كفِ عن التفكير قليلًا أيتها الرأس العوجاء، لقد... 💬 أقوال سمر الترمان 📖 كتاب يومياتي
- 📖 من ❞ كتاب يومياتي ❝ سمر الترمان 📖
█ كفِ عن التفكير قليلًا أيتها الرأس العوجاء لقد أرهقتني معكِ ألم يكفيكِ هذا؟ فلقد سئمت ومن يفكرون مللت كل شيء أريدكِ أن تكفي وإلا سوف أضحي بك وأقصيكِ بعيدًا عني؛ حتى تفكري بمفردك ابحثي جسد آخر واسكني فيه ارحمي ذبول ذاك الجسد الذي أصبح فارغًا من الحياة لا يعتريه سوي الإحباط واليأس أضع لك الخيار إمّا تكفِ ذلك تتركيني وترحلي ساعديني وساعدي نفسك ضعفي كنت دائمًا ما أركن إليك هربًا قلبي ولكن أصبحتما حليفين الآن؟ وأنا المذنب بينكما والعدو والمضحّى به؟ تبًا أراك للمرة الأولي وقد تحالفتي مع قلبي؛ للقضاء عندما يعذبني ألجأ إليكِ فما بالكِ بي هذه المرة؟!
دعيني وشأني أرحل سلام
#سمر_الترمان
#فلوريندا كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ كفِ عن التفكير قليلًا أيتها الرأس العوجاء، لقد أرهقتني معكِ ألم يكفيكِ هذا؟ فلقد سئمت التفكير ومن يفكرون، مللت كل شيء، أريدكِ أن تكفي عن التفكير، وإلا سوف أضحي بك، وأقصيكِ بعيدًا عني؛ حتى تفكري بمفردك، ابحثي عن جسد آخر واسكني فيه، ارحمي ذبول ذاك الجسد الذي أصبح فارغًا من الحياة، لا يعتريه سوي الإحباط واليأس، سوف أضع لك الخيار إمّا أن تكفِ عن ذلك، و إمّا أن تتركيني وترحلي، ساعديني وساعدي نفسك، ارحمي ضعفي أيتها العوجاء، كنت دائمًا ما أركن إليك هربًا من قلبي ولكن هل أصبحتما حليفين الآن؟ وأنا المذنب بينكما والعدو والمضحّى به؟ تبًا لك أيتها الرأس، أراك للمرة الأولي وقد تحالفتي مع قلبي؛ للقضاء على كنت عندما يعذبني قلبي ألجأ إليكِ فما بالكِ بي هذه المرة؟! دعيني وشأني أرحل في سلام.
❞ بعدّما رفض أهل مكة الدّخول للإسلام، واشتدّ الإيذاء على رسول الله وصحبه، قرّر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الهجرة من مكة؛ لإقامة دولة إسلامية وعهد ديني جديد، فكانت هذه البلد المدينة الّتي ازدادت نورًا بقدوم الرّسول وصحبه.
وللهجرة معانٍ كثيرة ودورس مستفادة منها: الايثار والإخاء حيث آخى الرّسول (صلى الله عليه وسلم) بين المهاجرين والأنصار، وكذلك والانتقال من مرحلة الضعف، والإذلال إلى القوة والعزّة، والكثير من المعان الّتي إذا تدّبّرها الانسان كانت نورًا لطريقه.
و الهجرة ليست موقف شخصي لرسولنا بل تشريع نفسي لنا نحن من بعده في حياتنا، فنحن مطالبين بالهجرة من كل شيء يؤرقنا، واللجوء بكل ما فينا، لكل شيء يُطمئننا، نهجر يأسًا تملّك من قلوبنا بعد خبرات سلبية عشناها، ونلجأ لأملٍ ملأ الدّنيا بشروق شمس أيام نسيناها.
لذلك كانت الهجرة حدثًا عظيمًا استغرقت ثمانية أيام، فكم تستغرق منك هجرتك لنفسك؛ كي تصل بها لبر الأمان؟.
❞ بعدّما رفض أهل مكة الدّخول للإسلام، واشتدّ الإيذاء على رسول الله وصحبه، قرّر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الهجرة من مكة؛ لإقامة دولة إسلامية وعهد ديني جديد، فكانت هذه البلد المدينة الّتي ازدادت نورًا بقدوم الرّسول وصحبه. وللهجرة معانٍ كثيرة ودورس مستفادة منها: الايثار والإخاء حيث آخى الرّسول (صلى الله عليه وسلم) بين المهاجرين والأنصار، وكذلك والانتقال من مرحلة الضعف، والإذلال إلى القوة والعزّة، والكثير من المعان الّتي إذا تدّبّرها الانسان كانت نورًا لطريقه. و الهجرة ليست موقف شخصي لرسولنا بل تشريع نفسي لنا نحن من بعده في حياتنا، فنحن مطالبين بالهجرة من كل شيء يؤرقنا، واللجوء بكل ما فينا، لكل شيء يُطمئننا، نهجر يأسًا تملّك من قلوبنا بعد خبرات سلبية عشناها، ونلجأ لأملٍ ملأ الدّنيا بشروق شمس أيام نسيناها. لذلك كانت الهجرة حدثًا عظيمًا استغرقت ثمانية أيام، فكم تستغرق منك هجرتك لنفسك؛ كي تصل بها لبر الأمان؟.
جميلة فتاة تّتسم بالجمال فعلًا، اسم على مسمى كما يقولون، ولكن كانت تمتاز بجمالها الدّاخلي ورقتها وعذوبة صوتها،
وفي يوم من الأيام تعرّضت جميلة وهي عائدة من الجامعة، حيث أنَّها كانت طالبة في السَّنة الرَّابعة من كلية العلوم، لموقفٍ مريب، وإذ بجموعة من الشَّباب تلحقها، بدا الخوف ظاهرًا على ملامحها، وأخذت تسرع الخُطى وهم يتبعوها، كلما زادت خطواتها زادت خطاهم
إلى أن لحقوا بها، همّت على الصّراخ وأخذت تلتف يمينًا ويسارًا؛ محاولة الاستنجاد بأحد فلم تجد أحدًا، حيث أن الطَّريق كانت تخلو من المارة، لم تكن سوى تلك الشَّمس الحارقة المتربعة في كبد السّماء، ماذا تفعل يا الله؟ هكذا كان سؤالها في خاطرها، انقضّ عليها هؤلاء الوحوش الثّلاث وحاولوا العبث بها، حاولت هي على قدر طاقتها وضعفها أن تدفعهم عنها، ولكن باءت جلَّ محاولاتها بالفشل، إلى أن كاد يغشى عليها من كثرة الفزع، ظلّت تقاوم إلى أخر نفس في صدرها، ومرةً واحدةً غابت عن الوعي، وآخر ما سمعته هو قهقهات هؤلاء الذّئاب ويقولون إنّها لجميلة حقًا....
فاقت من نومها وإذا بها تجد نفسها وهي في إحدى المستشفيات ملقاه على ظهرها ومن حولها والدها ووالدتها،
_ قالت الأم: بصوت يملأه الأسى ˝حمدًا لله على سلامتك يا حببيتي˝.
_سألت: ما الّذى أودى بي إلى هنا؟ سكت الجميع واجمين في صمت رهيب الحمد لله على كل حال يا حبيبتي.
هنا سكتت لحظة وإذ بها تسترجع ما حدث لها، وفجأة صرخت صرخة مدوية كادت أن تقتلع جدران الحائط من شدتها وسقطت مغشيًا عليها،
بعد يومين مِن خروجها مِن المستشفى، لاحظ الأهل أنّ حالتها تزاد سوءًا يومًا بعد يوم؛ حيث أنَّها لا تسطيع تخطي ما حدث لها مازالت تلك الصَّدمة تنال منها،
قرَّر الأهل من أنّه لابد من تدخُّل طبيب نفسي لكي يقوم بمساعدتها على تخطي تلك المحنة،
قام والد جميلة بالسُّؤال عن طبيب نفسي يمتاز بالتَّفوق والأمانة، فدلّه صديق له أنّ هناك طبيب يُدعى ˝أحمد˝ متخصّص في تلك الحالات النّفسية،
قام والد جميلة بالحجز لها عند هذا الطبيب وفي الميعاد المحدّد للجلسة ذهبا كلًا من جميلة والداها ووالدتها، حيث أنّهم كانوا قلقين عليها كثيرًا، وعند وصولهم للعيادة
_قام والد جميلة: بسؤال المرضة احنا عندنا حجز باسم جميلة إبراهيم
_ردَّت عليه: ثواني حضرتك أتأكد من الحجز، وأردفت آه فعلًا يا فندم تمام، وأعطّته كارت مُدوّن عليه رقم الدّور،
في تلك الفترة كانت جميلة تتفحّص أوجه المتواجدين في العيادة بدهشةٍ غريبةٍ، وكأنّها تحاول أن تتذكّر شيء ما، ذلك الأمر الذّي لم يتفوّه به أحدًا أمامها، ما تعرفه فقط أنّها تعاني من الاكتئاب الحاد، حيث أنّها بعد تلك الحادثة فقدت جزء من ذاكرتها، بمعنى أنّها لم تتذكر ما حدث لها في تلك الليلة، ولم يتجرّأ أحدٌ على اخبارها، فاقت على صوت الممرضة: جميلة ابراهيم تفضّلي دورك.
دخلت جميلة غرفة الطبيب وا٦ذ بها تجده شابًا يجلس على مكتبه مهندم تعتليه الهيبة والوقار
_بابتسامة لطيفة: خاطبها تفضلي أستاذة جميلة هاتِ ما عندك ارتبكت بعض الشَّيء، فأحس هذا بها
_خاطبها مطمئننًا: بصي يا جميلة اعتبري نفسك إنك بتتكلمي مع نفسك وأنا هسمع بس، ولا تخافي فأنا هنا معك.
بدأت جميلة بالحديث وأخذت تعدّد مخاوفها، والأمور التي تزعجها وتؤثر على نفسيتها، وانتهت الجلسة الأولى ورجعت جميلة وهى تحس بالارتياح، خرجت لوالدها ولوالدتها أحسا أنّها بداية مبشّرة، عادوا للمنزل في انتظار الجلسة الثانية، الّتي حُدّدت على الأسبوع المقبل، في هذه المرّة ذهبت جميلة ووالدها فقط، وكالعادة جاء دورها، ودخلت للطبيب لكن في هذه المرّة كانت أكثر هدوءً عن المرّة الأولى.
_خاطبها الطّبيب مازحًا: ها يا ست جميلة هتحكي لي عن إيه النّهار ده، وكأنّه يريد أن يكسر رهبة الخوف التي تجتاحها، وكان هو من يحتاج الاستماع إلى حديثها، وجلسة تلو الأخرى كانت جميلة تقترب من التّعافي، وكان الطّبيب يتقرَّب منها أكثر وأكثر، وفي آخر جلسة الّتي ذهبت فيها بمفردها هذه المرة؛ حيث أنّها اعتادت المكان وألفت كل من فيه
_الطَّبيب بابتسامة عريضة: النهار ده يا جميلة أقدر أقول لك إنك بقيتي أحسن كتير عن أول جلسة، وإنّك تقدّري تواجهي أي مشكلة تواجهك بعده كدة، هيفضل بس شوية تدريبات هقول لك تعمليهم في البيت كلما شعرتِ بالضّيق،
كانت تستمع لكلامه وهى لا تهتم لما يقوله كانت شاردة الذهن؛ لأنه كان آخر يوم سوف ترى فيه الدّكتور أحمد،
_قاطعها جميلة: انت معايا؟
_آه تمام يا دكتور معاك.
انصرفت وأخذت معها قلبه، حيث أنّه أحسَّ بنفس الشِّيء تجاهها، لكنّه أراد أن لا يتحدث في هذا الأمر إلا بعد أن تتماثل الشّفاء؛
حتّى يستطيع أن يحدثها في هذا الأمر وحتّى تستطيع هي أن تتخذ القرار الصحيح.
مرّ أسبوع على أخر مرّة رآها فيها، وإذا برقم يرن على هاتف جميلة،
ألوو السّلام عليكم
جميلة: مين حضرتك؟
وعليكم السّلام أنا الدكتور أحمد،
دكتور أحمد اااه تفضل يا دكتور،
_لو سمحتِ كنت عايز استأذنك إني أشوفك عايزك في موضوع مهم،
_جميلة بارتباك: ماشي يا دكتور حدّد الميعاد وبلغني.
_الدكتور: تمام اتفقنا.
يوم الخميس وعلى المنضّدة المطلّة على النّيل تجلس جميلة والدكتور أحمد.
_دكتور أحمد: أنا مبسوط جدًا إنّك قبلتي دعوتي على الغذاء.
جميلة: وأنا كمان يا دكتور واستدارت عنه بوجهها.
_الدكتور أحمد: جميلة بصي من غير لف و دوران أنا بحبك، وحابب إنّي أتقدّم لكِ، بس كنت عايز أعرف رأيك الأول.
نظرت جميلة في حياء وبابتسامه خفيفة تعلو وجهها،
_أردف قائلًا: أفهم من كده إنك موافقة؟
_تمتمت بكلمات غير مفهومة لكنها تنم على القَبول.
حدّدي ميعاد لمقابلة والدلكِ.
وفي اليوم المحدّد، ذهب الدكتور أحمد ومعه أهله لخطبة جميلة،
كانت الأمور تسير في مجراها الطَّبيعي،
إلا أنّه حدث موقف غريب أثناء تواجد الضيوف قامت جميلة بتقديم القهوة لخطيبها وأهله وأثناء سيرها اتكعبلت في طرف السّجادة وانصدم رأسها في حافة المنضّدة الأمر الذّي أفقدّها الوعى، ظلت هكذا لبعض دقائق وعند افاقتها، وإذا بها تصرخ وتتعالى الصّرخات
حاول الدّكتور أحمد تهدئتها وعندما هدأت،
حدثت المفاجأة، وإذ بها تتذكّر كل شيء حدث لها، تذكّرت هذا اليوم الّذي قام فيه هؤلاء الذّئاب بافتراسها، كانت تزداد توتر كلما تذكّرت أكثر وأكثر.
_طلب والد جميلة من أحمد بالحديث على انفراد وطلب منه أن يؤجل موعد الخِطبة حتّى تهدأ جميلة، وافق أحمد وطلب من أهله الاستئذان وأنّهم سوف يعودون في يوم لاحق،
ظلّت جميلة هكذا لبعضة أيام، وأحمد يزداد قلقلًا عليها
وفجأة وإذا بشاشة هاتفه يضوي مكالمة واردة جميلة تتصل.
_ جميلة ازيك قلقتيني عليكِ
_جميلة بحزن: أحمد عايزة أشوفك،
_حاضر يا جميلة وأنا كمان عايز أشوفك انت وحشتيني جدًا.
وانتهت المكالمة على هذا وفي اليوم المحدد، جاء أحمد وخرجت عليه _جميلة وبصوت متهدج˝ أحمد أريد أن أخبرك شيئًا ما.
_أحمد اتفضلي: يا جميلة
_جميلة بحزن ونظرة انكسار: في يوم وأنا راجعة من الجامعة ...
وقصّت عليه ما حدث لها وطلبت منه الاختيار هل تسطيع أن تُكمل معي حتّى بعد أن عرفت ما حدث لي؟ وقع الكلام على مسامع أحمد كالصّاعقة ولكنّه لا يدرى ما الذي يتوجب عليه قوله، كل ما بدر عنه هو الصّمت، الصّمت فقط ولا شيء غير صمت طويل، أدركت جميلة نواياه من صمت، فرمقته بنظرةٍ حادة يملأها الأسى والخذلان، وقامت وتركته يجلس وحيدًا في ونظرات الدّهشة على وجهه، وراحت تجلس بمفردها في غرفتها وأوصدت باب غرفتها ومن ثم أوصدت باب قلبها، وألقت بالمفتاح بين ركام الحطام.
جميلة فتاة تّتسم بالجمال فعلًا، اسم على مسمى كما يقولون، ولكن كانت تمتاز بجمالها الدّاخلي ورقتها وعذوبة صوتها، وفي يوم من الأيام تعرّضت جميلة وهي عائدة من الجامعة، حيث أنَّها كانت طالبة في السَّنة الرَّابعة من كلية العلوم، لموقفٍ مريب، وإذ بجموعة من الشَّباب تلحقها، بدا الخوف ظاهرًا على ملامحها، وأخذت تسرع الخُطى وهم يتبعوها، كلما زادت خطواتها زادت خطاهم إلى أن لحقوا بها، همّت على الصّراخ وأخذت تلتف يمينًا ويسارًا؛ محاولة الاستنجاد بأحد فلم تجد أحدًا، حيث أن الطَّريق كانت تخلو من المارة، لم تكن سوى تلك الشَّمس الحارقة المتربعة في كبد السّماء، ماذا تفعل يا الله؟ هكذا كان سؤالها في خاطرها، انقضّ عليها هؤلاء الوحوش الثّلاث وحاولوا العبث بها، حاولت هي على قدر طاقتها وضعفها أن تدفعهم عنها، ولكن باءت جلَّ محاولاتها بالفشل، إلى أن كاد يغشى عليها من كثرة الفزع، ظلّت تقاوم إلى أخر نفس في صدرها، ومرةً واحدةً غابت عن الوعي، وآخر ما سمعته هو قهقهات هؤلاء الذّئاب ويقولون إنّها لجميلة حقًا.... فاقت من نومها وإذا بها تجد نفسها وهي في إحدى المستشفيات ملقاه على ظهرها ومن حولها والدها ووالدتها، _ قالت الأم: بصوت يملأه الأسى ˝حمدًا لله على سلامتك يا حببيتي˝. _سألت: ما الّذى أودى بي إلى هنا؟ سكت الجميع واجمين في صمت رهيب الحمد لله على كل حال يا حبيبتي. هنا سكتت لحظة وإذ بها تسترجع ما حدث لها، وفجأة صرخت صرخة مدوية كادت أن تقتلع جدران الحائط من شدتها وسقطت مغشيًا عليها، بعد يومين مِن خروجها مِن المستشفى، لاحظ الأهل أنّ حالتها تزاد سوءًا يومًا بعد يوم؛ حيث أنَّها لا تسطيع تخطي ما حدث لها مازالت تلك الصَّدمة تنال منها، قرَّر الأهل من أنّه لابد من تدخُّل طبيب نفسي لكي يقوم بمساعدتها على تخطي تلك المحنة، قام والد جميلة بالسُّؤال عن طبيب نفسي يمتاز بالتَّفوق والأمانة، فدلّه صديق له أنّ هناك طبيب يُدعى ˝أحمد˝ متخصّص في تلك الحالات النّفسية، قام والد جميلة بالحجز لها عند هذا الطبيب وفي الميعاد المحدّد للجلسة ذهبا كلًا من جميلة والداها ووالدتها، حيث أنّهم كانوا قلقين عليها كثيرًا، وعند وصولهم للعيادة _قام والد جميلة: بسؤال المرضة احنا عندنا حجز باسم جميلة إبراهيم _ردَّت عليه: ثواني حضرتك أتأكد من الحجز، وأردفت آه فعلًا يا فندم تمام، وأعطّته كارت مُدوّن عليه رقم الدّور، في تلك الفترة كانت جميلة تتفحّص أوجه المتواجدين في العيادة بدهشةٍ غريبةٍ، وكأنّها تحاول أن تتذكّر شيء ما، ذلك الأمر الذّي لم يتفوّه به أحدًا أمامها، ما تعرفه فقط أنّها تعاني من الاكتئاب الحاد، حيث أنّها بعد تلك الحادثة فقدت جزء من ذاكرتها، بمعنى أنّها لم تتذكر ما حدث لها في تلك الليلة، ولم يتجرّأ أحدٌ على اخبارها، فاقت على صوت الممرضة: جميلة ابراهيم تفضّلي دورك. دخلت جميلة غرفة الطبيب وا٦ذ بها تجده شابًا يجلس على مكتبه مهندم تعتليه الهيبة والوقار _بابتسامة لطيفة: خاطبها تفضلي أستاذة جميلة هاتِ ما عندك ارتبكت بعض الشَّيء، فأحس هذا بها _خاطبها مطمئننًا: بصي يا جميلة اعتبري نفسك إنك بتتكلمي مع نفسك وأنا هسمع بس، ولا تخافي فأنا هنا معك. بدأت جميلة بالحديث وأخذت تعدّد مخاوفها، والأمور التي تزعجها وتؤثر على نفسيتها، وانتهت الجلسة الأولى ورجعت جميلة وهى تحس بالارتياح، خرجت لوالدها ولوالدتها أحسا أنّها بداية مبشّرة، عادوا للمنزل في انتظار الجلسة الثانية، الّتي حُدّدت على الأسبوع المقبل، في هذه المرّة ذهبت جميلة ووالدها فقط، وكالعادة جاء دورها، ودخلت للطبيب لكن في هذه المرّة كانت أكثر هدوءً عن المرّة الأولى. _خاطبها الطّبيب مازحًا: ها يا ست جميلة هتحكي لي عن إيه النّهار ده، وكأنّه يريد أن يكسر رهبة الخوف التي تجتاحها، وكان هو من يحتاج الاستماع إلى حديثها، وجلسة تلو الأخرى كانت جميلة تقترب من التّعافي، وكان الطّبيب يتقرَّب منها أكثر وأكثر، وفي آخر جلسة الّتي ذهبت فيها بمفردها هذه المرة؛ حيث أنّها اعتادت المكان وألفت كل من فيه _الطَّبيب بابتسامة عريضة: النهار ده يا جميلة أقدر أقول لك إنك بقيتي أحسن كتير عن أول جلسة، وإنّك تقدّري تواجهي أي مشكلة تواجهك بعده كدة، هيفضل بس شوية تدريبات هقول لك تعمليهم في البيت كلما شعرتِ بالضّيق، كانت تستمع لكلامه وهى لا تهتم لما يقوله كانت شاردة الذهن؛ لأنه كان آخر يوم سوف ترى فيه الدّكتور أحمد، _قاطعها جميلة: انت معايا؟ _آه تمام يا دكتور معاك. انصرفت وأخذت معها قلبه، حيث أنّه أحسَّ بنفس الشِّيء تجاهها، لكنّه أراد أن لا يتحدث في هذا الأمر إلا بعد أن تتماثل الشّفاء؛ حتّى يستطيع أن يحدثها في هذا الأمر وحتّى تستطيع هي أن تتخذ القرار الصحيح. مرّ أسبوع على أخر مرّة رآها فيها، وإذا برقم يرن على هاتف جميلة، ألوو السّلام عليكم جميلة: مين حضرتك؟ وعليكم السّلام أنا الدكتور أحمد، دكتور أحمد اااه تفضل يا دكتور، _لو سمحتِ كنت عايز استأذنك إني أشوفك عايزك في موضوع مهم، _جميلة بارتباك: ماشي يا دكتور حدّد الميعاد وبلغني. _الدكتور: تمام اتفقنا. يوم الخميس وعلى المنضّدة المطلّة على النّيل تجلس جميلة والدكتور أحمد. _دكتور أحمد: أنا مبسوط جدًا إنّك قبلتي دعوتي على الغذاء. جميلة: وأنا كمان يا دكتور واستدارت عنه بوجهها. _الدكتور أحمد: جميلة بصي من غير لف و دوران أنا بحبك، وحابب إنّي أتقدّم لكِ، بس كنت عايز أعرف رأيك الأول. نظرت جميلة في حياء وبابتسامه خفيفة تعلو وجهها، _أردف قائلًا: أفهم من كده إنك موافقة؟ _تمتمت بكلمات غير مفهومة لكنها تنم على القَبول. حدّدي ميعاد لمقابلة والدلكِ. وفي اليوم المحدّد، ذهب الدكتور أحمد ومعه أهله لخطبة جميلة، كانت الأمور تسير في مجراها الطَّبيعي، إلا أنّه حدث موقف غريب أثناء تواجد الضيوف قامت جميلة بتقديم القهوة لخطيبها وأهله وأثناء سيرها اتكعبلت في طرف السّجادة وانصدم رأسها في حافة المنضّدة الأمر الذّي أفقدّها الوعى، ظلت هكذا لبعض دقائق وعند افاقتها، وإذا بها تصرخ وتتعالى الصّرخات حاول الدّكتور أحمد تهدئتها وعندما هدأت، حدثت المفاجأة، وإذ بها تتذكّر كل شيء حدث لها، تذكّرت هذا اليوم الّذي قام فيه هؤلاء الذّئاب بافتراسها، كانت تزداد توتر كلما تذكّرت أكثر وأكثر. _طلب والد جميلة من أحمد بالحديث على انفراد وطلب منه أن يؤجل موعد الخِطبة حتّى تهدأ جميلة، وافق أحمد وطلب من أهله الاستئذان وأنّهم سوف يعودون في يوم لاحق، ظلّت جميلة هكذا لبعضة أيام، وأحمد يزداد قلقلًا عليها وفجأة وإذا بشاشة هاتفه يضوي مكالمة واردة جميلة تتصل. _ جميلة ازيك قلقتيني عليكِ _جميلة بحزن: أحمد عايزة أشوفك، _حاضر يا جميلة وأنا كمان عايز أشوفك انت وحشتيني جدًا. وانتهت المكالمة على هذا وفي اليوم المحدد، جاء أحمد وخرجت عليه _جميلة وبصوت متهدج˝ أحمد أريد أن أخبرك شيئًا ما. _أحمد اتفضلي: يا جميلة _جميلة بحزن ونظرة انكسار: في يوم وأنا راجعة من الجامعة ... وقصّت عليه ما حدث لها وطلبت منه الاختيار هل تسطيع أن تُكمل معي حتّى بعد أن عرفت ما حدث لي؟ وقع الكلام على مسامع أحمد كالصّاعقة ولكنّه لا يدرى ما الذي يتوجب عليه قوله، كل ما بدر عنه هو الصّمت، الصّمت فقط ولا شيء غير صمت طويل، أدركت جميلة نواياه من صمت، فرمقته بنظرةٍ حادة يملأها الأسى والخذلان، وقامت وتركته يجلس وحيدًا في ونظرات الدّهشة على وجهه، وراحت تجلس بمفردها في غرفتها وأوصدت باب غرفتها ومن ثم أوصدت باب قلبها، وألقت بالمفتاح بين ركام الحطام.
❞ هادئة لا أبالي هكذا يزعم البعض ولكنني أحترق، بداخلي صراع يهلكني في كل ليلة، في كل مرة أحاول أن أغمض فيها عيني، وأتناسى كل الآلام والضجيج، وما إن لبثت لبضع ثواني وأنا غارقة في بحر الأحلام، كانت سرعان ما تفيق تلك العينان وتتطلع إلى الحقيقة ترمق في ذعر، مدركة النهاية فهي معلقة بين الخيال والواقع، بين الأحلام واليقظة كم هو مهلك مؤلم ذاك الشعور .
#سمر_الترمان
#فلوريندا. ❝ ⏤سمر الترمان
❞ هادئة لا أبالي هكذا يزعم البعض ولكنني أحترق، بداخلي صراع يهلكني في كل ليلة، في كل مرة أحاول أن أغمض فيها عيني، وأتناسى كل الآلام والضجيج، وما إن لبثت لبضع ثواني وأنا غارقة في بحر الأحلام، كانت سرعان ما تفيق تلك العينان وتتطلع إلى الحقيقة ترمق في ذعر، مدركة النهاية فهي معلقة بين الخيال والواقع، بين الأحلام واليقظة كم هو مهلك مؤلم ذاك الشعور .