📘 ❞ نظرية المعرفة ❝ كتاب ــ زكي نجيب محمود اصدار 2017

الفكر والفلسفة - 📖 ❞ كتاب نظرية المعرفة ❝ ــ زكي نجيب محمود 📖

█ _ زكي نجيب محمود 2017 حصريا كتاب نظرية المعرفة عن مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة 2024 المعرفة: يحاول كتابه “نظرية المعرفة” أن يعرض أبرز مشاكل وكيف تعاطى معها الفلاسفة مر العصور اختلاف مذاهبهم الفكرية فقام بحصر ثلاثة أسئلة رئيسية: 1 ما هي طبيعة بصفة عامة بغض النظر نوع الحقيقة المعروفة؟ 2 هو المصدر الذي يستقي منه الإنسان معرفته؟ 3 مستطاع يتناول بمعرفته كل شيء بغير تحديد؟ أم لوسعه حدودًا؟ وأفرد لكل سؤال منهم بابًا من الكتاب ليتحدث عنه سنناقشهم فيما يلي محتويات المقال : الباب الأول: المعرفة طبيعة عند الواقعيين • الواقعية الساذجة • النقدية طبيعة البراجماتيين طبيعة المثاليين الباب الثاني: مصدر المعرفة مصدر التجريبيين مصدر العقليين مصدر النقديين مصدر المتصوفة الباب الثالث: إمكان وحدودها الاعتقاديون والشُّكاك حدود الممكنة النقديين والوضعيين الباب المعرفة يناقش هذا الباب السؤال الأول “ما المعروفة؟” بتقسيمه إلى فصول طبيعة الساذجة إذا قلنا “على المكتب مصباح مضيء” فكلمة “مكتب” تكوّن ذهنك صورة للمكتب وكلمة “مصباح” “مضيء” تشير الضوء المنبعث المصباح “على” العلاقة بين والمصباح فيخلصون حقيقة العالم موجود بذاته وجودنا والدليل ذلك أنك حين توجّه بصرك للنظر فهذا الشيء كان موجودًا سواء نظرت إليه لم تنظر كونك نظرك دليل وجوده المستقل غير المحتاج وجودك ومن هنا يرى أصحاب الساذجة معرفة مطابقة للشيء المعروف ولكن هناك مشكلة وهي أنه وفقًا لهذه النظرية فإن معرفتك بالمكتب أمامك ليست بالضرورة فقد تلمس فتشعر بصلابته ثم يأتي عالم ليخبرك إلا مجموعة الذرات التي يتكون مُعظم ذرة منها الفراغ فهنا ترصده بحواسك ليس كما رصد يتغير بتغير موقع الراصد أو زمان الرصد فإذا أحضرنا 10 رسامين وأجلسناهم حول منضدة وطلبنا يرسم يراه فسيرسم المنضدة زاوية نظره فينتج لدينا رسومات مختلفة نفسه وبالتالي فنظرية بحاجة تعديل يزيد دقتها • النقدية تكمن أنها تلغي دور العقل البشري فتجعله مجرد متلقي لما دقيقًا رأيت برتقالة فأنت تعرف ولكن كيف هذا؟ حدث نتيجة لرؤيتك العديد البرتقالات المختلفة اللون والاستدارة والمذاق عقلك استطاع توحيد هذه الفروقات واحدة وقام بطرح الاختلافات ليسهل عليك التعرف البرتقال متى رأيته فعندما ترى جسمًا مستديرًا ذا لون برتقالي وملمس معين تستطيع القول بأنه الصفات قدم المساواة فبعضها صفات أولية موجودة البعض الآخر ثانوية تنشأ تفاعل مع فالبرتقالة مستديرة إليها لمستها تلمسها إذا فهذه صفة لكن أشياء كلون البرتقالة أساسية بذاتها فلون لا بعد سقوط عليها وانعكاسه عينك ومن دماغك كما طعم كذلك فهو ينشأ اتصال بلسانك ليتكون الطعم وهذا يفسّر الأشياء وقت مرضك فبعض معنى لها بوجود فلا للألوان بدون وجود عين ولا للأصوات أذن تسمع للحلاوة المرارة لسان يتذوق فالواقعية النقدية وعي جزءًا عملية البراجماتيين يرى البراجماتيون الفكرة يترتب فعل الواقع العملي يكن للفكرة فائدة فإنها ترقى لأن تكون ويمكن فكرتين صحيحتين فيهم أصح الأخرى وهذه الأصح تقدم أكبر إفادة لنا أي أنني إن أخبرتك تنين خارج الكون يمكنني أراه أسمعه أتواصل معه نظر البراجماتيين علمي بأمر التنين أفعله المثاليين المعرفة منظور المثاليين مصدرها فهم يعترفون الخارجي بشكل مستقل – الواقعيون والبراجماتيون فالعالم بالنسبة للمثاليين يدور عقل مثال: إذا شجرة الطريق فكل تملكه الشجرة وليس نفسها فلا يدركه وأي مستحيل الوجود الباب المعرفة يجيب الثاني معرفته؟” مصدر التجريبيين يرى التجريبيون الحواس البشرية طريقها يختبر فكرة يمكن إرجاعها حاسة تعتبر حقيقية كالسببية سبيل المثال إذ إرجاع السببية تختبره نراه حوادث يرتبط بحدوثها حدوث أخرى سبب حسّي لادعاء رابط سببي بينهما كذلك الحال الجوهر (الشيء صفاته) والذات (الإنسان صفاته وحالاته) تراه بحالاته بصفاته يمكنك مفاهيم مثل الذات مرصود بالحواس العقليين يخالف العقليون تحديد فبينما فقط قد تخدع يكون حقيقيًا قلت “(أ) (ب) و(ب) (ج) إذن (أ) (ج)” حقيقي مستند يمكنها خداعك وبالتالي النقديين بينما التجريبيين ومصدرها العقليين فمصدرها والعقل معًا حيث وقف النقديون موقفًا الواقعيين والمثاليين فلم ينكروا قائمة اعتبروا القالب يستقبل ويترجم المدركات الحسية لتكون ذات مثال: إذا قُلنا “النار أحرقت الورقة” فنحن نشير مدركات حسية النار والورقة ولكننا أيضًا مبدأ صنع (أو فطرته صح التعبير) وهو فيرى الاحتراق (المدرك الحسي) ضروري للمعرفة المدرك ليكون ذو تحكمه علاقة (المنتج العقلي) فالنار تسبب بإحراق الورقة فبينما والجوهر ضرورات لفهم وجعلها فهي زُوّدت بها فطرة لتفهم المتصوفة خلصنا رؤية التجريبين للحواس كمصدر وحيد وبينما الوحيد ويجمع والحواس كمصادر نجد المتصوفة لهم مختلف الحدس ويرتبون درجات الأعلى الأسفل أدناها أوسطها والحدس أعلاها وبينما يسعى المتكلمون والفلاسفة لإثبات الله باستخدام حجج وبراهين عقلية الطريقة الوحيدة للوصول طريق فيقول الفصل: “وبأنواع رياضة النفس تحررها قيود الجسد ورغباته يستطيع يقول يسمو روحه حتى يشهد الحق (الله) شهودًا مباشرًا بحيث به حاجة برهان عقلي ” الباب وحدودها يناقش الثالث “هل حدودًا؟” الاعتقاديون والشُّكاك يرى الاعتقاديون أنصار المذهب التجريبي والمذهب العقلي حدود للإنسان الحصول فما دامت يوجد يمكنه يضع حدًا وما دام يعوق بالمحسوسات أما الشُّكاك فيرون استحالة يعرف الموضوعية لأي يعرفه نسبي وحتى أراد ينقل معرفته غيره فإنه ينقلها الكلام ولن تعبّر الألفاظ وتجب التفرقة الفيلسوف الشاك وبين يتبع منهج الشك فالأول يشك حصول بينما يؤمن بإمكانية ولكنه يحتاج حذر وحرص للحصول اليقينية حدود والوضعيين لما كانت الشرط اللازم ناقشنا أعلاه ممكنة طالما الحسّية يجاوز (في رأيهم) فإذا تساءل محدودية المكان نهائي وجد أمام تناقض للعقل تصور نهاية للمكان مكان أبعد وكذلك التناقض سببه حاول وراء ويوافق الوضعيون رأيهم وجوب الوقوف بمحاولاتنا الظواهر نشاهدها ونجري التجارب أما نجاوز الطبيعة المنظورة الغيبي فتلك محاولة مشروعة الفكر والفلسفة مجاناً PDF اونلاين ترتيب أمور معلومة للتأدي مجهول ويُستخدم الدراسات المتعلقة بالعقل ويشير قدرة تصحيح الاستنتاجات بشأن واقعي وبشأن كيفية حل المشكلات تقسيم النقاش المتعلق بالفكر مجالين واسعي النطاق وفي هذين المجالين استمر استخدام المصطلحين "الفكر" و"الذكاء" كمصطلحين مرتبطين ببعضهما الفلسفة (لغويا اليونانية φιλοσοφία‏ philosophia والتي تعني حرفيًا "حب الحكمة") دراسة الأسئلة العامة والأساسية والمعرفة والقيم والاستدلال واللغة غالبًا تطرح كمسائل لدراستها حلها ربما صاغ مصطلح "فيلسوف (محب الحكمة)" وعالم الرياضيات فيثاغورس (570 495 قبل الميلاد) تشمل الأساليب الفلسفية الاستجواب والمناقشة والحجة المنطقية والعرض المنهجي وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
نظرية المعرفة
كتاب

نظرية المعرفة

ــ زكي نجيب محمود

صدر 2017م عن مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة
نظرية المعرفة
كتاب

نظرية المعرفة

ــ زكي نجيب محمود

صدر 2017م عن مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة
عن كتاب نظرية المعرفة:
يحاول زكي نجيب محمود في كتابه “نظرية المعرفة” أن يعرض أبرز مشاكل المعرفة وكيف تعاطى معها الفلاسفة على مر العصور على اختلاف مذاهبهم الفكرية، فقام بحصر مشاكل المعرفة في ثلاثة أسئلة رئيسية:

1- ما هي طبيعة المعرفة بصفة عامة، بغض النظر عن نوع الحقيقة المعروفة؟

2- ما هو المصدر الذي يستقي منه الإنسان معرفته؟
3- هل في مستطاع الإنسان أن يتناول بمعرفته كل شيء بغير تحديد؟ أم أن لوسعه حدودًا؟

وأفرد زكي نجيب محمود لكل سؤال منهم بابًا من الكتاب ليتحدث عنه سنناقشهم فيما يلي.

محتويات المقال :

الباب الأول: طبيعة المعرفة
طبيعة المعرفة عند الواقعيين
• الواقعية الساذجة
• الواقعية النقدية
طبيعة المعرفة عند البراجماتيين
طبيعة المعرفة عند المثاليين
الباب الثاني: مصدر المعرفة
مصدر المعرفة عند التجريبيين
مصدر المعرفة عند العقليين
مصدر المعرفة عند النقديين
مصدر المعرفة عند المتصوفة
الباب الثالث: إمكان المعرفة وحدودها

الاعتقاديون والشُّكاك
حدود المعرفة الممكنة عند النقديين والوضعيين
الباب الأول: طبيعة المعرفة
يناقش زكي نجيب محمود في هذا الباب السؤال الأول “ما هي طبيعة المعرفة بصفة عامة، بغض النظر عن نوع الحقيقة المعروفة؟”، فقام بتقسيمه إلى ثلاثة فصول.

طبيعة المعرفة عند الواقعيين
• الواقعية الساذجة
إذا قلنا “على المكتب مصباح مضيء” فكلمة “مكتب” تكوّن في ذهنك صورة للمكتب، وكلمة “مصباح” تكوّن صورة مصباح، وكلمة “مضيء” تشير إلى الضوء المنبعث من المصباح، وكلمة “على” تشير إلى العلاقة بين المكتب والمصباح.
فيخلصون إلى حقيقة أن العالم موجود بذاته بغض النظر عن وجودنا، والدليل على ذلك هو أنك حين توجّه بصرك للنظر إلى شيء ما، فهذا الشيء كان موجودًا سواء نظرت إليه أم لم تنظر، كونك توجّه نظرك إليه دليل على وجوده المستقل غير المحتاج إلى وجودك.
ومن هنا يرى أصحاب نظرية الواقعية الساذجة في المعرفة أن معرفة الشيء هي صورة مطابقة للشيء المعروف.

ولكن هناك مشكلة، وهي أنك أنه وفقًا لهذه النظرية فإن معرفتك بالمكتب الذي أمامك ليست بالضرورة هي حقيقة المكتب، فقد تلمس المكتب فتشعر بصلابته، ثم يأتي عالم ليخبرك أن المكتب ما هو إلا مجموعة من الذرات التي يتكون مُعظم كل ذرة منها من الفراغ، فهنا ما ترصده بحواسك ليس بالضرورة هو الحقيقة.

كما أن رصد الشيء يتغير بتغير موقع الراصد أو زمان الرصد، فإذا أحضرنا 10 رسامين وأجلسناهم حول منضدة وطلبنا من كل منهم أن يرسم ما يراه، فسيرسم كل منهم ما يراه من المنضدة من زاوية نظره، فينتج لدينا 10 رسومات مختلفة للشيء نفسه.
وبالتالي فنظرية الواقعية الساذجة في المعرفة بحاجة إلى تعديل يزيد من دقتها.

• الواقعية النقدية
تكمن مشكلة الواقعية الساذجة في أنها تلغي دور العقل البشري في المعرفة فتجعله مجرد متلقي لما يراه، إلا أن هذا ليس دقيقًا، فإذا رأيت برتقالة فأنت تعرف أنها برتقالة، ولكن كيف هذا؟

حدث هذا نتيجة لرؤيتك العديد من البرتقالات المختلفة في اللون والاستدارة والمذاق، إلا أن عقلك استطاع توحيد هذه الفروقات في صورة واحدة وقام بطرح الاختلافات ليسهل عليك التعرف على البرتقال متى رأيته.

فعندما ترى جسمًا مستديرًا ذا لون برتقالي وملمس معين تستطيع القول بأنه برتقالة، إلا أن هذه الصفات ليست على قدم المساواة، فبعضها صفات أولية، وهي صفات موجودة في الشيء بذاته. البعض الآخر صفات ثانوية وهي الصفات التي تنشأ من تفاعل الإنسان مع الشيء، فالبرتقالة مستديرة سواء نظرت إليها أم لم تنظر أو لمستها أم لم تلمسها، إذا فهذه صفة أولية.

لكن أشياء كلون البرتقالة ليست صفة أساسية في البرتقالة بذاتها، فلون البرتقالة لا يتكون إلا بعد سقوط الضوء عليها وانعكاسه إلى عينك، ومن ثم يتكون اللون في دماغك، كما أن طعم البرتقالة كذلك، فهو ينشأ عند اتصال البرتقالة بلسانك ليتكون الطعم في دماغك، وهذا يفسّر اختلاف طعم الأشياء وقت مرضك.

فبعض الصفات هي صفات ثانوية لا معنى لها إلا بوجود متلقي، فلا معنى للألوان بدون وجود عين ترى، ولا معنى للأصوات بدون وجود أذن تسمع، ولا معنى للحلاوة أو المرارة بدون لسان يتذوق.
وبالتالي فالواقعية النقدية ترى وعي الإنسان جزءًا من عملية المعرفة.

طبيعة المعرفة عند البراجماتيين
يرى البراجماتيون أن المعرفة هي الفكرة التي يترتب عليها فعل في الواقع العملي، فإذا لم يكن للفكرة فائدة عملية فإنها لا ترقى لأن تكون معرفة، ويمكن أن تكون لدينا فكرتين صحيحتين، ولكن واحدة فيهم أصح من الأخرى، وهذه الأصح هي الحقيقة التي تقدم أكبر إفادة لنا، أي أنني إن أخبرتك بوجود تنين خارج الكون لا يمكنني أن أراه أو أسمعه أو أتواصل معه، فإن هذه في نظر البراجماتيين ليست معرفة، فلا يترتب على علمي بأمر هذا التنين فعل أفعله.

طبيعة المعرفة عند المثاليين
المعرفة من منظور المثاليين مصدرها العقل، فهم لا يعترفون بوجود العالم الخارجي بشكل مستقل عن الإنسان – كما يرى الواقعيون والبراجماتيون -، فالعالم بالنسبة للمثاليين هو ما يدور في عقل الإنسان، مثال:
إذا رأيت شجرة في الطريق فكل ما تملكه هو صورة هذه الشجرة في ذهنك، وليس الشجرة نفسها.
فلا وجود إلا لما يدركه العقل، وأي شيء لا يدركه العقل مستحيل الوجود.

الباب الثاني: مصدر المعرفة
يجيب زكي نجيب محمود في هذا الباب عن السؤال الثاني، “ما هو المصدر الذي يستقي منه الإنسان معرفته؟”.

مصدر المعرفة عند التجريبيين
يرى التجريبيون أن مصدر المعرفة هي الحواس البشرية التي عن طريقها يختبر الإنسان العالم، فكل فكرة لا يمكن إرجاعها إلى حاسة من الحواس لا تعتبر حقيقية، كالسببية على سبيل المثال، إذ أنه لا يمكن إرجاع السببية إلى شيء تختبره الحواس، فكل ما نراه هو حوادث يرتبط بحدوثها حدوث حوادث أخرى، وليس هناك سبب حسّي لادعاء رابط سببي بينهما.

كذلك هو الحال مع الجوهر (الشيء مستقل عن صفاته)، والذات (الإنسان مستقل عن صفاته وحالاته)، إذ أن كل ما تراه هو الإنسان بحالاته أو الشيء بصفاته، ولا يمكنك إرجاع مفاهيم مثل الجوهر أو الذات إلى شيء مرصود بالحواس البشرية.

مصدر المعرفة عند العقليين
يخالف العقليون التجريبيون في تحديد مصدر المعرفة، فبينما يرى التجريبيون أن مصدر المعرفة هو الحواس فقط، يرى العقليون أن الحواس قد تخدع، وليس كل ما ترصده بحواسك يكون حقيقيًا، ولكن إن قلت “(أ) أكبر من (ب)، و(ب) أكبر من (ج)، إذن (أ) أكبر من (ج)”، فهذا لا يمكن أن يكون غير حقيقي، إذ أنه مستند على العقل وليس الحواس التي يمكنها خداعك، وبالتالي يرى العقليون أن مصدر المعرفة هو العقل.

مصدر المعرفة عند النقديين
بينما يكون مصدر المعرفة عند التجريبيين هو الحواس فقط، ومصدرها عند العقليين هو العقل، فمصدرها عند النقديين هو الحواس والعقل معًا، حيث وقف النقديون من المعرفة موقفًا بين الواقعيين والمثاليين، فلم ينكروا أن معرفة الإنسان قائمة على ما يدركه في العالم الخارجي، ولكن اعتبروا العقل البشري هو القالب الذي يستقبل ويترجم هذه المدركات الحسية لتكون ذات معنى، مثال:

إذا قُلنا “النار أحرقت الورقة” فنحن هنا نشير إلى مدركات حسية وهي النار والورقة، ولكننا أيضًا نشير إلى مبدأ من صنع العقل البشري (أو من فطرته إن صح التعبير) وهو السببية، فيرى النقديون أن رصد عملية الاحتراق (المدرك الحسي) ضروري للمعرفة، إلا أن هذا المدرك لم يكن ليكون ذو معنى إن لم تحكمه علاقة السببية (المنتج العقلي)، فالنار هي ما تسبب بإحراق الورقة.

فبينما أشياء مثل السببية والجوهر والذات ليست مدركات حسية، إلا أنها ضرورات لفهم المدركات الحسية وجعلها ذات معنى، فهي من الأشياء التي زُوّدت بها فطرة الإنسان لتفهم العالم الخارجي.

مصدر المعرفة عند المتصوفة
خلصنا إلى أن رؤية التجريبين للحواس كمصدر وحيد للمعرفة، وبينما يرى العقليون العقل المصدر الوحيد للمعرفة، ويجمع النقديون بين العقل والحواس كمصادر للمعرفة، نجد أن المتصوفة لهم مصدر مختلف للمعرفة وهو الحدس.

ويرتبون درجات المعرفة من الأعلى إلى الأسفل، حيث تكون الحواس أدناها، والعقل أوسطها، والحدس أعلاها.

وبينما يسعى المتكلمون والفلاسفة لإثبات وجود الله باستخدام حجج وبراهين عقلية، يرى المتصوفة أن الطريقة الوحيدة للوصول إلى الله تكون عن طريق الحدس.

فيقول زكي نجيب محمود في هذا الفصل:
“وبأنواع من رياضة النفس على تحررها من قيود الجسد ورغباته، يستطيع الإنسان – كما يقول المتصوفة – أن يسمو روحه حتى يشهد الحق (الله) شهودًا مباشرًا، بحيث لا تكون به حاجة إلى برهان عقلي على وجوده.”

الباب الثالث: إمكان المعرفة وحدودها
يناقش زكي نجيب محمود في هذا الباب السؤال الثالث وهو “هل في مستطاع الإنسان أن يتناول بمعرفته كل شيء بغير تحديد؟ أم أن لوسعه حدودًا؟”

الاعتقاديون والشُّكاك
يرى الاعتقاديون من أنصار المذهب التجريبي والمذهب العقلي أنه لا حدود للمعرفة التي يمكن للإنسان الحصول عليها، فما دامت المعرفة مصدرها هو العقل عند العقليين فلا يوجد شيء في العالم الخارجي يمكنه أن يضع حدًا لهذه المعرفة، وما دام مصدر المعرفة عند التجريبيين هو الحواس فلا شيء يعوق معرفة الإنسان إذا لم يكن هناك ما يعوق اتصال الحواس بالمحسوسات.

أما الشُّكاك فيرون استحالة أن يعرف الإنسان الحقيقة الموضوعية لأي شيء، فكل ما يعرفه الإنسان نسبي، وحتى إن أراد أن ينقل معرفته هذه إلى غيره فإنه ينقلها عن طريق الكلام، ولن تعبّر الألفاظ عن حقيقة الشيء.

وتجب هنا التفرقة بين الفيلسوف الشاك، وبين الفيلسوف الذي يتبع منهج الشك، فالأول يشك في إمكان حصول الإنسان على المعرفة، بينما يؤمن الثاني بإمكانية المعرفة ولكنه يحتاج إلى حذر وحرص للحصول على المعرفة اليقينية.

حدود المعرفة الممكنة عند النقديين والوضعيين

لما كانت الحواس هي الشرط اللازم للمعرفة عند النقديين كما ناقشنا أعلاه، كانت معرفة الإنسان ممكنة طالما هي في حدود المدركات الحسّية، إذ أن ما يجاوز هذه المدركات لا يمكن للإنسان معرفته (في رأيهم).

فإذا تساءل الإنسان عن محدودية المكان في الكون أم أنه لا نهائي وجد نفسه أمام تناقض، فلا يمكن للعقل تصور نهاية للمكان، إذ أن كل مكان هناك ما هو أبعد منه، وكذلك لا يمكنه تصور مكان لا نهائي، وهذا التناقض سببه هو أن الإنسان حاول أن يتناول بمعرفته ما وراء المدركات الحسّية.
ويوافق الوضعيون النقديين في رأيهم فيرون وجوب الوقوف بمحاولاتنا للمعرفة عند الظواهر التي يمكن أن نشاهدها ونجري التجارب عليها، أما أن نجاوز الطبيعة المنظورة إلى ما وراء الطبيعة الغيبي فتلك محاولة غير مشروعة.
الترتيب:

#354

1 مشاهدة هذا اليوم

#13K

48 مشاهدة هذا الشهر

#85K

2K إجمالي المشاهدات
المتجر 1 أماكن الشراء
زكي نجيب محمود ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة 🏛 الناشر
QR Code
أماكن شراء نظرية المعرفة: