█ _ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي 2000 حصريا كتاب مجموعة رسائل ابن الخطب والمواعظ والحكايات والفوائد العامة عن مجلة الحكمة بريطانيا 2023 العامة: من التزكية والأخلاق والآداب العامة المؤلف: علي محمد الفرج المحقق: هلال ناجي وليد أحمد الحسين الناشر: بريطانيا الفهرس : يحتوي على: 1اليواقيت 2عجيب 3رؤوس القوارير 4ملتقط الحكايات كتب المنبرية والدروس الإسلامية مجاناً PDF اونلاين كان ظهور الدعوة حدثاً عظيمًا وتحولاً بارزًا وضخما تاريخ الإنسانية حيث بعث الله رسوله محمدًا صلى عليه وسلم حين فترة الرسل وبعد أن الناس جاهلية جهلاء وضلالة عمياء أسِنَت الحياة وفسدت بما ضلَّ طريق رب العالمين وصراطَه المستقيم ولقد جاء النبي برسالته وقد أُمِر بإعلانها وتبليغها فلم يسعْه إلا القيام أمره به ربه: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الحجر: 94] ﴿ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67] فقام البشير النذير يدعو بدين فطرق مسامعَ البشرية صوتُ هذا الداعي الجديد وأقبل ينظرون ما الأمر فكان منهم شرح صدره للإسلام نور ربه ومنهم أعرض واستكبر ونأى بجانبه وولى وأدبر واتبع هواه وحارب دعوة فصار للدعوة مناوئون كما لها ممالئون فأنصارها يدعون إليها ويذودون عنها وأعداؤها يحاربونها ويصدون طريقها ومنذ ذلك الحين أهَلَّ الخَطابة زمان جديد إيذاناً بارتقائها وعلوِّ شأنها فقد اعتمدت الجديدة نشرها والدفاع مبادئها ضد خصومها وكذلك صنع المناوئون ثم إن الإسلام بالإضافة إلى اعتماده نشر قد جعلها ضمن الشعائر التعبدية ففرض خطبة كل يوم جمعة لا تصح الصلاة بدونها هناك الخطبَ المشروعة الحج وفي الاستسقاء الخسوف والكسوف الزواج والجهاد وغيرها الشريعة تحث دائما بالمعروف والنهي المنكر وإسداء النصح للآخرين ارتقت ظل وبلغت الغاية الكمال مظهرًا وجوهرًا أو أداءً ومضمونًا وكان أكبر عوامل ارتقائها وسموها؛ استمدادها القرآن الكريم وسنة الرسول وتأثّر الخطباء ببلاغة وفصاحة والحديث النبوي الشريف
❞ يقول ابن الجوزي رحمه الله:
الدنيا أعظم سحرًا من هاروت و ماروت ،
فهاروت و ماروت يفرقان بين المرء وزوجه
وأما الدنيا فإنها تفرق بين العبد وربه.
فإذا كثُرت عليك الفتن ... فتذكر أن القرآن هو مثبّت لك على الحق. ( كذلك لنثبت بهِ فؤادك ).
˝ احتضن مُصحفك فَنحن قومً بالقرأن نتنفس˝. . ❝
❞ لما احتضر عمر بن عبد العزيز قال : أخرجوا عني ، فلا يبقى عندي أحد ، وكان عنده مسلمة إبن عبد الملك ، فخرجوا ، فقعد على الباب هو وأخته فاطمة زوجة عمر ، فسمعوه يقول : مرحباً بهذه الوجوه ، ليست بوجوه انس ولا جان ، ثم قال (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ، ثم هدأ الصوت ، فقال مُسلمة لفاطمة : قد قُبِضَ صاحبَكِ ، فدخلوا ، فوجدوه قد قُبِضَ وغُمِضَ وسُويَّ . . ❝
❞ يقول عمر بن عبد العزيز : لا تكونن لعداوة أحد من الناس أحذر منكم لذنوبكم ، ولا أشد تعاهداً منكم لذنوبكم ، وأعلموا أن عليكم ملائكة الله ، حفظة عليكم ، يعلمون ما تفعلون في مسيركم ومنازلكم ، فاستحيوا منهم وأحسنوا صحبتهم ولا تؤذوهم بمعاصي الله ، وسلوا الله العون على أنفسكم ، كما تسألونه العون على عدوكم ، فنسأل الله ذلك لنا ولكم . . ❝
❞ قال عمر بن عبد العزيز : ليس تقوى الله ، بصيام النهار ، وقيام الليل ، والتخليط فيما بين ذلك ، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله ، وأداء ما افترض الله ، فمن رزق بعد ذلك خيراً ، فهو خير إلى خير . . ❝
❞ كتب عمر بن عبد العزيز إلى أحد عماله يعضه : كل يوم تشيعون غادياً ورائحاً قد قضى نحبه ، وقضي أجله ، وتغيبونه في صدع من الأرض ، تدعونه غير متوسد ولا متمهد ، فارق الأحبة ، وخلع الاسباب ، وسكن التراب ، وواجه الحساب ، مرتبنا بعمله ، فقيراً إلى ما قدم ، غنياً عما ترك ، فاتقوا الله قبل نزول الموت وانقضاء موالاته ، وأيم الله ، إني لأقول لكم هذه المقالة ، وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما أعلم عندي ، وأستغفر الله وأتوب اليه . . ❝
❞ عن أبي عبد الله الحرشي قال : سمعت بعض العلماء ، ممن قدم على عمر بن عبد العزيز ، يقول : الصامت على علم ، كالمتكلم على علم ، فقال عمر : إني لأرجو أن يكون المتكلم على علم أفضلهما يوم القيامة حالا ، وذلك لأن منفعته للناس ، وهذا صمته لنفسه . . ❝
❞ قال ميمون : دعاني عمر بن عبد العزيز فقال : إني أوصيك بوصية فإحفظها ، إياك أن تخلوا بامرأة غير ذات محرم ، وإن حدثتك نفسك أن تعلمها القرآن . . ❝
❞ أُهديَّ إلى عمر بن عبد العزيز تفاحاً وفاكهة ، فردها ، وقال : لا أعلم أنكم بعثتم إلى أحد من أهل عملي شيئاً . قيل له : ألم يكن رسول الله ، ﷺ ، يقبل الهدية ؟ قال : بلى ! ولكنها لنا ولمن بعدنا رشوة . . ❝
❞ ثلاث من كُنَّ فيه استكمل الايمان : من إذا رضيَّ لم يدخله رضاه في الباطل ، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له . . ❝
❞ من كتاب سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب إلى عمر بن عبد العزيز : فإنه لا نجاة لك من هول جهنم من عامل بلغك ظلمه ثم لم تغيره . وإنهِ من بعثت من عمالك ، أن يعملوا بمعصية أو أن يحكموا بشبهة ، أو أن يحتكروا على المسلمين بيعاً ، فإنك إن اجترأت على ذلك ، أتي بك يوم القيامة ذليلا صغيراً ، وإن تجنبت عنه ، عرفت راحته في سمعك وبصرك وقلبك . . ❝
❞ من كتاب سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب إلى عمر بن عبد العزيز : واعلم أنه كان قبلك رجال عاينوا هول المطلع ، وعالجوا نزع الموت الذي كانوا منه يفرون ، فانشقت بطونهم التي كانوا لا يشبعون بها ، وانفقات أعينهم التي كانوا لا تنقطع لذتها ، واندقت رقابهم غير موسدين بعد ما تعلم من تظاهر الفرش والمرافق ، والسرر والخدم ، فصاروا جيفاً في بطون الأراضي تحت مهادها ، والله لو كانوا إلى جانب مسكين لتأذى بريحهم ، بعد انفاق ما لا يحصى عليهم وعلى خواصهم من الطيب كل ذلك إسرافاً . فإنا لله وإنا إليه راجعون . . ❝
❞ كتب سالم بن عبدالله ابن عمر بن الخطاب إلى عمر بن عبد العزيز يقول : ثم إنك ، ياعمر ، لست تعدو أن تكون رجلا من بني آدم ، يكفيك ما يكفي لرجل منهم من الطعام والشراب ، فاجعل فضل ذلك فيما بينك وبين الرب الذي توجه اليه شكر النعم ، فإنك قد ( وليت ) أمراً عظيماً ليس يلي عليك أحد دون الله عز وجل ، إن استطعت أن لا تخسر نفسك يوم القيامة فافعل ، فإنه قد كان قبلك رجال عملوا ما عملوا : وأحيوا ما أحيوا ، وأتوا ما أتوا ، حتى ولد في ذلك رجال ، ونشأوا فيه ، وظنوا أنها السنة ، فسدوا على الناس أبواب الرخاء ، فلم يسدوا منها بابا إلا فتح عليهم باب بلاء ، فإن استطعت ولا قوة إلا بالله أن تفتح على الناس أبواب الرخاء ، فافعل ، فإنك لن تفتح منها باباً إلا سد الله الكريم عنك باب بلاء ، ولا يمنعك من نزع عامل أن تقول لا أجد من يكفيني عمله ؟ فإنك إذا كنت تنزع لله ، وتستعمل لله ، أتاح الله لك أعواناً فأتاك بهم ، وإنما قدر عون الله إياك بقدر نيتك ، فإن تمت نيتك تم عون الله الكريم إياك ، وإن قصرت نيتك ، قصر من الله العون بحسب ذلك . . ❝
❞ كتب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز : أما بعد ، فلو كان لك عمر نوح ، وملك سليمان ، ويقين إبراهيم ، وحكمة لقمان ، فإن أمامك هول الموت ، ومن ورائه داران ، إن أخطأتك هذه ، صرت إلى هذه .
ويُقال أنه عندما قرأها بكى بكاء شديداً . . ❝
❞ كتب الحسن البصري لعمر بن عبد العزيز ˝ رحمهما الله ˝ يعضه قائلا : إحذر هذه الدنيا الصارعة ، الخاذلة القاتلة ، التي قد تزينت بخدعها ، وفتكت بغرورها ، وخدعت بآمالها ، فأصبحت كالعروس المجلية ، فالعيون اليها ناظرة ، والقلوب عليها والهة ، والنفوس لها عاشقة ، وهي لأزواجها كلهم قاتلة ، فلا الباقي بالماضي مُعتبر ، ولا الآخِر لما رأى من أثرها على الأول مُزدجر ، ولا العارف بالله المصدق له حين أخبره عنها مُدّكر ، قد أبت القلوب لها إلا حباً وأبت النفوس لها إلا عشقاً ، ومن عشق شيئاً لم يلهم غيره ولم يعقل سواه ، ومات في طلبه وكان آثر الأشياء عنده . . ❝
❞ كتب الحسن البصري لعمر بن عبد العزيز ˝ رحمهما الله ˝ يعضه قائلا : إعلم يا أمير المؤمنين بأن الدنيا دار ضعن وليست بدار إقامة ، وإنما أُهبط إليها آدم من الجنة عقوبة ، وقد يحسب من لا يدري ما ثواب الله أنها ثواب ، ومن لم يدري ما عقاب الله أنها عقاب ، ولها في كل حين صرعة ، وليست صرعة كصرعة ، هي تهين من أكرمها ، وتُذل من أعزها ، وتصرع من آثرها ، ولها في كل حين قتلى ، فهي كالسم يأكله من لا يعرفه وفيه حتفه ، فالزاد فيها تركها ، والغنى فيها فقرها ، فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه ، يصبر على شدة الدواء مخافة طول البلاء ، يحتمي قليلا مخافة ما يكره طويلا ، فإن أهل الفضائل كانوا منطقهم فيها بالصواب ، ومشيهم بالتواضع ، ومطعمهم الطيب من الرزق ، مغمضي أبصارهم عن المحارم ، فخوفهم بالبر كخوفهم بالبحر ، ودعائهم في السراء كدعائهم في الضراء ، لولا الآجال التي كتبت لهم ما تقاوت أرواحهم في أجسادهم خوفا من العقاب وشوقا إلى الثواب ، عظُم الخالق في نفوسهم فصغُر المخلوقين في أعينهم . . ❝