خطايا العذارى
خطايا العذارى
منذ اللحظة الأولى يثير العنوان السؤال عن ذلك الخطأ الذي ارتكبنه العذاري .خطايا جمع خطيئة وهي ارتكاب معصية أو إساءة تستلزم العفو أو التعويض .لذا لابد من إكمال قراءة القصة لمعرفة الإساءة .
" من بين قضبان الليل يعوي الصمت في منزل الموتي" بداية مرعبة لمصير أكثر رعبا في مجتمع ينظر إلى العنوسة كخطايا العذاري . بين القضبان ،الليل ،الصمت يعوى ثم الموتي .مفردات لتوصيف هذه الحالة الاجتماعية التى تحول العنوسة إلى قضبان وتجعل الصمت حاجز بينها وبين مشاعرها من وجهة نظر امرأة تقدر مواقف بنات جنسها أكثر من الرجل .لا يفهم الانثى ومشاعرها قدر الانثى نفسها .لكن ليس هذه الحالة فقط بل حتى المنزل منزويا بعيدا مهملا اخر حارة البساتين !
البساتين ورمزيتها للحياة والسعادة لم يحصلن العوانس منها إلا المكان الاخير .
هذا في المكان ،المنزل لكن ماذا عن خروجهن إلى الحياة وممارسة حياتهن اليومية الإنسانية والسعي لقضاء متطلبات الحياة التى لا تنتهي ،
" ثلاث قطع لحم صامتة يسرن بين الحشود وسط الحارة " تحولت الإنسانية إلى قطع لحم ! يتم اشتهائهن من الجوعي الذين يعتقدون أن العنوسة قد تكون وطائتها ثقيلة منا يسمح لهم بفرصة للنيل من هذه اللحوم الصامته . لكن الثلاث العذاري الذي والسخرية قدر الكاتبة ليس لهن سند أو( حارس ) يحميهن في هذا المجتمع الذي يتحولن فيه إلى خطايا وقطع لحم بسبب عامل الزمن فالعنوسة ان تسن المرأة وتطول عزوبتها ،عدم الزواج بسبب عامل الزمن ومرور الوقت يتحول إلى سلاح يتم فيه انتهاك إنسانية العانس ومشاعرها .
العنصر المادى المحسوس في( قطع لحم ) يتوق الى مشاعر الأمومة ،الى سند يحميهن من السلبيات التى يلصقها المجتمع بالعانس.
عندها تقرر منال الذي شارفت على الاربعين واصيخ يقلقها نداء اطفال الحارة " ينادونها بالخالة عوضا عن امي " أن تجد مخرج من هذا الوضع بأي طريقة .
ليس فقدان السند والعنوسة بل وكذلك الدين الذي خلفه الوالد لهن ،هذا الدين المربك القاريء في التعامل معه حيث تستخدم الكاتبة " العم محروس الذي يدينون له بالكثير من المال " وهنا يكون العم محروس طالب حق فقط ولا غبار عليه لكن بعد الاسترسال تجد " فكلما انتهى دين يضهر اخر من العدم وليس عليهن سوى الخضوع له " هنا تتغير صورة العم محروس من كائن أخلاقي في الجملة الأولى إلى كائن لا اخلاقي يستغل هؤلاء الفتيات الوحيدات دون معيل، هذا التحول من إيجابية إلى سلبية مكثفة اربكني كقاريء فلما لم تقدم الصورة الحقيقية السلبية عن السيد محروس ! .
صفقة رابحة للطرفين هذا ما تقدمه منال التى تتوق لتصبح ام وتسعى لتجد سند لها واخواتها رغم اعتراض مها عن هذه البيعة .لكن تحتج منال " بعد عام لن استطيع ان احمل طفلا بين يدي ،وستغتصب الحياة اخر حق لي " أنها الأمومة التى تستدعي منال أن تضحي كي تحقق هذه الرغبة لأجل الطفل الذي تحلم بحمله !
العم محروس والذي المصادفة يشتق اسمه من مادة ؛ ح .ر .س في اللغة العربية يوافق على هذا العرض المغري فهو في الخمسين وتظل منال رغم مشارفتها الاربعين مغرية بقوامها وذلك الجزء من جلبابها الذي يلفت نظر السيد محروس فتسارع إلى تغطيته بشالها .
تعيش منال لحظات السعادة وهي تستعد لهذا الفرح الصفقة ، لقد فرحت فرح مراهقة لتسقط عن كاهلها سنوات من العنوسة .
لكن لا تستمر هذه اللحظات السعيدة ويصاب القاريء بالحزن والصدمة لعدم إكمال هذا الزواج رغم مافيه من صفقة عملية تنزع رومانسية الزواج .
يموت السيد محروس وتصاب العروس التى تستحق الفرحة الكبيرة بخيبة أمل " متكورة على حالها ،تمسك بصورة والديها وتبكي تشكو له خيباتها " أن ضمير الغائب المفرد يلفت شكواها لأبيها السند لها .
وفجاءة يأتي ابن السيد محروس الذي توفي ويأتي الابن ليطلب " حقي في هذا المنزل "
لا احب النهايات المفتوحة كما لم يحبها السيد ارسطو في تنظيره التراجيديا على المسرح ،لكن عزائي أن النهايات المفتوحة في التراجيديا قصور لأنها لا توصل المتلقي إلى عملية التطهير لكن ربما في الرواية والقصة فهي انفتاح على احتمالات قد يجدها القاريء فيكون لكل قاريء نهايته .