█ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) قد تقدم القول الميزان " الأعراف والكهف والأنبياء وأن له كفة ولسانا توزن فيه الصحف المكتوب فيها الحسنات والسيئات ثم قيل : إنه ميزان واحد بيد جبريل يزن أعمال بني آدم , فعبر عنه بلفظ الجمع وقيل موازين كما قال فلكل حادثة لها وقد ذكرناه فيما وذكرناه أيضا كتاب التذكرة وقيل إن الموازين الحجج والدلائل قاله عبد العزيز بن يحيى واستشهد بقول الشاعر قد كنت قبل لقائكم ذا مرة عندي لكل مخاصم ميزانه تفسير سورة القارعة مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)
ومعنى فأمه هاوية يعني جهنم . وسماها أما ، لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أمه ، قاله ابن زيد . ومنه قول أمية بن أبي الصلت :
فالأرض معقلنا وكانت أمنا فيها مقابرنا وفيها نولد
وسميت النار هاوية ; لأنه يهوى فيها مع بعد قعرها . ويروى أن الهاوية اسم الباب الأسفل من النار . وقال قتادة : معنى فأمه هاوية فمصيره إلى النار . عكرمة : لأنه يهوي فيها على أم رأسه . الأخفش : أمه : مستقره ، والمعنى متقارب . وقال الشاعر :
يا عمرو لو نالتك أرماحنا كنت كمن تهوي به الهاوية
والهاوية : المهواة . وتقول : هوت أمه ، فهي هاوية ، أي ثاكلة ، قال كعب بن سعد الغنوي :
هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا وماذا يؤدي الليل حين يئوب
والمهوى والمهواة : ما بين الجبلين ، ونحو ذلك . وتهاوى القوم في المهواة : إذا سقط بعضهم في إثر بعض . ❝
❞ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (7)
أي عيش مرضي , يرضاه صاحبه .
وقيل : " عيشة راضية " أي فاعلة للرضا , وهو اللين والانقياد لأهلها .
فالفعل للعيشة لأنها أعطت الرضا من نفسها , وهو اللين والانقياد .
فالعيشة كلمة تجمع النعم التي في الجنة , فهي فاعلة للرضا , كالفرش المرفوعة , وارتفاعها مقدار مائة عام , فإذا دنا منها ولي الله اتضعت حتى يستوي عليها , ثم ترتفع كهيئتها , ومثل الشجرة فرعها , كذلك أيضا من الارتفاع , فإذا اشتهى ولي الله ثمرتها تدلت إليه , حتى يتناولها ولي الله قاعدا وقائما , وذلك قوله تعالى : " قطوفها دانية " [ الحاقة : 23 ] .وحيثما مشى أو ينتقل من مكان إلى مكان , جرى معه نهر حيث شاء , علوا وسفلا , وذلك قوله تعالى : " يفجرونها تفجيرا " [ الإنسان : 6 ] .
فيروى في الخبر ( إنه يشير بقضيته فيجري من غير أخدود حيث شاء من قصوره وفي مجالسه ) .
فهذه الأشياء كلها عيشة قد أعطت الرضا من نفسها , فهي فاعلة للرضا , وهي انذلت وانقادت بذلا وسماحة . ❝
❞ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8)
قد تقدم القول في الميزان في " الأعراف والكهف والأنبياء " .وأن له كفة ولسانا توزن فيه الصحف المكتوب فيها الحسنات والسيئات .
ثم قيل : إنه ميزان واحد بيد جبريل يزن أعمال بني آدم , فعبر عنه بلفظ الجمع .
وقيل : موازين , كما قال : فلكل حادثة لها ميزان وقد ذكرناه فيما تقدم .
وذكرناه أيضا في كتاب " التذكرة " وقيل : إن الموازين الحجج والدلائل , قاله عبد العزيز بن يحيى , واستشهد بقول الشاعر : قد كنت قبل لقائكم ذا مرة عندي لكل مخاصم ميزانه . ❝