـ الموافق 23 مارس 625م، وأنه كان من الذين ثبتوا في ميدان المعركة عندما بُوغت المسلمون بهجوم المشركين، وأنه كان من المدافعين عن النبي محمد. ويُذكر أنه نزع يوم أحد الحلقتين اللتين دخلتا من المغفر في وجنة النبي بثنيتيه، فانقلعت ثنيتاه، فحسن ثغره بذهابهما.

وقصة وقوع ثنيتي أبي عبيدة روتها السيدة عائشة: سمعتُ أبا بكر يقول: «لما كان يومُ أحد، ورُمِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في وجهه حتى دخلت في أجنتيه (وجنتيه) حلقتان من المغفر، فأقبلتُ أسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنسان قد أقبل من قِبَلِ المشرق يطير طيراناً، فقلت: اللهم اجعله طاعة أو "طلحة" حتى توافينا إلى رسول الله، فإذا أبو عبيدة بن الجراح قد بدرني فقال: أسألك بالله يا أبا بكر إلا تركتني فأنزعه من وجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر: فتركتُه، فأخذ أبو عبيدة بثنيةٍ إحدى حلقتي المغفر فنزعها، وسقط على ظهره، وسقطت ثنية أبي عبيدة، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى، فسقطت، فكان أبو عبيدة في الناس أثرم (أهتم: وهو الذي انكسرت ثناياه من أصولها)».

سرية أبي عبيدة بن الجراح
بعث النبي محمد أبا عبيدة بن الجراح في أربعين رجلا إلى ذي القصة في شهر ربيع الآخر سنة 6هـ الموافق لشهر أغسطس (آب) 627م. وسبب السرية هو أنه قد بلغه أن بعض القبائل يريدون أن يُغيروا على سرح المدينة وهو يرعى يومئذ بمحل بينه وبين المدينة سبعة أميال، فصلَّوا المغرب، ومشوا ليلتهم حتى وافوا ذا القصة مع عماية الصبح، فأغاروا عليهم، فأعجزوهم هرباً في الجبال، وأسروا رجلاً واحداً، وأخذوا نعماً من نعمهم ورثة، أي ثياباً خَلِقةً من متاعهم، وقدموا بذلك إلى المدينة، فخمسه النبي محمد، وأسلم الرجل، فتركه.


بوابة محمد
وقعت سرية عمرو بن العاص أو ذات السلاسل في شهر جمادى الآخرة سنة 8هـ الموافق لشهر سبتمبر (أيلول) 629م. روى الإمام أحمد في المسند عن عامر الشعبي: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش ذات السلاسل، فاستعمل أبا عبيدة على المهاجرين، واستعمل عمرو بن العاص على الأعراب، فقال لهما: «تطاوعا». قال: وكانوا يؤمرون أن يغيروا على بكر، فانطلق عمرو فأغار على قضاعة، لأن بكراً أخواله، فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبي عبيدة فقال: «إن رسول الله استعملك علينا وإن ابن فلان قد ارتبع أمر القوم، وليس لك معه أمر»، فقال أبو عبيدة: «إن رسول الله أمرنا أن نتطاوع، فأنا أطيع رسول الله وإن عصاه عمرو».

ورواية ابن سعد تعطي تفسيراً آخر للغزوة، قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعاً من قضاعة تجمّعوا يُريدون أن يَدنوا إلى أطراف المدينة النبوية، فدعا عمرو بن العاص فعقد له لواءً، وبعث معه ثلاثمئة من سراة المهاجرين والأنصار، وأمره أن يستعين بمن يمرُّ به من بلي وعذرة وبلقين، فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعاً كثيراً، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمدّه، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مئتين، وبعث معه سراة المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر، وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعاً ولا يختلفا، فلحق بعمرو، فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس فقال عمرو: «إنما قدمت عليَّ مدداً وأنا الأمير»، فأطاع له بذلك أبو عبيدة وكان عمرو يصلي بالناس.

سرية الخَبَط
أرسل النبيُّ محمدٌ سريةَ الخبط في شهر رجب سنة 8 هـ الموافق لشهر أكتوبر 629م، وجعل أميرَها أبا عبيدة بن الجراح. فعن جابر بن عبد الله: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً نحو الساحل، وأمّر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلثمائة، فلما كانوا ببعض الطريق فَنِيَ الزاد، فأمر أبو عُبيدة بأزواد الجيش فجمعها، قال جابر: فكان يقوتنا كلَّ يوم قليلاً قليلاً حتى فني، فلم يكن يصيبنا إلا تمرةٌ تمرة. قال الذي سمع من جابر: «ما تغني عنكم تمرة؟»، قال جابر: «كنا نمصُّها كما يمصُّ الصبيُّ الثدي ثم نشرب عليها الماء، فتكفينا يومنا إلى الليل»... قال جابر: لقد وجدنا فقدها حين فَنِيَت، فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخَبَط، فسمي ذلك الجيش جيش الخبط. قال: ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حُوت مثل الظَّرب (الجبل الصغير) فأكلنا منه نصف شهر وادَّهنا من ودكه حتى ثابت إلينا أجسامنا، فأخذ أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلاً فأقعدهم في وقب عينه (يريد بيان كبر حجم هذا الحوت)، فلمّا قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «كلوا رزقاً أخرجه الله، أطعمونا إن كان معكم»، فأتاه بعضهم بعضوٍ فأكله، وكانوا قد صنعوا منه قديداً وحملوه معهم.

يُستفاد من هذه القصة أن أبا عبيدة كان يُؤمَّر على السرايا في العهد النبوي، وهذا يدل على ظهور نبوغه العسكري والإداري في عهد النبي محمد.

في يوم سقيفة بني ساعدة
كان لأبي عبيدة بنِ الجراح تأثيرٌ في يوم سقيفة بني ساعدة، وقصة يوم سقيفة بني ساعدة كما رواها البخاري في كتاب فضائل الصحابة: قالت السيدة عائشة:

«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وأبو بكر بالسُّنح، فقام عمر يقول: «والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم»، فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبَّله، قال: «بأبي أنت وأمي، طبتَ حياً وميتاً، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبداً»، ثم خرج... واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: «منا أمير ومنكم أمير»، فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاماً قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس، فقال في كلامه: «نحن الأمراء وأنتم الوزراء»، فقال حباب بن المنذر: «لا والله لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير»، فقال أبو بكر: «لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء، هم (يعني قريش) أوسط العرب داراً وأعربهم أحساباً، فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح»، فقال عمر: «بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس.»
وفي قصة يوم السقيفة شاهدان لهما مدلولات على شخصية أبي عبيدة بن الجراح: الأول: ذهاب أبي عبيدة بصحبة أبي بكر وعمر إلى سقيفة بني ساعدة عندما عَلِم بخبر اجتماع الأنصار لتأمير أحدهم. الثاني: قول أبي بكر «بايعوا عمر أو أبا عبيدة»، وهذا يدل على أنه كان أهلاً للخلافة، في منزلة أبي بكر وعمر، مع العلم أن أبا عبيدة لم يكن من علياء قريش، ولكنه حصل على الكفاءة بخدمته الجليلة في الإسلام، وبتفرّده وتفوّقه في مناقب القيادة، حتى وصفه النبي محمد بأنه «أمين هذه الأمة». وقد أخرج مسلم عن أبي مليكة قال: سألتُ عائشة: «مَن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفاً لو استخلفه؟»، قالت: «أبو بكر»، فقيل لها: «ثم مَن بعد أبي بكر؟»، قالت: «عمر»، ثم قيل لها: «مَن بعد عمر؟»، قالت: «أبو عبيدة بن الجراح» ثم انتهت إلى هذا. ورُوي أن عمر بن الخطاب قال: «لو كان أبو عبيدة بن الجراح حياً لاستخلفته، فإن سألني ربي عنه قلت: استخلفت أمين الله وأمين رسوله».

في عهد أبي بكر الصديق
امتزجت ترجمة أبي عبيدة بن الجراح بتاريخ فتح الشام، ويُذكر عادةً من مناقبه بعد وصفه بأنه أمين الأمة، أنه فاتح الديار الشامية.
الترتيب:

#4K

0 مشاهدة هذا اليوم

#16K

37 مشاهدة هذا الشهر

#29K

9K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 295.
المتجر أماكن الشراء
محمد محمد حسن شراب ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار القلم للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث