❞ كنت أجلس وحدي .. الساعة تدق الثالثة بعد منتصف الليل .. و المائدة أمامي عليها بقايا أكواب .. و أعقاب سجائر .. و فُتات خبز .. و كراسي الطقم مبعثرة في فوضى ..
و الجو فيه رائحة الناس الذين كانوا حولي منذ لحظة .. و أصوات قهقهة مازالت في أذني .. و آخر ابتسامات .. و آخر كلمات ما زالت تسحب في ذاكرتي ذيلاً طويلاً .
إنتهت السهرة ..
وقع الأقدام خارجة .. ما زالت على الدَرَج .. و الباب و هو يُغلَق .. و الأسانسير و هو ينزل .. حاملاً معه آخر هاللو .. أحلام سعيدة .. و تصبح على خير .
و خطر لي أن أدير جهاز التسجيل .. و أستمع إلى السهرة من جديد .. و كنت أشعر بلذة و أنا أتتبع الأصوات المختلطة و أتبين كل واحد منها على حِدة .. هذا فلان .. و هذا فلان .. و هذا أنا .
و أصغى إلى صوتي و أنا أقهقه .. و أقول .. كمان .. و النبي كمان .. حلو قوي يا خويا .. و يبدو صوتي في أذني خشناً و كأنه صوت رجل آخر .. و أتطلع بأذني إلى نبراتي كأني أتطلع إلى صورة غريبة عني لا أعرفها و لا يعجبني صوتي .
و أنظر إلى الجهاز الذي استطاع أن يفصل قطعة قطعة من نفسي و يسجلها ، ماذا يحدث لو استطاع العلم أن يُخرِج عقلي من مخي و يسجله على شريط ، و يُخرِج عواطفي و يصورها .. و يطبع من ضميري كارت بوستال 9x6 .
ها هنا في هذا الجهاز أصواتنا كلها معبأة في شريط أقل من ملليمتر .. منقوشة على ذرات .. على هباء .
ها هو اختراع جعل المادة طيعة لينة قابلة للتشكل قادرة على نقل أدق الصور و التعبيرات و السمات الإنسانية .
جهاز يجمع الإلكترونات و ينثرها و يرسم منها حروفاً و نغمات و تونات طِبق الأصل كما نطق بها صاحبها .. إلى هذا الحد وصلنا في ميدان الإختراع و المعرفة .. و الإبتكار .. !
و تذكرت آخر كتاب كنت أقرأه عن العصر الحجري منذ ستة آلاف سنة .. و كيف كنا نعيش في ذلك الوقت في غابات البردي الكثيفة تمرح حولنا جواميس البحر و الفيلة و الدببة و الضباع و الغزلان و الخيول و التماسيح و وحيد القرن و الثور و القرد و الحمار ..
نأوي في البرد إلى الكهوف .. و في الحر إلى خيام نصنعها من جلد الماعز .. و نقضي نهارنا ننحت أسلحتنا من الحجر الصوّان .. خناجر و سكاكين و رءوس للحراب و بُلَط و أزاميل و حِراب و عِصيّ من الخشب ، و نِصال ذوات أسنان ، و دبابيس من العظم و العاج و القرن ..
في ذلك الوقت كانت أعظم اختراعاتنا .. هي الفأس و المِحراث .. و المقلاع .. و السهم و القوس .
و أعظم مبتكراتنا التي قلبنا بها وجه التاريخ .. فِلاحة الأرض .. و تربية الدواجن .
و أغنى أغنيائنا .. رجل يملك كوخاً من الطين و البوص و قطيعاً من الخنازير .. و طقماً من الأواني الفخارية .
كان الفخار في تلك الأيام شيئاً كالذهب .. و كوخ الطين شيئاً مثل قصر على شاطئ الريفيرا .
و اليوم ..
و ما أبعد اليوم عن الأمس ..
اليوم .. الرجل العادي يسكن عمارة فيها أسانسير و ماء و نور .. و يدخل سينما فيها تكييف .. و يحمل في جيبه راديو ترانزستور .. و يأكل أقراص فيتامينات .. و يقرأ الصحف .. و يشاهد التليفزيون .. و يتكلم في التليفون .. و يركب القطار .. و يشكو من الفقر .. !
أما الغني .. فإنه يستطيع أن يطير في الهواء على طائرته الخاصة و ينطلق في البحر على ظهر باخرته الملاكي .
شيء رهيب ..
إننا بالنسبة لأهل ذلك العصر .. سَحَرة .. مَرَدة .. شياطين .. آلهة .. إنهم لو بُعِثوا من قبورهم .. و شاهدونا .. يركعون سُجداً .. من الرهبة .. و الدهشة .. و الإجلال .. لو استمعوا إلى أصواتهم و هي تُسجَل على أشرِطة و تُبعَث من جديد حية نابضة .
لو شاهدوا صورهم و هي تُسجَل في التليفزيون .. و تتحرك كأن بها مَسّاً .
إن التدرُج البطيء الذي حدثت به هذه الحوادث في الزمان هو الذي أطفأ جدتها و جعلها تبدو مألوفة .. و لكنها في الواقع خارقة و مُدهِشة ، و إذا أدركنا أنه بينما الإنسان قد قفز بعقله هذه القفزة الهائلة .. فإن جميع الحيوانات حواليه مازالت على عهدها كما ألِفها منذ ستة آلاف سنة ..
مازال القرد يأكل بنفس الطريقة ،و يقفز بنفس الطريقة من شجرة إلى شجرة بدون هليكوبتر ..
و النمل ما زال يخزن مئونته من فتات الطعام بنفس الطريقة البدائية بدون ثلاجات ..
و الجواميس ما زالت ترعى الكلأ .. لم تفكر مرة أن تصنع منه سلاطة أو تطهيه بالمايونيز .. أو تتعاطاه أقراصاً .
كل شيء واقف مكانه .. بينما الإنسان وحده يقفز .. و يطير ..
إذا أدركنا هذا .. فإننا سنشعر بأننا ننفصل و نبتعد بسرعة عن أصلنا .. كسُلالة متفوقة .. و خَلفَنا حيوانات تنقرض و تضمها المتاحف و الحفريات في ثنايا الصخر .
نجري إلى الأمام بسرعة .. إلى الفضاء .. و ما وراء الفضاء .. و وراءنا الحياة ما زالت تأكل الطين و تعض في الحجر .
نحن في حالة هجرة أبدية مبتعدين عن جذورنا الحيوانية و أرضنا .. مغتربين أبداً عن أسرتنا الأولى التي عاصرناها منذ فجر التطور .. حينما كنا نسبح متجاورين معاً في مستنقع واحد .. و نتسلق الشجر مع القِردَة في عصرنا الحجري .
إن أحفاد أحفاد أحفادنا الذين ستُلقي بهم عقولهم المتفوقة إلى ما وراء الفضاء .. سوف ينسون أصلهم و تاريخهم .. و سوف يبدأون صفحة جديدة على كوكب جديد و كأنهم ملائكة بلا ماضٍ .
ذلك الماضي البعيد الذي كانوا يعضون فيه الحجر و ينهشون اللحم نيئاً ، و يتعشون هم و كلابهم على مائدة واحدة من عظام الحيوانات التي اصطادوها .
ذلك الماضي الذي يحكي لهم اصلهم الواطي .. لن يذكره أحد منهم .. هؤلاء المحظوظون الذين ستفتح لهم الجنة أبوابها على مصراعيها .. إنها حدوتة عجيبة .. كحواديت ألف ليلة و ليلة .. و خيال أبعد من كل الخيالات التي تخيلها مؤلفو الخرافة .
و لكنها الحقيقة برغم هذا .
و حينما أدير جهاز التسجيل .. و أستمع إلى أصواتنا التي حفرها ذلك الحفّار الكهربي على الذرات و رسمها على الهباء .. و نقشها على الإلكترونات أشعر بأنها الحقيقة .. فهذا أنا .. أنا الذي أتكلم .. و هذه ضحكتي .. و قد خَرجْت من ظلام المادة العمياء .. من نعش الإلكترونات و ذريرات الهباء .
و هذا هو العقل الرائع الذي يحمله الإنسان القزم بين كتفيه .. و يبتعد به بعيداً عن أصله .. و يقفز به في كل لحظة .. سنوات و أجيالاً إلى الأمام ..
و هو العقل الذي سوف يرمي به في رمية واحدة إلى أطراف الكون .. حيث يعيش و يتكاثر و ينعم .. و ينسانا .. و ينكِرنا ..
نحن أجداده الذين حملنا الطين على أكتافنا لنبني له غرفات مهده التي وُلِد فيها .
مقال / حدوتة
من كتاب / تأملات في دنيا الله
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ كنت أجلس وحدي . الساعة تدق الثالثة بعد منتصف الليل . و المائدة أمامي عليها بقايا أكواب . و أعقاب سجائر . و فُتات خبز . و كراسي الطقم مبعثرة في فوضى .
و الجو فيه رائحة الناس الذين كانوا حولي منذ لحظة . و أصوات قهقهة مازالت في أذني . و آخر ابتسامات . و آخر كلمات ما زالت تسحب في ذاكرتي ذيلاً طويلاً .
إنتهت السهرة .
وقع الأقدام خارجة . ما زالت على الدَرَج . و الباب و هو يُغلَق . و الأسانسير و هو ينزل . حاملاً معه آخر هاللو . أحلام سعيدة . و تصبح على خير .
و خطر لي أن أدير جهاز التسجيل . و أستمع إلى السهرة من جديد . و كنت أشعر بلذة و أنا أتتبع الأصوات المختلطة و أتبين كل واحد منها على حِدة . هذا فلان . و هذا فلان . و هذا أنا .
و أصغى إلى صوتي و أنا أقهقه . و أقول . كمان . و النبي كمان . حلو قوي يا خويا . و يبدو صوتي في أذني خشناً و كأنه صوت رجل آخر . و أتطلع بأذني إلى نبراتي كأني أتطلع إلى صورة غريبة عني لا أعرفها و لا يعجبني صوتي .
و أنظر إلى الجهاز الذي استطاع أن يفصل قطعة قطعة من نفسي و يسجلها ، ماذا يحدث لو استطاع العلم أن يُخرِج عقلي من مخي و يسجله على شريط ، و يُخرِج عواطفي و يصورها . و يطبع من ضميري كارت بوستال 9x6 .
ها هنا في هذا الجهاز أصواتنا كلها معبأة في شريط أقل من ملليمتر . منقوشة على ذرات . على هباء .
ها هو اختراع جعل المادة طيعة لينة قابلة للتشكل قادرة على نقل أدق الصور و التعبيرات و السمات الإنسانية .
جهاز يجمع الإلكترونات و ينثرها و يرسم منها حروفاً و نغمات و تونات طِبق الأصل كما نطق بها صاحبها . إلى هذا الحد وصلنا في ميدان الإختراع و المعرفة . و الإبتكار . !
و تذكرت آخر كتاب كنت أقرأه عن العصر الحجري منذ ستة آلاف سنة . و كيف كنا نعيش في ذلك الوقت في غابات البردي الكثيفة تمرح حولنا جواميس البحر و الفيلة و الدببة و الضباع و الغزلان و الخيول و التماسيح و وحيد القرن و الثور و القرد و الحمار .
نأوي في البرد إلى الكهوف . و في الحر إلى خيام نصنعها من جلد الماعز . و نقضي نهارنا ننحت أسلحتنا من الحجر الصوّان . خناجر و سكاكين و رءوس للحراب و بُلَط و أزاميل و حِراب و عِصيّ من الخشب ، و نِصال ذوات أسنان ، و دبابيس من العظم و العاج و القرن .
في ذلك الوقت كانت أعظم اختراعاتنا . هي الفأس و المِحراث . و المقلاع . و السهم و القوس .
و أعظم مبتكراتنا التي قلبنا بها وجه التاريخ . فِلاحة الأرض . و تربية الدواجن .
و أغنى أغنيائنا . رجل يملك كوخاً من الطين و البوص و قطيعاً من الخنازير . و طقماً من الأواني الفخارية .
كان الفخار في تلك الأيام شيئاً كالذهب . و كوخ الطين شيئاً مثل قصر على شاطئ الريفيرا .
و اليوم .
و ما أبعد اليوم عن الأمس .
اليوم . الرجل العادي يسكن عمارة فيها أسانسير و ماء و نور . و يدخل سينما فيها تكييف . و يحمل في جيبه راديو ترانزستور . و يأكل أقراص فيتامينات . و يقرأ الصحف . و يشاهد التليفزيون . و يتكلم في التليفون . و يركب القطار . و يشكو من الفقر . !
أما الغني . فإنه يستطيع أن يطير في الهواء على طائرته الخاصة و ينطلق في البحر على ظهر باخرته الملاكي .
شيء رهيب .
إننا بالنسبة لأهل ذلك العصر . سَحَرة . مَرَدة . شياطين . آلهة . إنهم لو بُعِثوا من قبورهم . و شاهدونا . يركعون سُجداً . من الرهبة . و الدهشة . و الإجلال . لو استمعوا إلى أصواتهم و هي تُسجَل على أشرِطة و تُبعَث من جديد حية نابضة .
لو شاهدوا صورهم و هي تُسجَل في التليفزيون . و تتحرك كأن بها مَسّاً .
إن التدرُج البطيء الذي حدثت به هذه الحوادث في الزمان هو الذي أطفأ جدتها و جعلها تبدو مألوفة . و لكنها في الواقع خارقة و مُدهِشة ، و إذا أدركنا أنه بينما الإنسان قد قفز بعقله هذه القفزة الهائلة . فإن جميع الحيوانات حواليه مازالت على عهدها كما ألِفها منذ ستة آلاف سنة .
مازال القرد يأكل بنفس الطريقة ،و يقفز بنفس الطريقة من شجرة إلى شجرة بدون هليكوبتر .
و النمل ما زال يخزن مئونته من فتات الطعام بنفس الطريقة البدائية بدون ثلاجات .
و الجواميس ما زالت ترعى الكلأ . لم تفكر مرة أن تصنع منه سلاطة أو تطهيه بالمايونيز . أو تتعاطاه أقراصاً .
كل شيء واقف مكانه . بينما الإنسان وحده يقفز . و يطير .
إذا أدركنا هذا . فإننا سنشعر بأننا ننفصل و نبتعد بسرعة عن أصلنا . كسُلالة متفوقة . و خَلفَنا حيوانات تنقرض و تضمها المتاحف و الحفريات في ثنايا الصخر .
نجري إلى الأمام بسرعة . إلى الفضاء . و ما وراء الفضاء . و وراءنا الحياة ما زالت تأكل الطين و تعض في الحجر .
نحن في حالة هجرة أبدية مبتعدين عن جذورنا الحيوانية و أرضنا . مغتربين أبداً عن أسرتنا الأولى التي عاصرناها منذ فجر التطور . حينما كنا نسبح متجاورين معاً في مستنقع واحد . و نتسلق الشجر مع القِردَة في عصرنا الحجري .
إن أحفاد أحفاد أحفادنا الذين ستُلقي بهم عقولهم المتفوقة إلى ما وراء الفضاء . سوف ينسون أصلهم و تاريخهم . و سوف يبدأون صفحة جديدة على كوكب جديد و كأنهم ملائكة بلا ماضٍ .
ذلك الماضي البعيد الذي كانوا يعضون فيه الحجر و ينهشون اللحم نيئاً ، و يتعشون هم و كلابهم على مائدة واحدة من عظام الحيوانات التي اصطادوها .
ذلك الماضي الذي يحكي لهم اصلهم الواطي . لن يذكره أحد منهم . هؤلاء المحظوظون الذين ستفتح لهم الجنة أبوابها على مصراعيها . إنها حدوتة عجيبة . كحواديت ألف ليلة و ليلة . و خيال أبعد من كل الخيالات التي تخيلها مؤلفو الخرافة .
و لكنها الحقيقة برغم هذا .
و حينما أدير جهاز التسجيل . و أستمع إلى أصواتنا التي حفرها ذلك الحفّار الكهربي على الذرات و رسمها على الهباء . و نقشها على الإلكترونات أشعر بأنها الحقيقة . فهذا أنا . أنا الذي أتكلم . و هذه ضحكتي . و قد خَرجْت من ظلام المادة العمياء . من نعش الإلكترونات و ذريرات الهباء .
و هذا هو العقل الرائع الذي يحمله الإنسان القزم بين كتفيه . و يبتعد به بعيداً عن أصله . و يقفز به في كل لحظة . سنوات و أجيالاً إلى الأمام .
و هو العقل الذي سوف يرمي به في رمية واحدة إلى أطراف الكون . حيث يعيش و يتكاثر و ينعم . و ينسانا . و ينكِرنا .
نحن أجداده الذين حملنا الطين على أكتافنا لنبني له غرفات مهده التي وُلِد فيها .
مقال / حدوتة
من كتاب / تأملات في دنيا الله
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ نشر جوزيه ساراماغو في كتابه (المفكرة) مقالة قصيرة، يصف فيها العصر الحديث الذي نعيشه، فيقول:
في كل يوم تختفي أنواع من النباتات والحيوانات، مع اختفاء لغات ومهن. الأغنياء يزدادون غنى والفقراء دومًا يزدادون فقرًا. في كل يوم على حدة ثمة أقلية تعرف أكثر، وأخرى تعرف أقل. الجهل يتسع بطريقة مخيفة حقًا. في هذه الأيام نمر بأزمة حادة في توزيع الثروة. فاستغلال الفلزات وصل إلى نسب شيطانية، الشركات المتعددة الجنسية تسيطر على العالم. لا أعرف إذا ما كانت الظلال أم الخيالات تحجب الواقع عنا. ربما يمكننا مناقشة الموضوع إلى ما لا نهاية. ما هو واضح حتى الآن هو أننا فقدنا مقدرتنا النقدية على تحليل ما يحدث في العالم. إذ نبدو محبوسين بداخل كهف أفلاطون. لقد تخلينا عن مسؤوليتنا عن التفكير والفعل. فقد حولنا أنفسنا إلى كائنات خاملة غير قادرة على الإحساس بالغضب، وعلى رفض الانصياع، والقدرة على الاحتجاج التي كانت سمات قوية لماضينا الحديث – إننا نصل إلى نهاية حضارة ولا أرحب بنفيرها الأخير. إن مجمع التسوق (المول) هو رمز عصرنا. لكن لا يزال ثمة عالم مصغر ويختفي بسرعة، عالم الصناعات الصغيرة والحِرف. ففي حين أنه من الواضح أن كل شيء سيموت في النهاية، ثمة أشخاص كثيرون لا يزالون يأملون في بناء سعادتهم الخاصة، وهؤلاء آخذون في التقلص. إنهم يرحلون مثل المهزومين، لكن كرامتهم محفوظة، يعلنون فقط أنهم ينسحبون لأنهم لا يحبون هذا العالم الذي صنعناه لأجلهم.. ❝ ⏤الكاتبه المصريه. آلاء اسماعيل حنفي ( أصغر باحثة علمية مصرية)
❞ نشر جوزيه ساراماغو في كتابه (المفكرة) مقالة قصيرة، يصف فيها العصر الحديث الذي نعيشه، فيقول:
في كل يوم تختفي أنواع من النباتات والحيوانات، مع اختفاء لغات ومهن. الأغنياء يزدادون غنى والفقراء دومًا يزدادون فقرًا. في كل يوم على حدة ثمة أقلية تعرف أكثر، وأخرى تعرف أقل. الجهل يتسع بطريقة مخيفة حقًا. في هذه الأيام نمر بأزمة حادة في توزيع الثروة. فاستغلال الفلزات وصل إلى نسب شيطانية، الشركات المتعددة الجنسية تسيطر على العالم. لا أعرف إذا ما كانت الظلال أم الخيالات تحجب الواقع عنا. ربما يمكننا مناقشة الموضوع إلى ما لا نهاية. ما هو واضح حتى الآن هو أننا فقدنا مقدرتنا النقدية على تحليل ما يحدث في العالم. إذ نبدو محبوسين بداخل كهف أفلاطون. لقد تخلينا عن مسؤوليتنا عن التفكير والفعل. فقد حولنا أنفسنا إلى كائنات خاملة غير قادرة على الإحساس بالغضب، وعلى رفض الانصياع، والقدرة على الاحتجاج التي كانت سمات قوية لماضينا الحديث – إننا نصل إلى نهاية حضارة ولا أرحب بنفيرها الأخير. إن مجمع التسوق (المول) هو رمز عصرنا. لكن لا يزال ثمة عالم مصغر ويختفي بسرعة، عالم الصناعات الصغيرة والحِرف. ففي حين أنه من الواضح أن كل شيء سيموت في النهاية، ثمة أشخاص كثيرون لا يزالون يأملون في بناء سعادتهم الخاصة، وهؤلاء آخذون في التقلص. إنهم يرحلون مثل المهزومين، لكن كرامتهم محفوظة، يعلنون فقط أنهم ينسحبون لأنهم لا يحبون هذا العالم الذي صنعناه لأجلهم. ❝
⏤
الكاتبه المصريه. آلاء اسماعيل حنفي ( أصغر باحثة علمية مصرية)
❞ الواقع مؤلم، ليس كما في أساطير القصص والخيالات. الحياة ليست دائمًا جميلة كالروايات، بل فيها ألم ودموع، فيها صعوبات وتحديات. لكن في هذا الألم، هناك حكمة، وفي هذه الصعوبات، هناك فرص.
الواقع يؤلمنا ليعلمنا القوة والصبر. يؤلمنا ليعرفنا قيمة السعادة الحقيقية. يؤلمنا لينقذنا من وهم الخيال.
لذلك، لا نرفض الواقع، بل نتعلم منه. لا نختبيه، بل نستفيد منه. لا ننكر ألمه، بل نستعيد من خلاله.
في النهاية، الواقع هو الحقيقة، والخيال هو ملاذ النفس؛ لكن الحكمة تكمن في الجمع بين الاثنين، في تعلمنا من الواقع، وفي استلهامنا من الخيال.
گ/كريمة عمارة ˝. ❝. ❝ ⏤
❞ الواقع مؤلم، ليس كما في أساطير القصص والخيالات. الحياة ليست دائمًا جميلة كالروايات، بل فيها ألم ودموع، فيها صعوبات وتحديات. لكن في هذا الألم، هناك حكمة، وفي هذه الصعوبات، هناك فرص.
الواقع يؤلمنا ليعلمنا القوة والصبر. يؤلمنا ليعرفنا قيمة السعادة الحقيقية. يؤلمنا لينقذنا من وهم الخيال.
لذلك، لا نرفض الواقع، بل نتعلم منه. لا نختبيه، بل نستفيد منه. لا ننكر ألمه، بل نستعيد من خلاله.
في النهاية، الواقع هو الحقيقة، والخيال هو ملاذ النفس؛ لكن الحكمة تكمن في الجمع بين الاثنين، في تعلمنا من الواقع، وفي استلهامنا من الخيال.
❞ إنني أخاف أن أكون في حلم،وأن تكون هذه السعادة التي أراها بين يدي خيالاً من الخيالات الكاذبة التي كانت تتراءي لي في أحلامي الماضية فأغتبط بها وأسكت إليها حتا إذا ما استفقت وجدت يدي صفراً منها،فأسمعيني كلمة الحب لأعلم أنك حاضره لدي ،وأنني لست واهماً ولا حالماً. ❝ ⏤مصطفى لطفي المنفلوطي
❞ إنني أخاف أن أكون في حلم،وأن تكون هذه السعادة التي أراها بين يدي خيالاً من الخيالات الكاذبة التي كانت تتراءي لي في أحلامي الماضية فأغتبط بها وأسكت إليها حتا إذا ما استفقت وجدت يدي صفراً منها،فأسمعيني كلمة الحب لأعلم أنك حاضره لدي ،وأنني لست واهماً ولا حالماً. ❝