📘 ❞ فقه الموازنات في الشريعة الإسلامية ❝ كتاب اصدار 2004

أصول الفقه وقواعده - 📖 كتاب ❞ فقه الموازنات في الشريعة الإسلامية ❝ 📖

█ _ 2004 حصريا كتاب ❞ فقه الموازنات الشريعة الإسلامية ❝ عن دار القلم للنشر والتوزيع 2025 الإسلامية: من أصول الفقه وقواعده عنوان الكتاب: الإسلامية المؤلف: عبد المجيد محمد السوسوة الناشر: دبي ما هو , وما موقف الإسلام منه ؟ فقه يقصد به الذي يتعلق بالمصالح والمفاسد وطرق الترجيح بين المصالح عند التعارض والتزاحم وكذا المفاسد إذا تعين فعل بعضها وقد عَرَّفه كثير المعاصرين بتعريفات متقاربة منها ما ذكره الدكتور الله الكمالي بأنه "المفاضلة المتعارضة والمتزاحمة لتقديم أو تأخير الأوْلى بالتقديم التأخير" انتهى " تأصيل (ص 49) وقد جاء نصوص القرآن الكريم يشهد لهذا النوع بالاعتبار فمن ذلك قوله تعالى قصة موسى والخضر عليهما السلام : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا )الكهف 79 – 81 فالخضر عليه بما علَّمه علم وحكمة أقدَم مفسدة خرق السفينة ليدفع ضياعها بالكلية يد الملك الظالم يأخذ كل سفينة غصبا وأقدم قتل الغلام إرهاق أبويه طغيانا وكفرا وكانت هذه الصورة الأخيرة جائزة حقه غير شرعنا وفي يقول العز بن قواعد الأحكام مصالح الأنام (2 58) ولو اطلع المصلحة وعلى ترك غصبها إبقاء كفر وطغيانهما لما أنكر ولساعده وصوب رأيه القربة إلى عز وجل وقع مثل زماننا هذا لكان حكمه كذلك وله أمثلة كثيرة منها: أن تكون ليتيم يخاف عليها الوصي تغصب وعلم أنه لو خرقها لزهد الغاصب فإنه يلزمه حفظا للأكثر بتفويت الأقل فإن حفظ الكثير الخطير القليل الحقير أحسن التصرفات وقد قال تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) [الأنعام: 152] وفي السنة المطهرة يدل أيضا ومن ذلك: أولا: أخرج البخاري (1586) ومسلم (1333) عَنْ عُرْوَةَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا ( يَا عَائِشَةُ لَوْلاَ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ وَأَلْزَقْتُهُ بِالأَرْضِ وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ ) فهذا دليل تقديم أولى المصلحتين ودفع أكبر المفسدتين النووي رحمه شرحه الحديث "فِيهِ دَلِيلٌ لِتَقْدِيمِ أَهَمِّ الْمَصَالِحِ عِنْدَ تَعَذُّرِ جَمِيعِهَا شرح مسلم" (9 90) الزرقاني الموطأ 448): وَفِيهِ تَرْكُ هُوَ صَوَابٌ خَوْفَ وُقُوعِ مَفْسَدَةٍ أَشَدَّ وَاسْتِئْلَافُ النَّاسِ إِلَى الْإِيمَانِ وَاجْتِنَابُ وَلِيِّ الْأَمْرِ يَتَسَارَعُ النَّاسُ إِنْكَارِهِ وَمَا يُخْشَى تَوَلُّدُ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ دِينٍ أَوْ دُنْيَا وَتَأَلُّفَ قُلُوبِهِمْ بِمَا لَا يُتْرَكُ أَمْرٌ وَاجِبٌ كَمُسَاعَدَتِهِمْ عَلَى تَرْكِ الزَّكَاةِ وَشِبْهِ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ مِنْ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ وَجَلْبِ الْمَصْلَحَةِ وَأَنَّهُمَا إِذَا تَعَارَضَا بُدِئَ بِرَفْعِ الْمَفْسَدَة ثانيا: ما أخرجه (220) (284) أَعْرَابِيا بَالَ الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ دَعُوهُ وَهَرِيقُوا بَوْلِهِ سَجْلًا مَاءٍ ذَنُوبًا فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ) مسلم (3 191): دَفْعُ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَخَفِّهِمَا ؛ لِقَوْلِهِ (دَعُوهُ) الْعَلَمَاءُ: كَانَ قَوْلُهُ لِمَصْلَحَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بَوْلَهُ تَضَرَّرَ وَأَصْلُ التَّنْجِيسِ قَدْ حَصَلَ احْتِمَالُ زِيَادَتِهِ أَوْلَى إِيقَاعِ وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ التَّنْجِيسَ جُزْءٍ يَسِيرٍ مِنَ فَلَوْ أَقَامُوهُ أَثْنَاءِ لَتَنَجَّسَتْ ثِيَابُهُ وَبَدَنُهُ وَمَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ المسجد" وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني فتح الباري (1 324) لَمْ يُنْكِرِ الصَّحَابَةِ يَقُلْ لِمَ نَهَيْتُمُ الْأَعْرَابِيَّ بَلْ أَمَرَهُمْ بِالْكَفِّ عَنْهُ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَهُوَ الْمَفْسَدَتَيْنِ أَيْسَرِهِمَا وَتَحْصِيلُ الْمَصْلَحَتَيْنِ بِتَرْكِ الإمام بدر الدين العيني عمدة القاري صحيح 127): فيه دفع أعظم باحتمال أيسرهما وتحصيل بترك البول وقطعه البائل فدفع أعظمهما بأيسر وتنزيه المسجد عنه مصلحة وترك الفراغ فحصل أيسرهما" ولم يستخدم الفقهاء الأوائل مصطلح (فقه الموازنات) وإنما تحدثوا مضمونه ومحتواه حديثهم تعارض وتزاحمها ومثال قول 5): ومعظم الدنيا ومفاسدها معروف بالعقل وذلك معظم الشرائع إذ لا يخفى عاقل قبل ورود الشرع تحصيل المحضة ودرء نفس الإنسان وعن غيره محمود حسن وأن أرجح فأرجحها درء أفسد فأفسدها الراجحة المرجوحة ويقول شيخ تيمية مجموع الفتاوى (20 57) فإذا ازْدَحَمَ وَاجِبَانِ يُمْكِنُ جَمْعُهُمَا فَقُدِّمَ أَوْكَدُهُمَا يَكُنْ الْآخَرُ هَذِهِ الْحَالِ وَاجِبًا تَارِكُهُ لِأَجْلِ فِعْلِ الْأَوْكَدِ تَارِكَ وَاجِبٍ الْحَقِيقَةِ وَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ مُحَرَّمَانِ أَعْظَمِهِمَا إلَّا بِفِعْلِ أَدْنَاهُمَا لمْ فِعْلُ الْأَدْنَى مُحَرَّمًا وَإِنْ سُمِّيَ تَرْكَ وَسُمِّيَ هَذَا فِعْل مُحَرَّمٍ بِاعْتِبَارِ الْإِطْلَاقِ يَضُرَّ وَيُقَالُ مِثْلِ الْوَاجِبِ لِعُذْرِ وَفِعْلُ الْمُحَرَّمِ لِلضَّرُورَةِ لِدَفْعِ أحرم" وجاء الفروق" للقرافي 22) إنَّ شَأْنَ الشَّرَائِعِ بِإِيقَاعِ أَدْنَاهَا وَتَفْوِيتُ الدُّنْيَا بِدَفْعِ الْعُلْيَا" المنثور القواعد الفقهية 348): وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ تُدْرَأَ أَعْظَمُ أَيْسَرِهِمَا" مجاناً PDF اونلاين مكتبة الفقة : عبارة العلم يبحث إثبات الأدلة للأحكام والذي المجتهد كيفية استنباط الشرعية الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس وغيرها وأما الفقهية: فهي قضية كلية أكثرية جزئيتها بعض مسائل وموضوعها دائمًا: المكلف كتب متنوعة اصول وقواعد الإسلامي وتشمل (تعريف تعريف بالمعنى اللقبي والجهل أبواب الاحكام التاسيس والتطور أول صنف فى الاصول تدوين الأصول التي يبنى أدلة أحكام والسنه مصادر الشيعة الإمامية الاجماع الاجتهاد المجتهد الاستنباط مفهوم القول بالرأي الإجماع التكليفية خطاب الوضع التأسيس المعنى اللغوي ) *تعريف وقواعدة الأدلة يعتمد وتستمد أحكامه وأصول بمعناه أي المركب الإجمالي بمعنى المسمى بأصول بالقواعد وضعت للوصول إلی أدلتها التفصيلية وبعبارة أخری: يضع الأصولية لاستنباط أدلّتها الصحيحة يدرس الإجمالية يتوصل والاجتهاد والاستدلال فهو منهج الاستدلال الفقهي وموضوعه ويبحث وشروطه

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
فقه الموازنات في الشريعة الإسلامية
كتاب

فقه الموازنات في الشريعة الإسلامية

صدر 2004م عن دار القلم للنشر والتوزيع
فقه الموازنات في الشريعة الإسلامية
كتاب

فقه الموازنات في الشريعة الإسلامية

صدر 2004م عن دار القلم للنشر والتوزيع
حول
المتجر أماكن الشراء
دار القلم للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب فقه الموازنات في الشريعة الإسلامية:
فقه الموازنات في الشريعة الإسلامية من أصول الفقه وقواعده

عنوان الكتاب: فقه الموازنات في الشريعة الإسلامية
المؤلف: عبد المجيد محمد السوسوة
الناشر: دار القلم - دبي

ما هو فقه الموازنات , وما موقف الإسلام منه ؟

فقه الموازنات يقصد به الفقه الذي يتعلق بالمصالح والمفاسد , وطرق الترجيح بين المصالح عند التعارض والتزاحم , وكذا الترجيح بين المفاسد إذا تعين فعل بعضها .
وقد عَرَّفه كثير من المعاصرين بتعريفات متقاربة , منها ما ذكره الدكتور عبد الله الكمالي بأنه "المفاضلة بين المصالح والمفاسد المتعارضة والمتزاحمة لتقديم أو تأخير الأوْلى بالتقديم أو التأخير" انتهى من " تأصيل فقه الموازنات " ، عبد الله الكمالي (ص 49) .

وقد جاء في نصوص القرآن الكريم ما يشهد لهذا النوع من الفقه بالاعتبار , فمن ذلك قوله تعالى في قصة موسى والخضر عليهما السلام : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا . وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا . فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا )الكهف / 79 – 81، فالخضر عليه السلام بما علَّمه الله من علم وحكمة أقدَم على مفسدة خرق السفينة ليدفع مفسدة ضياعها بالكلية على يد الملك الظالم الذي يأخذ كل سفينة غصبا , وأقدم على مفسدة قتل الغلام ليدفع مفسدة إرهاق أبويه طغيانا وكفرا , وكانت هذه الصورة الأخيرة جائزة في حقه غير جائزة في شرعنا .
وفي ذلك يقول العز بن عبد السلام في " قواعد الأحكام في مصالح الأنام " (2 / 58) : " ولو اطلع موسى على ما في خرق السفينة من المصلحة ، وعلى ما في قتل الغلام من المصلحة، وعلى ما في ترك السفينة من مفسدة غصبها، وعلى ما في إبقاء الغلام من كفر أبويه وطغيانهما ، لما أنكر عليه ولساعده في ذلك وصوب رأيه ، لما في ذلك من القربة إلى الله - عز وجل -، ولو وقع مثل ذلك في زماننا هذا لكان حكمه كذلك ، وله أمثلة كثيرة : منها: أن تكون السفينة ليتيم يخاف عليها الوصي أن تغصب ، وعلم الوصي أنه لو خرقها لزهد الغاصب عن غصبها، فإنه يلزمه خرقها حفظا للأكثر بتفويت الأقل ، فإن حفظ الكثير الخطير بتفويت القليل الحقير من أحسن التصرفات وقد قال تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) [الأنعام: 152] " انتهى .

وفي السنة المطهرة ما يدل على ذلك أيضا , ومن ذلك:
أولا: أخرج البخاري (1586) ، ومسلم (1333) عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا : ( يَا عَائِشَةُ ، لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ ، وَأَلْزَقْتُهُ بِالأَرْضِ ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ ، بَابًا شَرْقِيًّا ، وَبَابًا غَرْبِيًّا ، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ ) .
فهذا دليل على تقديم أولى المصلحتين ودفع أكبر المفسدتين .
وفي ذلك يقول النووي رحمه الله تعالى عند شرحه لهذا الحديث : "فِيهِ دَلِيلٌ لِتَقْدِيمِ أَهَمِّ الْمَصَالِحِ عِنْدَ تَعَذُّرِ جَمِيعِهَا " انتهى من " شرح النووي على مسلم" (9 / 90).
وفي " شرح الزرقاني على الموطأ " (2 / 448): " وَفِيهِ تَرْكُ مَا هُوَ صَوَابٌ خَوْفَ وُقُوعِ مَفْسَدَةٍ أَشَدَّ، وَاسْتِئْلَافُ النَّاسِ إِلَى الْإِيمَانِ ، وَاجْتِنَابُ وَلِيِّ الْأَمْرِ مَا يَتَسَارَعُ النَّاسُ إِلَى إِنْكَارِهِ ، وَمَا يُخْشَى مِنْهُ تَوَلُّدُ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا ، وَتَأَلُّفَ قُلُوبِهِمْ بِمَا لَا يُتْرَكُ فِيهِ أَمْرٌ وَاجِبٌ ، كَمُسَاعَدَتِهِمْ عَلَى تَرْكِ الزَّكَاةِ وَشِبْهِ ذَلِكَ ، وَفِيهِ تَقْدِيمُ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ مِنْ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ ، وَجَلْبِ الْمَصْلَحَةِ ، وَأَنَّهُمَا إِذَا تَعَارَضَا بُدِئَ بِرَفْعِ الْمَفْسَدَة " انتهى .
ثانيا:
ما أخرجه البخاري (220) ، ومسلم (284) : " أن أَعْرَابِيا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ ، فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ) . قال النووي في شرحه على مسلم (3 / 191): " وَفِيهِ دَفْعُ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَخَفِّهِمَا ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (دَعُوهُ) قَالَ الْعَلَمَاءُ: كَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (دَعُوهُ) لِمَصْلَحَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ عَلَيْهِ بَوْلَهُ تَضَرَّرَ وَأَصْلُ التَّنْجِيسِ قَدْ حَصَلَ فَكَانَ احْتِمَالُ زِيَادَتِهِ أَوْلَى مِنْ إِيقَاعِ الضَّرَرِ بِهِ . وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ التَّنْجِيسَ قَدْ حَصَلَ فِي جُزْءٍ يَسِيرٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَوْ أَقَامُوهُ فِي أَثْنَاءِ بَوْلِهِ لَتَنَجَّسَتْ ثِيَابُهُ وَبَدَنُهُ وَمَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ من المسجد" انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في " فتح الباري " (1 / 324) : " لَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّحَابَةِ ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ لِمَ نَهَيْتُمُ الْأَعْرَابِيَّ ، بَلْ أَمَرَهُمْ بِالْكَفِّ عَنْهُ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ ، وَهُوَ دَفْعُ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَيْسَرِهِمَا ، وَتَحْصِيلُ أَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ بِتَرْكِ أَيْسَرِهِمَا " انتهى .
وقال الإمام بدر الدين العيني في " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " (3 / 127): " فيه دفع أعظم المفسدتين باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما، فإن البول فيه مفسدة ، وقطعه على البائل مفسدة أعظم منها ، فدفع أعظمهما بأيسر المفسدتين ، وتنزيه المسجد عنه مصلحة وترك البائل إلى الفراغ مصلحة أعظم منها، فحصل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما" انتهى.

ولم يستخدم الفقهاء الأوائل مصطلح (فقه الموازنات) وإنما تحدثوا عن مضمونه ومحتواه عند حديثهم عن تعارض المصالح وتزاحمها , وكذا المفاسد .
ومثال ذلك قول العز بن عبد السلام في " قواعد الأحكام في مصالح الأنام " (1 / 5): " ومعظم مصالح الدنيا ومفاسدها معروف بالعقل ، وذلك معظم الشرائع ؛ إذ لا يخفى على عاقل قبل ورود الشرع أن تحصيل المصالح المحضة ، ودرء المفاسد المحضة ، عن نفس الإنسان وعن غيره : محمود حسن ، وأن تقديم أرجح المصالح فأرجحها : محمود حسن ، وأن درء أفسد المفاسد فأفسدها : محمود حسن ، وأن تقديم المصالح الراجحة على المرجوحة : محمود حسن، وأن درء المفاسد الراجحة على المصالح المرجوحة محمود حسن " انتهى.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (20 / 57) : " فإذا ازْدَحَمَ وَاجِبَانِ لَا يُمْكِنُ جَمْعُهُمَا ، فَقُدِّمَ أَوْكَدُهُمَا : لَمْ يَكُنْ الْآخَرُ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَاجِبًا , وَلَمْ يَكُنْ تَارِكُهُ لِأَجْلِ فِعْلِ الْأَوْكَدِ : تَارِكَ وَاجِبٍ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ مُحَرَّمَانِ لَا يُمْكِنُ تَرْكُ أَعْظَمِهِمَا ، إلَّا بِفِعْلِ أَدْنَاهُمَا : لمْ يَكُنْ فِعْلُ الْأَدْنَى فِي هَذِهِ الْحَالِ مُحَرَّمًا فِي الْحَقِيقَةِ , وَإِنْ سُمِّيَ ذَلِكَ تَرْكَ وَاجِبٍ ، وَسُمِّيَ هَذَا فِعْل مُحَرَّمٍ ، بِاعْتِبَارِ الْإِطْلَاقِ : لَمْ يَضُرَّ، وَيُقَالُ فِي مِثْلِ هَذَا تَرْكُ الْوَاجِبِ لِعُذْرِ ، وَفِعْلُ الْمُحَرَّمِ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ أَوْ لِلضَّرُورَةِ ؛ أَوْ لِدَفْعِ مَا هُوَ أحرم" انتهى .
وجاء في " الفروق" للقرافي (3 / 22) : " إنَّ شَأْنَ الشَّرَائِعِ دَفْعُ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِإِيقَاعِ أَدْنَاهَا ، وَتَفْوِيتُ الْمَصْلَحَةِ الدُّنْيَا بِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الْعُلْيَا" انتهى.
وجاء في " المنثور في القواعد الفقهية " (1 / 348): " وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ : أَنْ تُدْرَأَ أَعْظَمُ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَيْسَرِهِمَا" انتهى.

.................
الترتيب:

#546

0 مشاهدة هذا اليوم

#34K

7 مشاهدة هذا الشهر

#16K

14K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 178.