█ ألم يمر عليكِ اعترافها؟ "نعم كان ثمة رجل اسمه غسان كنفاني وكان له وجه طفل وجسد عجوز عينان من عسل وغمازة لم يكن فيه الخارج ما يشبه صورة البطل التقليدية والأبطال الحقيقيون يشبهون الرجال العاديين رقة وحزنًا " ما زلتَ تدافع عنها رغم تهاوي أدلتك! أخبرني الذي جعلك تتعلق بتلك القصة التي تراها مثالية وتحتذى؟ نظرتُ عمق عينيها يا ليت لي امرأة تحبني كما أحبت غادة السمان كنفاني! هذه أمنية مكتومة عنيزة نفوس كثير الذين يعادون ويقفون ضدها ويشوهونها ويجرمونها وفي نساء كثيرات يكاد خوفهن يأكلهنّ ويحولهنّ إلى مسوخٍ لم تستطع أن تمنع ضحكها ساخرة ًمني وماذا بعد سفير ذكورية وحامل لواء أمانيهم؟ متجاوزاً سخريتها اللاذعة لقد تمنيتُ كثيرًا تكتبَ عني المرأة أحبها كتبت وتكتب عن كم أتمنى تبادر تلك وأن تنشر رسائلي لها الرسائل اشتهيتها فيها وأخبرتها أحلامي بها ماذا فعلنا الليالي المجنونة لنفعل نستطع فعله أرض الواقع حاولت تخفي معالم ثورتها قائلةً: ألا تتفضل بقراءة الرسالة أوردتها كتاب الرسائل؟ تبقين أنت حبيبتي مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ - هذه شخصية نرجسية بامتياز يا جاسمين.
- نعم هذا ما أدركته لاحقًا، فهو من النوع الذي يحتاج إلى شخصيةٍ تافهةٍ تتبعه وكأنها خُلقت لتكون يدين لا تتقنان سوى الانبطاح له والتصفيق الحاد والمستمر دون توقف، وإغراقه بطوفانٍ عارمٍ من عباراتِ الثناءِ والشكر ِالدائمِ، والشعورِ بالثناء والامتنان له حتى على أتفه الأمور، وذلك لإرضاء ذاته وغروره المتواصل.
- وهل تعلمتِ من التجربة يا جاسمين؟
- ابتسمتُ ابتسامةً باهتةً يضمدها التعافي..ما دمتُ أحكي لكِ الآن، فاعلمي أني أكملتُ مراحل الشفاء، وتجاوزت نفقه المظلم.. تعلمتُ الخلاصَ من العلاقات السامة؛ تلك التي كانت تنتشي بالتقليلِ مني أو إحداثِ ثقوبٍ من السلبية والخيبات في سفينة إبحاري نحو التفوق والنجاح، أو حين تستميتُ كي ترفعَ أعلامَ الفشلِ الكئيبةِ على ساريةِ صروحِ نجاحاتي في الحياة.
- كعادتها الهزلية، يا واش يا واش، حكيم روحاني حضرتك!
- لا أنكر أنها تنجحُ في كلِ مرةٍ في إخراجي من أحلك أوقات حزني بطريقة هزلية لا يجاريها فيها أحد.
- قالت: دعيني أتفقُ معكِ يا جاسمين..لا أخفيكِ أني تعلمتُ منكِ الكثيرَ؛ تعلمتُ ألا بطولة في مواجهةِ الكائناتِ السامةِ، بل الحكمة في الابتعاد، فمجاملة الأفاعي جريمة.
- نظرتُ إليها نظرةً حانية في محاولة لإنهاء هذه الحديث الذي يُقلّبُ عليّ أوجاعًا، والتي أتحاشى ذكرها، فأجبتها . ❝
❞ قررتُ أن أُنهي هذا الحوار العبثيّ قبل أن يبدأ، هذا موضوع مات قبل أن ينثرَ ما في رحمه على أرضِ الحياةِ، فيُخلّف مزيدًا من الأوجاع والمسوخ والعلاقات السامة التي تُعَجّلُ برحيلنا قبل الأوان بأوان.
- في محاولة سريعة منها كي تخفف من حدة انفعالي .. مسوخ كمسوخ الزومبي، تلك الجثة المتحركة التي أثارتها وسائل سحرية من الساحرات؟
- انتزعت يدي من قبضتها لمغادرة المكتبة متعللةً بموعدي مع أمي كي نزور طبيبها.
- بطريقتها المعتادة وتدخلها في تفاصيل حياتي من خلال مظلة الحب وعهود الصداقة السليمانية.. سأتركك الآن على أن تخبريني غدًا.
- ضحكت منها، غدًا صديقتي اللدود، ولكن عذرًا، فهذا حديثٌ أمره يطولُ وأنا الليلة مشغولٌ.
وكعادتها وذهنها الحاضر لم تترك لي اقتباسي لتلك الجملة من البرنامج الإذاعي ˝ أنا وصديقي الفيلسوف ˝ بصوت الإذاعي سعد الغزاوي ردًا على الممثلة سميرة عبد العزيز، فباغتتني بتقليدها لصوت الممثلة زوزو نبيل بصوتها الذي لا تخطئه أذن في حلقات ألف ليلة وليلة عبر أثير الإذاعة المصرية العتيقة حين ينقذها ضياءُ الفجر من سيف شهريار.. ˝ مولاي ˝ . ❝
❞ - وكأني أحتمي بها منها.. ˝ أشعرُ بحاجة لا توصف، لا يصدقها العقل، إليكِ أشعر بجوع إلى صدرك، بنهمٍ إلى وجهك ويديكِ ودفئك وفمك وعنقك، إلى عينيك..بنَهَم إليكِ أشعر بجوعٍ وحشيٍّ إلى أخذكِ إلىّ.. احتضانك واعتصارك وإعطائك كل ما فيّ من حاجةٍ إلى أخذ الرعشةِ الإلهيةِ وإعطائها، كياني كله تحفز إليك، إنك تُخيّلين علىّ أفكاري وتلتهمينني˝.
- لم أستطع كتم غيظي هذه المرة واندفعت اندفاع المنتصر....هذه الرسالة ليست لغسان كنفاني.
- صدقت يا علاء، ولكنها موجهة لغادة.
- ماذا تقصدين؟
- هل قرأت كتاب رسائل.....؟
- قاطعتها، عن ظهر قلب.
- لا تتعجل يا حبيبي، هل قرأت كتاب رسائل أنسي الحاج إلى غادة السمان، والذي صدر عنها سنة 2017؟
- لم أتحمل هذه المرة وقع الخبر، هل تقصدين أن هذه الرسالة الفاضحة أرسلها لها عاشق آخر؟
- نعم وأكثر من ذلك، غادة كاتبة جريئة لذلك لا أستغربُ لو نشرت صورًا حميمةً، فكتاباتها تدل أنها لم تكن تخجل من شيءٍ وهي صغيرة، والآن أيضًا لا تخجل من ذلك وهي كبيرة.. وبالرغم من أنه ليس للرسائل محتوى مهم، فهي كرسائل المراهقين، لكني أعتبرها خيانة أمانة ممن أحبها وأهداها مشاعره برسائل يُفترضُ أن لا يشعر بها غيرها . ❝