█ يسرني أن آخذ بيدِك وأقودكَ عبر سُبلً لم تطأها قَدَم تُفضي إلى عالمٍ يكون لليد فيه السلطان الأعلى غير أنه بداية رحلتنا هذه تعترضُنا عقبة؛ فأنتَ شديد الاعتماد النور لذا حين أحاولُ قيادتكَ وسط أرض الظلام والصمت أخشى عليكَ تتعثر؛ فليس يُفترَضُ المكفوفين يكونوا خير أدلاءٍ الرحلات لكن رغم أنني لا أستطيع الجزْمَ بألا أضيعكَ الطريق أعدكَ بأنكَ لن تُقاد نارٍ أو تغرق مياه تسقط هُوةٍ عميقة وإن تبِعتني بصبر فسوف تتبينُ "ثمة صوتٌ جد رقيق يسري شيء يسكن بينه وبين الصمت " وأن بالأشياء المزيد مما هو خبيئٌ أكثر يبدو للعيان كتاب العالم الذي أحيا مجاناً PDF اونلاين 2024 صدر حديثًا عن دار ترياق ضمن سلسلة السيرة الفكرية كتاب: "العالم فيه" للأديبة والمحاضرة والناشطة الأمريكيّة "هيلين كيلر" ترجمة باسم محمود ويشارك الكتاب معرض الرياض الدولي للكتاب 2021 وكتبت هيلين كيلر غلاف يسرُّني سبل السُّلطان أنّه عقَبة؛ تتعثّر؛ أدلّاءٍ بألّا أضيّعكَ هُوّةٍ تتبيّنُ "ثمة جدّ رقيقٍ الصمت" وأنّ وأينما أتوجّه عقلي دليلي المُخلِص وتُرجماني يذكر أديبة ومحاضرة وناشطة أمريكية عانت من المرض سن تسعة عشر شهرًا وافترض أطباء الأطفال بأنها مصابة بالحمى القرمزية التهاب الرأس (السحايا) ما أدى فقدانها السمع والبصر تماماً وفي تلك السنوات بدأت حياتها العلمية مع المشابهين لحالتها وعندما بلغت السابعة قرر والداها إيجاد معلم خاص لها لذلك أرسل مدير مدرسة بيركنزا للمتفوقين الشابة المتخصصة آن سوليفان التي استطاعت التقرب الفتاة والذي كان له دور كبير مجال التعليم الخاص نشرت 18 كتابًا ومن أشهر مؤلفاتها: أعيش أغنية الجدار الحجري الخروج الحب والسلام وهيلن اسكتلندا وترجمت كتبها خمسين لغة ألّفت "أضواء ظلامي" وكتاب "قصة حياتي" 23 فصلا 132 صفحة 1902 وكانت وفاتها عام 1968م ثمانية وثمانين عاماً ومن عباراتها الشهيرة: «عندما يُغلق باب السعادة يُفتح آخر ولكن كثير الأحيان ننظر طويلا الأبواب المغلقة بحيث نرى فُتحت لنا»
❞ إن جملة معارف العالم إنما هي بناء قائم على التصور. فما التاريخ إلا ضرب من التخيل، طريقة تجعلنا نشهد الحضارات البائدة التي لم تعد موجودة على وجه الأرض . ❝
❞ ما من هُوةٍ تفصلُ بين خبراتي وخبرات الآخرين شكلتها مساحةٌ من الصمت باعدَت بيننا.. إلا وأقمتُ فوقها جِسرا. لو كان للموسيقى أن تتمثل لرؤية الناظر؛ لكان في إمكاني أن أُشير على التعيين إلى مسار نغمات الأورغون، كيفا ارتفعتْ وكيفما هبطت في سُلم النغمات: وهي تصعدُ إلى أعلى.. أعلى، وهي تتأرجح، وهي تتمايل، أراها الآن جَهوريةً عميقة، صارت طبقة الصوت الآن عاليةً وعاصِفة، عما قريبٍ ستُصبح ناعمةً ووقورة، وبين تلكم النغمات ذبذباتٌ رقيقةٌ منثورة، تصادفها في مسارها اللحني. يبدو الكمان بالنسبة إلي كائنًا حيا على نحو فاتِن؛ إذ يستجيبُ لأوهَن رغباتِ سيدِه العازف. التمايُز بين نغماته المعزوفة أكثر رقةً من نغمات البيانو. أستمتع بالبيانو أكثر ما يكون عندما ألمسه. فحين أضعُ يدي على صندوقه، أستشعرُ تهدجاتٍ ضئيلة، ورَجْعَ النغم المعزوف، ومن ثَم السكون الذي يتبعُ ذلك. أستطيعُ أن أستشعر الروح والمزاج المسيطرَيْن على اللحن الموسيقي؛ ألحقُ برتم الموسيقى الراقصة، وهي تتقافزُ فوق مفاتيح البيانو، أواكب اللحن الجنائزي الوئيد، وأستغرقُ مع الموسيقى الحالمة. ففي أوج لحظاتهما الإبداعية، ينقطعُ الشاعر البليغ والموسيقي العظيم عن الالتجاء إلى أدوات السمع والبصر الجِلفة. إذ يُفلتان من سلاسِل الحِس، ويطير كل منهما بعيدًا عن مرساتِه، بدَفعٍ من أجنحةِ الروح الوطيدة الآسِرة، ويُحلقان فوق روابينا المتلبدة بالضباب وودياننا المكسوة بالظلام، إلى أن يبلغا أرض النور، والنغم، والفَهم . ❝
❞ ليس في وسع أصابعي طبعًا أن تتحصلَ على انطباعٍ لكيانٍ كبير الحجم من أول نظرة، إنما أتحسسُ الأجزاء، ثم يركبُ عقلي تلك الأجزاء معًا. إنني حين أسيرُ حول منزلٍ، أتحسسُ الشيء تلو الشيء وفق ترتيب، وذلك قبل أن يكون بإمكاني أن أكونَ فكرةً تامة عن المنزل بأكمله. فالمخيلةُ هي العامل الصامت، ذلك الذي يستولِدُ الواقِعَ من العماء. دون المخيلة، كم كان عالمي سيكون فضاءً بائسا! لكان بستاني رقعة أرضٍ صامتة، تتناثر فيها العِصِي من مختلف الأشكال والروائح. غير أنه حين تنفتحُ عينُ عقلي على جماله، فإن الأرض الجرداء تُشرقُ من تحت قَدمَي. وتلك هي.. مُعجزةُ الخيال . ❝