📘 ❞ إرشاد السالك إلى مناقب مالك ❝ كتاب ــ يوسف بن الحسن بن عبد الهادي ابن المبرد اصدار 2009

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب إرشاد السالك إلى مناقب مالك ❝ ــ يوسف بن الحسن بن عبد الهادي ابن المبرد 📖

█ _ يوسف بن الحسن عبد الهادي ابن المبرد 2009 حصريا كتاب إرشاد السالك إلى مناقب مالك عن دار حزم للطباعة والنشر والتوزيع 2024 مالك: أبو الله أنس أبي عامر الأصبحي الحميري المدني (93 179هـ 711 795م) فقيه ومحدِّث مسلم وثاني الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة وصاحب المذهب المالكي الفقه الإسلامي اشتُهر بعلمه الغزير وقوة حفظه للحديث النبوي وتثبُّته فيه وكان معروفاً بالصبر والذكاء والهيبة والوقار والأخلاق الحسنة وقد أثنى عليه كثيرٌ من العلماء منهم الإمام الشافعي بقوله: «إذا ذُكر فمالك النجم ومالك حجة خلقه بعد التابعين» ويُعدُّ كتابه "الموطأ" أوائل كتب الحديث وأشهرها وأصحِّها حتى قال الشافعي: «ما تعالى كتابٌ أكثرُ صواباً موطأ مالك» اعتمد فتواه عدة مصادر تشريعية هي: القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع وعمل المدينة والقياس والمصالح المرسلة والاستحسان والعرف والعادات وسد الذرائع والاستصحاب وُلد بالمدينة المنورة سنة 93هـ ونشأ بيت كان مشتغلاً بعلم واستطلاع الآثار وأخبار الصحابة وفتاويهم فحفظ صدر حياته ثم اتجه حفظ وتعلُّمِ فلازم هرمز سبع سنين يتعلم عنده كما أخذ كثير غيره مثل نافع مولى عمر وابن شهاب الزهري وبعد أن اكتملت دراسته للآثار والفُتيا شهد له سبعون شيخاً العلم أنه موضع لذلك اتخذ مجلساً المسجد للدرس والإفتاء عُرف درسُه بالسكينة واحترام الأحاديث وإجلالها يتحرزُ يُخطئ إفتائه ويُكثرُ قول «لا أدري» يقول: «إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا رأيي فكل ما وافق الكتاب فخذوا به وما لم يوافق فاتركوه» وفي مرض اثنين وعشرين يوماً مات وصلى أميرُ محمد إبراهيم دُفن البقيع كانَ الإمامُ رضيَ عنه مُقْتَدِيًا بِالسُّنَّةِ المطهَّرَةِ التي كانَ عليها النبيُّ صلى وسلم وصحابتُه الكرام وأهلُ بَيْتِه فكانَ عَقيدةِ التَّنْزيهِ للهِ مُشابهةِ الخَلْقِ وعنِ المكانِ وعن الهيئةِ والصورةِ والحركةِ والانتقالِ والتَّغَيُّر فقد رَوَى الحافظ البَيهقيُّ الأسماء والصفات بإسناد جيد حجر الفتح طريق وهب قال: كنا فدخل رجل فقال: يا أبا الرحمن العرش استوى كيف استواؤه؟ قال: فأطرق وأخذته الرحضاء رفع رأسه وصف نفسه ولا يقال وكيف مرفوع وأنت سوء صاحب بدعة أخرجوه فأخرج الرجل اهـ فقول (وكيف مرفوع) أي ليس استواؤه كيفًا هيئة كاستواء المخلوقين جلوس واستقرار ونحو ذلك وأما روايةُ (والكيفُ مَجْهُول) فهيَ غيرُ صحيحةٍ تصحَّ عنْ أحدٍ منَ السَّلفِ ولم تَثبُتْ مالكٍ غيرِه ألّفَ مالكٌ فنونٍ كثيرةٍ العِلم ومِنْ أشهرِ مؤلفاتِهِ كتابُ الموطأ فقدْ قالَ الشافعيُّ (ما ظهرَ الأرضِ بعدَ كتابِ اللهِ أصحُّ مِنْ مالك) وفي عَصْرِه قيلَ (أَيُفْتَى ومَالك المدينة) وهو الذي أفتى أجازه عالما ومعَ ذلكَ كله ليفتيَ بغيرِ علم جاءَ رضي سُئل ثمانيةٍ وأربعينَ سؤالاً فأجابَ ستة عشر وقال عنِ البقية لا أدري كانتْ وفاتُه المدينةِ المنورةِ سنةَ مائةٍ وتسعةٍ وسبعينَ للهجرة ودُفنَ البقيعِ بجوار إبراهيمَ وَلَدِ النبيّ رحمَ اللهُ الإمامَ مالكَ بنَ أنسٍ ونفعَنا بِعِلْمِه أخلاقه وصفاته قوة الحفظ كان إذا استمع شيء إليه بحرص ووعاه وعياً تاماً إنه ليسمع نيفاً وأربعين حديثاً مرة واحدة فيجيء اليوم التالي ويُلقي استمعها منه وهو أربعين مما يدل قوة ووعيه الزهري: «أنت أوعية وإنك لنعم المستودَع للعلم» ساء الناس لقد كنت آتي سعيد المسيب وعروة والقاسم وأبا سلمة وحميداً وسالماً وعدَّد جماعة فأدور عليهم أسمع كل واحد الخمسين المئة أنصرف حفظته غير أخلط حديث هذا الصبر كان صبوراً مثابراً مغالباً لكل الصعاب غالَبَ الفقر باع أخشاب سقف بيته سبيل يذهب الهجير بيوت ينتظر خروجهم ويتبعهم يجلس باب شيخه شدة البرد ويتقي برد المجلس بوسادة يبلغ أحد يريد يضر ويؤثره حال» يأخذ تلاميذه بذلك فيحثهم احتمال المشاق طلب بالقول والعمل يعمل يُلزمه يكون العالم عالماً بما يفتي يحتاط لنفسه لو تركه يكن إثم» الذكاء والفراسة اتصف بقوة الفراسة ولقد فراسته: لما سِرتُ ولقيت مالكاً وسمع كلامي نظر إلي ساعةً وكانت فراسة لي: اسمك؟» قلت: «محمد» «يا اتق واجتنب المعاصي فإنه سيكون لك الشأن الشأن» تلاميذه: «كان فراسةٌ تخطئ» الهيبة والوقار كان ذا هيبة ووقار يهابه الرجلَ ليدخل مجلسه فيُلقي السلام فلا يرُدُّ إلا همهمة وإشارة ويشيرون ألا يتكلم مهابةً وإجلالاً الحكام إنهم ليحسُّون بالصغر حضرته ويهابه أولاد الخلفاء رُوي مع جعفر المنصور وإذا صبي يخرج يرجع فقال جعفر: «أتدري هذا؟» «لا» «هذا ابني وإنما يفزع شيبتك» بل أنفسهم فقد الخليفة المهدي دعاه ازدحم بمجلسه يبق لجالس حضر تنحى وصل فتنحى بعض فرفع إحدى رِجليه ليفسح لمالك وهكذا شيخُ مهيباً صار نفوذٌ أكبر نفوذ واليها ومجلسٌ أقوى تأثيراً مجلس السلطان سلطان الماجشون: «دخلت أمير المؤمنين فما بيني وبينه خادمه هبته هيبتي مالكاً» مريم: «لقد كانت هيبته أشد السلطان» صفته الشكلية كان طويلاً جسيماً شديد البياض الشقرة عظيم الهامة حسن الصورة أصلع أعين أشم أزرق العينين عيسى المدني: رأيت بياضاً قط أحسن وجه اللحية عريضها» ربعةً الرجال أطراف شاربه يحلقه يحفيه ويرى حلق الشارب مُثلة ويترك سبلتين طويلتين يخضب شعره ذَكر أحمد حنبل إسحاق الطباع فسألته «بلغني علي يخضب» وكان يُعنى بلباسه عنايةً تامةً ويَرى إعظامَ ورفعةَ ويقول إن مروءة يختار الثوبَ الحسنَ يرتديه ويظهر وأنه ينبغي تراه العيون بكامل اللباس العمامة الجيدة يلبس أجود وأغلاه وأجمله الزبيري: الثياب العدنية الجياد والخراسانية والمصرية المرتفعة البِيض ويتطيب بطيب ويقول: أُحب لأحد أنعم يُرى أثرُ نعمته عليه» «أحب للقارئ أبيض الثياب» التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين هو يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد الذين تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم عهد الرسول بزمن يسير حيث حرص حماية وصيانة المصدر الثاني التشريع الإسلام حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق بالحديث أولا ومن المروية والتابعين وباقي خصوصا والناس روى صحيحه مجاهد «جاء بشير العدوي عباس فجعل يحدث رسول يأذن لحديثه ينظر مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا سمعنا رجلا يقول ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا فلما ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر العمل هذه القاعدة ضرورة معرفة ناقلي بسبب حال نقلة وذلك ينبني المعرفة قبول والتعبد فيها لله أو رد تلك والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سمع سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم (من حدث سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) مدة ملازمته لكلّ شيخ شيوخه ذاك وكم والآثار روى ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية بها حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال عدد الحاضرين عنده؟ هي الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب منها تفرّدته الأمة الإسلامية باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية وقد أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
إرشاد السالك إلى مناقب مالك
كتاب

إرشاد السالك إلى مناقب مالك

ــ يوسف بن الحسن بن عبد الهادي ابن المبرد

صدر 2009م عن دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع
إرشاد السالك إلى مناقب مالك
كتاب

إرشاد السالك إلى مناقب مالك

ــ يوسف بن الحسن بن عبد الهادي ابن المبرد

صدر 2009م عن دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع
عن كتاب إرشاد السالك إلى مناقب مالك:
أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري المدني. (93-179هـ / 711-795م) فقيه ومحدِّث مسلم، وثاني الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب المالكي في الفقه الإسلامي. اشتُهر بعلمه الغزير وقوة حفظه للحديث النبوي وتثبُّته فيه، وكان معروفاً بالصبر والذكاء والهيبة والوقار والأخلاق الحسنة، وقد أثنى عليه كثيرٌ من العلماء منهم الإمام الشافعي بقوله: «إذا ذُكر العلماء فمالك النجم، ومالك حجة الله على خلقه بعد التابعين».

ويُعدُّ كتابه "الموطأ" من أوائل كتب الحديث النبوي وأشهرها وأصحِّها، حتى قال فيه الإمام الشافعي: «ما بعد كتاب الله تعالى كتابٌ أكثرُ صواباً من موطأ مالك». وقد اعتمد الإمام مالك في فتواه على عدة مصادر تشريعية هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، وعمل أهل المدينة، والقياس، والمصالح المرسلة، والاستحسان، والعرف والعادات، وسد الذرائع، والاستصحاب.

وُلد الإمام مالك بالمدينة المنورة سنة 93هـ، ونشأ في بيت كان مشتغلاً بعلم الحديث واستطلاع الآثار وأخبار الصحابة وفتاويهم، فحفظ القرآن الكريم في صدر حياته، ثم اتجه إلى حفظ الحديث النبوي وتعلُّمِ الفقه الإسلامي، فلازم فقيه المدينة المنورة ابن هرمز سبع سنين يتعلم عنده، كما أخذ عن كثير من غيره من العلماء مثل نافع مولى ابن عمر وابن شهاب الزهري، وبعد أن اكتملت دراسته للآثار والفُتيا،

وبعد أن شهد له سبعون شيخاً من أهل العلم أنه موضع لذلك، اتخذ له مجلساً في المسجد النبوي للدرس والإفتاء، وقد عُرف درسُه بالسكينة والوقار واحترام الأحاديث النبوية وإجلالها، وكان يتحرزُ أن يُخطئ في إفتائه ويُكثرُ من قول «لا أدري»، وكان يقول: «إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه».

وفي سنة 179هـ مرض الإمام مالك اثنين وعشرين يوماً ثم مات، وصلى عليه أميرُ المدينة عبد الله بن محمد بن إبراهيم، ثم دُفن في البقيع.

كانَ الإمامُ مالك رضيَ الله عنه مُقْتَدِيًا بِالسُّنَّةِ المطهَّرَةِ التي كانَ عليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم وصحابتُه الكرام وأهلُ بَيْتِه، فكانَ على عَقيدةِ التَّنْزيهِ للهِ عن مُشابهةِ الخَلْقِ وعنِ المكانِ وعن الهيئةِ والصورةِ والحركةِ والانتقالِ والتَّغَيُّر.

فقد رَوَى الحافظ البَيهقيُّ في كتابه الأسماء والصفات، بإسناد جيد كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح من طريق عبد الله بن وهب قال: كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى، كيف استواؤه؟

قال: فأطرق مالك وأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه فقال: الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال: فأخرج الرجل. اهـ

فقول الإمام مالك (وكيف عنه مرفوع) أي ليس استواؤه على العرش كيفًا أي هيئة كاستواء المخلوقين من جلوس واستقرار ونحو ذلك.
وأما روايةُ (والكيفُ مَجْهُول) فهيَ غيرُ صحيحةٍ لم تصحَّ عنْ أحدٍ منَ السَّلفِ ولم تَثبُتْ عنْ مالكٍ ولا عن غيرِه منَ الأئمة.

ألّفَ الإمامُ مالكٌ في فنونٍ كثيرةٍ منَ العِلم، ومِنْ أشهرِ مؤلفاتِهِ كتابُ الموطأ، فقدْ قالَ الشافعيُّ في الموطأ (ما ظهرَ كتابٌ على الأرضِ بعدَ كتابِ اللهِ أصحُّ مِنْ كتابِ مالك)، وفي عَصْرِه قيلَ فيه (أَيُفْتَى ومَالك في المدينة).
وهو الذي ما أفتى حتى أجازه سبعون عالما، ومعَ ذلكَ كله ما كانَ ليفتيَ بغيرِ علم، فقدْ جاءَ عنْ مالكٍ رضي الله عنه أنه سُئل عن ثمانيةٍ وأربعينَ سؤالاً فأجابَ عن ستة عشر وقال عنِ البقية لا أدري.

كانتْ وفاتُه في المدينةِ المنورةِ سنةَ مائةٍ وتسعةٍ وسبعينَ للهجرة، ودُفنَ في البقيعِ بجوار إبراهيمَ وَلَدِ النبيّ صلى الله عليه وسلم، رحمَ اللهُ الإمامَ مالكَ بنَ أنسٍ ونفعَنا بِعِلْمِه.

أخلاقه وصفاته

قوة الحفظ
كان الإمام مالك إذا استمع إلى شيء استمع إليه بحرص ووعاه وعياً تاماً، حتى إنه ليسمع نيفاً وأربعين حديثاً مرة واحدة، فيجيء في اليوم التالي ويُلقي على من استمعها منه، وهو ابن شهاب الزهري، أربعين حديثاً، مما يدل على قوة حفظه ووعيه، حتى قال له الزهري: «أنت من أوعية العلم، وإنك لنعم المستودَع للعلم». وقال الإمام مالك: ساء حفظ الناس، لقد كنت آتي سعيد بن المسيب وعروة والقاسم وأبا سلمة وحميداً وسالماً -وعدَّد جماعة- فأدور عليهم، أسمع من كل واحد من الخمسين حديثاً إلى المئة، ثم أنصرف وقد حفظته كله من غير أن أخلط حديث هذا في حديث هذا.

الصبر
كان الإمام مالك صبوراً مثابراً، مغالباً لكل الصعاب، غالَبَ الفقر حتى باع أخشاب سقف بيته في سبيل العلم، وكان يذهب في الهجير إلى بيوت العلماء، ينتظر خروجهم، ويتبعهم حتى المسجد، وكان يجلس على باب دار شيخه في شدة البرد، ويتقي برد المجلس بوسادة يجلس عليها، وكان يقول: «لا يبلغ أحد ما يريد من هذا العلم حتى يضر به الفقر، ويؤثره على كل حال». وكان الإمام مالك يأخذ تلاميذه بذلك، فيحثهم على احتمال المشاق في طلب العلم بالقول والعمل. وكان الإمام مالك يعمل في نفسه ما لا يُلزمه الناس، وكان يقول: «لا يكون العالم عالماً حتى يعمل في نفسه بما لا يفتي به الناس، يحتاط لنفسه ما لو تركه لم يكن عليه فيه إثم».

الذكاء والفراسة
اتصف الإمام مالك بقوة الفراسة، ولقد قال الإمام الشافعي في فراسته: لما سِرتُ إلى المدينة ولقيت مالكاً وسمع كلامي، نظر إلي ساعةً، وكانت له فراسة، ثم قال لي: «ما اسمك؟»، قلت: «محمد»، قال: «يا محمد، اتق الله، واجتنب المعاصي، فإنه سيكون لك الشأن من الشأن». ولقد قال أحد تلاميذه: «كان في مالك فراسةٌ لا تخطئ».

الهيبة والوقار
كان الإمام مالك ذا هيبة ووقار، يهابه تلاميذه، حتى أن الرجلَ ليدخل إلى مجلسه فيُلقي السلام عليهم فلا يرُدُّ عليه أحد إلا همهمة وإشارة، ويشيرون إليه ألا يتكلم مهابةً وإجلالاً، كما كان يهابه الحكام، حتى إنهم ليحسُّون بالصغر في حضرته، ويهابه أولاد الخلفاء، رُوي أنه كان في مجلسه مع أبي جعفر المنصور، وإذا صبي يخرج ثم يرجع، فقال أبو جعفر: «أتدري من هذا؟»، قال: «لا»، قال: «هذا ابني، وإنما يفزع من شيبتك». بل كان يهابه الخلفاء أنفسهم، فقد رُوي أن الخليفة المهدي دعاه، وقد ازدحم الناس بمجلسه، ولم يبق موضع لجالس، حتى إذا حضر مالك تنحى الناس له حتى وصل إلى الخليفة، فتنحى له عن بعض مجلسه، فرفع إحدى رِجليه ليفسح لمالك المجلس. وهكذا كان شيخُ المدينة مهيباً، حتى صار له نفوذٌ أكبر من نفوذ واليها، ومجلسٌ أقوى تأثيراً من مجلس السلطان من غير أن يكون صاحب سلطان، قال ابن الماجشون: «دخلت على أمير المؤمنين المهدي، فما كان بيني وبينه إلا خادمه، فما هبته هيبتي مالكاً»، وقال سعيد بن أبي مريم: «لقد كانت هيبته أشد من هيبة السلطان».

صفته الشكلية
كان الإمام مالك طويلاً جسيماً، شديد البياض إلى الشقرة، عظيم الهامة، حسن الصورة، أصلع، أعين، أشم، أزرق العينين. قال عيسى بن عمر المدني: «ما رأيت بياضاً قط أحسن من وجه مالك، وكان عظيم اللحية عريضها». وكان ربعةً من الرجال، وكان يأخذ أطراف شاربه لا يحلقه ولا يحفيه، ويرى حلق الشارب مُثلة، ويترك له سبلتين طويلتين، ولم يكن يخضب شعره، وقد ذَكر أحمد بن حنبل عن إسحاق بن عيسى الطباع قال: رأيت مالكاً بن أنس لا يخضب فسألته عن ذلك فقال: «بلغني عن علي رضي الله عنه أنه كان لا يخضب».

وكان الإمام مالك يُعنى بلباسه عنايةً تامةً، ويَرى بذلك إعظامَ العلم ورفعةَ العالم، ويقول إن مروءة العالم أن يختار الثوبَ الحسنَ يرتديه ويظهر به، وأنه ينبغي ألا تراه العيون إلا بكامل اللباس حتى العمامة الجيدة، وقد كان يلبس أجود اللباس وأغلاه وأجمله، قال الزبيري: كان مالك يلبس الثياب العدنية الجياد، والخراسانية والمصرية المرتفعة البِيض، ويتطيب بطيب جيد ويقول: «ما أُحب لأحد أنعم الله عليه إلا أن يُرى أثرُ نعمته عليه». وكان يقول: «أحب للقارئ أن يكون أبيض الثياب».
الترتيب:

#2K

0 مشاهدة هذا اليوم

#40K

16 مشاهدة هذا الشهر

#33K

8K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 783.
المتجر أماكن الشراء
يوسف بن الحسن بن عبد الهادي ابن المبرد ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث