❞ الدكتور عصام الدين إبراهيم النقيلي
الشواهد والمتابعات
الشاهد:
الشاهد لغة:
الشاهد وجمعه: شواهِد
, شاهدون
, وأشهاد
, وشُهداءُ
, وشُهَّد
, وشُهُود
, وهو المخبر بحق شخص على غيره عن مشاهدة وعيان لا عن تخمين وحسبان
, والشاهد: الدليل والبرهان[1].
الشاهد اصطلاحًا:
هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظًا ومعنى
, أو معنى فقط
, مع الاختلاف في الصحابي.
ولتوضيح التعريف نقول: إذا ورد الحديث عن صحابي
, ثم ورد نفس الحديث أو معناه عن صحابي آخر
, كان هذا شاهدًا للحديث الأول
, فمثلًا: إذا جاء حديث عن عائشة رضى الله عنها
, ثم ورد نفس الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه
, فإنَّنا نطلق على حديث أبي هريرة شاهدًا لحديث عائشة وحديث عائشة شاهدًا لحديث أبي هريرة.
والشواهد على قسمين:
الأوَّل: أن يشارك الحديث الثاني الحديث الأول في اللفظ والمعنى.
والثَّاني: يشاركه بالمعنى دون اللفظ.
1 - مثال مشاركة الحديث في اللفظ والمعنى:
عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ˝[2].
فهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه: أبو ثِفَال المُري
, قال فيه الذهبي: أبو ثفال المري ليس بعمدة
, وروي مرسلًا بسند فيه مجهول ونحوه بسند فيه مجهول[3]
, وقال ابن ابي حاتم: أبو ثقال مجهول
, ورباح مجهول[4].
فهذا الحديث مع ضعفه الظاهر
, فإنَّه يرتقي إلى الحسن لغيره بكثرة شواهده
, وعلى ما قلت ذهب ابن حجر
, وقال: غريب وله شواهد[5]
, والسيوطي[6]
, والشوكاني
, وقال: حسن وله طرق أخرى[7]
, والألباني
, وقال: حسن لغيره[8]
, والرَّابعي
, وقال: بإسناد ضعيف وفي الباب أحاديث كثيرة في أسانيدها مقال
, وبمجموع الأحاديث يرتقي الحديث إلى درجة الحسن لغيره[9]
, والمباركفوري
, وقال: مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلًا[10]
, وغيرهم...
ومن شواهد هذا الحديث في اللفظ والمعنى:
أ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ˝[11]
, وهو ضعيف؛ لأن في إسناده يعقوب بن سَلمة
, قال فيه ابن حجر العسقلاني: فيه يعقوب بن سلمة هو الليثي مجهول الحال[12]
, وقال البغوي: سلمة الليثي مولاهم
, قال البخاري: ولا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة
, ولا ليعقوب عن أبيه[13]
, وابن حجر قال: فيه الليثي
, قال البخاري: لا يعرف له سماع من أبيه
, ولا لأبيه من أبي هريرة[14]
, وقال الذهبي: شيخ ليس بعمدة[15].
ب - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ˝[16]
, وهو ضعيف؛ لأن في إسناده عبد المهيمن بن عباس وقد ضعَّفه الكثير
, قال فيه البُخارِيّ: عَبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد
, منكر الْحَدِيثِ[17]
, وكذلك ضعَّفه المباركفوري في التحفة[18].
ولا تزال أحاديث أخرى تشهد للحديث الأول يطول ذكرها
, فكلُّ هذه الشواهد
, تقَّوى بها الحديث الأوَّل وارتقى من الضعيف إلى الحسن لغيره.
فهذا مثال على الشاهد لفظًا ومعنى.
2 – مثال على مشاركة الحديث في المعنى دون اللفظ:
حديث ˝إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً
, وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً˝[19]
, وهذا الحديث الأصل فيه الإرسال
, قال الترمذي: هذا حديث غريب
, وقد رواه أشعث بن عبد الملك
, عن الحسن مرسلًا[20].
وسند الحديث فيه سعيد بن بشير وهو ضعيف
, قال فيه الأرنؤوط: في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف
, وعنعنَه الحسن
, وذكر الترمذي أنه ورد مرسلا وقال: هو أصح[21].
وقال أبو محمد الحاكم: سعيد بن بشير ليس بالقوي عندهم
, وقال أبو أحمد بن عدي الجرجاني: يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط والغالب على حديثه الاستقامة والغالب عليه الصدق
, وقال البيهقي: ضعيف
, وذكره العقيلي في الضعفاء[22].
ومن شواهد هذا الحديث بالمعنى:
أ – حديث الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فَقدتُموني فأنا فرَطُكم على الحوضِ
, إنَّ لِكلِّ نبيٍّ حَوضًا
, وَهُوَ قائمٌ على حوضِهِ
, بيدِه عصًا يدعو مَن عرفَ من أمَّتِهِ
, ألا وإنَّهم يتباهونَ أيُّهم أَكثَرُ تبعًا
, والَّذي نَفسي بيدِهِ
, إنِّي لأرجو أن أَكونَ أَكثرَهُم تَبعًا[23]
, قال ابن كثير وهذا مرسل عن الحسن البصري[24].
وقال الألباني: مرسل رجاله رجال الصحيح
, فيه خالد بن خداش وحزم بن أبي حزم فيهما كلام وهو صحيح عن الحسن من طريق أخرى[25].
والصحيح أنَّ خالد بن خداش ليس به بأس وهو من شيوخ مسلم
, قال فيه الرازي: صدوق
, وقال العسقلاني: صدوق يخطئ
, وقال الدارقطني
, ثقة ربما وهم
, وقال الأزدي: لا بأس به
, وقال الواقدي: ثقة
, وقال يحيى بن معين: صدوق
, ومرة ينفرد عن حماد بن زيد بأحاديث
, وفي رواية ابن محرز قال: لا بأس به[26]
, فكما تلاحظ فإنَّ غالب أهل الصنعة أجمعوا على توثيقه إلَّا النَّزر القليل بسبب الوهم غير المطبق عليه أي أحيانا يهم
, وعلى هذا فهو من رجال الحديث الحسن.
وأمَّا حزم بن أبي حزم فقد قال فيه ابن حنبل: شيخ ثقة
, وقال أبو حاتم الرازي: صدوق
, لا بأس به
, هو من ثقات من بقي من أصحاب الحسن
, وقال النسائي: ليس به بأس
, وقال ابن حجر العسقلاني: صدوق يهم
, وقال الدارقطني: ثقة
, وقال الذهبي: ثقة[27].
فكذلك هذا الأخير من رجال الحديث الحسن ولا بأس به
, ولعلَّ سبب من ضعَّف هذا الحديث هو إرسال الحسن البصري.
ب – ومن الشواهد التي تشهد على الحديث بالمعنى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ˝إِنَّ لِي حَوْضًا مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَبْيَضَ مِثْلَ اللَّبَنِ
, آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ
, وَكُلّ نَبِيّ يَدْعُو أُمَّته وَلِكُلِّ نَبِيّ حَوْضٌ
, فَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الْفِئَام وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الْعُصْبَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الْوَاحِدُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الِاثْنَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَأْتِيه أَحَدٌ
, فَيقَال: قَدْ بَلَّغت
, وَإِنِّي لَأَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ˝[28].
وهذا الحديث أيضا فيه عطية العوفي: قال الألباني فيه عطية العوفي ضعيف[29].
وبالطَّبع صححه الألباني رحمه الله تعالى بمجموع طرقه.
وعطيَّة العوفي هو: عطيَّة بن سعد بن جنادة العوفي وكنيته أبو الحسن وهو من الكوفة
, قال فيه النسائي: ضعيف
, وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي ذكر عطية العوفي فقال: هو ضعيف الحديث
, وقال الذهبي: أبو الحسن من مشاهير التابعين ضعيف الحديث[30].
فهذه الشواهد وردت بمعنى الحديث الأول لا بلفظه
, فكما تُلاحظ ألفاظ الأحاديث ليست متطابقة
, ولكنَّ المعنى هو نفسه
, وكما تلاحظ أنَّ أسانيد الأحاديث السابقة ليس فيها متهم بالفسق ولا بالكذب
, بل كل من هو ضعيف في السند تجد ضعفه من قلَّة حفظه أو وهمه
, مع تمام عدالته
, فعلى هذا فإنَّ كل الأحاديث السابقة شهدت لبعضها بالمعنى فتقوَّت وارتقت من الضعيف إلى الحسن لغيره
, فكل الأحاديث السابقة هي حسان.
المتابعة:
المتابعة لغة:
المتابعة بضم الميم وفتح الباء مصدر تابع
, وهي الموالاة[31].
المتابعة اصطلاحًا:
هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظًا ومعنى
, أو معنى فقط
, مع الاتحاد في الصحابي.
فالمتابعة تختلف عن الشاهد في كون المتابعة الصحابي فيها واحد
, أما الشاهد فالصحابي يختلف.
مثال المتابعة: ما رواه الترمذي من طريق شَريك عن المقداد بن شُريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ˝مَنْ حَدَّثَكُم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَالَ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إلا قَاعِدًا˝[32].
قال فيه الألباني: إسناده ضعيف ثم وجدت له متابعا قويًّا
, فصح الحديث لكنه ناف
, وحديث حذيفة مثبت
, والمثبت مقدم على النافي[33].
وهذا الحديث ضعِّف لأنَّ في إسناده ˝شَريك˝ وهو ضعيف من سوء حفظه
, فقد قال فيه ابن القاضي: فيه لين؛ لأن فيه شريكًا القاضي وهو متكلم فيه بسوء الحفظ[34].
وقال الحاكم: ليس بالمتين
, وقال أبو حاتم الرازي: صدوق له أغاليط
, وقال أبو زرعة الرازي: كان كثير الخطأ
, صاحب وهم
, وهو يغلط أحيانًا
, وقال أبو عيسى الترمذي: كثير الغلط والوهم
, وقال الذهبي: العَلاَّمَةُ
, الحَافِظ
, القَاضِي
, أَبُو عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ
, أَحَدُ الأَعْلاَمِ
, عَلَى لِيْنٍ مَا فِي حَدِيْثِهِ[35].
لكن هناك من تابع شريكًا في هذا الحديث
, وهو سفيان الثوري
, فقد جاء الحديث من طريق سفيان الثوري عن المقداد بن شُريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ونصُّه: قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ
, عَنْ سُفْيَانَ
, عَنِ الْمِقْدَامِ
, عَنْ أَبِيهِ
, عَنْ عَائِشَةَ
, قَالَتْ: ˝مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَالَ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقْهُ
, ˝مَا بَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ˝[36].
فلو تلاحظ أنَّ السند تغيَّر فيه شريك فأخذ مكانه سفيان الثوري
, فهذا طريق ثانٍ لهذا الحديث غير طريق شريك
, وإن كان شريك ضعيفا
, فسفيان الثوري لا تخفى على أحد إمامته في الدين
, فالحديث إسناده صحيح على شرط مسلم
, والمقدام وهو ابن شُريح بن هانىء الحارثي المذحجي الكوفي وأبوه من رجال مسلم
, وروى البخاري لهما في ˝الأدب المفرد˝
, وبقية رجاله ثقات وهم رجال الشيخين[37].
فيُحمل الحديث الأوَّل على الثَّاني
, ويتقَّوى به ويكون حسنًا بهذه المتابعة
, وقد تكون المتابعة بالمعنى كما سبق
, أو بالمعنى واللَّفظ
, كما في الأمثلة السابقة في الشواهد.
أنواع المتابعة:
المتابعة نوعان: متابعة تامَّة
, ومتابعة قاصر.
المتابعة التامة:
وهي الحديث المشارك لغيره في اللفظ أو المعنى
, أو بهما معا
, مع الاتحاد في الصحابي مع
, كون المشاركة من أوَّل السند
, أي تحصل المتابعة للراوي نفسه
, فيرويها غيره بنفس سند الراوي الأوَّل.
مثال: ما رواهُ الشَّافعي في الأمِّ
, عن مالِكٍ
, عن عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ
, عن ابنِ عمر
, أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: ˝الشهرُ تِسْعٌ وعِشرون
, فلا تَصوموا حتَّى تَروُا الهِلالَ
, ولا تُفْطِرُوا حتَّى تَرَوْه
, فإنْ غُمَّ عليكم فأَكْمِلوا العِدَّةَ ثلاثين[38].
قال ابن حجر العسقلاني: فهذا الحديث
, بهذا اللفظ
, ظن قوم أن الشافعي تفرَّدَ بهِ عن مالِكٍ
, فعدَّوْهُ في غرائِبِه؛ لأن أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسنادِ بلفظِ: ˝فإن غُمَّ علَيْكُم فاقْدُرُوا له˝
, لكنْ وجَدْنا للشَّافعيَّ متابِعًا
, وهو عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ[39]
, كذلك أَخرجَهُ البُخَارِيّ عنهُ
, عن مالك[40]
, وهذه متابَعَةٌ تامة.
فهنا قد تابع القعني وهو ثقة ثبت عدل
, الشافعي في روايته: عن مالك عن ابن دينار عن ابن عمر
, فرواه القعني بنفس السند عن مالك
, وكانت المتابعة لفظا ومعنى
, إلَّا أنَّ في رواية البخاري زيادة: ˝ليلة˝ بعد قوله: ˝تسع وعشرون˝ فزيادة لفظة ˝ليلة˝ ونكَّر لفظ ثلاثين
, وعند الشافعي معرَّفة
, وهذا لا يعدُّ من كبير الزيادة أو التَّغيير
, فتعدُّ متابعة تامَّة باللفظ والمعنى.
وأمَّا المتابعة القاصرة:
هو الحديث المشارك لغيره في اللفظ أو المعنى
, أو بهما معا
, مع الاتحاد في الصحابي
, مع عدم كون المشاركة أوَّل السند
, أي تحصل المتابعة من شيخ الراوي أو شيخ شيخه.
مثال:
ما رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق عَاصِم بن مُحَمَّدٍ العُمَرِي
, عَنْ أَبِيهِ
, عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ˝الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ثَلَاثِينَ
, وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا
, وَيَعْقِدُ فِي الثَّالِثَة
, فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ˝ وَفِي خَبَرِ ابْنِ فُضَيْلٍ: ˝ثُمَّ طَبَّقَ بِيَدِهِ
, وَأَمْسَكَ وَاحِدَةً مِنْ أَصَابِعِهِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَثَلَاثِينَ˝[41].
وهذه متابعة قاصر لحديث الشافعي السابق
, فلو تلاحظ أنَّ السنَّد مختلف مع أنَّ الصحابي نفسه
, فالأوَّل: عن مالك عن ابن دينار عن ابن عمر.
والثاني: عن عاصم عن أبيه عن ابن عمر.
وهذه المتابعة قاصر وهي بالمعنى
, إذ أنَّ اللفظ اختلف.
وكلُّ ما سبق من بحث وجمع طرق وغيره يسمَّى بالاعتبار.
الاعتبار:
والاعتبار لغة:
هو رد الشيء إلى نظيره بأن يحكم عليه بمثل حكمه[42].
واصطلاحًا:
هو التتبُّع
, والسبر
, والبحث
, والنظر
, والموازنة بين طرق الحديث لتقويته أو عدم ذلك
, وهو نتيجة الاعتبار.
قال العراقي:
الاعتبار سبرك الحديث هلْ
شارك راو غيره فيما حملْ
عن شيخه
, فإن يكن شورك مِنْ
مُعتبرٍ به فتابعٌ وإنْ
شورك شيخه ففوقُ فكذا
وقد يُسمَّى شاهدا ثمَّ إذا
متن بمعناه أتى فالشَّاهدُ
وما خلا عن كلِّ ذا مَفَاردُ[43]
ويجب أن يعلمَ أنَّ منهم من يسمي الشاهد تابعا والتابع شاهدًا
, ومنهم من يسمي الذي بالمعنى سواء بالمتابعة أو بالشواهد شاهدًا
, أو عكسه
, ولكن استقرَّ الاصطلاح على ما ذكرنا سابقًا
, قال السيوطي:
وربَّما يُدعى الذي بالمعنى
متابعًا
, وعكسه قد يُعنى[44]
فائدة الاعتبار:
هو الوقوف على الطرق التي تصلح لتقوية الأحاديث الضعيفة
, أو الحسان
, وما لا يصلح للتقوية
, لذا أحيانًا يقول أهل الحديث: هذا صالح للاعتبار
, وهذا غير صالح للاعتبار
, وكذلك بالاعتبار يُعلم هل هذا الحديث من قبيل المتواتر الذي رواه الجماعة
, أو من قبيل الآحاد
, وهل له طريق واحد فيكون غريبًا
, أو له أكثر من طريق فيكون من قبيل العزيز
, أو المشهور
, وكلُّ هذا لا يكون إلَّا بالاعتبار.
هذا وبالله التَّوفيق وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم.
الهامش
[1] معجم المعاني.
[2] رواه الترمذي 25.
[3] تلخيص العلل المتناهية 114.
[4] علل ابن أبي حاتم 54.
[5] نتائج الأفكار 224/ 1.
[6] الجامع الصغير 9876.
[7] الدراري المضيَّة 42.
[8] صحيح الترغيب والترهيب 200.
[9] فتح الغفار 1/ 85.
[10] تحفة الأحوذي 88/ 1.
[11] رواه أحمد 9213.
[12] الدراية 1/ 14.
[13] شرح السنة 303/ 1.
[14] التلخيص الحبير 107/ 1.
[15] حاشية تهذيب الكمال ج32 ص 335.
[16] رواه ابن ماجه 399.
[17] الكامل في ضعفاء الرجال 46/ 7.
[18] تحفة الأحوذي 6/ 129.
[19] أخرجه الترمذي من حديث سمرة بن جندب 2443.
[20] السابق.
[21] تخريج شرح الطحاوية 281.
[22] الفتن للحافظ أبي عبد الله لنعيم بن حمَّاد ج2 ص330.
[23] البداية والنهاية لابن كثير 371/ 1.
[24] السابق.
[25] السلسلة الصحيحة 119/ 4.
[26] ينظر: سير أعلام النبلاء ج8 ص499
, وتهذيب التهذيب للعسقلاني.
[27] ينظر التعديل والتجريح للباجي
, والجرح والتعديل لأبي حاتي الرازي
, وسؤالات أبي داود 454
, والعلل ومعرفة الرجال لابن حنبل 5950.
[28] رواه ابن ماجه 3489.
[29] السابق نفسه.
[30] يُنظر الضعفاء والمتروكون للنسائي
, والعلل ومعرفة الرجال لابن حنبل 1306
, ويُنظر: سير أعلام النبلاء.
[31] يُنظر: معاجم اللغة.
[32] ) أخرجه الترمذي 12
, والنسائي 29 واللفظ له
, وابن ماجه 307.
[33] شرح النسائي للسيوطي.
[34] يُنظر في ذلك علل الترمذي
, وعلل ابن أبي حاتم
, والكامل في ضعفاء الرجال
, وسير أعلام النبلاء وغيرها.
[35] ينظر: الكامل في ضعفاء الرجال
, وسير أعلام النبلاء وغيرها.
[36] رواه أحمد في مسنده 25045.
[37] يُنظر تخريج المسند للأرنؤوط 25045.
[38] ترتيب مسند الشافعي
, نشر وتصحيح: السيد يوسف على الحسني
, والسيد عزت العطار
, 1/ 272
, وهكذا هو عند مالك في الموطأ.
[39] كان عبدالله هذا من المتقنين
, وكان يحيى بن معين لا يُقدِّم عليه في مالك أحدًا.
[40] حدثنا عبد الله بن مسلمة (القعنبي) حدثنا مالك
, عن عبدالله بن دينار
, عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشهر تسع وعشرون ليلة
, فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين البخاري
, 1906
, الصوم.
[41] صحيح ابن خزيمة (1909).
[42] معجم المعاني.
[43] ألفية العراقي في علم الحديث.
[44] ألفية السيوطي في علم الحديث.. ❝