📘 ❞ المعجزة الكبرى القرآن: نزوله - كتابته - جمعه - إعجازه - جدله - علومه - تفسيره - حكم الغناء به ❝ كتاب ــ الإمام محمد أبو زهرة

كتب إسلامية متنوعة - 📖 كتاب ❞ المعجزة الكبرى القرآن: نزوله - كتابته - جمعه - إعجازه - جدله - علومه - تفسيره - حكم الغناء به ❝ ــ الإمام محمد أبو زهرة 📖

█ _ الإمام محمد أبو زهرة 0 حصريا كتاب ❞ المعجزة الكبرى القرآن: نزوله كتابته جمعه إعجازه جدله علومه تفسيره حكم الغناء به ❝ 2024 به: اتجهت النفس متسامية إلى رسول الله صلى عليه وسلم أتعرَّف سيرته الطاهرة العطرة لأقتبس من نور هديه وأتنسَّم نسيم عرفه ولا شاهد إرهاصات النبوة بل الإعجاز حياته الأولى كما أيده تعالى بالمعجزات الثانية بعد أن بعث رحمة للعالمين وقد تابعنا السلام ثم تسامينا متابعة نادَى الجزيرة العربية بصوته القوي العميق يدعو التوحيد وسط الوثنية وهو يصبر ويصابر ويجاهد ويناضل ويلاقي الأذى والمؤمنون الصادقون الذين معه يعذَّبون وقلوبهم بالإيمان لا ينطقون بالكفر ولو مزّق أجسامهم وطواغيت الشرك يتمتعون بالإيذاء بينما أهل الإيمان يرضون بالعذاب عن الكفران أخذ النبي ذلك يعرض نفسه القبائل تمهيدًا لبناء دولة الإسلام الفاضلة غير مكة وأخذ النور يسري ظلمات الجاهلية منبثقًا وإن لم يستضئ أهلها بنوره لعمى البصائر {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [سورة الحج: 46] والمعجزة الخالدة التي يتحدَّى بها قريشًا وسائر العرب هي "القرآن الكريم" رأينا مساوقة الحوادث نتكلم هذه يكون كلامنا فيها تبعيًّا وليس أصليّا وبالعرض بالذات 2 ولكن ما إن قاربنا نوره حتى بهرنا ضياؤه واستغرض نفوسنا سناؤه وانتقلت الاتجاه إليه قاصدين ذاته أصلًا تبعًا للسيرة كانت سيرة نزل القرآن وخاطب ظله الأجيال سيدنا الهادي رب العالمين وقد حاولنا نملأ ينابيع الهداية فيه وأن نشفي أمراض قلوبنا بما دواء نكشف الغمة وعبر لذلك صار وعلم وكل يتعلق هدفًا لنا مقصودًا وأملًا منشودًا نبغي سواه نطلب غيره فكان لزامًا علينا نخص ببحث ودراسة نخرج البحث كتابًا نرجو قيمًا كان يعلو حيث مناسبًا لموضوعه فموضوعه أعلى تناهده همتنا تتسامى عزيمتنا؛ لأنه وأنَّى لضعيف مثلي يصل وصفه أو التعريف إنه فوق منال القوى إدراكًا وأعظم النفوس إشراقًا "أ" ابتداء بيان نزول منجمًا وحكمته مستمدًّا الحكمة نص وما أحاط بالتنزيل ووجوب حفظه الصدور بينت أنه كتب حياة الرسول وأنَّ يملي الآية الآيات تنزل كتَّاب الوحي إذا تمَّ قد تمَّت وقراءته بهذا الترتيب الذي نراه والسور كملت تكلمت جمع المكتوب عهد الصديقين أبي بكر وعمر رضي عنهما ذي النورين عثمان عنه "ب" الحق أثاره بعض العلماء خلافات حول أحرف الكريم ونزوله أسرف أنفسهم وعلى فأثاروا أقوالًا باطلة المعقول إثارتها إنَّ المغرمين بالجمع ونقل الخلاف قالوا أمورًا تخالف فيما ذكر نزلوه وتهافتت الأقوال وجدنا يرجون للإسلام وقارًا يتعلقون بأقوال ذكرت لهؤلاء كقول بعضهم: هناك رأيًا يقول: قلب بالمعنى واللفظ للنبي ونسوا قوله معلمًا القراءة والنطق بها: {لَا تُحَرِّكْ بِه لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ بَيَانَهُ} [القيامة: 16 19] فإن صريح أنَّ باللفظ والمعنى والقراءة إجماع المسلمين والعلم علم ضروري ومن يخالفه يخرج إطار صرَّح بأنَّ هو رتل فقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32] "ج" ولقد تكلمنا إعجاز وبيَّنَّا وجوه ودفعنا القول بالصرفة دفعًا الكتاب وجدل وتفسير ومناهج التفسير بالأثر ومقامه بالرأي الرأي يجب ألَّا يناقض المأثور باللغة والأثر مفتاح "د" وتكلمنا بالقرآن وتحريمه والتغنِّي الجائز وإبطال وسرنا طرق عوج أمت 3 وإنا نحمد اختبرنا أثناء كتابه كتبناه لقد أول كتابة كتبنا فانقطعنا الاتصال بالصحف السيارة نخاطب منبرها وقطعنا المجلات العلمية نوجّه الفكر الإسلامي طريقها كل الإعلام فلا نصل إليها وكان الهمّ الأكبر انقطعنا دروسنا وعن المحاضرات العامة ولكن آنسنا وحدتنا وأزال غربتنا فكان العزاء النفسي والجلاء الروحي واختبرنا بالضر اختبر نبيه أيوب؛ إذ قال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83] وإنه تشابه المرض فإنه يختلف المقام فهذا نبي يوحى ونحن الأتباع ونرجو نكون الأبرار اتباع النبيين لزمنا المقعد نحو شهرين ألم الابتعاد أكبر الممضّ منَّ بالشفاء فخرجنا الداء العقام منعتنا وعثاء فعدنا نقبس ونعيق أنس المستوحش وسمير المستغرب فأنسنا طول الغياب ومنحنا العافية فوفقنا لأنَّ نقطع أردنا عرضه مدة وكأنَّا مجموع بلينا المدة أصحَّاء أبداننا؛ سلمت السقام بفضل المعجزة الكبرى 1 يسير الكون سنن سنَّت ونظمٍ أُحكِمَت وارتباطٍ بين الأسباب والمسببّات العادية يتخلَّف تخلَّفت المسببات أسبابها ووجدت الأمور منفكة علتها كالولد يولد أبٍ وكالحركة تجيء جامد يتحرَّك كعصا ونار تنطفئ أوقدت الانقطاع ومسبباتها العقل بأن فعل ساير منطقه أقصى مداه "وليس بعيدًا المنطق العقلي المستقيم المدى أقرَّ به" فإنَّه بُدَّ واصل خرق العادات وخالف أساببها خالقها وموجدها وإذا القصور الغاية لغاية وأنَّه وجدت وبينت مقاصدها الخرق لهذه تبين صدق يدعى وأنه يعلم وراء الخالق الحكيم المسيطر شيء يفعل يرد يقيده نظام خلقه عادات أوجدها الأمر الخارق للعادة حجة الصدق لمن يدَّعي يتكلم الفعَّال لما يريد؛ يغير الصادق يعلن دعواه ويقيم برهانًا عليها ويتحدَّى الناس يفعلوا مثلها ويسمَّى هذا الحال معجزة ولذلك عرفوها بأنها: المرّ جرى يديه عند ويتحداهم يأتوا بمثله كانوا صادقين المادية تتحدَّى بنفسها مع ادِّعَاء الرسالة النار تلقاء نفسها؛ يلقى إبراهيم فتكون بردًا وسلامًا يحترق وكالعصا تتحرك وتتلوَّى كأنها ثعبان مبين وليست سحرًا أدرك الساحرون وكانوا المؤمنين وكإبراء عيسى للأكمه والأبرص بإذن وكإحيائه الموتى فما له يطلب منهم بمثلها والقصور بَيِّن والعجز واضح ومع فالتحدي قائم ثابت والحجة قائمة عليهم يؤمنوا بالحق جاءهم إسلامية متنوعة مجاناً PDF اونلاين المنهج وضعه سبحانه وتعالى للناس كي يستقيموا وتكون حياتهم مبنيةً والذي بيَّنه رسوله وسلّم لهم وإنّ مجموعة المبادئ والأُسس الإنسان مسلماً بحق الالتزام وهي اركان كتب فقه وعلوم قرآن وشبهات وردود وملل ونحل ومجلات الأبحاث والرسائل العلمية, التفسير, الثقافة الاسلامية, الحديث الشريف والتراجم, الدعوة والدفاع الإسلام, الرحلات والمذكرات والكثير

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
المعجزة الكبرى القرآن: نزوله - كتابته - جمعه - إعجازه - جدله - علومه - تفسيره - حكم الغناء به
كتاب

المعجزة الكبرى القرآن: نزوله - كتابته - جمعه - إعجازه - جدله - علومه - تفسيره - حكم الغناء به

ــ الإمام محمد أبو زهرة

المعجزة الكبرى القرآن: نزوله - كتابته - جمعه - إعجازه - جدله - علومه - تفسيره - حكم الغناء به
كتاب

المعجزة الكبرى القرآن: نزوله - كتابته - جمعه - إعجازه - جدله - علومه - تفسيره - حكم الغناء به

ــ الإمام محمد أبو زهرة

عن كتاب المعجزة الكبرى القرآن: نزوله - كتابته - جمعه - إعجازه - جدله - علومه - تفسيره - حكم الغناء به:
اتجهت النفس متسامية إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتعرَّف سيرته الطاهرة العطرة لأقتبس من نور هديه، وأتنسَّم نسيم عرفه، ولا شاهد إرهاصات النبوة، بل الإعجاز في حياته الأولى، كما أيده الله تعالى بالمعجزات في حياته الثانية بعد أن بعث رحمة للعالمين، وقد تابعنا حياته -عليه السلام- الأولى، ثم تسامينا إلى متابعة حياته الثانية بعد أن نادَى في الجزيرة العربية بصوته القوي العميق يدعو إلى التوحيد في وسط الوثنية، وهو يصبر ويصابر، ويجاهد ويناضل، ويلاقي الأذى، والمؤمنون الصادقون الذين معه يعذَّبون، وقلوبهم بالإيمان لا ينطقون بالكفر، ولو مزّق الأذى أجسامهم، وطواغيت الشرك يتمتعون بالإيذاء، بينما أهل الإيمان يرضون بالعذاب عن الكفران، وقد أخذ النبي من بعد ذلك يعرض نفسه على القبائل، تمهيدًا لبناء دولة الإسلام الفاضلة في غير مكة، وأخذ النور يسري في ظلمات الجاهلية منبثقًا من مكة، وإن لم يستضئ أهلها بنوره لعمى البصائر، ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [سورة الحج: 46] .

والمعجزة الخالدة التي يتحدَّى بها قريشًا وسائر العرب هي "القرآن الكريم"، رأينا من مساوقة الحوادث أن نتكلم في هذه المعجزة الكبرى، على أن يكون كلامنا فيها تبعيًّا وليس أصليّا، وبالعرض لا بالذات.

2- ولكن ما إن قاربنا نوره حتى بهرنا ضياؤه، واستغرض نفوسنا سناؤه، وانتقلت نفوسنا إلى الاتجاه إليه قاصدين ذاته أصلًا، لا تبعًا للسيرة، ولو كانت سيرة من نزل عليه القرآن وخاطب في ظله الأجيال، سيدنا الهادي رسول الله رب العالمين.

وقد حاولنا أن نملأ نفوسنا من ينابيع الهداية فيه، وأن نشفي أمراض قلوبنا بما فيه من دواء، وأن نكشف الغمة بما فيه من حكم وعبر.

لذلك صار القرآن وعلم القرآن، وكل ما يتعلق به هدفًا لنا مقصودًا، وأملًا منشودًا لا نبغي سواه، ولا نطلب غيره.

فكان لزامًا علينا أن نخص كتاب الله ببحث ودراسة، وأن نخرج من ذلك البحث كتابًا نرجو أن يكون قيمًا في ذاته، وإن كان لا يعلو إلى حيث يكون مناسبًا لموضوعه، فموضوعه أعلى من أن تناهده همتنا، وأن تتسامى إليه عزيمتنا؛ لأنه كتاب الله تعالى، وأنَّى لضعيف مثلي أن يصل إلى وصفه أو التعريف به، إنه فوق منال أعلى القوى إدراكًا، وأعظم النفوس إشراقًا.

"أ" وقد اتجهت ابتداء إلى بيان نزول القرآن منجمًا، وحكمته مستمدًّا هذه الحكمة من نص القرآن، وما أحاط بالتنزيل ووجوب حفظه في الصدور، ثم بينت أنه كتب في حياة الرسول، وأنَّ النبي -عليه السلام- كان يملي الآية أو الآيات التي تنزل عليه على كتَّاب الوحي، حتى إذا تمَّ نزوله كانت كتابته قد تمَّت، وقراءته بهذا الترتيب الذي نراه في الآيات والسور قد كملت، وقد تكلمت من بعد ذلك في جمع المكتوب في عهد الصديقين أبي بكر وعمر -رضي الله تعالى عنهما، ثم في عهد ذي النورين عثمان رضي الله تعالى عنه.

"ب" وقد اتجهت إلى الحق في وسط ما أثاره بعض العلماء من خلافات حول أحرف القرآن الكريم، وقراءته ونزوله، وقد أسرف بعض العلماء على أنفسهم وعلى الحق، فأثاروا أقوالًا باطلة ما كان من المعقول إثارتها، حتى إنَّ بعض المغرمين بالجمع ونقل الخلاف قالوا أمورًا تخالف نص القرآن الكريم، فيما ذكر من نزلوه، وتهافتت الأقوال حتى وجدنا الذين لا يرجون للإسلام وقارًا يتعلقون بأقوال ذكرت لهؤلاء، كقول بعضهم: إن هناك رأيًا يقول: إن القرآن نزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم بالمعنى واللفظ للنبي، ونسوا قوله تعالى معلمًا للنبي -صلى الله عليه وسلم القراءة والنطق بها: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِه لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: 16-19] ، فإن ذلك صريح في أنَّ القرآن نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- باللفظ والمعنى والقراءة، وأنَّ ذلك عليه إجماع المسلمين، والعلم به علم ضروري، ومن يخالفه يخرج من إطار الإسلام، وقد صرَّح القرآن الكريم بأنَّ الله تعالى هو الذي رتل القرآن، فقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ [الفرقان: 32] .

"ج" ولقد تكلمنا من بعد ذلك في إعجاز القرآن، وبيَّنَّا وجوه الإعجاز، ودفعنا القول بالصرفة دفعًا، ثم تكلمنا في علم الكتاب، وجدل القرآن، وتفسير القرآن، ومناهج التفسير، وبيَّنَّا التفسير بالأثر، ومقامه من التفسير بالرأي، وأنَّ الرأي يجب ألَّا يناقض المأثور، وأن التفسير باللغة والأثر مفتاح التفسير بالرأي.

"د" وتكلمنا في الغناء بالقرآن وتحريمه، والتغنِّي الجائز المأثور، وإبطال ما سواه، وسرنا في طرق الحق الذي لا عوج فيه ولا أمت.

3- وإنا نحمد الله تعالى على ما اختبرنا به في أثناء كتابه ما كتبناه، لقد اختبرنا الله تعالى في أول كتابة ما كتبنا عن القرآن، فانقطعنا عن الاتصال بالصحف السيارة، نخاطب المسلمين من فوق منبرها، وقطعنا عن المجلات العلمية نوجّه الفكر الإسلامي من طريقها، ومن كل طرق الإعلام فلا نصل إليها، وكان الهمّ الأكبر أن انقطعنا عن دروسنا، وعن المحاضرات العامة.

ولكن القرآن آنسنا في وحدتنا، وأزال غربتنا، فكان العزاء النفسي والجلاء الروحي، واختبرنا الله تعالى بالضر كما اختبر نبيه أيوب؛ إذ قال: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء: 83] ، وإنه وإن تشابه المرض فإنه يختلف المقام، فهذا نبي يوحى إليه، ونحن من الأتباع، ونرجو أن نكون من الأبرار في اتباع النبيين، لزمنا المرض المقعد نحو شهرين، فكان ألم الابتعاد عن القرآن أكبر من ألم المرض الممضّ، ولقد منَّ الله تعالى بالشفاء، فخرجنا من الداء العقام، وما منعتنا وعثاء المرض، فعدنا إلى القرآن نقبس من نوره، ونعيق من عرفه، هو أنس المستوحش، وسمير المستغرب، فأنسنا بعد طول الغياب، ومنحنا الله تعالى به العافية، فوفقنا لأنَّ نقطع كل ما أردنا عرضه في مدة المرض، وكأنَّا في مجموع ما بلينا في طول المدة أصحَّاء في أبداننا؛ لأنه سلمت نفوسنا من السقام، بفضل القرآن.

المعجزة الكبرى

1- يسير الكون على سنن قد سنَّت، ونظمٍ قد أُحكِمَت، وارتباطٍ بين الأسباب والمسببّات العادية لا يتخلَّف، وإن تخلَّفت المسببات عن أسبابها ووجدت الأمور منفكة عن علتها، كالولد يولد من غير أبٍ، وكالحركة تجيء من جامد لا يتحرَّك كعصا،، ونار تنطفئ وقد أوقدت، إذا كان ذلك الانقطاع بين الأسباب العادية ومسبباتها حكم العقل بأن الذي فعل ذلك فوق الأسباب العادية ومسبباتها، ولو ساير العقل منطقه إلى أقصى مداه "وليس بعيدًا في حكم المنطق العقلي المستقيم الذي يصل إلى المدى من أقرَّ به"، فإنَّه لا بُدَّ واصل إلى أن الذي خرق العادات وخالف أساببها ومسبباتها لا بُدَّ أن يكون خالقها وموجدها، وإذا كان القصور العقلي لا يصل إلى هذه الغاية، فإنه لا بُدَّ واصل إلى أن خرق هذه العادات، لا بُدَّ أن يكون لغاية، وأنَّه إذا وجدت هذه الغاية وبينت مقاصدها، وعلم أنَّ ذلك الخرق لهذه الغاية تبين معه صدق ما يدعى، وأنه يعلم من وراء ذلك الخالق الحكيم، المسيطر على كل شيء، الذي يفعل ما يرد، ولا يقيده نظام خلقه، ولا عادات أوجدها.

لذلك كان الأمر الخارق للعادة حجة الصدق لمن يدَّعي أنه يتكلم عن الخالق الحكيم الفعَّال لما يريد؛ لأنه لا يغير العادات سواه، وإن الصادق يعلن دعواه، ويقيم ذلك برهانًا عليها، ويتحدَّى الناس أن يفعلوا مثلها، ويسمَّى في هذا الحال أنه معجزة.

ولذلك عرفوها بأنها: المرّ الخارق للعادة الذي يدَّعي به من جرى على يديه أن نبي من عند الله تعالى، ويتحداهم أن يأتوا بمثله إن كانوا صادقين، وأن المعجزة المادية تتحدَّى بنفسها مع ادِّعَاء الرسالة، فإن النار لا تنطفئ من تلقاء نفسها؛ إذ يلقى فيها إبراهيم -عليه السلام- فتكون بردًا وسلامًا عليه فلا يحترق، وكالعصا التي تتحرك وتتلوَّى كأنها ثعبان مبين، وليست سحرًا كما أدرك الساحرون، وكانوا أول المؤمنين، وكإبراء عيسى للأكمه والأبرص بإذن الله، وكإحيائه الموتى بإذن الله، فما كان له أن يطلب منهم أن يأتوا بمثلها، والقصور بَيِّن والعجز واضح، ومع ذلك فالتحدي قائم، والعجز ثابت، والحجة قائمة، وكان عليهم أن يؤمنوا بالحق إذا جاءهم.
الترتيب:

#5K

0 مشاهدة هذا اليوم

#9K

37 مشاهدة هذا الشهر

#13K

15K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 645.
المتجر أماكن الشراء
الإمام محمد أبو زهرة ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية