دليل الكتب والمؤلفين ودور النشر والفعاليات الثقافيّة ، اقتباسات و مقتطفات من الكتب ، أقوال المؤلفين ، اقتباسات ومقاطع من الكتب مصنّفة حسب التخصص ، نصيّة وصور من الكتب ، وملخصات للكتب فيديو ومراجعات وتقييمات 2024
❞ إن معنى الكلمات نفسه قد تشوه فنستمر في أن نطلق كلمة
تقدم على انحراف أعمى يؤدى إلى تدمير الإنسان والطبيعة . ونطلق كلمة ديمقراطية» على أشنع قطيعة عرفها التاريخ بين من يملكون ومن لا يملكون.
ونطلق كلمة «حرية» على نظام يسمح - بذريعة التبادل وحرية السوق - لأولئك الأكثر قوة أن يفرضوا الديكتاتورية عديمة الإنسانية ، تلك التي تسمح لهم بابتلاع الضعفاء .
ونطلق كلمة «عولمة» لا على حركة تؤدى إلى وحدة متألفة الأنغام للعالم، عن طريق اشتراك كل الثقافات، ولكن بالعكس على انقسام يتنامى بين الشمال والجنوب نابع من وحدة إمبريالية وطبقية .. انقسام يدمر تنوع هذه الحضارات ومنتجاتها لفرض لا ثقافة الراغبين في
التحكم في الكوكب (1) .
ونطلق كلمة تنمية على نمو اقتصادى بلا غاية ، ينتج بإيقاع متسارع أي شيء سواء كان مفيداً أو غير مفيد، مؤذياً أو حتى مميتا ، كالأسلحة والمخدرات، وليس تنمية الإمكانات البشرية الخلاقة للإنسان ولكل إنسان . يضاف إلى هذا اللامعنى بطالة البعض الذين لم يعد يمكنهم أن ينتجوا ، لأن ثلثي العالم لم يعد يمكنهم أن يستهلكوا، حتى من أجل بقائهم على قيد الحياة. إن هجرة من هم أكثر فقراً ليست سوى عبور من عالم المجاعة إلى عالم البطالة والاستعباد . ❝
❞ المشكلة المركزية في نهاية هذا القرن هي وحدة العالم . إنه عالم
متلاحم وممزق في نفس الوقت ، يا له من تناقض مميت !
متلاحم لأنه من الممكن من الناحية العسكرية، الوصول إلى أي هدف انطلاقا من أي قاعدة، ولأن انهياراً في البورصة في لندن أو طوكيو أو نيويورك يؤدى إلى أزمة وبطالة في كل أرجاء العالم. وحيث تكون كل أشكال الثقافة - أو عدم الثقافة - حاضرة في كل القارات عبر التليفزيون والقمر الصناعي، لا يمكن أن تحل أي مشكلة بطريقة معزولة ومستقلة، لا على مستوى أمة، ولا حتى على مستوى
قارة من القارات .
ممزق: لأنه من وجهة النظر الاقتصادية (طبقا لتقرير برنامج الأمم المتحدة عام (۱۹۹۲) ۸۰٪ من مصادر العالم يسيطر عليها ويستهلكها ٢٠٪ من سكان العالم .
هذا النمو الاقتصادي للعالم الغربي يكلف العالم، بسبب سوء التغذية والمجاعة، ما يعادل ضحايا هيروشيما كل يومين .
ثلاث مشكلات رئيسية تبدو بلا حل : مشكلة المجاعة، ومشكلة البطالة، ومشكلة الهجرة. ألا تمثل جميعاً مشكلة واحدة؟ حيث يوجد ثلاثة مليارات من البشر من مجموع خمسة ما زالوا معدومي القوى الشرائية، فهل يمكن الحديث عن السوق العالمي؟ أو بالأحرى
عن سوق بين الغربيين يتناسب مع احتياجاتهم وثقافتهم مصدرين إلى
العالم الثالث ما يفيض ؟ هل ينبغى قبول هذا التفاوت كقدر محتوم،
وقبول هذا الواقع الذي يولد التهميش والعنف والقوميات والأصوليات دون أن نضع أسس الفوضى الحالية موضع المساءلة ؟
*** . ❝
❞ الجزء الأول
ما هي أخطار الهلاك في القرن العشرين؟
١ - كوكب مريض وعالم متصدع.
- التبادلات غير المتكافئة.
- الغرب طارئ شطر العالم إلى ثلاثة أشطر.
- هتلر كسب الحرب . ❝
❞ هدف الكتاب
إيقاف المسيرة المتوجهة نحو الفوضى .
القرن العشرون أصبح خلفنا بحرائقه وخرائبه وصحاريه . القرن الحادى والعشرون إذا استمر في هذه المسيرة نحو الفوضى فلن يكمل سنواته المائة .
ما العمل؟
هذا الكتاب يسعى لأن يقدم بداية للإجابة عن هذا السؤال : كيف
يمكن بناء القرن الحادى والعشرين، بحيث لا يغتال أطفالنا؟
علينا ألا نستهين بثقل المهمة. نحن نعيش قلقا ناجماً عن مرحلة تاريخية اعتقد الغرب فيها أنه الشكل الوحيد للثقافة وللحضارة
باعتباره الشعب المختار، فارضاً على العالم سيطرته .
ينبغي إذن أن نستعيد اللحظة التي بدأ فيها هذا الخطأ في المسار. والكوارث المتعاقبة التي ترتبت عليها : ثلاثة انشطارات للغرب تؤدى
إلى عالم متصدع .
هناك ألفا عام يعاد التفكير فيهما، وألف ثالثة للبناء كي تخلق
بينهما وحدة . يا له من مشروع مجنون! نعم، ولكن لا مفر من الشروع فيه في لحظة قادتنا فيها حكمة الحكماء إلى شفا الهاوية.
يجب الوعى بعبثية ما هو كائن، وبما يمكننا القيام به من أجل أن
نعثر على معنى الحياتنا وعن معنى لعالمنا .
ولكن ربما تقول : ليست مهنتي أن أكون فيلسوفا !
فأجيبك وليست مهنتي أن أكون حارسا ليليا، ولكنني رأيت النار تنشب في المنازل المجاورة وتدفعها الريح باتجاهك .
وهكذا باعتباري قد عشت هذا القرن الملعون، لم أشأ أن أموت دون أن أصرخ صرخة الإيقاظ : انتباه افتحوا أعينكم، ينبغي أن تكون ثاقبة حتى ترى الأفق. وتلزم أيضا الأيادي لتقبض على طوق النجاة. علينا إدارة الظهر لليل، وألا ننتظر الظهيرة لنعتقد في وجود الشمس .
روچيه جارودي . ❝
❞ ويجمع في أسلوبه هذا بين العلم والشاعرية، إذ يعتمد على الوثائق والإحصاءات، وكثافة المعلومات للتدليل على الوقائع ، كما يوجز في بلاغة أشبه بالحكمة خلاصة آرائه ، مما يثبت في الأذهان بعض العبارات البليغة مثل : هذا هو الإنسان، كبير منذ البدء حتى لا يكتفى بذاته، إن حرية الآخر ليست هي الحد الذي تقف عنده حريتي، ولكن هي شرط حریتی ویبنی جارودي أسلوبه في الكتابة على وحدات صغرى منفصلة مكونة من عبارة، أو مقطع قصير، دون المطولات التحليلية الشاقة، مستلهما باسكال في كتابه «الخطرات»، أو نيتشه في هكذا تكلم زرادشت؛ مما يجعل قراءته يسيرة ومثيرة الجهود القارئ في آن. ومع هذا الإيجاز، تتزاحم في مؤلفات جارودي أسماء الأعلام والحوادث التاريخية والسياسية والاقتصادية، وقد حرصنا في هذا الإطار على تزويد الترجمة بهوامش شارحة، هي من عمل المترجمين في أسفل الصفحة، أما هوامش المؤلف فيجدها القارئ في نهاية الكتاب . ❝