📘 ❞ آثار ابن باديس ❝ كتاب ــ عبد الحميد بن باديس عمار الطالبي اصدار 1997

التراجم والأعلام - 📖 ❞ كتاب آثار ابن باديس ❝ ــ عبد الحميد بن باديس عمار الطالبي 📖

█ _ عبد الحميد بن باديس عمار الطالبي 1997 حصريا كتاب آثار ابن عن الشركة الجزائرية 2024 باديس: هو الإمام (1307 1358 هجرية) الموافق لـ (4 ديسمبر 1889 16 أبريل 1940) من رجال الإصلاح الوطن العربي ورائد النهضة الإسلامية الجزائر ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عرفت الأسرة الباديسية منذ القدم بإنجابها للعلماء والأمراء والسلاطين وحسب ما يقول Marthe et Edmond Gouvion مؤلفا "كتاب أعيان المغرب الأقصى" والمنشور بمطبعة فوناتانا 1920م ينتمي إلى بيت عريق العلم والسؤدد ينتهي نسبه سلسلة متّصلة ببني الذين جدّهم الأول هو مناد حميد الذي ظهرت علامات شرفه وسيطرته وسط قبيلته حدود القرن الرابع الهجري أصل هذه القبيلة كما المستشرقان ملكانة أو تلكانة وهي فرع أمجاد الصنهاجية أحد القبائل الامازيغية المشهورة دول ومن رجالات المشهورين التاريخ كان الشيخ المعز (حكم: 406 454هـ 1016 1062م) قاوم البدعة ونصر السنة وأعلن مذهب أهل والجماعة مذهبًا للدولة ثم مؤسس الدولة وابن الأمير منصور والي إفريقيا والمغرب الأوسط 373 386 هـ 984 996م) سليل "بلكين زيري المكنى بأبي الفتوح والملقب بسيف العزيز بالله تولى الإمارة (361 971 984م) إبان حكم الفاطمين طلبه للعلم بدأ حياة التعلم الكتاب القرآني محمد المداسي حتى حفظ القرآن عليه ختم وهو ثلاث عشرة عاما يد شدة إعجاب بجودة حفظه وحسن سلوكه قدمه ليصلي بالناس التراويح رمضان بالجامع الكبير سنتين ثلاثا وتلقى مبادئ العلوم العربية والإسلامية بجامع سيدي المؤمن مشايخ أجلاء أشهرهم العالم الجليل حمدان الونيسي القسنطيني ابتداء عام 1903 أوائل الشيوخ لهم أثر طيب اتجاهه الديني ولا ينسى أبداً وصية هذا له: "ادرس للعلم لا للوظيفة" بل أخذ عهداً ألا يقرب الوظائف الحكومية الفرنسية في جامع الزيتونة بتونس وفي سنة (1327 1908 م) التحق فأخذ جماعة كبار علمائها الأجلاّء وفي طليعتهم زعيم الفكرية والإصلاحية الحاضرة التونسية العلاّمة «محمّد النخلي القيرواني» المتوفى سنة: (1342 1923 والشيخ الطاهر عاشور (1393 1973 فضلاً مربين آخرين المشايخ تأثير نمو استعداده وتعهّدوه بالتوجيه والتكوين كالبشير صفر وسعد العياض السطايفي ومحمّد القاضي وغيرهم وقد سمحت له الفترة بالاطلاع الحديثة وعلى يجري البلدان إصلاحات دينية وسياسية مصر الشام ممّا لهذا المحيط العلمي والبيئة الاجتماعية والملأزمات المستمرّة لرجال والإصلاح الأثر البالغ تكوين شخصيته ومنهاجه الحياة المدينة المنورة سافر 1913 رحلة طويلة امتدت الحجاز ومنه ومصر لأداء فريضة الحج وزيارة بعض العواصم للاتصال بعلمائها والاطلاع بها معتبرا الرحلة تتمة للدراسة وبعد أداء مناسك والعمرة زار المنورة وأقام أثناء إقامته لقي أستاذه درس مدينة قسنطينة (الشيخ الجزائري) هاجر وتعرف رفقاء مثل : حسين أحمد الفيض أبادي الهندي الوزير التونسي وألقى بحضورهم درسا الحرم النبوي الشريف فأعجبوا به إعجابا شديدا مما لفت الأنظار إليه الأثناء أبدى رغبته البقاء بالمدينة جوار الونيسي) فرحب الأستاذ بهذه الفكرة ورغبه فيها لما يعرف أوضاع بلده لكن لم يوافقه ذلك نصحه بضرورة العودة وطنه لخدمة بلاده ومحاولة إنقاذها هي فيه بما توسم حزم وعزم وصلاح قائلا :إرجع وطنك يا بني فهو بحاجة إليك وإلى أمثالك فالعلماء هنا كثيرون يغنون عنك ولكنهم مستوى وطنيتك وعلمك قليلون بسبب الهمجية التي تحارب الدين واللغة وخدمة الإسلام بلادك أجدر لك وأنفع لها بقائك فاقتنع الشاب بوجهة نظر وقبل نصيحته وقرر الرجوع وخلال قضاها تعرف شاب جزائري سنه عالم وأديب البشير الإبراهيمي المقيم مع والديه أقام معه مدة تعارفا وتحاورا معا شأن الخطة الإصلاحية يجب أن تضبط لعلاج الأوضاع المتردية واتفقا خدمة بلادهما متى عادا إليها " ذكر أنهما يفترقا إقامة بالحجاز فكانا يقضيان الليل كله يحللان ويحددان شروط ووسائل نهضتها " زار بعد مغادرته بلاد واجتمع برجال والأدب وأعلام الدعوة السلفية وزار الأزهر واتصل بالشيخ بخيت المطيعي حاملاً رسالة الونيس وقد جمع الدكتور فيلالي أكثر جوانب سماه: "وثائق جديدة خفية الدراسية" فليراجع للاطلاع العودة الجزائر عاد م واستقر وشرع العمل التربوي صمم فبدأ بدروس للصغار للكبار وكان المسجد المركز الرئيسي لنشاطه تبلورت لديه فكرة تأسيس واهتماماته كثيرة يكتفي يقنع واحدة فاتجه الصحافة وأصدر جريدة المنتقد 1925 شعارها "الحق فوق كل والوطن قبل شيء" أوقفت العدد الثامن عشر؛ فأصدر الشهاب الأسبوعية بث آراءه واستمرت كجريدة 1929 جرائد البصائر والسنة والشريعة والصراط مقولة مالك إمام دار الهجرة: "لا يصلح آخر الأمة إلا صلح أولها" تأسيس الجزائريين وذلك 1931 نادي الترقي بالجزائر العاصمة أول توقف صدور للمجلة شهر شعبان 1328 (سبتمبر 1939) اندلاع الحرب العالمية الثانية وحتى يكتب أي شيء تريده منه الإدارة تأييداً 1936 دعا مؤتمر إسلامي يضم التنظيمات السياسية كافة أجل دراسة قضية وجه دعوته خلال لاديفانس تصدر بالفرنسية واستجابت لدعوته وكذلك الشخصيات المستقلة وأسفر المؤتمر المطالبة ببعض الحقوق للجزائر وتشكيل وفد سافر فرنسا لغرض المطالب ضمن الوفد والإبراهيمي والطيب العقبي ممثلين لجمعية ولكن تستجب لأي مطلب وفشلت مهمة العوامل المؤثرة شخصية باديس لا شك البيئة الأولى كبير الإنسان بلد كالجزائر عندما يتفتح ذهن المسلم معاناته وعن الجهل والاستسلام للبدع فسيكون أقوى البواعث لأصحاب الهمم وذوي الإحساس المرهف القلق يهدأ يحقق لدينه ولأمته يعتبره واجباً النوع وإن بروز كابن بيئة ثرية ذات وجاهة لَهو دليل إحساسه تجاه الظلم والظالمين بإمكانه يكون موظفاً كبيراً ويعيش هادئاً مرتاح البال ولكنه اختار طريق المصلحين تأتي العلمية صقلت وهذبت مناحيه والفضل الأكبر يعود الزيتونية ورحلته والشام حيث المفكرين والعلماء تأثروا بدعوة الوهاب وما نقاء العقيدة وصفائها لمجلة المنار يصدرها رشيد رضا قوي النظر لمشكلات المعاصرة والحلول المطروحة مما شجع وأمضى عزيمته وجود العصبة المؤمنة حوله وصفهم بالأسود الكبار والدعاة أمثال والتبسي والعقبي والميلي عملوا انسجام قلّ يوجد مثله الهيئات الأخرى آثار باديس شخصية غنية الصعوبة حيز ضيق الكتابة الإلمام بكل أبعادها وآثارها؛ مجدد ومصلح يدعو نهضة ويعلم كيف تكون يقول: باديس إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم ورسوله إذا كانت قوّة وإذا منظّمة تفكّر وتدبّر وتتشاور وتتآثر وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرّة متساندة فكر وعزيمة وهو مفسّر فسّر الكريم كلّه خمس وعشرين دروسه اليومية كما شرح موطأ سياسي كتب المجلات والجرائد أصدرها واقع وخاصة وهاجم وأساليبها الاستعمارية وشرح أصول السياسة وقبل المربي عاتقه تربية الأجيال المدارس والمساجد فأنشأ واهتم أهم أعماله يتولى تسيير شؤون ويسهر إدارة مجلة ويتفقد القاعدة الشعبية باتصالاته المستمرة إن عملية نظرية مؤلَّف والأجيال رباها وقود معركة تحرير وقليل العصر الحديث أتيحت فرص التطبيق العملي لمبادئهم لابن ؛ فرشيد يحلم بمدرسة للدعاة حلمه يتحقق ونظرية التربية أنها بد تبدأ الفرد فإصلاح الأساس طريقته توعية النشء بالفكرة الصحيحة اتفاقهما المدينة: «كانت الطريقة اتفقنا عليها نتوسع وإنما نربيه صحيحة» ينتقد مناهج التعليم سائدة حين تلقيه والتي تهتم بالفروع والألفاظ فيقول: باديس واقتصرنا قراءة الفروع الفقهية مجردة بلا جافة حكمة وراء أسوار الألفاظ المختصرة تفني الأعمار الوصول إليها أما إنتاجه مقالاته (الشهاب) وغيرها التّفسير والحديث يصلنا كتبه ألقاه دروس جُمع نشر افتتاحيات تحت عنوان «مجالس التذكير كلام الحكيم الخبير» بإشراف الصالح وتوفيق شاهين الدّكتور أملاه الأصول نقلا تلميذيه: صالح بالغربي وقدمه عنوان: "مبادئ الأصول" إن محفوظ المختار فال الشنقيطي قد نظمه متنا ليسهل والاستفادة وسماه: "جواهر الدرر نظم الأبر" ومما أيضا آثاره «العقائد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية» برواية وتعليق وتقديم التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين علم يتناول سير الأعلام الناس عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والقادة شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع اهتم بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم عهد الرسول صلى الله وسلم بزمن يسير حرص حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر التشريع حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق بالحديث أولا الآثار المروية الصحابة والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد قال: «جاء بشير العدوي عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول يأذن لحديثه ينظر فقال: مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ فقال عباس: إنا كنا مرة سمعنا رجلا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا فلما ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر ضرورة معرفة الرجال ناقلي حال نقلة النبوية وذلك ينبني المعرفة قبول والتعبد لله تعالى رد تلك والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع فلا يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه وممن سمع سِنِيِّ هم عنهم (من منهم حدث عنه سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل كثير الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال عدد الحاضرين عنده؟ الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم متعلّقة الباب منها تفرّدته باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
آثار ابن باديس
كتاب

آثار ابن باديس

ــ عبد الحميد بن باديس عمار الطالبي

صدر 1997م عن الشركة الجزائرية
آثار ابن باديس
كتاب

آثار ابن باديس

ــ عبد الحميد بن باديس عمار الطالبي

صدر 1997م عن الشركة الجزائرية
عن كتاب آثار ابن باديس:


هو الإمام عبد الحميد بن باديس (1307-1358 هجرية) الموافق لـ (4 ديسمبر 1889 - 16 أبريل 1940) من رجال الإصلاح في الوطن العربي ورائد النهضة الإسلامية في الجزائر، ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

عرفت الأسرة الباديسية منذ القدم بإنجابها للعلماء والأمراء والسلاطين. وحسب ما يقول Marthe et Edmond Gouvion مؤلفا "كتاب أعيان المغرب الأقصى" والمنشور بمطبعة فوناتانا في الجزائر 1920م، ينتمي ابن باديس إلى بيت عريق في العلم والسؤدد ينتهي نسبه في سلسلة متّصلة ببني باديس الذين جدّهم الأول هو مناد بن حميد بن باديس الذي ظهرت علامات شرفه وسيطرته في وسط قبيلته في حدود القرن الرابع الهجري.

أصل هذه القبيلة كما يقول المستشرقان من ملكانة أو تلكانة وهي فرع من أمجاد القبيلة الصنهاجية أحد القبائل الامازيغية المشهورة في دول المغرب العربي.

ومن رجالات هذه الأسرة المشهورين في التاريخ كان الشيخ المعز بن باديس (حكم: 406-454هـ/1016-1062م) الذي قاوم البدعة ونصر السنة وأعلن مذهب أهل السنة والجماعة مذهبًا للدولة، ثم مؤسس الدولة الصنهاجية وابن الأمير باديس بن منصور والي إفريقيا والمغرب الأوسط (حكم: 373-386 هـ/984-996م) سليل الأمير "بلكين بن زيري بن مناد المكنى بأبي الفتوح والملقب بسيف العزيز بالله الذي تولى الإمارة (361-373 هـ/971-984م) إبان حكم الفاطمين.

طلبه للعلم
بدأ حياة التعلم في الكتاب القرآني على الشيخ محمد المداسي حتى حفظ القرآن عليه، ختم عبد الحميد بن باديس حفظ القرآن وهو ابن ثلاث عشرة عاما على يد الشيخ محمد المداسي ومن شدة إعجاب الشيخ بجودة حفظه، وحسن سلوكه، قدمه ليصلي بالناس التراويح في رمضان بالجامع الكبير سنتين أو ثلاثا، وتلقى مبادئ العلوم العربية والإسلامية بجامع سيدي عبد المؤمن على مشايخ أجلاء من أشهرهم العالم الجليل الشيخ حمدان الونيسي القسنطيني ابتداء من عام 1903 وهو من أوائل الشيوخ الذين كان لهم أثر طيب في اتجاهه الديني، ولا ينسى ابن باديس أبداً وصية هذا الشيخ له: "ادرس العلم للعلم لا للوظيفة"، بل أخذ عليه عهداً ألا يقرب الوظائف الحكومية الفرنسية.

في جامع الزيتونة بتونس
وفي سنة (1327 هـ - 1908 م) التحق الشيخ عبد الحميد بجامع الزيتونة، فأخذ عن جماعة من كبار علمائها الأجلاّء، وفي طليعتهم زعيم النهضة الفكرية والإصلاحية في الحاضرة التونسية العلاّمة «محمّد النخلي القيرواني» المتوفى سنة: (1342 هـ - 1923 م)، والشيخ محمد الطاهر بن عاشور المتوفى سنة: (1393 هـ - 1973 م)، فضلاً عن مربين آخرين من المشايخ الذين كان لهم تأثير في نمو استعداده، وتعهّدوه بالتوجيه والتكوين، كالبشير صفر، وسعد العياض السطايفي، ومحمّد بن القاضي وغيرهم، وقد سمحت له هذه الفترة بالاطلاع على العلوم الحديثة وعلى ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من إصلاحات دينية وسياسية، في مصر وفي الشام وغيرهم، ممّا كان لهذا المحيط العلمي والبيئة الاجتماعية، والملأزمات المستمرّة لرجال العلم والإصلاح الأثر البالغ في تكوين شخصيته ومنهاجه في الحياة.

في المدينة المنورة
سافر الإمام عبد الحميد بن باديس عام 1913 في رحلة طويلة امتدت إلى الحجاز ومنه إلى الشام ومصر، لأداء فريضة الحج وزيارة بعض العواصم للاتصال بعلمائها والاطلاع على ما يجري بها، معتبرا هذه الرحلة تتمة للدراسة. وبعد أداء مناسك الحج والعمرة زار المدينة المنورة وأقام بها، وفي أثناء إقامته بها لقي أستاذه الأول الذي درس عليه في مدينة قسنطينة (الشيخ حمدان الونيسي الجزائري) الذي هاجر إلى المدينة المنورة وأقام بها، وتعرف على بعض العلماء ومن رفقاء أستاذه مثل : الشيخ حسين أحمد الفيض أبادي الهندي، والشيخ الوزير التونسي، وألقى بحضورهم درسا في الحرم النبوي الشريف، فأعجبوا به إعجابا شديدا مما لفت الأنظار إليه. وفي هذه الأثناء أبدى رغبته في البقاء بالمدينة المنورة إلى جوار أستاذه (الشيخ الونيسي) فرحب الأستاذ بهذه الفكرة ورغبه فيها، لما يعرف من أوضاع بلده. لكن الشيخ حسين أحمد الهندي لم يوافقه على ذلك، بل نصحه بضرورة العودة إلى وطنه لخدمة بلاده ومحاولة إنقاذها مما هي فيه، بما توسم فيه من حزم وعزم وصلاح، قائلا له :إرجع إلى وطنك يا بني فهو بحاجة إليك وإلى أمثالك، فالعلماء هنا كثيرون، يغنون عنك، ولكنهم في وطنك وفي مستوى وطنيتك وعلمك قليلون بسبب الهمجية الفرنسية التي تحارب الدين واللغة وخدمة الإسلام في بلادك أجدر لك وأنفع لها من بقائك هنا. فاقتنع الشاب عبد الحميد بن باديس بوجهة نظر هذا الشيخ، وقبل نصيحته وقرر الرجوع إلى الوطن. وخلال الفترة التي قضاها في المدينة المنورة تعرف إلى شاب جزائري في مثل سنه عالم وأديب، هو الشيخ العالم الجليل محمد البشير الإبراهيمي المقيم مع والديه في المدينة المنورة، أقام معه مدة تعارفا فيها وتحاورا معا في شأن الخطة الإصلاحية التي يجب أن تضبط لعلاج الأوضاع المتردية في الجزائر، واتفقا على خدمة بلادهما متى عادا إليها.

" وقد ذكر الشيخ الجليل الإمام الكبير محمد البشير الإبراهيمي أنهما لم يفترقا مدة إقامة الإمام عبد الحميد بن باديس بالحجاز، فكانا يقضيان الليل كله يحللان أوضاع الجزائر، ويحددان شروط ووسائل نهضتها ".

زار ابن باديس بعد مغادرته الحجاز بلاد الشام ومصر واجتمع برجال العلم والأدب وأعلام الدعوة السلفية، وزار الأزهر واتصل بالشيخ بخيت المطيعي حاملاً له رسالة من الشيخ الونيس.

وقد جمع الدكتور عبد العزيز فيلالي أكثر جوانب هذه الفترة من حياة الشيخ بن باديس في كتاب سماه: "وثائق جديدة عن جوانب خفية في حياة الإمام عبد الحميد بن باديس الدراسية" فليراجع للاطلاع أكثر.

العودة إلى الجزائر
عاد ابن باديس إلى الجزائر عام 1913 م واستقر في مدينة قسنطينة، وشرع في العمل التربوي الذي صمم عليه، فبدأ بدروس للصغار ثم للكبار، وكان المسجد هو المركز الرئيسي لنشاطه، ثم تبلورت لديه فكرة تأسيس جمعية العلماء المسلمين، واهتماماته كثيرة لا يكتفي أو يقنع بوجهة واحدة، فاتجه إلى الصحافة، وأصدر جريدة المنتقد عام 1925 م وكان شعارها "الحق فوق كل أحد والوطن قبل كل شيء" ثم أوقفت بعد العدد الثامن عشر؛ فأصدر جريدة الشهاب الأسبوعية ، التي بث فيها آراءه في الإصلاح، واستمرت كجريدة حتى عام 1929 م ثم جرائد البصائر والسنة والشريعة والصراط ، وكان شعارها مقولة الإمام مالك إمام دار الهجرة: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".

تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
وذلك في سنة 1931 في نادي الترقي بالجزائر العاصمة. أول توقف صدور للمجلة في شهر شعبان 1328 هـ (سبتمبر 1939) بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، وحتى لا يكتب فيها أي شيء تريده منه الإدارة الفرنسية تأييداً لها، وفي سنة 1936 م دعا إلى مؤتمر إسلامي يضم التنظيمات السياسية كافة من أجل دراسة قضية الجزائر، وقد وجه دعوته من خلال جريدة لاديفانس التي تصدر بالفرنسية، واستجابت أكثر التنظيمات السياسية لدعوته وكذلك بعض الشخصيات المستقلة، وأسفر المؤتمر عن المطالبة ببعض الحقوق للجزائر، وتشكيل وفد سافر إلى فرنسا لغرض هذه المطالب وكان من ضمن هذا الوفد ابن باديس والإبراهيمي والطيب العقبي ممثلين لجمعية العلماء، ولكن فرنسا لم تستجب لأي مطلب وفشلت مهمة الوفد.

العوامل المؤثرة في شخصية ابن باديس
لا شك أن البيئة الأولى لها أثر كبير في تكوين شخصية الإنسان، وفي بلد كالجزائر عندما يتفتح ذهن المسلم على معاناته من فرنسا، وعن معاناته من الجهل والاستسلام للبدع-فسيكون هذا من أقوى البواعث لأصحاب الهمم وذوي الإحساس المرهف على القلق الذي لا يهدأ حتى يحقق لدينه ولأمته ما يعتبره واجباً عليه، وكان ابن باديس من هذا النوع. وإن بروز شخصية كابن باديس من بيئة ثرية ذات وجاهة لَهو دليل على إحساسه الكبير تجاه الظلم والظالمين، وكان بإمكانه أن يكون موظفاً كبيراً ويعيش هادئاً مرتاح البال ولكنه اختار طريق المصلحين.

تأتي البيئة العلمية التي صقلت شخصيته وهذبت مناحيه والفضل الأكبر يعود إلى الفترة الزيتونية ورحلته الثانية إلى الحجاز والشام حيث تعرف على المفكرين والعلماء الذين تأثروا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما دعا إليه من نقاء العقيدة وصفائها. وكان لمجلة المنار التي يصدرها الشيخ رشيد رضا أثر قوي في النظر لمشكلات المسلمين المعاصرة والحلول المطروحة.

مما شجع ابن باديس وأمضى عزيمته وجود هذه العصبة المؤمنة حوله-وقد وصفهم هو بالأسود الكبار-من العلماء والدعاة أمثال الإبراهيمي والتبسي والعقبي والميلي. وقد عملوا معه في انسجام قلّ أن يوجد مثله في الهيئات الأخرى.


آثار ابن باديس

شخصية ابن باديس غنية ثرية ومن الصعوبة في حيز ضيق من الكتابة الإلمام بكل أبعادها وآثارها؛ فهو مجدد ومصلح يدعو إلى نهضة المسلمين ويعلم كيف تكون النهضة. يقول:

عبد الحميد بن باديس إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوّة، وإذا كانت لهم جماعة منظّمة تفكّر وتدبّر وتتشاور وتتآثر، وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرّة، متساندة في العمل عن فكر وعزيمة.

وهو عالم مفسّر، فسّر القرآن الكريم كلّه خلال خمس وعشرين سنة في دروسه اليومية
كما شرح موطأ مالك خلال هذه الفترة،وهو سياسي كتب في المجلات والجرائد التي أصدرها عن واقع المسلمين وخاصة في الجزائر وهاجم فرنسا وأساليبها الاستعمارية وشرح أصول السياسة الإسلامية،
وقبل كل هذا فهو المربي الذي أخذ على عاتقه تربية الأجيال في المدارس والمساجد، فأنشأ المدارس واهتم بها، بل كانت من أهم أعماله، وهو الذي يتولى تسيير شؤون جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ويسهر على إدارة مجلة الشهاب، ويتفقد القاعدة الشعبية باتصالاته المستمرة.

إن آثار ابن باديس آثار عملية قبل أن تكون نظرية في كتاب أو مؤلَّف، والأجيال التي رباها كانت وقود معركة تحرير الجزائر، وقليل من المصلحين في العصر الحديث من أتيحت لهم فرص التطبيق العملي لمبادئهم كما أتيحت لابن باديس ؛ فرشيد رضا كان يحلم بمدرسة للدعاة، ولكن حلمه لم يتحقق، ونظرية ابن باديس في التربية أنها لا بد أن تبدأ من الفرد، فإصلاح الفرد هو الأساس.

طريقته في التربية هي توعية هذا النشء بالفكرة الصحيحة كما ذكر الشيخ الإبراهيمي عن اتفاقهما في المدينة: «كانت الطريقة التي اتفقنا عليها سنة 1913 في تربية النشء هي ألا نتوسع له في العلم وإنما نربيه على فكرة صحيحة».

ينتقد ابن باديس مناهج التعليم التي كانت سائدة حين تلقيه العلم والتي كانت تهتم بالفروع والألفاظ - فيقول:

عبد الحميد بن باديس واقتصرنا على قراءة الفروع الفقهية، مجردة بلا نظر، جافة بلا حكمة، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة، تفني الأعمار قبل الوصول إليها
.

أما إنتاجه العلمي فهو ما جمع بعد من مقالاته في (الشهاب) وغيرها ومن دروسه في التّفسير والحديث لم يصلنا كل ما كتبه أو كل ما ألقاه من دروس في التّفسير والحديث.

وقد جُمع ما نشر في مجلة الشهاب من افتتاحيات تحت عنوان «مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير» بإشراف محمد الصالح رمضان، وتوفيق شاهين. وقد جمع الدّكتور عمار الطالبي ما أملاه الشيخ في الأصول نقلا عن تلميذيه: الشيخ محمد العربي والشيخ صالح بالغربي، وقدمه تحت عنوان: "مبادئ الأصول" ، ثم إن الشيخ محمد بن محفوظ بن المختار فال الشنقيطي قد نظمه متنا ليسهل حفظه والاستفادة منه وسماه: "جواهر الدرر في نظم مبادئ أصول بن باديس الأبر" ،
ومما حفظ أيضا من آثاره كتاب «العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية» برواية وتعليق الشيخ محمد صالح رمضان وتقديم الشيخ محمد البشير الإبراهيمي.
الترتيب:

#5K

1 مشاهدة هذا اليوم

#4K

112 مشاهدة هذا الشهر

#2K

62K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 507.
المتجر أماكن الشراء
عبد الحميد بن باديس عمار الطالبي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
الشركة الجزائرية 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث