📘 ❞ حدث فى الخامس من مايو ❝ رواية ــ أحمد خالد توفيق

روايات فانتازيا عربية و عالمية - 📖 ❞ رواية حدث فى الخامس من مايو ❝ ــ أحمد خالد توفيق 📖

█ _ أحمد خالد توفيق 0 حصريا رواية حدث فى الخامس من مايو 2024 مايو: روايات جيب حدث مايو تأليف : توفيق لماذا أفعل ذلك؟ أنت تسأل أسئلة غريبة اليوم الأوفق أن تسأل: لماذا لا ذلك؟ لقد قرأت الكثير كتابات الفوضويين وآمَنتُ التدمير أروع بمراحل أيَّة متعة يحظى بها المرء حياته لحظة انفجار قنبلة أو انطلاق رصاصة هي الاكتمال بعينه هذه أشياء لن تفهمها يلذ لي أرى وجوه رجال الشرطة عندما يأتون للتحقيق منذ فترة صارت عندهم صورة محددة لأسباب العمليات ولن يخرج تفكيرهم عن هذا النطاق يفهموا أبدًا هناك مَن قرأ وآمن بمبادئهم دعك أنه يكره المكان فعلاً الخوف؟ أعترف بهذا وأنا أرتدي ثيابي صباح شعرت بجفاف حلقي ألفُّ الحزام حول جسدي العاري وأتأكَّد السلكين بارزان العبوة التي قضيت أيامًا أُركِّبها بالاستعانة بتعليمات الإنترنت يتركون المواقع تعمل إذا كانوا يريدون الأمان حقًا؟ أصدق الحكومة الأمريكية عاجزة منعها إغلاقها شعور غريب يلتف حولك نوع القلق التردد يمكنك أية تتراجع لكني اتخذت قراري زمن يغيره شيء البنوك! أنا أكره عمل البنوك العملاء وأكره زملائي مكتبي الجشع أعتى صوره تأمّل والتوتر وجه العميل ذاك وهو يعد ماله جميل جدًا يدوي مروِّع هنا وتتناثر الجثث مع الدماء صحيح رأسي سيكون بينها لكن قال إنني أهتم برأسي؟ لقد فقدت الحب ولم أعد أبالي بيوم آخر الحياة المزيد المستنقع تعني سوى العطن اليوم يبدو مناسبًا أحب أفجِّر نفسي يوم عادة لم أستطع التخلي عنها قطإن لطيف في مثل حسب مواقع تهتم بهذه الأمور توفي المناضل الإيرلندي "بوبي ساندز" عام 1981 بعد إضرابه شهرين الطعام السجن 1961 تُرسِل أمريكا أول رائد فضاء لها بعدما سبقها السوفييت الزعيم الهندي "الثور الجالس" يفر إلى كندا 1877 1821 يموت "بونابرت" منفاه بسانت هيلانة 1494 يصل "كريستوفر كولمبس" لجامايكا وعام 1260 يصير "قوبلاي خان" إمبراطور المغول وأموت أنا! كان "جمال" قلقًا يسرع مكتبه المصرف لقد تأخر ومدير القسم ليس مولعًا بالتسامح أستاذ "محمود" الطراز اللطيف الذي يتجاهل التأخير إنه طراز الموظفين المتحذلقين الذين يشعرون بأنهم خبرة إدارية عُظمى يتأنّق ويتحدث بألاطة شديدة وقد علق النظارة بسلسلة فضية لتتدلى صدره ويقف طيلة الوقت ليعرض كرشه الممتاز البارز صدرية البذلة "جمال" يكن نموذجًا رائعًا كذلك فهو شاب حديث التخرج يقدر ترك السهر رفاقه يقولون إن سهراته ليست بريئة يجرؤ أحد إعلان ذلك غير يمكنه يوبِّخَه أي وقت يريد ـ"أستاذ جمال أنت متأخر نصف ساعة " في حرج بنزع سترته والجلوس بالقميص وربطة العنق خلف شاشة الكمبيوتر: ـ"المواصلات يا سيدي آسف " من تحت أسنانها غمغمت "ليلى" دون تنظر لأحدهما: ـ"والإنترنت طبعًا معنا عبقري " نظر غيظ وابتلع تعليقاته الحادة راح (شريف) يداعب مفاتيح الكمبيوتر قليلاً ثم تأمَّل دفاتر بطاقات الائتمان راح يعبث الدرج حتى أخرج علبة أقراص البنادول ابتلع ثلاثة مرة واحدة ببقايا كوب الماء طلب قدحًا القهوة لاحظت (فاتن) المتدربة الشابة الجالسة جواره فقالت قلق: ـ"ثالث تشرب فيها والوقت يتجاوز العاشرة صباحًا" هذا والأسوأ هو يعرف سبب الصداع ارتفاع ضغط الدم وأنه بالقهوة يحفر قبره ببطء الناجم الضغط يعالج لكنه يبالي حقًا بشيء, ثمة الطريقة يشرب يُذكِّر (مجدي) بسكير حانة كأسه كانت معجبة بـ لكنه العالم قادرًا تحريك عواطفه ماذا؟ بالضبط الأمر يوحي بقصة حب فاشلة تُمحَى (مجدي) المحاسب الآخر يحب جاءت للمصرف أشهر العملية معقدة كما ترى أ ب وج العلاقات الشهيرة حينما تجمع مجموعة الشباب المليء بالحيوية مكان واحد كنت أراقب العمل غافلين هانئين أمسك بدفتر وأقلب صفحاته شاردًا المُسلِّي تعرف أنك تمسك يدك بمفتاح حياتهم وموتهم هم يعرفون تذكرت كنت أقف الحمام الصرصور الصغير يزحف البلاط (القيشاني) السيراميك معروفًا وقتها كله يدي سوف يهوي الشبشب عليه فتنتهي فينعم 90% الحالات أهوي بالشبشب وكثيرًا ما كانت الأقدار تتحداني فينجو بشكل الآن ينجو الصراصير رجال الحقيقة يبحثون بين ويستدعون خبير المفرقعات ولسوف فجر نفسه يهرعون لداري ويفتشون كل سامحيني أمي يضايقوك كثيرًا حال سوف يفتشون جهاز يجدون ملفًا كاملاً تخرج الصحف كلها تتساءل انتشار العنف وسوف يتكلم أكثر وخبير علم جريمة أنني أقدم للمحررين هدية عظيمة فلسوف يكتبون ويكتبون ويسودون الصفحات لمدة شهر كامل لو أنصفوا لدفعوا لأمي مكافأة لكنهم السبب مني أكتب مقالاً أشرح فيه القصة لما وجدت كلمات الموقف العبثي الحق تكلم عنه (ألبير كامو) (الغريب) لدى بطل فرصة ممتازة ليقتل الأعرابي يتركه كان الحر خانقًا والذباب والعرق يحرق عينيه لذا قتل فيما لرجال لأن شديدًا لم كلهم يفهمون عندما أفكر أشعر بالدم يتصاعد لرأسي اللعين يجب أقضي بأية طريقة مجدي يقلب صفحات دفتر يختلس النظر لـ بدأ يمسك برأسه موضة نهضت (ليلى) معلنة بصوت هامس أنها تذهب للحمام تكن تفعل يرد لأنهم مشغولين هجمة هذا الرجل البدين يصرخ بكبرياء و(ألاطة) مهددًا بأن يسبب مشاكل للجميع ابن خالة زوج عمته مذيع كبير يفضحكم برنامجه عيب كده يظهر (محمود) الخبير الإداري وحلال المشاكل نظارته يده (يحب لأنها توحي بالانهماك) ويسأل المشكلة فيرد يزلزل المصرف: ـ"ليست معي هويتي رخصة القيادة وهذا الأستاذ المتعلم يقول أستطيع السحب صبرًا سترون كلمة الكلام بلغت عمتي فلن يبقى واحدٌ منكم مكتبه" من الغريب الجعجعة ينجح اقتاد عميله ليسوي ينس (جمال):ـ"أقسم بالله علّمك قد ظلمك!" لم يستطع (جمال) الرد المدير أشار له طرف خفي يخرس لوثب وأنشب مخالبه عنق الخنزير المتغطرس العصبي توشك روحه الخروج أنفه ينم أنا لا الحمامات العامة وأشعر بالبارانويا الأماكن لابد لحظات أتأكد يرام أدخل دورة المياه وأرفع لأتأكد القنبلة مكانها طرفا السلك ينتظران ألمسهما حيث يخرجان تلك الفتحة جيبي أخشى يحدث صدفة قمت بعزل احد الطرفين صوت الصراخ يتعالى الخارج يعتقدون أننا عبيد أغبياء وأن عليهم يصرخوا أولاً قبل والمشكلة عليك تصمت دائمًا حق مدير بالمرصاد لكل يعلو صوته بيننا هل مظهري طبيعي؟ تبدو أسلاك؟ لحسن الحظ لدي كرشًا بأس به يكفي لوصفي بالقبح يخفي الكارثة المعلقة صدري جميل أنظر لساعتي الثانية عشرة ظهر 5 ينتهي تنتهي قصة حياتي وعلى الأرجح قصص حياة عدد نحن نعمل بالطريقة القديمة وليس بطريقة الـ Cubicles الغربية تكون حواجز مكتب وآخر كلنا ضيق يجعل الضرر الصداع جديد كم أحسد برغم معاناته فإن يصيبه يزول بأقراص (البانادول) أما فصداعي والأدهى طبيعة وضعي تحتم أضحك وأبتسم الصراخ لأتولى أمر يحسبنا خدمًا عنده الحادية والنصف الموعد يقترب ليت بوسعي أطلب منهم يستغفروا ربهم سيقضي المفاجأة سيكونون عداد الشهداء؟ أرجو صحيحًا فإنني لهم خدمة عظمى! * * * يبدو لكلمات مفعول السحر خرج راضيًا اصطدم بليلى وهي خارجة أصابها بالذعر فقط نظر بكراهية لجمال ووجهه يحمل سُبَّة بذيئة يقُلها ابتعد فقط تعالت الضحكات سخرية منه ومن طلبت ليلى كوبًا العامل رابع تشربه الصباح ريقي جاف تمامًا ممحاة ثبتت لساني طبيعي الأدرينالين دمي ومعنى يجف ريقي ويتسارع نبضي وتتسع حدقتاي كالنمر المُتأهِّب للوثب أريد لفافة تبغ ترتجف أشعل ونفث سحابة كثيفة أحاطت بعبارة (ممنوع التدخين) ابتسم البعض تسامح جاء رئيس لنسفه نسفًا يتصرف البداية باعتباره يضيع وقته بدلاً الجلوس الكافتيريا يمضي يتشاجر ويرحل مكتوب ومحدد ينظر لساعته بلا توقُّف يهزها ويصغي قلق لسبب مفهوم لكم حسدت يملك شجاعة التدخين علنًا أملك الشجاعة ولا متى بدأت العادة الذميمة؟ ربما الفاشلة كم الساعة الآن؟ اقترب إنهم جميعًا ألمس وهما السترة وينتهي أعرف انفجرت طار ليستقر ركن الغرفة يجب أجرد نظر دهشة سأله: ـ"هل زال الصداع؟" ـ"نعم الحمد لله" ـ"إذن عمَّ تُفتش جيوبك؟ البانادول؟" ابتسم وأخرج اللادن وألقاها المكتب وقال: ـ"ألا تحب اللادن؟ مذاق الموز" ـ"أنت رائق البال" فانتازيا عربية عالمية مجاناً PDF اونلاين الفنتازيا تناول الواقع الحياتي رؤية مألوفة يعني هنالك شكاً عالم الرواية ينتمي أم يرفضه وفي نفس معالجة ابداعية المألوف للواقع المعاش تُعد الفانتازيا نوعاً أدبياً يعتمد وغيره الأشياء الخارقة للطبيعة كعنصر أساسي للحبكة الروائية والفكرة الرئيسية وأحياناً للإطار الروائي وتدور أحداث أعمال النوع فضاءات وهمية كواكب ينتشر وتختلف بصفة عامة الخيال العلمي والرعب توقع خلوها العلم والموت التوالي كفكرة أساسية الرغم وجود قدر التداخل الثلاثة (التي أنواعاً أدبية مُتفرعة التأملي) وفي الثقافة الشعبية يسيطر الأدبي طابع العصور الوسطى وخاصة النجاح العالمي حققته سيد الخواتم للكاتب لجيه آر تولكن ومع تضم بأوسع معانيها الكتاب والفنانين والسينمائيين والموسيقيين الأساطير والخرافات الأعمال الحديثة ذات الواسعة

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
حدث فى الخامس من مايو
رواية

حدث فى الخامس من مايو

ــ أَحْمَدْ خَالِد تَوْفِيقْ

حدث فى الخامس من مايو
رواية

حدث فى الخامس من مايو

ــ أَحْمَدْ خَالِد تَوْفِيقْ

عن رواية حدث فى الخامس من مايو:
حدث فى الخامس من مايو من روايات جيب

حدث في الخامس من مايو
تأليف : أحمد خالد توفيق


لماذا أفعل ذلك؟
أنت تسأل أسئلة غريبة اليوم.. من الأوفق أن تسأل: لماذا لا أفعل ذلك؟
لقد قرأت الكثير من كتابات الفوضويين، وآمَنتُ أن التدمير أروع بمراحل من أيَّة متعة يحظى بها المرء في حياته.. لحظة انفجار قنبلة أو انطلاق رصاصة هي الاكتمال بعينه.. هذه أشياء لن تفهمها..يلذ لي أن أرى وجوه رجال الشرطة عندما يأتون للتحقيق.. منذ فترة صارت عندهم صورة محددة لأسباب هذه العمليات، ولن يخرج تفكيرهم عن هذا النطاق.. لن يفهموا أبدًا أن هناك مَن قرأ كتابات الفوضويين وآمن بمبادئهم.. دعك من أنه يكره المكان فعلاً..الخوف؟
أعترف بهذا.
وأنا أرتدي ثيابي صباح اليوم شعرت بجفاف في حلقي.. ألفُّ الحزام حول جسدي العاري وأتأكَّد من أن السلكين بارزان.. العبوة التي قضيت أيامًا أُركِّبها بالاستعانة بتعليمات الإنترنت.. لماذا يتركون هذه المواقع تعمل إذا كانوا يريدون الأمان حقًا؟.. لا أصدق أن الحكومة الأمريكية عاجزة عن منعها أو إغلاقها.
شعور غريب أن يلتف الحزام حولك.. نوع من القلق.. التردد.. يمكنك في أية لحظة أن تتراجع، لكني اتخذت قراري منذ زمن ولن يغيره شيء.البنوك! أنا أكره عمل البنوك أكره وجوه العملاء وأكره زملائي وأكره مكتبي الجشع في أعتى صوره تأمّل القلق والتوتر في وجه هذا العميل أو ذاك وهو يعد ماله جميل جدًا أن يدوي انفجار مروِّع هنا وتتناثر الجثث مع الدماء صحيح أن رأسي سيكون بينها لكن من قال إنني أهتم برأسي؟

لقد فقدت الحب ولم أعد أبالي بيوم آخر في الحياة.. المزيد من الحياة في المستنقع لا تعني سوى المزيد من العطن..
اليوم يبدو مناسبًا أحب أن أفجِّر نفسي يوم الخامس من مايو هذه عادة لم أستطع التخلي عنها قطإن الخامس من مايو يوم لطيف.
في مثل هذا اليوم -حسب مواقع الإنترنت التي تهتم بهذه الأمور- توفي المناضل الإيرلندي "بوبي ساندز" عام 1981 بعد إضرابه شهرين عن الطعام في السجن عام 1961 تُرسِل أمريكا أول رائد فضاء لها بعدما سبقها السوفييت الزعيم الهندي "الثور الجالس" يفر إلى كندا عام 1877 عام 1821 يموت "بونابرت" في منفاه بسانت هيلانة.. عام 1494 يصل "كريستوفر كولمبس" لجامايكا وعام 1260 يصير "قوبلاي خان" إمبراطور المغول.
وأموت أنا!


كان "جمال" قلقًا وهو يسرع إلى مكتبه في المصرف.. لقد تأخر فعلاً اليوم، ومدير القسم ليس مولعًا بالتسامح أستاذ "محمود" ليس من الطراز اللطيف الذي يتجاهل التأخير إنه من طراز الموظفين المتحذلقين الذين يشعرون بأنهم خبرة إدارية عُظمى يتأنّق ويتحدث بألاطة شديدة، وقد علق النظارة بسلسلة فضية لتتدلى على صدره، ويقف طيلة الوقت ليعرض كرشه الممتاز البارز من صدرية البذلة على الموظفين..
"جمال" لم يكن نموذجًا رائعًا كذلك، فهو شاب حديث التخرج من الطراز الذي لا يقدر على ترك السهر مع رفاقه.. يقولون إن سهراته ليست بريئة جدًا، لكن لا يجرؤ أحد على إعلان ذلك.. غير أن أستاذ "محمود" يمكنه أن يوبِّخَه في أي وقت يريد
ـ"أستاذ جمال.. أنت متأخر نصف ساعة.."
في حرج قال "جمال" وهو يسرع بنزع سترته والجلوس بالقميص وربطة العنق خلف شاشة الكمبيوتر: ـ"المواصلات يا سيدي.. أنا آسف.."
من تحت أسنانها غمغمت "ليلى" دون أن تنظر لأحدهما:
ـ"والإنترنت طبعًا.. معنا عبقري هنا.."
نظر لها "جمال" في غيظ وابتلع تعليقاته الحادة...

راح (شريف) يداعب مفاتيح الكمبيوتر قليلاً، ثم تأمَّل أحد دفاتر بطاقات الائتمان.. راح يعبث في الدرج حتى أخرج علبة أقراص البنادول.. ابتلع ثلاثة أقراص مرة واحدة ببقايا كوب الماء، ثم طلب قدحًا من القهوة..
لاحظت (فاتن) المتدربة الشابة الجالسة جواره ذلك، فقالت في قلق:
ـ"ثالث مرة تشرب فيها القهوة والوقت لم يتجاوز العاشرة صباحًا"
هذا صحيح.. والأسوأ هو أنه لا يعرف أن سبب الصداع ارتفاع في ضغط الدم، وأنه بالقهوة يحفر قبره ببطء.. الصداع الناجم عن ارتفاع الضغط لا يعالج بالقهوة..
لكنه لا يبالي حقًا.. فعلاً لا يبالي بشيء, ثمة شيء في الطريقة التي يشرب بها القهوة يُذكِّر (مجدي) بسكير في حانة يشرب كأسه العاشرة..
كانت (فاتن) معجبة بـ (شريف) جدًا... لكنه لا يبالي.. لم يعد شيء في العالم قادرًا على تحريك عواطفه منذ.. منذ ماذا؟.. لا أحد يعرف بالضبط.. لكن الأمر يوحي بقصة حب فاشلة لن تُمحَى أبدًا..
(مجدي) المحاسب الآخر يحب (فاتن) منذ جاءت للمصرف منذ ثلاثة أشهر.. العملية معقدة جدًا كما ترى.. أ يحب ب وج يحب أ.. هذه العلاقات الشهيرة حينما تجمع مجموعة من الشباب المليء بالحيوية في مكان عمل واحد..


كنت أراقب زملائي في العمل.. غافلين هانئين... أمسك بدفتر الائتمان وأقلب صفحاته شاردًا من المُسلِّي أن تعرف أنك تمسك في يدك بمفتاح حياتهم وموتهم.. هم لا يعرفون ذلك.. تذكرت عندما كنت أقف في الحمام أراقب ذلك الصرصور الصغير يزحف على البلاط (القيشاني).. لم يكن السيراميك معروفًا وقتها. الأمر كله في يدي.. سوف يهوي الشبشب عليه فتنتهي حياته أو لا أفعل فينعم بها.. في 90% من الحالات كنت أهوي بالشبشب وكثيرًا ما كانت الأقدار تتحداني فينجو الصرصور بشكل ما لكن الآن لن ينجو أي من هذه الصراصير..
رجال الشرطة سوف يعرفون الحقيقة.. سوف يبحثون بين الجثث ويستدعون خبير المفرقعات ولسوف يعرفون من الذي فجر نفسه.. سوف يهرعون لداري ويفتشون كل شيء.. سامحيني يا أمي.. لن يضايقوك كثيرًا على كل حال.
سوف يفتشون جهاز الكمبيوتر ولسوف يجدون ملفًا كاملاً عن المفرقعات.. ولسوف تخرج الصحف كلها تتساءل عن سبب انتشار العنف بين الشباب، وسوف يتكلم أكثر من خبير نفسي وخبير علم جريمة.الحقيقة أنني أقدم للمحررين هدية عظيمة، فلسوف يكتبون ويكتبون ويسودون الصفحات لمدة شهر كامل. لو أنصفوا لدفعوا لأمي مكافأة.لكنهم لن يفهموا السبب أبدًا أنا نفسي لو طلب مني أن أكتب مقالاً أشرح فيه القصة لما وجدت كلمات هذا هو الموقف العبثي الحق كما تكلم عنه (ألبير كامو) في (الغريب) كانت لدى بطل القصة فرصة ممتازة ليقتل الأعرابي أو يتركه كان الحر خانقًا والذباب كثيرًا والعرق يحرق عينيه، لذا قتل الأعرابي فيما بعد قال لرجال الشرطة إنه قتل الأعرابي لأن الحر كان شديدًا
لم يفهموا كلهم لا يفهمون
عندما أفكر في هذه الأمور أشعر بالدم يتصاعد لرأسي.. إنه الصداع.. الصداع اللعين.. يجب أن أقضي عليه بأية طريقة يجب
مجدي يقلب صفحات دفتر الائتمان وهو يختلس النظر لـ (فاتن).. لقد بدأ يمسك برأسه.. يبدو أن الصداع موضة هذا اليوم..
نهضت (ليلى) معلنة بصوت هامس أنها سوف تذهب للحمام لم تكن تفعل هذا عادة لم يرد أحد لأنهم كانوا مشغولين مع هجمة من العملاء..

هذا الرجل البدين يصرخ بكبرياء و(ألاطة) مهددًا بأن يسبب مشاكل للجميع ابن خالة زوج عمته مذيع كبير ولسوف يفضحكم في برنامجه عيب كده
يظهر أستاذ (محمود) الخبير الإداري وحلال المشاكل من مكان ما وهو يمسك نظارته في يده (يحب هذه الطريقة لأنها توحي بالانهماك) ويسأل العميل عن المشكلة فيرد بصوت يزلزل المصرف:
ـ"ليست معي هويتي.. معي رخصة القيادة، وهذا الأستاذ.. الأستاذ المتعلم يقول إنني لن أستطيع السحب صبرًا سترون لو أن كلمة من هذا الكلام بلغت ابن خالة زوج عمتي فلن يبقى واحدٌ منكم في مكتبه"

من الغريب أن هذا الطراز من الجعجعة ينجح كثيرًا، وقد اقتاد الأستاذ (محمود) عميله إلى مكتبه ليسوي المشكلة.. لكن الرجل لم ينس أن يصرخ في (جمال):ـ"أقسم بالله أن من علّمك قد ظلمك!"

لم يستطع (جمال) الرد لأن المدير أشار له من طرف خفي أن يخرس، لكن لو ترك الأمر له لوثب وأنشب مخالبه في عنق هذا الخنزير المتغطرس.. (جمال) من الطراز العصبي الذي توشك روحه على الخروج من أنفه دعك من أنه لم ينم بعد..

أنا في الحمام..
لا أحب الحمامات العامة وأشعر بالبارانويا في هذه الأماكن، لكن لابد من لحظات أتأكد فيها أن كل شيء على ما يرام أدخل دورة المياه وأرفع ثيابي لأتأكد من أن القنبلة في مكانها طرفا السلك بارزان ينتظران أن ألمسهما حيث يخرجان من تلك الفتحة في جيبي. كنت أخشى أن يحدث الأمر صدفة، لذا قمت بعزل احد الطرفين..

صوت الصراخ يتعالى من الخارج العملاء يعتقدون أننا عبيد أغبياء وأن عليهم أن يصرخوا أولاً قبل طلب أي شيء والمشكلة هي أن عليك أن تصمت لأن العميل دائمًا على حق، مدير المصرف بالمرصاد لكل من يعلو صوته بيننا..
هل مظهري طبيعي؟.. هل تبدو أية أسلاك؟
لحسن الحظ أن لدي كرشًا لا بأس به.. لا يكفي لوصفي بالقبح لكنه يخفي هذه الكارثة المعلقة على صدري..
جميل.. جميل..

أنظر لساعتي..
في الثانية عشرة ظهر يوم 5 مايو سوف ينتهي كل شيء.. تنتهي قصة حياتي وعلى الأرجح قصص حياة عدد لا بأس به من الشباب في هذا القسم. نحن نعمل بالطريقة القديمة وليس بطريقة الـ Cubicles الغربية حيث تكون هناك حواجز بين كل مكتب وآخر.. كلنا في مكان واحد ضيق وهذا.. وهذا.. سوف.. يجعل... الضرر....
الصداع من جديد..
كم أحسد (شريف).. برغم معاناته فإن الصداع الذي يصيبه يزول بأقراص (البانادول) أما أنا فصداعي لا يزول.. والأدهى أن طبيعة وضعي تحتم أن أضحك وأبتسم..

الصراخ يتعالى في الخارج.. لابد من أن أخرج لأتولى أمر هذا الرجل الذي يحسبنا خدمًا عنده..

الحادية عشرة والنصف.. الموعد يقترب.. ليت بوسعي أن أطلب منهم أن يستغفروا ربهم.. لكن هذا سيقضي على المفاجأة.. هل سيكونون في عداد الشهداء؟.. أرجو ذلك.. لو كان هذا صحيحًا فإنني أقدم لهم خدمة عظمى!
* * * *
يبدو أن لكلمات الأستاذ (محمود) مفعول السحر.. لقد خرج البدين من مكتبه راضيًا.. اصطدم بليلى وهي خارجة من الحمام وقد أصابها الصراخ بالذعر..

فقط نظر بكراهية لجمال ووجهه يحمل سُبَّة بذيئة لم يقُلها ثم ابتعد. هنا فقط تعالت الضحكات سخرية منه ومن كل شيء..

طلبت ليلى كوبًا من الماء من العامل.. إنه رابع كوب تشربه منذ الصباح..


ريقي جاف تمامًا.. أشعر بأن ممحاة ثبتت في مكان لساني..

هذا طبيعي.. إن الأدرينالين يتعالى في دمي. ومعنى هذا أن يجف ريقي ويتسارع نبضي وتتسع حدقتاي.. أنا الآن كالنمر المُتأهِّب للوثب..

أريد لفافة تبغ.. يدي ترتجف فعلاً..

أشعل جمال لفافة تبغ ونفث سحابة كثيفة أحاطت بعبارة (ممنوع التدخين). ابتسم البعض في تسامح.. لو جاء رئيس القسم لنسفه نسفًا، لكن (جمال) يتصرف منذ البداية باعتباره يضيع وقته هنا بدلاً من الجلوس في الكافتيريا.. سوف يمضي أيامًا هنا ثم يتشاجر ويرحل.. هذا شيء مكتوب ومحدد..
(مجدي) ينظر لساعته بلا توقُّف.. يهزها ويصغي.. إنه قلق لسبب غير مفهوم..

لكم حسدت (جمال) على أنه يملك شجاعة التدخين علنًا.. أنا لا أملك هذه الشجاعة ولا حتى في دورة المياه.. متى بدأت هذه العادة الذميمة؟.. ربما منذ عام مع قصة الحب الفاشلة تلك..

كم الساعة الآن؟.. اقترب الوقت جدًا.. إنهم جميعًا هنا.. فقط سوف ألمس السلكين وهما في جيب السترة وينتهي كل شيء.. لن أعرف أنني انفجرت ولا أن رأسي طار ليستقر في ركن الغرفة..

يجب أن أجرد طرف السلك..

نظر (جمال) إلى (شريف) في دهشة ثم سأله:
ـ"هل زال الصداع؟"
ـ"نعم.. الحمد لله"
ـ"إذن عمَّ تُفتش في جيوبك؟.. عن المزيد من البانادول؟"
ابتسم (شريف) وأخرج علبة من اللادن وألقاها على المكتب وقال:
ـ"ألا تحب اللادن؟.. هذا له مذاق الموز"
ـ"أنت رائق البال"

الترتيب:

#6K

0 مشاهدة هذا اليوم

#53K

8 مشاهدة هذا الشهر

#11K

17K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 25.
المتجر أماكن الشراء
أحمد خالد توفيق ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث