اعتداء ألقى في وجهها باقات الورد، بادلته بعقود من... 💬 أقوال محمد كامل محمد حامد 📖 قصة محاولة ناجحة

❞ سقوط
تظاهرت بالبراءة، دعته إلى مجالستها، سكبت سمومها بين الكلمات المعسولة، لم يدرك حقيقتها، اعتاد أن يمكث غائبًا بين يديها، منحته المزيد، ازداد انجذابًا إليها، ذلت قدماه وهوى إلى القاع. ❝ ⏤محمد كامل محمد حامد

❞ قراءة فى أشعار د/ عصام أبو الدهب

:

لايخفى علينا جميعا أن الشعر الأقرب إلى الناس والأصدق في التعبير عما حوله وشعر العامية المصرية ذو أثربالغ فى حركة الشعر الحديث فضلا عن تأثيره الاجتماعى الواسع وهناك الكثير من شعراء العامية من لم يحظى بالأضواء التي حظي بها أخرين وفي رأيي أن ذلك يعود إلى أسباب عديدة كان أهمها عدم تفرغ هؤلاء للكتابة نتيجة إنشغالهم باهتمامات متعددة بالإضافة لطابع السرعة الذي جعل تجربتهم فى أعينهم وأعين البعض منا تجربة غير مكتملة وعدم اهتداء بعضهم إلى ما اهتدى إليه السابقون من حسن اختيار موضوع الكتابة والدقة فيه كما كان يصنع الرواد من أسلافهم مع العلم بأن جيل الرواد كانت لديه عيوب أيضا مثلما كانت لديه مميزات . وبين يدى الأن أربعة دواوين من الشعر العامى لشاعر العامية الأستاذ ( عصام أبو الدهب ) عضو نادى أدب شربين الدقهلوى . وترتيب الدواوين كالأتى كما فى هذه القراءة «درويش – عزف على أوتار الحب والألم – أيا قلبى – مكتوب عليا »
*ولنبدأ بعناوين الدواوين الأربعة
فأول ما يستوقفنا فى الدواوين الشعرية بصفة عامة كان هو العنوان فالعنوان هو عتبة الولوج للنص وقد أطلق شاعرنا على الديوان الأول عنوان ( درويش ) والدرويش هو العابد الزاهد ومريد الطرق الصوفية المتجول المتقشف عن اقتناع ورضا و إيمان وربما اختار شاعرنا ( عصام ابوالدهب ) هذا العنوان لأنه يرى الدرويش رمزا إيجابيا ومفيدا في أحيانا كثيرة ويراه إنسانا ذو رؤية بسيطة عن الحياة والناس فكتب ديوانه هذا كدرويش من الناحية الانسانية والأخلاقية . وأما ديوانه الثانى (عزف على أوتار الحب والألم ) فقد حمل عنوانا جميلا مفعما وله دور مهم فى استمالة المتلقي ليتجاوب وجدانيًّا مع قصائده التى سعى مجتهدا لتقديمها لنا وكأنها معزوفات ندية على أوتار من الحب والألم فالحياة عنده معزوفات لا تتوقف ولايمل من عزفها ووتر الحب فى قصائده له نتيجته واحدة هي السعاده والراحه فهو الأساس التي تتصاعد عليها كافة الأوتار الاخرى وأما وترألمه فيا له من وخزاتٍ في المشاعرقد تظل مدمية وحادة فى كتاباته . وأما ديوانه الثالث ( أيا قلبى ) فهو عنوان قديم مستهلك استهلكة العديد من الشعراء من قبل كان أشهرهم على الإطلاق ( أبو فراس الحمدانى ) وقد اختار ( عصام ابوالدهب ) هذا العنوان لما فيه من حميمة تجمع بين اثنين وتربط بين قلبين ولأن هذا النداء لفظ شاعري يضفي على قصائده روعة ويضيف لها عاطفة وهذ دليل كبير على التلهف والوجد والشوق إلى القرب . وديوانه الرابع اختار له عنوان ( مكتوب عليا ) دعوة منه للتسليم للمكتوب علينا فالتسليم هو السبب المباشر لزيادة التدين للعبد ورفع درجته وتزكيته عند مولاه . وكان اختيار شاعرنا لتلك العناوين اختيارا موفقا كما كان البعد الوجداني في لحظة اختيار الشاعر لعنوان ديوانه لا ينفصل عن البعد الوجداني لكتابة قصائده .
*وأما الإهداء فى دواوينه الأربعة
فقد كان ركنا مهما من كل ديوان وفي نفس الوقت كان مساحةُ تواصل بين الشاعر والمتلقى ففى ديوانه الأول ( درويش ) أهداه قائلا
( إلى روح والدتى . . . إلى زوجتى وأبنائى الأعزاء ) حرصا منه على رد الجميل من خلال كتابة هاتان العبارتان اللتان تسترعيان الانتباه كونهم رموزا لها تأثير في حياته . كما كان الإهداء فى ديوانه الثانى (عزف على أوتار الحب والألم ) فيه شيئا من الرضا عن المحيطين به طالبا منهم أن يذكروه بالخير دائما فى رحاب مصر الجميله المعشوقة حيث قال (إلى القلوب الطيبة . . . إلى أحبابى وأصحابى . . .إلى من سيذكروتى بالخير حيا وميتا . . . إلى مصر الجميلة عشقى ) وأما ديوانه الثالث ( أيا قلبى ) فقد أهداه قائلا (إلى حروف اللغة العربية التى استوعبت مشاعرى . . . أحلامى . . . أحزانى . . . أفراحى ) اعترافا منه بعذوبة وجمال لغتنا الجميلة التى منحته مساحة واسعة من الكتابة لتستوعب مشاعره وأحاسيسه وهو إهداء عذب يمتلك رشاقة خاصة يستميل النفس ويخطف وجدان وفكر كل من يقرأه . وأما إهداء الديوان الرابع ( مكتوب عليا ) فكان كالأتى (إلى الأرواح الطيبة . . . إلى النفوس الراقية . . . إلى القلوب الصافية ) وفيه تظهر روحه وإنسانيته .
* القصائد
وأما قصائد الدواوين الأربعة للشاعر ( عصام ابوالدهب ) فأغلبها قصائد مشغولة بهموم حياتيه وطموحات مستقبلية فتراوحت بين قصائد للحب وقصائد للوطنية وأغان أخرى خفيفة تعبر عن مواقف معينة ومكنون نفسي تجاه ذلك المواقف كتبها بفطرته معبرا عن مرارة الحياة بلا حب فيعلنها بكل عفوية من خلال تلك الكلمات البسيطة المعبرة فكل قصيدة في الدواوين الأربعة تحمل رسالة معينة وتفسر شعورا خاصا فهو يمتلك قدرة شاعرية في حشد واختزال الأفكار واستلهام الموروث الثقافي مما يمكنه من تقديم لحظاته الإنسانية بسهوله .
فديوانه الأول ( درويش ) حوى مجموعة من القصائد الجميلة ومنها (أمى – الدنيا زحمة – درويش – صبح الصباح – العشق بالنظر – يا ام الشهيد البطل – ليه حزين ) ولنختار قصيدة ( درويش ) وفيها يقول (نفسى أبقى درويش وادروش / واتوه فى ملكوته / أزهد الدميا / واتصوف / ألف وادور / على بيوته / أزور الكعبة واطوف / ألبى الندا لبيته )
وهى قصيدة تقوم بالتركيز على موضوع واحد وهو الدروشة والتغني بها وقد رغب شاعرنا من خلالها فى أن يصبح درويشا متصوفا زاهدا فى الدنيا تائها فى ملكوت الله عزوجل متمنيا زيارة الكعبة المشرفة والروضة الشريفة بزاده المتمثل فى صلاته على النبى محمد عليه الصلاة والسلام راجيا من دموع الندم أن تغسل ذنوب الزمن وأن تنزل دموع الفرح لينشرح قلبه وهو متعلق بشبابيك قبر النبى محمد عليه الصلاة والسلام . كما كشف الشاعر من خلال كلماتها عن مدى هذا التعلّق من خلال الثبات على رغبته فى الدروشه إلا أنه تفرع إلى تقاليد شبه راسخة تتعلق بالدروشه .
وأما ديوانه الثانى ( عزف على أوتار الحب والألم) فقد حوى مجموعة من القصائد الجميلة أيضا ومنها (مدينتى – رباعيات القناة – افتح شبابيك – باعشقك )
ولنقف مع (رباعيات القناة ) وأعدها ملحمة تاريخية سرد ( عصام ابوالدهب ) من خلالها قصة قناة السويس منذ حفرها فى عهد (سعيد باشا ) حتى عودة الملاحة فيها فى عهد الرئيس السادات عام 1975م . وهى قصيدة تقترب إلى حد كبير من بهجة أغانى السمسمية التى كانت تنشد للقنال والمقاومة الشعبية فى محافظات القنال وتتجاوب قصيدته فى الفكرة أحيانا كثيرة مع ( موال القنال للمبدع الكبير صلاح جاهين ) فالشعر ذاكرة وبوح وانفعالات ومواقف والتاريخ أحداث ووصف وخطب وبعث للمأمول أيضا والشاعر ليس بمعزل عن محيطه وتاريخه الذي يلازمه . وفى هذه الملحمة يقول شاعرنا (مقطف وفاس / كرباج يلسع / فلاح خرسيس / الكل يجمع ) وفيها استلهام الشاعر للموروث الثقافي بأنساقه التاريخية وينم ذلك عن استيعاب الشاعرللموروث الذي يجد تجاوبا وجدانيًا بالغا جميلا حرك به الشاعر ما جمد من ذكريات السخرة والكرباج فى حفر القناة فى بعثه من رقاده وسكونه معززا في هذا المقطع حضور معاناة وطنه من الاحتلال . ثم يواصل ( عصام ابوالدهب ) ملحمته بالتأريخ من خلال أشعاره البسيطة لوضع القناة فى عهد كلا من (إسماعيل وتوفيق ) قائلا (بقت فى / وطنها أسيرة /خيرها رايح / لغيرنا / وبلدنا منه / محرومة ) وهو وصف لوضع القناة المؤسف بعد أن أصبحت أسيرة داخل أرضها لاينتفع بخيرها أبنائها وقوله ( بقت فى / وطنها أسيرة ) كناية عن الوضع المؤسف والحرمان والذي عانى منه الوطن كما أنه استعارة مكنية فقد شبه الحالة التي تحياها القناة كالأسيرة فكانت أكثر قدرة على التعبير . ويواصل شاعرنا التأريخ لينهى هذه الملحمة بقوله (غنى يا بمبوطية / غنى مع كل سفينة / تهدى / تدفع عبورها / وبالسلامة تعدى ) ويقصد هنا عودة الملاحة فيها فى عهد الرئيس السادات عام 1975م مبتهجا بغناء البمبوطية والبمبوطية هم تجار البحر فى بورسعيد الذين يعملون على المراكب مع السفن العابرة في القنال وهم أصحاب طريقه مميزة في الحركة تميزهم عن باقى المهن ومن هنا جاءت أغانى ورقصة البمبوطية التي تشكّل من خلال مجموعة من الحركات والخطوات تجسيداً لهذه الشخصية .
وديوانه الثالث ( أيا قلبى ) فقد حوى مجموعة من القصائد الجميلة أيضا ومنها (صرخات مكتومة – الأمل – يا أرض سمرا – أبدر الحب – قلمى ) وسنتحدث عن إحدى قصائد الديوان وهى قصيدة (صرخات مكتومة ) وفيها يقول (اربع جدران/ والخامس / مسقوف / والضلمة دايرة / بليل ملفوف / وفجر جى من / ورا العتمة / بنهار مكسوف / وروح محبوسة /جوا / نفس مخنوقة / بفيونكه حرير / صرختها مكتومة / وأهاتها لحن / حزين / أفكارها مسنونة بنصل سكين / تداوى مش / بتجرح / تدارى وتمسح / دمعة المساكين / ثورتها لوتخرج / تلاقى من المجاذيب / ملايين ) وهى قصيدة جميلة جسدها ( عصام ابوالدهب ) فى صرخات متتالية يفردمن خلالها لوحة مأساوية يستلهم ألوانها من الواقع المهيمن على جدرانه الخمسة بالظلمة الدائرة بالليل الملفوف مع انتظار الفجر القادم من وراء العتمة يحمل نهارا مكسوفا وروحا محبوسة داخل نفس مخنوقة تتألق بفيونكة من الحرير فى حين أن صرختها مكتومة وأهاتها لحن حزين وأفكارها مسنونة بنصل سكين ورغم ذلك تداوى ولا تجرح وتدارى وتمسح دموع المساكين مؤكدا على على ثورتها التى لوخرجت لسوف تلقى من المريدين الملايين وفيها يصر الشاعر على ملاحقة صرخاته باحثًا عن حظ محتمل في لقطات شعرية مركزة اختزل فيها موقفه من مأساة الحياة ليضع المتلقي لأشعاره في حالة وجدانية بالغة السوداوية في التجاوب مع الواقع إيمانا منه بقضية الدفاع عن الذات حيال عالم هائل مليء بالمخاطر .
وأما ديوانه الرابع الجميل ( مكتوب عليا ) فقد حوى مجموعة من القصائد الجميلة ومنها قصائد ( مكتوب عليا – رسمت حلمى – جاى ليه – تعالوا - ساعة مغربية – توهة – فى لحظة ما ) وقصيدته ( رسمت حلمى ) من أجمل قصائد هذا الديوان وفيها يقول (رسمت حلمى / على كفى / ولون الحلم / كان وردى / بلون يومى / ولون أمسى / شايفاه عيونى / من بدرى / بيندهلى / أخده من إيده / ونخطى / شغلتنى الدنيا / وخدتنى / توهت معاها / ونسيت حلمى / نهار يصبح / وليل يمسى / يجرى العمر ويعدى / والحلم جوايا / واجعنى / تنزل دموعى / على خدى / وانا شايفه / لساه / حبيس يكفى ) وهى حوارية عالية الإيقاع اختزل الشاعرفيها باقة الأحلام التي تراوده واعتمد فيها على عنصر المفاجأة فقد رسم حلمه على كف يده بلون وردى لون أيامه فتوجعه التوهة بنسيان حلمه ومرور العمر مرار الكرام وقد رسم في هذه الأبيات لنفسه حلما جميلًا مع استخدام ألفاظ هادئة تعبر عن حلمه الذى شغلته عنه الدنيا مشغولا بالناس وهمومهم وتمسكه بصدق العاطفة والإحساس في التعبير عما يختلج في قلبه من آلام وأحزان يبثّها لحلمه الموجع .
وفى الختام نتمنى لشاعرنا كل التوفيق والإستمرارية ليكون صاحب تجربة شعرية خاصة مميزة .

. ❝ ⏤Mona Najeeb