📘 ❞ مجمل الرغائب فيما للإمام أحمد بن حنبل من المناقب ❝ كتاب ــ زكي الدين عبد الله بن محمد بن عبد الله الخزرجي الحنبلي اصدار 2006

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب مجمل الرغائب فيما للإمام أحمد بن حنبل من المناقب ❝ ــ زكي الدين عبد الله بن محمد بن عبد الله الخزرجي الحنبلي 📖

█ _ زكي الدين عبد الله بن محمد الخزرجي الحنبلي 2006 حصريا كتاب مجمل الرغائب فيما للإمام أحمد حنبل من المناقب 2024 المناقب: أبو الشيباني الذهلي (164 241هـ 780 855م) فقيه ومحدِّث مسلم ورابع الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة وصاحب المذهب الفقه الإسلامي اشتُهر بعلمه الغزير وحفظه القوي وكان معروفاً بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح وقد أثنى عليه كثير العلماء منهم الإمام الشافعي بقوله: «خرجتُ بغداد وما خلَّفتُ بها أحداً أورع ولا أتقى أفقه حنبل» ويُعدُّ كتابه "المسند" أشهر كتب الحديث وأوسعها وُلد سنة 164هـ ونشأ فيها يتيماً كانت ذلك العصر حاضرة العالم تزخر بأنواع المعارف والفنون المختلفة وكانت أسرة توجهه إلى طلب العلم وفي 179هـ بدأ ابن يتَّجه النبوي فبدأ يطلبه شيخه هُشَيم بشير الواسطي حتى توفي 183هـ فظل يطلب 186هـ ثم برحلاته فرحل العراق والحجاز وتهامة واليمن وأخذ عن والمحدثين وعندما بلغ أربعين عاماً 204هـ جلس للتحديث والإفتاء الناس يجتمعون درسه يبلغ عددهم قرابة خمسة آلاف اشتُهر بصبره المحنة التي وقعت به والتي عُرفت باسم "فتنة خلق القرآن" وهي فتنة العباسي عهد الخليفة المأمون المعتصم والواثق بعده إذ اعتقد هؤلاء الخلفاء أن القرآن مخلوق محدَث وهو رأي المعتزلة ولكن وغيره خالفوا فحُبس وعُذب أُخرج السجن وعاد التحديث والتدريس الواثق مُنع الاجتماع بالناس فلما تولى المتوكل الحكمَ أنهى تلك الفتنة إنهاءً كاملاً شهر ربيع الأول مرض مات عمره سبعاً وسبعين مرضه ووفاته ومدفنه قال صالح واصفاً مرضَ أبيه قُبيل وفاته: «لما كان أول يوم إحدى وأربعين ومئتين حُمَّ أبي ليلة الأربعاء فدخلتُ محموم يتنفس تنفساً شديداً وكنت قد عرفت علته أمرِّضُه إذا اعتل فقلت له: «يا أبة علام أفطرت البارحة؟» قال: «على ماء باقلَّاء» أراد القيام فقال: «خذ بيدي» فأخذت بيده صار الخلاء ضعفت رجلاه توكأ علي يختلف إليه غيرُ متطبب كلهم مسلمون فوصف له يُقال الرحمن قَرعةً تُشوى ويُسقى ماءها وهذا الثلاثاء وتوفي الجمعة صالح» قلت: «لبيك» «لا منزلك منزل أخيك» وصار الفتح سهل الباب ليعوده فحجبته وأتى الجعد وكثُر فقلت: أبةِ كثر الناس» «فأي شيء ترى؟» «تأذن لهم فيدعون لك» «أستخير الله» فجعلوا يدخلون أفواجاً تمتلئ الدار فيسألونه ويدعون يخرجون ويدخل فوج آخر وكثر وامتلأ الشارع وأغلقنا باب الزقاق وجاء رجل جيراننا خضب فدخل «إني لأرى الرجلَ يُحيي شيئاً فأفرح به» فجعل يدعو يقول: «له ولجميع المسلمين» «تلطَّفْ لي بالإذن فإني حضرت ضربه وأريد أستحله» «فأمسك» فلم أزل «أدخله» فأدخلته فقام بين يديه وجعل يبكي وقال: أبا أنا كنت ممن حضر ضربك أتيتك فإن أحببتَ القِصاص فأنا يديك وإن رأيتَ تُحلَّني فعلت» لا تعود لمثل ذلك» «نعم» «قد جعلتك حل» فخرج وبكى خُريقة قُطيعات فإذا الشيء أعطينا يشتري فقال وأنا عنده: «انظر خريقتي شيء؟» فنظرت درهم «وجِّه فاقتَضِ بعض السكان» فوجهت فأعطيت فاشتر تمراً وكفِّر عني كفارة يمين» فاشتريت وكفرت عنه يمين وبقي ثلاثة دراهم أو نحو فأخبرته «الحمد لله» «اقرأ الوصية» فقرأتها فأقرَّها » ومات وقت الضحى الثاني عشر سبع ودُفن بعد قال حنبل: «توفي ضحوة ودفناه لاثنتي عشرة خلت وأربعين» ودفن مقبرة حرب ما أكده العديد المؤرخين الخطيب البغدادي تاريخ وياقوت الحموي وابن الجوزي المنتظم وباب هو الربض الواقع شمال غرب الكاظمية الحالية والمتواتر نقل رفات أيام فيضان نهر دجلة 1937م مسجد عارف أغا منطقة الحيدرخانة ببغداد بالقرب جامع حسن باشا "ضريح حنبل" أخلاقه وصفاته الورع والزهد كان ورعاً زاهداً فقد التعبد محراب ومحراب الصلاة دائم الصوم يُجلد بالسياط صائم تطوعاً تبتلاً صلاته اليوم ثلاثمئة ركعة أوذي ونزل الضرب والجلد نزل وبقيت آثار الجلد تؤلمه لم يستطع يحافظ الركعات الثلاثمئة فأنزلها مئة وخمسين ختمة كل ليال وكان يتمثل الموت دائماً ذكر خنقته العبرة ويردف قائلاً: «الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب» كما شديد التعلق برسول الإسلام ولم يكن هذا بالحب والاهتمام بالحديث وحسب وإنما بما يقع تحت يده النبي ابنه الله: «رأيت يأخذ شعرة شعر صلى وسلم فيضعها فمه ويقبلها وأحسب أني رأيته يضعها عينيه ويغمسها الماء يشربه يستشفي ورأيته أخذ قصعة فغسلها حُب شرب غير مرة يشرب زمزم ويمسح ووجهه» غزارة العلم مخطوطة لكتاب "مسائل أحمد" لتلميذه داود ذاع علم واشتهر حي يرزق بل إن علمه والأثر ذاع يزال شاباً يتلقى ويأخذ الشيوخ فيه سعيد الرازي شاب: «ما رأيت أسْودَ الرأس أحفظ لحديث رسول أعلم بفقهه وقال الشافعي: «أنت بالأخبار الصحاح منا الخبر صحيحاً فأعلمني أذهب كوفياً مصرياً شامياً» ورُوي أيضاً أنه أعقل وسليمان الهاشمي» معاصره المديني: «ليس فينا أيضاً: «أعرف منذ خمسين يزداد خيراً» وينبغي الذكر يعرف اللغة الفارسية ويتكلم أحياناً رُوي قدِم خراسان ابنُ خالته عنده ولما قدَّم يسأله وأهلها بقي ذوي وربما استعجم القول الضيف فيكلمه بالفارسية قوة الحفظ كان يمتاز بقوة الحافظة تضافرت الأخبار يؤيد بعضها بعضاً «كنت أذاكر وكيعاً بحديث الثوري فكان العشاء خرج المسجد منزله فكنت أذاكره فربما تسعة أحاديث العشرة فأحفظها دخل أصحاب الحديث: أملِ علينا فأمليها عليهم فيكتبونها» شهد معاصروه حفظه وضبطه قيل لمعاصره زرعة: «من المشايخ أحفظ؟» «أحمد سمعت زرعة «كان يحفظ ألفَ ألفِ حديث» فقيل «وما يدريك؟» «ذاكرتُه فأخذتُ الأبواب» الصبر اتصف بالصبر والجَلَد وقوة الاحتمال وهذه هي أبرز صفاته أذاعت ذكره ونشرت خبره هذه الصفة المزاج الذي اختص فجمع الفقر والجود والعفة وعزة النفس والإباء وبين العفو واحتمال الأذى جعلته يحتمل وانٍ راضٍ بالقليل منه يجوب الأقطار ويقطع الفيافي والقفار راكباً أسعفته الحال وماشياً ضاقت النفقة شأن وتصدى للدرس البلاء الأكبر والمحنة العظمى فكانت عهدته وبها أهبته صبر وصابر الذين أنزلوا ملوا يهن يستكن يستخذلهم يجبهم قولهم ومن تدل قوة جنانه وثباته هولوا لينطق ينجيه ويرضيهم وكانوا ضربوا عنق رجلين حضرته ولكنه وسط المنظر المروع وقع نظره فسأله: «وأي تحفظ المسح الخفين؟» فأثار دهشة الحاضرين وراعهم الجنان الثابت خصمه دؤاد متعجباً: «انظروا لرجل ذا يُقدم لضرب عنقه فيناظر الفقه» التواضع كان متواضعاً متطامناً لعامة مقيلاً لعثراتهم حكى تلميذه المروزي «لم أر الفقير مجلس أعز مائلاً إليهم مقصراً الدنيا حلم بالعجول التواضع تعلوه السكينة والوقار مجلسه للفتيا يتكلم يسأل وإذا مسجده يتصدر ويقعد حيث انتهى المجلس» الهيبة كان مهيباً خوف وموضعاً للإجلال والاحترام رهبة هيبة نفس أساتذته يمزح مع تلاميذه عالم بمكان المجلس بمكانه لامهم ينبهوه وجوده الشرطة تهابه أما فأعظم أحد تلاميذه: «كنا نهاب نرد نحاجه الأشياء» معاصريه تتلمذوا «دخلت إسحاق إبراهيم وفلان السلاطين فما أهيب صرت أكلمه فوقعت الرعدة حين هيبته» عبيدة القاسم سلام: «جالست يوسف ومحمد الحسن ويحيى وعبد مهدي هبت صفته الشكلية كان يوصف بالحُسن العباس الوليد النحوي: رجلاً الوجه ربعة الرجال يخضب بالحناء خضاباً ليس بالقاني لحيته شعرات سود ورأيت ثيابه غلاظاً إلا أنها بيضاء مُعتمَّاً وعليه إزار رأسه ولحيته ثلاث وستين سكينة ووقار وخشية نظيفاً ملبسه أنيقاً هيئته نطاق الحِفاظ زهده وصفه الملك الحميد الميموني أنظف ثوباً أشد تعاهداً لنفسه شاربه وشعر بدنه أنقى وشدة بياض ش التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم الرسول بزمن يسير حرص حماية وصيانة المصدر مصادر التشريع حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي وبالأخص يتعلق أولا ومن الآثار المروية الصحابة والتابعين وباقي خصوصا والناس روى صحيحه مجاهد «جاء العدوي عباس يحدث ويقول: يأذن لحديثه ينظر يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا سمعنا رجلا يقول ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر العمل القاعدة ضرورة معرفة ناقلي بسبب حال نقلة النبوية وذلك لما ينبني المعرفة قبول والتعبد لله تعالى رد والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين يكونوا يسألون الإسناد قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع فلا يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سمع سِنِيِّ هم عنهم (من حدث سماعاً دلس أرسل عنه) مدة ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال عدد عنده؟ الأوهام والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ أجراً التحديث؟ عسِراً سمحاً متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة منها تفرّدته الأمة الإسلامية باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية وقد أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
مجمل الرغائب فيما للإمام أحمد بن حنبل من المناقب
كتاب

مجمل الرغائب فيما للإمام أحمد بن حنبل من المناقب

ــ زكي الدين عبد الله بن محمد بن عبد الله الخزرجي الحنبلي

صدر 2006م
مجمل الرغائب فيما للإمام أحمد بن حنبل من المناقب
كتاب

مجمل الرغائب فيما للإمام أحمد بن حنبل من المناقب

ــ زكي الدين عبد الله بن محمد بن عبد الله الخزرجي الحنبلي

صدر 2006م
عن كتاب مجمل الرغائب فيما للإمام أحمد بن حنبل من المناقب:
أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الذهلي (164-241هـ / 780-855م) فقيه ومحدِّث مسلم، ورابع الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنبلي في الفقه الإسلامي. اشتُهر بعلمه الغزير وحفظه القوي، وكان معروفاً بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح، وقد أثنى عليه كثير من العلماء منهم الإمام الشافعي بقوله: «خرجتُ من بغداد وما خلَّفتُ بها أحداً أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل»، ويُعدُّ كتابه "المسند" من أشهر كتب الحديث وأوسعها.

وُلد أحمد بن حنبل سنة 164هـ في بغداد ونشأ فيها يتيماً، وقد كانت بغداد في ذلك العصر حاضرة العالم الإسلامي، تزخر بأنواع المعارف والفنون المختلفة، وكانت أسرة أحمد بن حنبل توجهه إلى طلب العلم، وفي سنة 179هـ بدأ ابن حنبل يتَّجه إلى الحديث النبوي، فبدأ يطلبه في بغداد عند شيخه هُشَيم بن بشير الواسطي حتى توفي سنة 183هـ، فظل في بغداد يطلب الحديث حتى سنة 186هـ، ثم بدأ برحلاته في طلب الحديث، فرحل إلى العراق والحجاز وتهامة واليمن، وأخذ عن كثير من العلماء والمحدثين، وعندما بلغ أربعين عاماً في سنة 204هـ جلس للتحديث والإفتاء في بغداد، وكان الناس يجتمعون على درسه حتى يبلغ عددهم قرابة خمسة آلاف.

اشتُهر ابن حنبل بصبره على المحنة التي وقعت به والتي عُرفت باسم "فتنة خلق القرآن"، وهي فتنة وقعت في العصر العباسي في عهد الخليفة المأمون، ثم المعتصم والواثق من بعده، إذ اعتقد هؤلاء الخلفاء أن القرآن مخلوق محدَث، وهو رأي المعتزلة، ولكن ابن حنبل وغيره من العلماء خالفوا ذلك، فحُبس ابن حنبل وعُذب، ثم أُخرج من السجن وعاد إلى التحديث والتدريس، وفي عهد الواثق مُنع من الاجتماع بالناس، فلما تولى المتوكل الحكمَ أنهى تلك الفتنة إنهاءً كاملاً. وفي شهر ربيع الأول سنة 241هـ، مرض أحمد بن حنبل ثم مات، وكان عمره سبعاً وسبعين سنة.

مرضه ووفاته ومدفنه
قال صالح بن أحمد بن حنبل واصفاً مرضَ أبيه قُبيل وفاته:

«لما كان في أول يوم من شهر ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومئتين حُمَّ أبي ليلة الأربعاء، فدخلتُ عليه يوم الأربعاء وهو محموم يتنفس تنفساً شديداً، وكنت قد عرفت علته، وكنت أمرِّضُه إذا اعتل، فقلت له: «يا أبة، علام أفطرت البارحة؟»، قال: «على ماء باقلَّاء»، ثم أراد القيام فقال: «خذ بيدي»، فأخذت بيده، فلما صار إلى الخلاء ضعفت رجلاه حتى توكأ علي، وكان يختلف إليه غيرُ متطبب كلهم مسلمون، فوصف له متطبب يُقال له عبد الرحمن قَرعةً تُشوى ويُسقى ماءها، وهذا يوم الثلاثاء، وتوفي يوم الجمعة، فقال: «يا صالح»، قلت: «لبيك»، قال: «لا تُشوى في منزلك ولا منزل عبد الله أخيك». وصار الفتح بن سهل إلى الباب ليعوده فحجبته، وأتى ابن علي بن الجعد فحجبته، وكثُر الناس، فقلت: «يا أبةِ قد كثر الناس»، قال: «فأي شيء ترى؟»، قلت: «تأذن لهم فيدعون لك»، قال: «أستخير الله»، فجعلوا يدخلون عليه أفواجاً حتى تمتلئ الدار، فيسألونه ويدعون له ثم يخرجون ويدخل فوج آخر، وكثر الناس وامتلأ الشارع وأغلقنا باب الزقاق، وجاء رجل من جيراننا قد خضب فدخل عليه فقال: «إني لأرى الرجلَ يُحيي شيئاً من السنة فأفرح به»، فدخل فجعل يدعو له، فجعل يقول: «له ولجميع المسلمين»، وجاء رجل فقال: «تلطَّفْ لي بالإذن عليه، فإني قد حضرت ضربه يوم الدار وأريد أن أستحله»، فقلت له: «فأمسك»، فلم أزل به حتى قال: «أدخله»، فأدخلته، فقام بين يديه وجعل يبكي وقال: «يا أبا عبد الله، أنا كنت ممن حضر ضربك يوم الدار، وقد أتيتك، فإن أحببتَ القِصاص فأنا بين يديك، وإن رأيتَ أن تُحلَّني فعلت»، فقال: «على أن لا تعود لمثل ذلك»، قال: «نعم»، قال: «قد جعلتك في حل»، فخرج يبكي، وبكى من حضر من الناس، وكان له في خُريقة قُطيعات، فإذا أراد الشيء أعطينا من يشتري له، فقال لي يوم الثلاثاء وأنا عنده: «انظر في خريقتي شيء؟»، فنظرت فإذا فيها درهم، فقال: «وجِّه فاقتَضِ بعض السكان»، فوجهت فأعطيت شيئاً، فقال: «وجِّه فاشتر تمراً وكفِّر عني كفارة يمين»، فوجهت فاشتريت وكفرت عنه كفارة يمين، وبقي ثلاثة دراهم أو نحو ذلك، فأخبرته فقال: «الحمد لله»، وقال: «اقرأ علي الوصية»، فقرأتها عليه فأقرَّها.»
ومات أحمد بن حنبل في وقت الضحى من يوم الجمعة في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 241هـ، وهو ابن سبع وسبعين سنة، ودُفن بعد العصر، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: «توفي أبي في يوم الجمعة ضحوة، ودفناه بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين». ودفن في مقبرة باب حرب وهذا ما أكده العديد من المؤرخين منهم الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وياقوت الحموي وابن الجوزي في المنتظم، وباب حرب هو الربض الواقع شمال غرب الكاظمية الحالية، والمتواتر عند أهل بغداد نقل رفات الإمام أحمد بن حنبل أيام فيضان نهر دجلة سنة 1937م إلى مسجد عارف أغا في منطقة الحيدرخانة ببغداد في مسجد عارف أغا الواقع بالقرب من جامع حسن باشا وقد كتب عليه "ضريح أحمد بن حنبل".

أخلاقه وصفاته
الورع والزهد
كان أحمد بن حنبل ورعاً زاهداً، فقد كان كثير التعبد في محراب العلم ومحراب الصلاة، دائم الصوم حتى في أيام المحنة، إذ كان يُجلد بالسياط وهو صائم تطوعاً تبتلاً، وكانت صلاته في اليوم ثلاثمئة ركعة، فلما أوذي في المحنة ونزل به من الضرب والجلد ما نزل وبقيت آثار الجلد تؤلمه إلى أن مات، لم يستطع أن يحافظ على الركعات الثلاثمئة فأنزلها إلى مئة وخمسين ركعة في اليوم، وكانت له ختمة في كل سبع ليال.

وكان ابن حنبل يتمثل الموت دائماً، وكان إذا ذكر الموت خنقته العبرة، ويردف قائلاً: «الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب»، كما كان شديد التعلق برسول الإسلام محمد، ولم يكن هذا التعلق بالحب والاهتمام بالحديث النبوي وحسب، وإنما بما يقع تحت يده من آثار النبي محمد، فقد قال ابنه عبد الله: «رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فيضعها على فمه ويقبلها، وأحسب أني رأيته يضعها على عينيه، ويغمسها في الماء ثم يشربه يستشفي به، ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في حُب الماء، ثم شرب فيها، ورأيته غير مرة يشرب ماء زمزم يستشفي به ويمسح به يديه ووجهه».

غزارة العلم

مخطوطة تعود لكتاب "مسائل الإمام أحمد" لتلميذه أبي داود.
ذاع علم أحمد بن حنبل واشتهر وهو حي يرزق، بل إن علمه بالحديث والأثر ذاع وهو لا يزال شاباً يتلقى العلم ويأخذ عن الشيوخ، وقد قال فيه أحمد بن سعيد الرازي وهو شاب: «ما رأيت أسْودَ الرأس أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلم بفقهه من أحمد بن حنبل»، وقال له شيخه الشافعي: «أنت أعلم بالأخبار الصحاح منا، فإذا كان الخبر صحيحاً فأعلمني حتى أذهب إليه كوفياً كان أو مصرياً أو شامياً»، ورُوي عن الإمام الشافعي أيضاً أنه قال: «ما رأيت أعقل من أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي»، وقال معاصره علي بن المديني: «ليس فينا أحفظ من أبي عبد الله بن حنبل»، وقال أيضاً: «أعرف أبا عبد الله منذ خمسين سنة وهو يزداد خيراً».

وينبغي الذكر أن أحمد بن حنبل كان يعرف اللغة الفارسية ويتكلم بها أحياناً، فقد رُوي أنه قدِم عليه من خراسان ابنُ خالته ونزل عنده، ولما قدَّم له الطعام كان ابن حنبل يسأله عن خراسان وأهلها وما بقي من ذوي أحمد بها، وربما استعجم القول على الضيف، فيكلمه أحمد بالفارسية.

قوة الحفظ
كان أحمد بن حنبل يمتاز بقوة الحافظة، وقد تضافرت الأخبار في ذلك يؤيد بعضها بعضاً، قال ابن حنبل: «كنت أذاكر وكيعاً بحديث الثوري، فكان إذا صلى العشاء خرج من المسجد إلى منزله، فكنت أذاكره، فربما ذكر تسعة أحاديث أو العشرة فأحفظها، فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث: أملِ علينا، فأمليها عليهم فيكتبونها». كما شهد معاصروه بقوة حفظه وضبطه، فقد قيل لمعاصره أبي زرعة: «من رأيت من المشايخ والمحدثين أحفظ؟»، قال: «أحمد بن حنبل». وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبا زرعة يقول: «كان أحمد بن حنبل يحفظ ألفَ ألفِ حديث»، فقيل له: «وما يدريك؟»، قال: «ذاكرتُه فأخذتُ عليه الأبواب».

الصبر
اتصف أحمد بن حنبل بالصبر والجَلَد وقوة الاحتمال، وهذه هي أبرز صفاته، وهي التي أذاعت ذكره ونشرت خبره، وقد كانت هذه الصفة المزاج الذي اختص به الإمام أحمد، فجمع بها بين الفقر والجود والعفة وعزة النفس والإباء، وبين العفو واحتمال الأذى، وهي التي جعلته يحتمل ما يحتمل في طلب العلم، غير وانٍ ولا راضٍ بالقليل منه، يجوب الأقطار ويقطع الفيافي والقفار، راكباً إن أسعفته الحال، وماشياً إن ضاقت النفقة، ولما صار له شأن وتصدى للدرس والإفتاء نزل به البلاء الأكبر والمحنة العظمى، فكانت تلك الصفة هي عهدته، وبها كانت أهبته، فقد صبر وصابر الذين أنزلوا به الأذى، حتى ملوا الأذى ولم يهن ولم يستكن، ولم يستخذلهم ولم يجبهم إلى قولهم.

ومن الأخبار التي تدل على قوة جنانه وثباته أنه دخل على الخليفة في أيام المحنة، بعد أن هولوا عليه لينطق بما ينجيه ويرضيهم، وكانوا قد ضربوا عنق رجلين في حضرته، ولكنه في وسط ذلك المنظر المروع، وقع نظره على بعض أصحاب الشافعي، فسأله: «وأي شيء تحفظ عن الشافعي في المسح على الخفين؟»، فأثار ذلك دهشة الحاضرين، وراعهم ذلك الجنان الثابت، حتى قال خصمه أحمد بن أبي دؤاد متعجباً: «انظروا لرجل هو ذا يُقدم به لضرب عنقه فيناظر في الفقه».

التواضع
كان أحمد بن حنبل متواضعاً متطامناً لعامة الناس، مقيلاً لعثراتهم، وقد حكى عنه تلميذه المروزي فقال: «لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلس أبي عبد الله، كان مائلاً إليهم، مقصراً عن أهل الدنيا، وكان فيه حلم، ولم يكن بالعجول، وكان كثير التواضع، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلم حتى يسأل، وإذا خرج إلى مسجده لا يتصدر، ويقعد حيث انتهى به المجلس».

الهيبة
كان أحمد بن حنبل مهيباً من غير خوف، وموضعاً للإجلال والاحترام من غير رهبة، وكانت له هيبة حتى في نفس أساتذته، فقد كان بعض أساتذته يمزح مع بعض تلاميذه غير عالم بمكان أحمد من المجلس، فلما علم بمكانه لامهم إذ لم ينبهوه على وجوده حتى لا يمزح وهو في حضرته. وكانت الشرطة تهابه أيضاً، أما هيبة تلاميذه له فأعظم من ذلك، فقد قال فيه أحد تلاميذه: «كنا نهاب أن نرد أحمد في الشيء أو نحاجه في شيء من الأشياء»، وقال أحد معاصريه الذين تتلمذوا له: «دخلت على إسحاق بن إبراهيم، وفلان وفلان من السلاطين، فما رأيت أهيب من أحمد بن حنبل، صرت إليه أكلمه في شيء فوقعت علي الرعدة حين رأيته من هيبته»، وقال أبو عبيدة القاسم بن سلام: «جالست أبا يوسف ومحمد بن الحسن ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي فما هبت أحداً منهم ما هبت أحمد بن حنبل».

صفته الشكلية
كان أحمد بن حنبل يوصف بالحُسن، قال أحمد بن العباس بن الوليد النحوي: سمعت أبي يقول: رأيت أحمد بن حنبل رجلاً حسن الوجه، ربعة من الرجال، يخضب بالحناء خضاباً ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود، ورأيت ثيابه غلاظاً إلا أنها بيضاء، ورأيته مُعتمَّاً وعليه إزار. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: خضب أبي رأسه ولحيته بالحناء وهو ابن ثلاث وستين سنة. وكانت تعلوه سكينة ووقار وخشية، وكان نظيفاً في ملبسه، أنيقاً في هيئته في نطاق الحِفاظ على زهده، وقد وصفه تلميذه عبد الملك بن عبد الحميد الميموني بقوله: «ما أعلم أني رأيت أحداً أنظف ثوباً ولا أشد تعاهداً لنفسه في شاربه وشعر رأسه وشعر بدنه ولا أنقى ثوباً وشدة بياض من أحمد بن حنبل».ش
الترتيب:

#4K

0 مشاهدة هذا اليوم

#44K

14 مشاهدة هذا الشهر

#15K

14K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 352.
المتجر أماكن الشراء
زكي الدين عبد الله بن محمد بن عبد الله الخزرجي الحنبلي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث