اقتباس 3 من رواية إيجيكوين 💬 أقوال محمد حسن عبد الجابر 📖 رواية إيجيكوين
- 📖 من ❞ رواية إيجيكوين ❝ محمد حسن عبد الجابر 📖
█ كتاب إيجيكوين مجاناً PDF اونلاين 2024 عندما تصبح أحداث الحياة الأرض أقرب إلى عالم الخيال عندها يمكن للخيال العلمي أن ينزل ويلامس أرض الواقع ويضيف لونه ليطغى ويرتبط بها بحيث يكتسب الوضع الجديد طابعًا مألوفًا يختلط بأحداثه مع بدرجاته فمن الضروري يتم التعامل المعاصر وإن كان خارجًا عن المألوف
وعندما ينشأ الحب مثل هذا الجو يجب يكون مستوى القول يصنع المعجزات والمقصود بالمعجزات هنا فيما يتعلق بالجانب الرومانسي للرواية ليس الأحداث التي تنسب التدخل الإلهي المباشر
بدلاً من تشير كلمة معجزة صمود البطل للظروف والعقبات ساهمت المساعدة الإلهية المقام الأول ثم قدراتهم الخاملة للتغلب عليها وتحملها قدر المستطاع إذا تعريف المعجزة هو أنها قطع واضح يحدث قوانين الطبيعة فإن ما حدث وصفه بأنه شبيه بالمعجزة !! كنت أنوي كتابة ملخص لرواية (إيجيكوين) بالأسلوب التقليدي لكن الكلمات رفضت تتلاءم بعضها
تصارعت الرواية ذهني وخلاصة قرأته للتو إذن تصارعت
إذن
: - 4 -
داخل سيارة الماظة لم يكن الوضع كما كان عليه قبل الظهور المفاجئ لنهاوند ، كان الماظة يقود فى صمت و بجانبه كان يجلس الجزيرى
كـ صنم .. لا ينطق و لا يحرك ساكناً.. فقط جفنه يمارس وظيفته و هذا كان الدليل الوحيد على أن الجزيرى ما زال على قيد الحياة ، حاول الماظة الأطمئنان على صديقه الذى أثار قلقه و لكن دون جدوى ، لم يستغرق الماظة وقتاً طويلاً للوصول لفيلته .. ركن سيارته و هو ينظر للجزيرى و قال له متصـعباً : طيش شباب يا صديقى و مصيره يعقل ..
تعالى ندخل نضرب فنجانين قهوة من البن المخصوص بتاعى ..
نزل الماظة و تبعه الجزيرى بخطوات ثقيلة و كأنه منوم مغناطيسياً و قبل أن يصل الماظة لبوابة الفيلا الرئيسية الضخمة الفخمة ، فتح هاتفه و أستخدم أبلكيشن خاص بالأكرة الديجيتال المثبتة بهذا الباب و تمكن من خلاله من فتح الأكرة فدخل الأثنان بمجرد وصولهما للبوابة ..
و بسقفة بسيطة مفتعلة من الماظة تم أضاءة الأنوار
و دبت الحياة فى الفيلا ..
كان - السمارت هوم سيستم - هو النظام الدارج فى فيلات الجانب الشرقى ، دخل الماظة مكتبه برفقة الجزيرى و بنفس السقفة البسيطة تم أنارة المكتب بالكامل و تشغيل التكييف و عودة الحياة للمكان تأهباً لراحة و رفاهية أصحاب المكان ..
هنا تمتم الجزيرى بوجه شاحب و قال :
نظام السمارت هوم بيسمع كلامنا أكتر من عيالنا ..
و من غير ما نتكلم كمان ..
و الله و طمرت فيه المصاريف أكتر من خلفتنا !!
لم يتوقع الماظة خروج هذه الكلمات المرحة من هذا الوجه العبوس
فأنفجر فى الضحك ..
طلب منه الجزيرى أن يتناقشوا فى العمل و فيما حضروا من أجله ، حاول الماظة مع الجزيرى فى تلطيف الوضع بينه و بين نهاوند ، لكن تكشمت ملامح الجزيرى و قال فى صرامة لقد تبرأت منه ولا أرغب
فى فتح هذا الموضوع المنتهى مرة أخرى ..
من سمات رجال الأعمال .. فن أستثمار الوقت و عدم ضياعه فيما لا يفيد و بالأحرى عندما يكونون ناجحين أمثال الماظة و الجزيرى ..
قال الماظة مخاطباً الجزيرى و هو يرشف من فنجان القهوة :
كانت تراودنى فكرة بعد أدخال الروبوتات فى مصنعك و لم تسنح الفرصة لمناقشتها معك و لكن جاء أوانها ..
نظر له الجزيرى فى أهتمام و قال له : عظيم البن الكولومبى دة !
و طلب من الماظة أن يستعرض فكرته ..
الماظة : لابد من تخصيص مكان يتم فيه إعداد دورات تدريبية على يد خبراء يابانيين لأحتراف صيانة الروبوتات تحسباً لأى أعطال ستحدث للروبوتات ، و بدلاً من أستغراق وقتاً طويلاً لصيانتها من قبل الشركة الموردة .. يحترف شباب المدينة هذه المهارة .. هذا سيجدى نفعاً كبيراً لمصانع و شركات المدينة و سيحل نسبة
ليست بهينة من مشكلة البطالة التى ضربت ( مدينتنا ) ..
رد الجزيرى و قد بدأت الفكرة تختمر برأسه :
الفكرة جيدة لكن التكلفة لن تكون كذلك ..
أنهى الماظة فنجانه ثم قال للجزيرى :
تكلفة الدورات التدريبية سيتحملها المواطنيين الراغبين فى شغل الوظيفة التى سينالوها بعد تخطى أختبار هذه الدورات .. أما بالنسبة لتخصيص مركز للصيانة و تهيئته لمثل هذه الوظيفة الجديدة بتفرعاتها و صرف مرتبات شهرية للموظفين .. هذا سيتم مناصفة بين رجال أعمال المدينة الذين قاموا بأستبدال العنصر البشرى بروبوت و هذا مقابل
صيانات دورية شهرية لكل الروبوتات العاملة بكياناتهم ..
رد الجزيرى و بدأ يهيمن عليه التردد : مجرد صيانة الروبوتات قد لا يحفز الكثير من رجال الأعمال للفكرة .. فالروبوتات مازالت حديثة
و بحالة الزيرو .. ما الذى يدفعهم لهذه التضحية ؟
رد الماظة دون تردد : هذه التضحية المادية البسيطة أهون من التضحية بالكيانات نفسها .. اليوم تمكنت القوات الأمنية من السيطرة على الوضع و أحتواء الموقف , ناهيك عن التهديدات الأمنية من التدخلات الخارجية .. غدا لا يعلم أحداً ماذا ستكون العواقب أن لم نقدم حلولاً سريعة ، حتى لو رُفضت لكنها ستكون بمثابة مسكنات للمواطنين .. أو قد تلاقى الفكرة قبولاً فتحقق إقبالاً و تكون علاجاً شافياً للمدينة ..
و أضيفك من الشعر بيت .. أنا أخطط لأن تتطور مراكز الصيانة لمراكز تصنيع روبوتات جديدة لتصبح هذه الروبوتات فيما بعد واحدة من صادرات ( مدينتنا ) و فى المستقبل القريب !
******************
سقطت الكرة عن عمد فى ملعب رجال الأعمال ، كان يتحتم عليهم جميعاً تكوين فريقاً واحداً لمجابهة مشكلة البطالة التى فرضوها على المدينة دون عمد .. و كان يتحتم عليهم أيضاً أحراز هدفاً فى وقتاً مبكراً قبل الوصول للوقت الضائع فيضيع معه الجميع ..
تواصل الماظة هاتفياً أثناء أجتماعه بالجزيرى بمجموعة رجال أعمال المدينة بحكم معرفته بهم جميعاً منذ أن أبتاعوا منه منشئاتهم و فيلاتهم ..
أخبرهم أن غداً سيتم عقد أجتماع عاجل مع جميع رجال أعمال المدينة فى مكتب الجزيرى بمصنعه و أكد عليهم أهمية الحضور ..
و بالفعل فى اليوم التالى و فى مكتب الجزيرى تم عقد أجتماع مغلق و تم فيه طرح مشكلة البطالة فى ( مدينتنا ) بأبعادها الخطيرة و ضرورة ألتزامهم بالوعد الذى أخذوه على أنفسهم أمام القيادات الأمنية ، لحسن الحظ لم يكن لديهم أى أفكار أو أى حلول للموقف المفاجئ الذى تورطوا فيه , لذلك كان الطريق ممهداً أمام الماظة لعرض الفكرة الوحيدة لديهم فى الأجتماع ، رغم أقتناع الكثير من الحاضرين لكن خرج عليهم بعض المتمردين و بشدة على تحمل مرتبات شهرية دون الإستفادة القريبة من هذه التكاليف ، هذا ما توقعه الجزيرى و قد أخبر به الماظة بالأمس .. لذلك جائت لحظة تدخله و كانت حاسمة فجذب أنتباه الحاضرين أن جميعهم ساهم فيما وصل إليه الوضع الراهن لذلك عليهم تحمل أعباء تجاوز هذه المحنة ، كما أخبرهم الجزيرى أن هذا الحل لا يتسبب فى الخسارة بل فى المكسب البعيد و قد يكون أتقانه السبب
فى فتح طاقة القدر و الخير للجميع ..
ما بين مؤيد و معارض و بعد أن طالت المباحثات و المداولات ..
لكن فى نهاية المطاف أقتنع جميع الحاضرين من رجال الأعمال من خطورة الموقف الذى يمرون به و من ضرورة تقديم حل سريع
حتى لو كان فنكوشاً ..
*******************
التكنولوجيا سلاح ذو حدين و بالأحرى عالم الأنترنت ، فعلى سبيل المثال لا الحصر .. الواتس آب .. جروبات الواتس آب تمكنك من مخاطبة عدد هائل من الناس و بأقل مجهود ، و تتمكن من أخبارهم بما تريد وقت ما ترغب و دون فرض قيود عليهم بألزامهم بالحضور
فى مكان و زمان محددان ..
عند أستخدام الحد النافع لسلاح الأنترنت داخل ( مدينتنا ) يصبح الأمر سهلاً ، قام الماظة بتسخير جروب الواتس الخاص بالمدينة ليكون المايك الذى يخاطب من خلاله مواطنى ( مدينتنا ) لتصل الرسالة لآلاف المواطنين من قاطنى المدينة ..
نوه أولاً الماظة على الجروب أنه فى خلال ساعة سوف يتم أذاعة فيديو تم تسجيله من قبل رجال أعمال المدينة يتم فيه شرح الأتجاه الجديد الذى يسعون فيه لتحقيق التوازن فى المدينة قدر المستطاع ..
وبالفعل بعد حوالى ساعة كان ٩٠٪ من أعضاء الجروب ينتظرون على أحر من الجمر مشاهدة هذا الفيديو الذى توقعوا
أن يكون لهم طوق النجاة ..
تم تشيير الفيديو على الجروب و تم النقر عليه ألاف النقرات من آلاف الأشخاص المتلهفين لمشاهدة الفيديو ..
كان الآلاف يتابعون فى نهم و كأنهم يشاهدون المبارة الفاصلة لصعود منتخب مصر لكأس العالم !!
أنتهى عرض الفيديو و تمثل الوضع بين أعضاء الجروب و كأنهم معتقلين سياسيين فمن وجد فى نفسه القدرة على التقدم للدورات و شغل هذه الوظيفة كمن حصل على عفو رئاسى و عاد للحياة ، و من لم تتناسب أمكانياته سواء المادية أو المهنية مع هذه الفكرة عاد معبئاً بخيبة الأمل لمحبسه النفسى مرة أخرى و لكنه كان يترك بصمته الغاضبة
فى كومنت على الجروب ..
كان يتابع رجال الأعمال تطورات الأحداث بين المواطنين .. ما بين داعمين للفكرة و ما بين محبطين لها ، حتى داعمى الفكرة أنشقوا لمن رحب بها على حالها و لمن أرتبط ترحيبه بها إذا تحولت الدورات
لدورات مدعمة ..
حالة تخبط و أنقسامات ضربت مواطنى المدينة و لكن ماحدث كان بمثابة صمام أمان لرجال أعمال ( مدينتنا ) لأن فى التفرقة سيادة و سيطرة !
*****************
لم يخطئ المتنبى عندما قال ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) ..
لم يكن محمود من المتضررين مما حدث فى مصانع و شركات الجانب الشرقى و لكنه سيكون من المنتفعين من الضرر الذى لحق بهم ..
كان محمود أول المتقدمين بتسجيل أسمائهم فى أستمارة الألتحاق بالدورات كما قام بأرسال الـ ( سى فى ) الخاص به على الأميل المذكور فى أخر الفيديو الذى قلب جروب المدينة رأساً على عقب ..
هو يدخر مبلغاً مالياً ليعينه على تكاليف الزواج حين يأتي النصيب و لكن نصيبه من العمل جاء أولاً ، فكان المبلغ المالى سنداً له ليبادر بتسجيل أسمه فى الدورة و يحجز له مكاناً فى حياته الجديدة ..
دبت الحماسة فى عروق محمود فأنتعش الأمل بداخله ، جائت هذه الدورات بمثابة طوق النجاة من الغرق فى بحر الفشل .. هذه الوظيفة فى صميم مجاله و ستنمى من مهاراته و يشعر أنه سيحقق فيها ذاته ..
تقمص محمود دور الطالب الذى موعد أمتحانه النهائى قد أقترب و عليه مراجعة كل ما مضى من دراسة و التجهيز و الأستعداد
للأختبار النهائى الذى سيرسم مستقبله ..
أعتكف محمود فى غرفته أياماً حتى تمكن من الأنتهاء من مراجعة ما درسه فى هندسة البرمجيات و مجال البرمجة و كل ما يخص هذا العالم .. بعد أن أنهى محمود الجانب النظرى كان عليه أن يمارس الشق العملى بل و يبرع فيه على سبيل التدرب ليثبت لنفسه أنه جدير بهذه الوظيفة الجديدة ، كان الجانب العملى بالنسبة له هو
أستعادة صفحته ( موطن الفاشلين ) ..
حاول محمود مراراً وتكراراً فك شفرة الحماية لصفحته المسلوبة لكن بائت كل محاولاته بالفشل ، لم ييئس محمود و حاول فى اليوم التالى و لكنه لم ينجح أيضاً و لكنه أحتفظ بأصراره لأيام حتى جاء يوم تمكن فيه من فك الشفرة و الأستحواذ على الصفحة و فرض سيطرته عليها مرة أخرى ..
أصيب محمود بنشوة النصر .. و ظل يردد فى همس :
لقد فعلتها .. لقد فعلتها ..
عزم محمود على تغيير أسم الصفحة من ( موطن الفاشلين )
لــ ( معاً نصنع النجاح ) ..
و كتب فى مقدمة الصفحة بالبنط العريض :
لكى تنهض لا بد من أن تسقط أولاً ..
*************
الفكرة المطروحة فى الفيديو المذاع على جروب ( مدينتنا ) نجحت فى تفتيت كتلة الغضب إلى بروتونات موجبة مجبورة و إلكترونات سالبة مقهورة ، كان محمود و أمثاله ممن سجلوا أسمائهم فى الدورات المقترحة يقومون بدور البروتونات ، أما من فقدوا المقدرة و لم تسمح لهم أمكانياتهم بالتسجيل و الألتحاق بهذه الدورات هم من يمثلون الألكترونات السالبة الغاضبة ، و هم شريحة عريضة من مواطنين ( مدينتنا ) و قرروا التعبير عن غضبهم مبدئياً على الجروب , بتوجيه رسالة صريحة لرجال أعمال المدينة أنهم يطالبون بفرصة تناسب أمكانياتهم و تتوافق مع ظروفهم و ليس شرطاً أن تخدم مصالحهم الشخصية
كـ فكرة مراكز صيانة الروبوتات ..
**********************
وصلت الرسالة لرجال الأعمال و الذين بدورهم كانوا يتابعون الموقف بشغف لرصد ردود الأفعال ، كان المأزق الذى وقعت فيه المدينة لا يحتمل البطء أو التطويل و لسوء الحظ لم يمتلك رجال الأعمال فى خزائن أفكارهم أى حلول أخرى فى هذه الفترة القصيرة ، لكن كان عليهم صد الإتهام المصوب إليهم من قبل إلكترونات المدينة و أن يتنصلوا أيضاً من مسئولية توفير فرصة ثانية مناسبة فى هذا التوقيت ..
لذلك أقترح رجال الأعمال بعد عقد أجتماع أخر و كان طارئاً ، فتح باب أستقبال أفكار مشاريع و سيتم عرضها على لجنة متخصصة و هذه اللجنة لها رؤيتها و من خلالها ستحدد المشاريع المثمرة و التى يمكن دعمها من قبل رجال أعمال المدينة لتنفيذها على أرض الواقع
مقابل نسبة من أرباح المشروع ستذهب لصالح
الداعمين من رجال أعمال ( مدينتنا ) ..
كان لهذا التصريح فى فيديو ثاني على جروب ( مدينتنا ) أثر بالغ على شريحة المعترضين .. فـ للوهلة الأولى شعروا أنهم تائهين هائمين على وجوههم و لكنهم أدركوا أن عليهم أن يشتغلوا على أنفسهم جيداً الفترة المقبلة بعد أن نجح رجال أعمال المدينة في
إسقاط و إبقاء الكرة فى ملعب هؤلاء المعترضين ..
*******************
أنتفع خالد مثل صديقه محمود من الزوبعة التى ظهرت فى ( مدينتنا ) و أنطبقت عليه أيضاً المقولة الشهيرة للمتنبى
( مصائب قوم عند قوم فوائد) ..
خالد يمتلك محل فى الجانب الغربى لبيع الأعلاف و الحاصلات الزراعية لكن سخونية الأسعار وصلت لدرجة الغليان فكانت
تكوى الجميع و لا تبرد .. مما أضعف الحركة الأقتصادية و ضرب الكساد الجانب الغربى و أصاب الركود المدينة بأكملها ..
تلفت أغلب البضاعة فى محل خالد و الباقى خسر فى ثمنه قبل أن يصيبه التلف و أصبح خالد فى عداد العاطلين ..
الفيديو الثاني الذى شيره رجال أعمال المدينة على الجروب كان له الفضل فى أن يدب الأمل و يجرى فى عروق آلاف المحبطين
و كان خالد واحداً منهم ..
لقد تقدم آلاف المواطنين بآلاف الأفكار لألاف المشاريع !!
كادت اللجنة المتخصصة و التى كونها فريق رجال أعمال المدينة لفحص أفكار المشاريع المرسلة و فلترتها ، أن تعلن أنسحابها من هذه المهمة لضعف الكثير من أفكار المشاريع المُرسلة و هناك الأكثر من الأفكار التى تخدم أصحابها و لن تجدى نفعآ للمدينة ، حتى سقطت فكرة مشروع خالد فى أياد اللجنة و هى التى دفعتهم لأن يتراجعوا عن ما كانوا ينوون ..
خالد خريج كلية زراعة بتقدير أمتياز و لكن عاكسته الظروف المفتعلة لأن يتعين معيداً بها و لكنه قدم مشروع تخرج كامل أبهر به أساتذته و لكن لم ينال تطبيقه عملياً أى أهتمام وقتها ..
دون أن يتكبد خالد عناء التخطيط لفكرة مشروع .. فقط أخرج نسخة من مشروع التخرج من درج مكتبه و أرسله على الأميل المذكور فى الفيديو ..
فحصت اللجنة مشروع خالد و الذى يوضح كيفية أستصلاح الأراضى الصحراوية لزراعتها من خلال تكرير مياه الصرف الصحى لأستخدامها فى الرى و كيفية أختيار البذور السليمة لتحقيق جودة المحصول و أوضح فى مشروعه المفصل ما يمكن زراعته فى الأرض الصحراوية مثل : البرسيم و الشعير و القمح و بعض الخضروات مثل الطماطم و الباذنجان .. و ركز خالد فى مشروعه على زراعة القمح ، فبجانب تكرير مياه الصرف الصحى للرى و أختيار البذور السليمة لم ينس أهمية إضافة السماد مثل الأسمدة النيتروجينية و الأسمدة الفوسفورية و أسمدة البوتاسيوم لضمان جودة محصول القمح ..
سبب جذب مشروع خالد لأنتباه اللجنة المتخصصة هو أن المشروع تنطبق مواصفاته على أرض المدينة التى يقطنون بها .. ما أكثر الأراضى الصحراوية داخل المدينة وخارجها مما يسهل تنفيذ فكرة مشروع خالد ، كما أنها أيضاً ستحتاج فى تنفيذها لعدداً هائلاً من المواطنين مما يبتلع نسبة ضخمة من البطالة فى المدينة .. كما أن نجاحها له بعد آخر جوهرى و هو تحقيق الأكتفاء الذاتى لـ ( مدينتنا ) من القمح ، العالم مقبل الفترة القادمة على أزمة قمح عالمية .. فيمكن الإستفادة من
فائض المحصول و تصديره لخارج المدينة ..
******************
تبدلت حالة محمود من شخصاً مفعماً بالفشل و اليأس لشخصاً أخر مشحوناً بطاقة أيجابية و ذلك بعد التسجيل فى الدورات المُعلنة ، و أرتفع معدل طاقته الإيجابية أكثر بعد أستعادة صفحته المُهكرة ..
تمكن محمود من إدارة حالته النفسية مرة أخرى و التحكم فيها ، هو الآن يسعى لأدارة حالته العاطفية و يسعى جاهداً للتحكم فيها .. لكن هذا لا يوقف رغبته الجامحة فى تناول هاتفه و فتح المحادثة الخاصة بجميلة و لاحظ محمود ظهور النقطة الخضراء بجانب أسمها لكن تحجمت رغبته الجامحة بمجرد أن فتح المحادثة .. و فقط ظل ينظر لها ساهماً !
ظهرت جملة فجأة مرسلة من جميلة و قد نجحت
فى أنتشال محمود من شروده ..
كتبت جميلة : مبرووك رجوع الصفحة .. و مبروك تغيير أسمها ..
لم يتوقع محمود الرسالة لأنه هو الذى يبادر بالمراسلة فى كل مرة ، لكن يبدو أن طاقته الإيجابية تجذب له كل ما هو أيجابى
فى الفترة الراهنة وفقاً لقانون الجذب ..
أخبرها أنه قام بالتسجيل فى الدورات التى يدعمها والدها و مجموعة رجال أعمال المدينة كما أخبرها أنه أستعد لها كى يكون في كامل فورمته المهنية .. كان يحكى و يستفيض دون أن يشعر ، جميلة كانت تقرأ كل كلماته فى إهتمام دون أن تقاطعه ..
محمود كان يشعر بالأرتياح و هو يسرد لها ما قام به الفترة الماضية و جميلة كانت تشعر بالأهتمام و الرغبة فى سماع المزيد ..
توقف محمود عن الكتابة فسألته جميلة : ماذا بك ؟؟
كتب لها محمود على أستحياء :
لقد طلبت منك سابقاً قبل ان أعرف أسمك ان أرى صورتك و قد رفضتى .. هل بعد أن عرفت أنك جميلة الجزيرى يحق لى أن أعيد طلبى ؟
و لو فعلت .. هل سيتغير موقفك ؟؟
لحظة صمت طالت دون أن يكتب الطرفان لبعضهما .. بدأ القلق يتسلل لقلب محمود فهو لا يرغب إطلاقاً فى أن يخسر هذه العلاقة ..
تفاجأ محمود بأرسال جميلة لصورتها !
لم يتوقع محمود المفاجأة .. و لم يتوقع الصورة عندما رآها ..
سطعت جميلة فى الصورة أمام ناظري محمود الذى لم يتوقع
أن يصل جمالها إلى هذه الدرجة !
كاد وهج جمالها أن يضئ الصورة ..
مما أجبر محمود كعادة جميلة معه أن تتركه يحملق لشاشة هاتفه
و عيناه مفتوحتان عن أخرهما ..
*******************
. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الرابع
- 4 -
داخل سيارة الماظة لم يكن الوضع كما كان عليه قبل الظهور المفاجئ لنهاوند ، كان الماظة يقود فى صمت و بجانبه كان يجلس الجزيرى
كـ صنم .. لا ينطق و لا يحرك ساكناً.. فقط جفنه يمارس وظيفته و هذا كان الدليل الوحيد على أن الجزيرى ما زال على قيد الحياة ، حاول الماظة الأطمئنان على صديقه الذى أثار قلقه و لكن دون جدوى ، لم يستغرق الماظة وقتاً طويلاً للوصول لفيلته .. ركن سيارته و هو ينظر للجزيرى و قال له متصـعباً : طيش شباب يا صديقى و مصيره يعقل ..
تعالى ندخل نضرب فنجانين قهوة من البن المخصوص بتاعى ..
نزل الماظة و تبعه الجزيرى بخطوات ثقيلة و كأنه منوم مغناطيسياً و قبل أن يصل الماظة لبوابة الفيلا الرئيسية الضخمة الفخمة ، فتح هاتفه و أستخدم أبلكيشن خاص بالأكرة الديجيتال المثبتة بهذا الباب و تمكن من خلاله من فتح الأكرة فدخل الأثنان بمجرد وصولهما للبوابة ..
و بسقفة بسيطة مفتعلة من الماظة تم أضاءة الأنوار
و دبت الحياة فى الفيلا ..
كان - السمارت هوم سيستم - هو النظام الدارج فى فيلات الجانب الشرقى ، دخل الماظة مكتبه برفقة الجزيرى و بنفس السقفة ....... [المزيد]
التقليد الأعمى هو النقل الحرفى لكثير من أفعال دول الغرب و محاولة
تطبيقها فى مجتمعاتنا الشرقية رغم تناقضها معها و مع ذلك
تنال أعجاب الكثير و يدعموها !
التقليد المبصر هو مصطلح ظهر حديثاً فى ( مدينتنا ) و يعزى الفضل فى ذلك للجزيرى نتيجة أستبداله للعنصر البشرى بنظيره الألى و تحقيق أنتاج مضاعف لما كان عليه الوضع سالفاً فى مصنعه ..
مما حفز بعضاً من رجال أعمال ( مدينتنا ) للفكرة وراقت لهم كثيرآ بعد ضمان نجاحها من مراقبة تجربة الجزيرى ..
واحداً من هؤلاء الرجال الذين راقت لهم تجربة الجزيرى يدعى منير المنفلوطى و يمتلك مصنع التونة الشهير بـ ( مدينتنا ) و قد أستخدم حيلة خفض مرتبات العمال للنصف بـ داعى خسارة المصنع و عدم توافر بعض الخامات الأساسية مما أجبر عدد كبير من عمال المصنع على تقديم أستقالاتهم و الرحيل للبحث عن لقمة عيش فى مصنع أخر أو شركة أخرى ..
أما القلائل المتبقين و لم يغادروا المصنع فقد تمكن المنفلوطى من أقناعهم أن وضع العمل أصبح من سئ لأسوأ لا سيما بعد رحيل كم هائل من العمال و مغادرتهم المصنع مما أدى لشلل كلى فى دورة العمل ..
المنفلوطى كان يقلد الجزيرى و لكنه يقلد و هو يحسب جيداً لخطواته المقبلة حالماً أن يضاعف أنتاجه فـ تتضاعف ثروته دون الأهتمام لمن سيدهسهم فى طريقه لهدفه ، هو يؤمن فى أعماقه أن العواطف فى البيزنس تقضى على صاحبها و تعرقل خطوات تقدمه !
و عليه قام المنفلوطى بالتواصل مع نفس الشركة اليابانية التى تعامل معها الجزيرى و تعاقد معهم منير المنفلوطى على توريد روبوتات و لكن هذه المرة كانت بقيمة أثنان مليون دولار !!
التقليد سواء كان أعمى أو مبصر يتحول فى معظم النهايات لوباء ..
فهو يمر بمراحل تطور الفيروس من :
ظهور فأنتقال فأنتشار ثم توغل و أكتساح ..
ظاهرة أستبدال العنصر البشرى بـ روبوت بدأت فى الظهور بفضل الجزيرى ثم تطورت لمرحلة الأنتقال و فعلها المنفلوطى ، و أما من يتناول منه الشعلة و تبدأ مرحلة الأنتشار و التوغل ، أو وأد الفتنة فى مهدها و
وقف الزحف الألى على ( مدينتنا) ..
************
محمود كان قابعاً فى غرقته يجلس على كرسيه الخشبى الهزاز يهتز معه و هو ينظر إلى لا شئ .. يسبح بخياله فى أحلامه التى رسمها و بدأ فى تلوينها بمثابة حصوله على أول دفعة محولة لحسابه من الإعلانات الممولة التى جرت كنهر على صفحته و أغدقته بالأموال .. الأن يجلس شارداً مفعماً بالبؤس و يتمنى لو لم يكن قد عرف مذاق تخمة النقود ، فالجوع بعد شبع مؤلم أكثر من الجوع ذاته !
كان موعد الغداء قد حان فى منزل طايع و هذا يعنى أن الحاجة زكية تقف وسط الأبخرة الخانقة فى المطبخ تعد الطعام فى حين أن الحاج طايع فى وضعه الجديد يجلس ساهماً فى غرفة نومه يفكر طويلاً فى ماذا بعد أنتهاء مكافأة نهاية الخدمة التى عوض بها المنفلوطى أخر مجموعة رحلت من العمال
بعد تصفية المصنع و كان طايع واحداً منهم ..
ألتهم التفكير عقله و كان متخبطاً ماذا سيفعل الفترة المقبلة ، دار حوار ذهنى بداخل رأسه عبارة عن سلسلة من التساؤلات .. هل يقدم على فرصة عمل فى مصنع أخر و لكنه لا يدرى إلى أى مدى سينتشر وباء الروبوتات فقد يكتسح كل المصانع .. هل يفكر فى تبنى مشروعاً صغيراً يدر عليه دخلاً مادياً يتيح له المعيشة لكن أين المبلغ المالى الذى سيبدأ به ؟؟
تآكل عقله من الفكر حتى جاء صوت الحاجة زكية من الصالة .. الغدا جاهز يــا حااااج فأفاقه الصوت من كآبته .. ثم تكرر صوت الحاجة زكية و لكن هذه المرة كانت تنادى على محمود .. الغدا يـا فـااااااشــل ..
و هنا أنتبهت أن الكلمة فى هذا الوضع الذى يملؤه التوتر قد يتم ترجمتها خطئاً من قبل زوجها طايع .. خرج محمود أولاً من غرفته و ألتقى بوالدته و أثار قلقها أكثر و قال لها :
أبقى حددى بعد كدة و أنتى بتقولى يا فاشل
لحسن تتفهمى غلط .. دى فيها طلاق دى ..
ردت زكية بعد أن مطت شفتها السفلى فى أسى :
على رأيك بدل عاطل واحد بقوا أتنين ..
هنا خرج عليهم الحاج طايع فـ سـاد الصمت فى الصالة و جلس ثلاثتهم على طاولة السفرة يتناولون وجبتهم فى صمت تام على عكس الوضع سابقاً عندما كان يتناقش طايع فى أمور العمل مع الحاجة زكية ..
كسرت الحاجة زكية الهدوء المريع الذى سيطر على المكان و قالت للحاج طايع : بقولك يا حاج .. المعلم أبو كرش هيفتح محل جديد و محتاج محاسب شاطر يمسك حسابات المحل .. أيه رأيـ ـ ـ
و قبل أن تكمل زكية الكلمة كان وجه طايع قد أحتقن غيظاً و هو ينظر إليها فى زجر ، فقامت زكية عن مقعدها و هى تحمد الله فى أيحاء منها أنها قد أنهت طعامها و سدت جوعها ..
*******************
فى ظل الظروف العصيبة التى يمر بها منزل طايع حيث وجود رب الأسرة فى المنزل دون عمل يتطرق الأمر إلى مشكلات مفتعلة وغير مفتعلة و جو محمل بالأضطرابات يسود المنزل ، و عليه أضطر محمود أن يفعل أشياء على دون رغبة منه لكنه يعتبرها الملاذ للفرار من المنزل و الذى تحول لثكنة عسكرية ..
محمود يمقت مجالسة أصدقائه على المقهى حيث سحب كثيفة من أدخنة الشيش و السجائر و ضوضاء لعب الطاولة و هبد الدومينو و ما شابه ، لكن أصبح هذا الوضع بالنسبة له أهون من تواجده فى المنزل ..
أجرى خالد أتصالاً هاتفياً بصديقه محمود و هما صديقان منذ سنوات طويلة من الطراز اللذان قد لا تجمعهما الظروف لشهور و لكن عند لقائهما يبدوان و كأنهما كانا بصحبة بعضهما بالأمس و هو ممن هاجر إلى ( مدينتنا ) كما فعل محمود .. هذا الطراز من الصداقة الأصيلة موجود و منتشر و يفرض وجوده ..
عبر خالد فى أتصاله الهاتفى بمحمود عن أنه يرغب فى مقابلته على المقهى و هو يعلم أن محمود سيتملص منه لذلك أخبره أن هناك أمر هام يتعلق بحياته يود أخباره به على سبيل الفضفضة ..
لم يضيع محمود هذه الفرصة حيث أصبح
ما كان يفر منه سابقاً هو فرصة يجب أن تقتنص حالياً !
أستجاب محمود لرغبة صديقه و ذهب للمقهى الذى ينتظره فيه خالد و بالفعل وجد خالد فى أنتظاره فهو من طراز نادر من الأصدقاء و الذى يلتزم بمواعيده ..
بعد العناق و القبلات جلس محمود بصحبة صديقه خالد و هو يسأله الأسئلة الروتينية عن أخباره و أحواله و أسرته فجاء رد غير روتينى من خالد و أخبر محمود أنه أنفصل عن زوجته و طلقها و ترك معها الأولاد .. هذه الكلمات صعقت محمود لأنه يعرف أن خالد أنضج صديق له و يمتاز بالحكمة و لديه قدر وافر من الدبلوماسية ، لكن برر له خالد أن ظروف المعيشة باتت صعبة و متطلبات و أحتياجات أسرته تتفاقم و لم تتحمل زوجته الوضع المادى و الذى أصبح غير ملائم للظروف المعيشية المستجدة فطلبت منه الطلاق و هو قد لبى ..
واساه محمود و أبدى حزنه على ما حدث له و أيقن محمود فى أعماقه أنه ليس الأسوأ حظاً فى هذا العالم .. سأل خالد صديقه عن أحواله و عن ( موطن الفاشلين ) الذى فشل ، أجابه محمود بحمده لله على كل حال و أخبره أنه لا يرغب التحدث فى هذا الأمر ، جبر خالد خاطره ببعض العبارات التى تقال فى مثل هذه المواقف مثل ربنا يعوضك و ربنا يوفقك و جمل من هذا القبيل .. ثم أستأذن خالد ليذهب للحمام كى يلبى نداء الطبيعة ، فى حين فتح محمود هاتفه و أستغل مجانية الواى فاى المتاحة بالمقهى و فتح الفيس الخاص به على سبيل التسلية إلى أن يعود صديقه ..
شرع محمود فى تفقد الفيس و أخذ يقلب فى بوستاته دون أكتراث إلى أن يعود خالد ، تارة يقرأ بوست لأحد الأصدقاء و تارة أخرى يفوت العشرات من البوستات حتى أستوقفه بوست ليس لأصدقاء الصفحة و لكن كان لـ ( وردة الجنة ) و كان محمود قد أصر على متابعة صفحتها عندما أكتشف عدم أمكانية أضافتها كصديق و قد أغلقت هذه الصلاحية عن عمد ، كان البوست حزين فكانت
( وردة الجنة التى ذبلت فى جحيم الحياة ) قد أدرجت على صفحتها بوست لأحياء الذكرى الخامسة لوفاة والدتها و كانت تدعى لها بالرحمة و تطلب من قارئى البوست فضلاً و ليس أمراً أن يدعون لوالدتها و أن يصبر الله قلبها المكلوم .. أدرك محمود أن هذه فرصة ثمينة و مدخلاً جيداً لتوطيد التعارف بينهما و عليه أرسل لها رسالة كتابية يعزيها فيها و يناوشها لجذب الكلمات منها فكتب لها بعد تقديم واجب العزاء و الدعاء :
يبدو أنك أكتسبتى هذا الأسم المستعار منذ خمس سنوات ..
فتم الرد برسالة كتابية : أنا بحب الذكاء مش الأستذكاء ..
عاد خالد و جلس على مقعده دون أن يشعر به محمود ، كان الأخير منهمكاً فى مناوشته مع وردة الجنة و مازال جهله بعالم وردة الجنة مستمراً إلى أن أنتزع منها أعترافاً أن حقاً لوفاة والدتها نصيب كبير من أتخاذ أسمها المستعار ..
طال الحوار بينهما حتى مل خالد من الجلوس بمفرده فصاح فى محمود و طلب منه ترك هاتفه فهذه المقابلة تتكرر بينهما على فترات متباعدة ، أعتذر له محمود و طلب منه أن يمهله دقائق فقد أقترب من معرفة أسم الفتاة , فتعجب خالد وسأله أى فتاة التى تتحدث معها و أنت عدو للجنس الناعم بجميع أعماره ؟!
لم ينتبه محمود أصلاً لتنمر خالد عليه و غرق فى المحادثة مرة أخرى و قد وصلت لذروتها عندما سأل الفتاة عن أسمها الحقيقى و قد أشارت له فى معمعة المحادثة أنها ستخبره به ، لقد أنسجم الحوار بينهما فكان محمود يجيد فن أدارة الحوار .. هو يحملق فى الشاشة لملاحظته أنها تكتب له بعد أعادة سؤاله لها عن أسمها .. كان ينتظر و كله لهفة لمعرفة أسم هذه الفتاة و التى تبدو له أنها مختلفة عن باقى جنسها .. توقفت عن الكتابة و ظهر الرد فجأة أمامه ..
أسمى جميلة .. جميلة الجزيرى ..
مازالت هذه الفتاة قادرة فى نهاية كل محادثة مع محمود على أن تتركه و هو يحدق لشاشة موبايله و عيناه مفتوحتان عن أخرهما ..
*********************
مضت شهور قليلة على خطوة الجزيرى الجريئة فى أستبدال العنصر البشرى بنظيره الألى .. شهوراً قليلة كانت كفيلة لأن تحول الفيروس لوباء .. لقد أكتسحت الروبوتات جميع مصانع و شركات الجانب الشرقى فى ( مدينتنا ) و تم تسريح العاملين بهذه الكيانات مما تسبب فى أحتقان الوضع فى الجانب الغربى و تحويله لكتلة غاضبة عاطلة ..
بات الوضع سيئاً للغاية بعد أن طبق رجال أعمال المدينة نظرية مضاعفة الأنتاج بأستخدام الروبوتات و فضلوا مصالحهم الشخصية على حساب العمال و الموظفين أصحاب البيوت ..
تحول الوضع فى الجانب الغربى لبركان خامد لكن بدأ يوحى ظاهره بما فى باطنه كان جوفه يفور بحمم الغضب التى تحفر لنفسها مخارج لتنطلق منها و تخرج عن سكونها ..
الصورة العامة للوضع فى الجانب الغربى بالأحرى فى هذه الفترة بعد أن بات الوضع الأقتصادى خيالياً و أصبحت الأسعار حرة طليقة لا يسيطر عليها أحد و تتنامى بتضخم مرضى ملحوظ ، أصبح الحال عبارة عن تزايد فى عدد حالات الطلاق .. بدء ظاهرة العنف التى تتطور للجريمة فى أحياناً كثيرة .. ظهر عم ضياء مرة أخرى الذى لا يكف عن الأعتراض و حث المتضررين الذين يقعون فى طريقه على المطالبة بتغيير الأوضاع .. ظهر العديد من الشخصيات أمثال عم ضياء و سلكوا نفس الأتجاه و أنشغلوا بالبحث عن المتضررين لحشدهم .. كان التجاوب معهم أيجابياً للغاية فكان مواطنين الجانب الغربى على أهبة الأستعداد النفسى للثورة ، فقط كانوا ينتظرون من يحركهم و يوجههم ..
أتفق عم ضياء و أمثاله من مجلس قيادة الثورة فى ( مدينتنا ) على حشد مواطنين الجانب الغربى فى ( ميدان العاصمة ) و هو أكبر ميدان فى الجانب الشرقى و يسع لأكثر من عشرة ألاف شخص ..
هكذا دغدغ مجلس قيادة ثورة ( مدينتنا ) الطبقة السطحية لبركان الغضب لدى المواطنين مما أدى لتهتك قشرة الصبر لديهم فأنطلقت حمم الغضب لتملأ الأجواء و تم بالفعل فى اليوم الذى تم تحديده من قبل ( مجلس قيادة ثورة المدينة ) الحشد و التجمهر للأعتصام فى ( ميدان العاصمة ) مما دق ناقوس الخطر و بشدة فى الجانب الشرقى فأدى ذلك لزلزلة أرض الأستقرار تحت أقدام رجال أعمال ( مدينتنا ) و بدأ مواطنين الجانب الشرقى يطالبون بحفظ الأمن و الأمان للجانب الشرقى و للمدينة بأكملها بعد أن أنتقل التوتر و القلق من الجانب الغربى للجانب الشرقى ليعم المدينة بأكملها و قد حذر العديد من مواطنيها العقلاء و أكدوا على ضرورة السيطرة على الوضع قبل أن تنتشر الفوضى فتطول كل مكان !!
*******************
تحركت قوات الشرطة من مركز شرطة ( مدينتنا ) و أتجهت إلى ( ميدان العاصمة ) بالجانب الشرقى فور وصول البلاغ الأول عن وجود أعتصام بالميدان الرئيسى للمدينة و قد تم أعلان المعتصمين عن أستمرار الأعتصام لأيام أو لأسابيع و ربما لشهور و هذا يتوقف على مدى الأستجابة لمطالبهم ..
بدا ذلك جلياً من اليفط التى يرفعها المعتصمين .. مئات البلاغات توالت تباعاً على مركز الشرطة مما دعا لطلب تعزيزات أمنية تحسباً لأي تطورات قد تطرأ ..
وصلت قوات الأمن للميدان و قد بدا المشهد مهيباً بالنسبة لهم لذلك تم الأتصال بالقيادات لتعجيل التعزيزات الأمنية ، كما حضر عدد لا بأس به من رتب أمنية لمحاولة أحتواء الوضع القائم .. تم مخاطبة ألاف المعتصمين مرات عديدة و لكنهم لم يستجيبوا لفض الأعتصام و عرضوا مطالبهم بكل سلمية و شرطهم الوحيد لفض الأعتصام هو تلبية مطالبهم و هو أيضاً مطلب وحيد وهو أيجاد مصدر رزق أخر بدلاً من الذى خسروه .. أمرتهم القوات الأمنية بالتفرق و سيتم بحث المشكلة مع المسؤلين و أيجاد حل فى أقرب فرصة لأن حلول مثل هذه النوعية من المشكلات يتطلب بالتأكيد لأكثر من يوم و أكدوا لهم أنهم لم و لن يوافقوا على أستمرار الأعتصام فى الشارع لأنه يهدد الأمن العام ..
لم يبالى المعتصمين بالكلام بل أكدوا أنهم لن يعودوا لمنازلهم إلا بعد الألتزام أمامهم بوعود حقيقية واقعية تضمن لهم توفير فرص عمل
تعينهم على المعيشة ..
لم يكن أمام القوات الأمنية خيارات ، فكان الأمر محسوماً لهم فالمعتصمين ليس لهم أى أغراض غير مقبولة كما أنهم سلميين و يحافظون على ذلك فلا خيار أمامهم أذن غير الأجتماع بكبار رجال أعمال المدينة المتسببين فيما وصل إليه الوضع الراهن لألزامهم بأيجاد حل يطفأ لهيب الغضب الذى أصاب المعتصمين ..
بالفعل بعد مرور ساعاتان تم عقد أجتماع عاجل بفيلا أحمد الماظة بحضور كلاً من رجل الأعمال الجزيرى و رجل الأعمال المنفلوطى و عدد لا بأس به من رجال أعمال المدينة المساهمين فى أضطراب الوضع الراهن , و حضر الأجتماع عدد من القيادات الأمنية العليا و التى دعت لهذا الأجتماع و قد لخصوا للحضور من رجال الأعمال الوضع الحالى و المستقبلى لأمن المدينة فلابد من إيجاد حلول جذرية و سريعة لمعاونة المتضررين بدلاً من تطور الأمور و اللجوء لتدخل مكاتب العمل من خارج المدينة و فرض عقوبات قد تغرمهم بتعويضات كبيرة مما يؤدى لعرقلة عجلة العمل بمصانعهم و شركاتهم ..
بعد شد و جذب بين الطرفين .. طرف رجال الأعمال و الطرف الآخر و هو القوات الأمنية و قد شاعت موجة غضب بين رجال الأعمال لما أعتبروه من تهديد صريح لهم و كادت أن تتدهور لغة الحوار و التفاهم بين الطرفين لكن كان فى كلاً من الطرفين رجلاً رشيداً أستطاع ان يتمسك بنقط التفاهم فى الحوار و وصلوا لضرورة إيجاد فرص عمل بديلة للمعتصمين و لكن طلب الرجل الرشيد فى رجال الأعمال و كان أحمد الماظة من الرجل الرشيد فى قوات الأمن أن يمنحوهم أسبوعاً على الأقل ليتمكنوا من حل هذه المشكلة ..
وافقت القوات الأمنية و لكنها أشترطت على بعض رجال الأعمال مرافقتهم لموقع الأعتصام للتأكيد على جدية حل المشكلة أمام المعتصمين و بالفعل كان الرجل الرشيد فى القوات الأمنية رشيداً و مقنعاً لثوار لقمة العيش حيث تعهد أمامهم أنه فى غضون أسبوع سيتوفر حل مرضى للجميع و عليه فيتوجب عليهم فض الأعتصام و أن يعودوا أدراجهم لمنازلهم و إن لم يحدث تغيير بعد أسبوع و هذا مستحيلاً .. فهم يعرفون طريق الميدان فلهم الحق للأعتصام وقتها و سيكون أعتصامهم تحت حماية القوات الأمنية !!
بعد الخطبة المعسولة من هذا القائد و بعد تأكيد رجال الأعمال الحاضرين على كلامه لم يكن أمام الثوار أى أختيار غير الإستجابة لمناشدة القائد الأمنى و بالفعل بدأت جموع المتضررين فى التفرق شيئاً فشيئاً حتى تلاشت تماماً فعادت للميدان رئته ليتنفس بحريته مرة أخرى ..
هم رجال الأعمال أيضاً بالرحيل و كذلك قوات الأمن ، فعزم أحمد الماظة على الجزيرى بتناول فنجان قهوة بمكتبه الخاص فى فيلته بأرض الرخاء فرحب الجزيرى بذلك و أستقل الماظة سيارته برفقة الجزيرى و توجها إلى أرض الرخاء مع سماع أغنية لكوكب الشرق و كلاً منهما يحمل سيجار سميك بين أصبعيه فى أنسجام مع الجو العام حتى تفاجأ الماظة بظهور مفاجئ لسيارة حاولت تفادى التصادم معه و توقفت على فاصل سم واحد تقريباً مع سيارته ، نزل من السيارة المتهورة شاب قد ضربه مخدر الحشيش بقوة و يؤكد هذا سيجارة الحشيش التى نزل بها و نزلت من سيارة الشاب فتاة شبه عارية تترنح أثر سيجارة حشيش أيضاً كانت تسحب منها ثم تنفث سحب كثيفة من الدخان ، كان الشاب يقف فى حالة عدم أتزان و يوجه إتهامات بصورة غير لائقة لألماظة حتى نزل ألماظة من سيارته ليتحقق من الشاب المسطول لكن الجزيرى داخل السيارة كان قد تحقق بالفعل من هذا الشاب أنه .. نهاوند ..
نزل الجزيرى من السيارة و عيناه ثاقبتان لا يرفعهما عن نهاوند
حتى تلاقت نظراتهما ، هنا تحقق الماظة أنه نهاوند الجزيرى ..
الماظة بالطبع يعلم أن فيلا نهاوند تقع فى نفس محيط فيلته و الطريق المؤدى لكلا الفيلتين واحد لكنه لم يكن يعلم أنه سيقابله بهذه الطريقة و فى هذا التوقيت ..
نظرات الجزيرى لنهاوند كانت ثاقبة و مؤثرة بقوة سكب جردل من الماء المثلج على رأس نهاوند الذى أبتلع لسانه و تمنى
لو أنشقت الأرض من تحته و أبتلعته فى هذه اللحظة ..
أشاح الجزيرى بوجهه بما يعنى أنه ليس هناك فائدة ، ثم أدار ظهره لنهاوند و عاد للسيارة و هو يقول لألماظة :
يلا نمشى من هنا ..
*****************
كانت لأجابة فتاة ( وردة الجنة ) على سؤال محمود عن أسمها
واقع السحر عليه .. هو لم يتوقع أطلاقا أن ( موطن الفاشلين ) المنهار كان يخبئ بين مواطنيه شخصيات بارزة أمثال أبنة الجزيرى أنجح رجال أعمال ( مدينتنا ) .. راودته الأسئلة و سيطرت عليه الحيرة و سأل نفسه كيف لهذه البرنسيسة أن تطأ قدميها أرض الفقراء و البائسين الفاشلين
و تتعامل على أنها واحدة منهم ؟؟
هل جميلة تعمل صحفية أم أنه فضول منها أو قد يكون بدافع التسلية أم أن هناك أغراض أخرى لم تفصح عنها بعد ؟؟
كان يسأل دون أن يتلقى أي أجابة و مع ذلك أستمر هذا التحقيق الذاتى لكنه أنتبه و أجاب على واحد من عشرات الأسئلة التى وجهها لنفسه و أخبر نفسه أنها كانت تشارك ببوستات عديدة و كانت البوستات يشوبها الحزن و يتخللها بصيصاً من الأمل ، فعاد يحلل الموقف و لكن بأسئلة جديدة فيسأل ذاته كيف لهذه الفتاة و العالم بين يديها أن تكون حزينة بائسة
و تشعر بالأمان فى ( موطن الفاشلين ) !!
هى غامضة و كان لغموضها الفضل فى خلق كيمياء من المشاعر و الأحاسيس بداخله تجاهها و تتطور طرديا مع كل محادثة معها ، لكن الأن بعد معرفة أنها من الجانب الشرقى و بالأحرى أبنة رجل الأعمال الناجح الجزيرى ، فلابد من ترجيح كفة المنطق على كفة الكيمياء التى تكونت بداخله حتى
لا يرسب فى هذا الأختبار .. أختبار جميلة الجزيرى ..
بعد هذا التحقيق المجهد الذى قام به محمود مع ذاته قرر أستدعاء الطرف الأخر لسماع أقواله ليهتدى لحقيقة الأمر فى قضيته الخاصة .. بالفعل فتح محمود الماسنجر و دخل مباشرة على المحادثة الخاصة بجميلة و لحسن الحظ كانت النقطة الخضراء بجانب أسمها مضيئة مما حمسه على فتح المحادثة و محاورتها و مازالت الأسئلة طازجة برأسه ..
ألقى السلام أولاً فـ ردت جميلة السلام ثم أرسلت له أيموشن ضحك فأرسل إليها أيموشن تعجب فأجابته بسؤال و كتبت له :
أين ذهبت بعد معرفة أسمى ؟ أنا ظننت أنك قرأتها لوسيفر و ليس جميلة .. و كان هذا سبب فزعك !
فأجابها : كيف ملاك مثلك يقارن ب شيطان .. و بدأ تجاذب أطراف الحديث حتى وصل محمود لنقطة مناسبة لأنطلاق أسئلته و عند هذه اللحظة أنهال محمود على جميلة بحيرته و تخبطه و كان ينتظر الهداية فى أجاباتها ليهدى ضالته ..
أخبرته جميلة أن ليس للثروة و لا للجاه مذاق بعد فقدان والدتها لا سيما فى حالتها و قد كانت والدتها هى الدنيا و ما فيها .. كانت فى ناظريها الثروة و القوة و الحنان و الأمان .. كانت الصديقة و الأم و الأخت و السند كانت مرتبطة بها أرتباط مرضى , لذلك لم تتحمل مغادرتها للحياة و لم تقوى على مفارقتها .. كان لخبر الوفاة أثر قوى عليها أدى وقتها لأرتفاع ضغط الدم مما زاد من التأثير و الضغط على الأوعية الدموية فوصل الأمر إلى تمزق الأوعية الدموية مما أدى لأصابتها بالشلل و أخبرته أنها أصبحت بعدما فقدت والدتها
جليسة كرسى متحرك !
مازالت جميلة قادرة على جعل محمود فى نهاية كل محادثة معها أن يحدق لشاشة موبايله و عيناه مفتوحتان عن أخرهما !!!
*******************
. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الثالث
- 3 -
التقليد الأعمى هو النقل الحرفى لكثير من أفعال دول الغرب و محاولة
تطبيقها فى مجتمعاتنا الشرقية رغم تناقضها معها و مع ذلك
تنال أعجاب الكثير و يدعموها !
التقليد المبصر هو مصطلح ظهر حديثاً فى ( مدينتنا ) و يعزى الفضل فى ذلك للجزيرى نتيجة أستبداله للعنصر البشرى بنظيره الألى و تحقيق أنتاج مضاعف لما كان عليه الوضع سالفاً فى مصنعه ..
مما حفز بعضاً من رجال أعمال ( مدينتنا ) للفكرة وراقت لهم كثيرآ بعد ضمان نجاحها من مراقبة تجربة الجزيرى ..
واحداً من هؤلاء الرجال الذين راقت لهم تجربة الجزيرى يدعى منير المنفلوطى و يمتلك مصنع التونة الشهير بـ ( مدينتنا ) و قد أستخدم حيلة خفض مرتبات العمال للنصف بـ داعى خسارة المصنع و عدم توافر بعض الخامات الأساسية مما أجبر عدد كبير من عمال المصنع على تقديم أستقالاتهم و الرحيل للبحث عن لقمة عيش فى مصنع أخر أو شركة أخرى ..
أما القلائل المتبقين و لم يغادروا المصنع فقد تمكن المنفلوطى من أقناعهم أن وضع العمل أصبح من سئ لأسوأ لا سيما بعد رحيل كم هائل من العمال و مغادرتهم المصنع مما أدى لشلل كلى فى دورة ....... [المزيد]