في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، أصبحت العزلة الاجتماعية ظاهرة متزايدة تؤثر على مختلف فئات المجتمع. فمع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية، بات التواصل بين الأفراد يتم بشكل أكبر عبر الشاشات، مما أدى إلى تراجع العلاقات الإنسانية الحقيقية القائمة على التفاعل المباشر. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا صُممت لتقريب المسافات، إلا أنها خلقت فجوة اجتماعية ملحوظة. الأشخاص الذين يقضون ساعات طويلة أمام هواتفهم الذكية قد يشعرون بالانفصال عن محيطهم الواقعي. وبحسب دراسات اجتماعية حديثة، أظهرت الإحصائيات أن استخدام وسائل التواصل المفرط يمكن أن يؤدي إلى زيادة مشاعر الوحدة والاكتئاب، خاصة بين الشباب والمراهقين. العزلة الاجتماعية لا تقتصر آثارها على العلاقات، بل تمتد لتؤثر على الصحة النفسية للأفراد. الوحدة المزمنة تُعتبر عامل خطر للإصابة بالقلق والاكتئاب، وقد تؤدي إلى تدهور الصحة الجسدية. يشعر الكثيرون بعدم الانتماء أو القبول في العالم الافتراضي، مما يزيد من معاناتهم النفسية ويعزلهم أكثر عن الواقع. للتغلب على هذه الظاهرة، يجب تعزيز الوعي بأهمية التفاعل الاجتماعي الحقيقي. يمكن تحقيق ذلك من خلال تحديد أوقات استخدام التكنولوجيا، ووضع حدود واضحة لاستخدام الأجهزة الإلكترونية لتجنب الانغماس في العالم الافتراضي، والانخراط في الأنشطة الاجتماعية مثل التطوع أو ممارسة الهوايات التي تتيح التواصل مع الآخرين، ودعم العلاقات العائلية من خلال قضاء وقت ممتع مع العائلة بعيدًا عن التكنولوجيا. العزلة الاجتماعية هي تحدٍ معاصر يتطلب تضافر الجهود بين الأفراد والمجتمعات. وبينما تقدم التكنولوجيا فوائد كبيرة، فإن استخدامها بحكمة هو المفتاح لتحقيق التوازن بين الحياة الافتراضية والواقعية. فما نحتاجه حقًا هو العودة إلى جذور العلاقات الإنسانية المباشرة التي تُغني الروح وتمنح الحياة معناها الحقيقي. شهد وسيم صالح ، دليل وجدول مواعيد معارض الكتب في الوطن العربي ، وتقويم للفعاليات والاحداث الخاصة بالكتب والمؤلفين والندوات والمؤتمرات الثقافية