█ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) قوله تعالى : لقد خلقنا الإنسان هذا جواب القسم وأراد بالإنسان الكافر قيل هو الوليد بن المغيرة وقيل كلدة أسيد فعلى نزلت منكري البعث المراد آدم وذريته أحسن تقويم وهو اعتداله واستواء شبابه كذا قال عامة المفسرين ما يكون ; لأنه خلق كل شيء منكبا وجهه وخلقه مستويا وله لسان ذلق ويد وأصابع يقبض بها وقال أبو بكر طاهر مزينا بالعقل مؤديا للأمر مهديا بالتمييز مديد القامة يتناول مأكوله بيده ابن العربي ( ليس لله من فإن الله خلقه حيا عالما قادرا مريدا متكلما سميعا بصيرا مدبرا حكيما وهذه صفات الرب سبحانه وعنها عبر بعض العلماء ووقع البيان بقوله " إن صورته يعني صفاته التي قدمنا ذكرها وفي رواية صورة الرحمن ومن أين تكون للرحمن متشخصة فلم يبق إلا أن معاني ) وقد أخبرنا المبارك عبد الجبار الأزدي القاضي القاسم علي أبي المحسن عن أبيه كان عيسى موسى الهاشمي يحب زوجته حبا شديدا فقال لها يوما أنت طالق ثلاثا لم تكوني القمر فنهضت واحتجبت عنه وقالت كتاب تفسير سورة التين بالصور مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)
قوله تعالى : فما يكذبك بعد بالدين قيل : الخطاب للكافر توبيخا وإلزاما للحجة . أي إذا عرفت أيها الإنسان أن الله خلقك في أحسن تقويم ، وأنه يردك إلى أرذل العمر ، وينقلك من حال إلى حال فما يحملك على أن تكذب بالبعث والجزاء ، وقد أخبرك محمد - صلى الله عليه وسلم - به ؟ وقيل : الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - أي استيقن مع ما جاءك من الله - عز وجل - ، أنه أحكم الحاكمين . روي معناه عن قتادة . وقال قتادة أيضا والفراء : المعنى فمن يكذبك أيها الرسول بعد هذا البيان بالدين . واختاره الطبري . كأنه قال : فمن يقدر على ذلك أي على تكذيبك بالثواب والعقاب ، بعد ما ظهر من قدرتنا على خلق الإنسان والدين والجزاء . قال الشاعر :
دنا تميما كما كانت أوائلنا دانت أوائلهم في سالف الزمن . ❝
❞ وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)
قوله تعالى : وهذا البلد الأمين يعني مكة . سماه أمينا ; لأنه آمن كما قال : أنا جعلنا حرما آمنا فالأمين : بمعنى الآمن قاله الفراء وغيره . قال الشاعر :
ألم تعلمي يا أسم ويحك أنني حلفت يمينا لا أخون أميني
يعني : آمني . وبهذا احتج من قال : إنه أراد بالتين دمشق ، وبالزيتون بيت المقدس . فأقسم الله بجبل دمشق ; لأنه مأوى عيسى - عليه السلام - ، وبجبل بيت المقدس ; لأنه مقام الأنبياء عليهم السلام ، وبمكة ; لأنها أثر إبراهيم ودار محمد - صلى الله عليه وسلم - . ❝
❞ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)
قوله تعالى : ثم رددناه أسفل سافلين أي إلى أرذل العمر ، وهو الهرم بعد الشباب ، والضعف بعد القوة ، حتى يصير كالصبي في الحال الأول قالهالضحاك والكلبي وغيرهما . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد : ثم رددناه أسفل سافلين إلى النار ، يعني الكافر ، وقاله أبو العالية . وقيل : لما وصفه الله بتلك الصفات الجليلة التي ركب الإنسان عليها ، طغى وعلا ، حتى قال : أنا ربكم الأعلى وحين علم الله هذا من عبده ، وقضاؤه صادر من عنده ، رده أسفل سافلين بأن جعله مملوءا قذرا ، مشحونا نجاسة ، وأخرجها على ظاهره إخراجا منكرا ، على وجه الاختيار تارة ، وعلى وجه الغلبة أخرى ، حتى ، إذا شاهد ذلك من أمره ، رجع إلى قدره . وقرأ عبد الله أسفل السافلين . وقال : أسفل سافلين على الجمع ; لأن الإنسان في معنى جمع ، ولو قال : أسفل سافل جاز ; لأن لفظ الإنسان واحد . وتقول : هذا أفضل قائم . ولا تقول أفضل قائمين ; لأنك تضمر لواحد ، فإن كان الواحد غير مضمر له ، رجع اسمه بالتوحيد والجمع كقوله تعالى : والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون . وقوله تعالى : وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة . وقد قيل : إن معنى رددناه أسفل سافلين أي رددناه إلى الضلال كما قال تعالى : إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي إلا هؤلاء ، فلا يردون إلى ذلك . والاستثناء على قول من قال أسفل سافلين النار ، متصل . ومن قال : إنه الهرم فهو منقطع . ❝