█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ راقبت لمائة عام الوحوش تخرج كل بضعة سنوات
تصطاد ثم تختفي، سمعت صوت عويل النساء على أطفالهن كل
بضع سنوات ثم تتلاشى الاصوات وهكذا مرت المائة عام حتى دخلت
شارزون إلى الجبل وقامت بفك اللعنة لأتحرى أنا وزملائي فقط.
رونيم: »أنـ... أنا لم أعلم بكل هذا«.
َّ تكارون بصوته الواهن: »والآن تعلمين سيدتي، لقد مر َّ ما مر ونحن الآن
سندخل لهذا الجبل بعد حلول الظالم لنقابل الوحوش وندمر اللعنة وكذلك
لتباركي شعب المملكة ثم تقـ...« . ❝
❞ السَّلامُ عليكَ يا صاحبي،
أقولُ لكَ: للهِ حكمة في كل إنسان يخلقه،
ومهما غابت هذه الحكمة عنك ثِقْ أنها موجودة فعلاً!
ولكن الله سبحانه إن لم يخبرنا عن الحكمة في خلق المخلوقات فلسببين رئيسيين:
الأول: أنه لا يُسأل عمَّا يفعل،
وهذه أول خطوات أدب العبد مع الرّب،
وبدونها لا يصِحُّ الإيمان،
أو لنقل أنه يصبحُ إيماناً أعرجَ!
الثاني: أن الله سبحانه أراد منا أن نُعمل عقولنا في حوادث التاريخ،
لنستشفَّ منها الدروس والعِبر!
أليس العصف الذهني، والتفكير الناقد،
وعدم تقديم الإجابات للمتعلمين إنما هو إفساح المجال لهم ليكتشفوها بأنفسهم من أُسس التربية الحديثة؟!
فلماذا نمدحها عند الناس، ونُشكك بها عند الله والعياذ بوجهه الكريم أن نُشككَ فيه!
فتقول لي: لستُ أشكك أبداً وإنما أحاول أن أفهم!
فأقولُ: يا صديقي إن محاولة الفهم هذه عبادة بحدِّ ذاتها،
ولكني أشعرُ أنكَ ترمي إلى شخصٍ بعينه!
فتجيبني قائلاً: لستُ أرمي إلى شخصٍ بعينه، ولكن بما أنكَ سألتَ، فأخبرني مثلاً عن الحكمة في خلق شخصٍ طاغية كفرعون!
يا صاحبي،
إنَّ فرعون أحد أهم النماذج التي تُضربُ على حكمة الله سبحانه في الخلق!
لولا فرعون وأمثاله لما فهمنا سُنّة الابتلاء!
ابتلاء القوي بالسلطة والجاه والسلطان،
وابتلاء الضعيف بالصبر والمجاهدة!
دون فرعون وأمثاله لن ندرك كيف أرخى الحبل للناس ليعبدوه أو يعصوه باختيارهم!
فلو جبرَ الله تعالى الناس على طاعته،
فأيُّ شيءٍ يبقى من امتحان الدنيا؟
كيف سيرسب الناس أو ينجحوا ما لم يكن لهم إرادة حُرَّة على أفعالهم؟
المُكره لا امتحان له،
والمُجبر عاجزٌ لا يُسأل!
مدُّ اللهِ الظالم بالقوة هو من باب إقامة الحُجة عليه،
وعدم تدخل الله لرفع الظلم عن المظلوم عند وقوع الظلم مباشرة،
ضروري لامتحان الصبر ومجاهدة الظلمة!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف
أنَّ الإنسان أعجز من أن يُغيِّر قدر الله!
فعندما رأى فرعون في منامه ناراً عظيمة تلاحقه في قصره،
وعبَّر له المفسرون ذلكَ بغلام يولد في بني إسرائيل يكون زوال ملكه على يديه،
فأصدر أمراً بذبح كل المواليد الذكور في بني إسرائيل،
بقيَ يذبحُ أعواماً طويلة،
ولكن عندما وُلد موسى عليه السلام رباه في قصره رغماً عنه،
هذا لنعرف أن قدر الله نافذٌ لا محالة!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف أن القلوب بيد الله يُعلِّقها أو يصرفها كيف يشاء!
تخيَّلْ تلك اللحظة التي رأت آسيا بنت مزاحم
الصندوق الخشبي يتهادى على مياه النيل،
فأمرتْ الحرس أن يأتوها به،
فلما فتحته ورأتْ موسى عليه السلام فيه ألقى الله تعالى محبّته في قلبها!
هذه المحبَّة هي التي حالت بين رقبة موسى عليه السلام وسكيّن الذبح!
ولنعرف أيضاً أن الجزاء من جنس العمل،
أم موسى التي حُرمتْ ابنها أول الأمر تنفيذاً لأمر الله،
جعل الله سبحانه لابنها أماً ثانية تخلفها فيه!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف أنه بإمكان أحدٍ أن يُفسد أحداً،
ولتذرعنا في ضلالنا وفسادنا بالبيئة والظروف،
ولكن جعل الله آسيا زوجة فرعون حُجَّةً على الناس كي لا يتعللوا بشريك العمر!
في قصر واحد كان الزوج يقول: أنا ربكم الأعلى،
والزوجة تسجد وتقول: سبحان ربي الأعلى!
أرأيتَ الآن حكمة الله البالغة؟!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف أن البيوت أسرار،
وأن الزوجين قد يعيشا تحت سقف واحد،
ويجمعهما سرير واحد،
ولكن المسافة بينهما تكون أبعد مما بين السماء والأرض!
تخيَّلْ معي هذه المفارقة،
أحد أشهر الكفار في التاريخ،
هو زوج إحدى أشهر المؤمنات في التاريخ!
يا صاحبي،
ليست المسافات هي التي تُقرب الناس أو تبعدهم،
وحدها القلوب هي التي تفعل!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف
أن الإخوة والأخوات يكونون أحياناً قطعاً من القلب،
وحين ألقت أم موسى رضيعها في النهر وجلستْ تدعو،
كانت أخته تركضُ خلف الصندوق تريدُ أن تعرف أين يلقيه اليم!
وحين رفضَ المراضعَ كلها ارتدتْ ثياب الناصحين،
تدلهم على أهل بيتٍ يكفلونه لهم،
كانت هي سبباً في أن عاد موسى عليه السلام إلى حضن أمه!
وعندما شرَّف الله تعالى موسى عليه السلام بالنبوة،
كان مما قاله موسى عليه السلام ﴿وأَخِي هَارُونُ هوَ أَفصَحُ منِّي لِسَانًا ﴾
إنه لم يتحرَّج من أن يذكر النقطة التي يتفوق بها أخوه عليه!
الدم لا يصير ماءً يا صاحبي!
يا صاحبي،
لولا فرعون ما كان لنا أن نعرف
أن العبيد هم الذين يصنعون جلاديهم،
﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوه﴾
لما رآهم قد أحنوا ظهورهم له امتطاهم،
فالطاغية لا يصبح طاغية من تلقاء نفسه،
وإنما جموع العبيد حوله هي التي تصنع طغيانه!
أرأيتَ كم كان مهماً أن يأتي فرعون لنفهم سُنة الله في الحياة!
والسلام لقلبكَ . ❝
❞ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ۖ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ ۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)
قوله تعالى : وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يابشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون قوله تعالى : وجاءت سيارة أي رفقة مارة يسيرون من الشام إلى مصر فأخطئوا الطريق وهاموا حتى نزلوا قريبا من الجب ، وكان الجب في قفرة بعيدة من العمران ، إنما هو للرعاة والمجتاز ، وكان ماؤه ملحا فعذب حين ألقي فيه يوسف .
فأرسلوا واردهم فذكر على المعنى ; ولو قال : فأرسلت واردها لكان على اللفظ ، مثل وجاءت . والوارد الذي يرد الماء يستقي للقوم ; وكان اسمه - فيما ذكر المفسرون - مالك بن دعر ، من العرب العاربة .
فأدلى دلوه أي أرسله ; يقال : أدلى دلوه إذا أرسلها ليملأها ، ودلاها أي أخرجها : عن الأصمعي وغيره . ودلا - من ذات الواو - يدلو دلوا ، أي جذب وأخرج ، وكذلك أدلى إذا أرسل ، فلما ثقل ردوه إلى الياء ، لأنها أخف من الواو ; قال الكوفيون . وقال الخليل وسيبويه : لما جاوز ثلاثة أحرف رجع إلى الياء ، اتباعا للمستقبل . وجمع دلو في أقل العدد أدل فإذا كثرت قلت : دلي ودلي ; فقلبت الواو ياء ، إلا أن الجمع بابه التغيير ، وليفرق بين الواحد والجمع ; ودلاء أيضا .
فتعلق يوسف بالحبل ، فلما خرج إذا غلام كالقمر ليلة البدر ، أحسن ما يكون من الغلمان . قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث الإسراء من صحيح مسلم : فإذا أنا بيوسف إذا هو قد أعطي شطر الحسن . وقال كعب الأحبار : كان يوسف حسن الوجه ، جعد الشعر ، ضخم العينين ، مستوي الخلق ، أبيض اللون ، غليظ الساعدين والعضدين ، خميص البطن ، صغير السرة ، إذا ابتسم رأيت النور من ضواحكه ، وإذا تكلم رأيت في كلامه شعاع الشمس من ثناياه ، لا يستطيع أحد وصفه ; وكان حسنه كضوء النهار عند الليل ، وكان يشبه آدم - عليه السلام - يوم خلقه الله ونفخ فيه من روحه قبل أن يصيب المعصية ، وقيل : إنه ورث ذلك الجمال من جدته سارة ; وكانت قد أعطيت سدس الحسن ; فلما رآه مالك بن دعر قال : " يا بشراي هذا غلام " هذه قراءة أهل المدينة وأهل البصرة ; إلا ابن أبي إسحاق فإنه قرأ " يا بشري هذا غلام " فقلب الألف ياء ، لأن هذه الياء يكسر ما قبلها ، فلما لم يجز كسر الألف كان قلبها عوضا . وقرأ أهل الكوفة " يا بشرى " غير مضاف ; وفي معناه قولان : أحدهما : اسم الغلام ، والثاني : معناه يا أيتها البشرى هذا حينك وأوانك . قال قتادة والسدي : لما أدلى المدلي دلوه تعلق بها يوسف فقال : يا بشرى هذا غلام ; قال قتادة : بشر أصحابه بأنه وجد عبدا . وقال السدي : نادى رجلا اسمه بشرى . قال النحاس : قول قتادة أولى ; لأنه لم يأت في القرآن تسمية أحد إلا يسيرا ; وإنما يأتي بالكناية كما قال - عز وجل - : ويوم يعض الظالم على يديه وهو عقبة بن أبي معيط ، وبعده يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا وهو أمية بن خلف ; قاله النحاس . والمعنى في نداء البشرى : التبشير لمن حضر ; وهو أوكد من قولك تبشرت ، كما تقول : يا عجباه ! أي يا عجب هذا من أيامك ومن آياتك ، فاحضر ; وهذا مذهب سيبويه ، وكذا قال السهيلي . وقيل : هو كما تقول : واسروراه ! وأن البشرى مصدر من الاستبشار : وهذا أصح ; لأنه لو كان اسما علما لم يكن مضافا إلى ضمير المتكلم ; وعلى هذا يكون " بشراي " في موضع نصب ، لأنه نداء مضاف ; ومعنى النداء هاهنا التنبيه ، أي انتبهوا لفرحتي وسروري ; وعلى قول السدي يكون في موضع رفع كما تقول : يا زيد هذا غلام . ويجوز أن يكون محله نصبا كقولك : يا رجلا ، وقوله : يا حسرة على العباد ولكنه لم ينون " بشرى " لأنه لا ينصرف .
وأسروه بضاعة الهاء كناية عن يوسف - عليه السلام - فأما الواو فكناية عن إخوته . وقيل : عن التجار الذين اشتروه ، وقيل : عن الوارد وأصحابه . " بضاعة " نصب على الحال . قال مجاهد : أسره مالك بن دعر وأصحابه من التجار الذين معهم في الرفقة ، وقالوا لهم : هو بضاعة استبضعناها بعض أهل الشام أو أهل هذا الماء إلى مصر ; وإنما قالوا هذا خيفة الشركة . وقال ابن عباس : أسره إخوة يوسف بضاعة لما استخرج من الجب ; وذلك أنهم جاءوا فقالوا : بئس ما صنعتم ! هذا عبد لنا أبق ، وقالوا ليوسف بالعبرانية : إما أن تقر لنا بالعبودية فنبيعك من هؤلاء ، وإما أن نأخذك فنقتلك ; فقال : أنا أقر لكم بالعبودية ، فأقر لهم فباعوه منهم . وقيل : إن يهوذا وصى أخاه يوسف بلسانهم أن اعترف لإخوتك بالعبودية فإني أخشى إن لم تفعل قتلوك ; فلعل الله أن يجعل لك مخرجا ، وتنجو من القتل ، فكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته ; فقال مالك : والله ما هذه سمة العبيد ! ، قالوا : هو تربى في حجورنا ، وتخلق بأخلاقنا ، وتأدب بآدابنا ; فقال : ما تقول يا غلام ؟ قال : صدقوا ! تربيت في حجورهم ، وتخلقت بأخلاقهم ; فقال مالك : إن بعتموه مني اشتريته منكم ; فباعوه منه . ❝