█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ يا الله، إن النخيل يموت واقفا شامخا لا يرضى السقوطَ رُغم سكرة الموت، والتي تجعل قلبه حطبا لكل سكان القرية. والشيوخ يموتون عطشا، والصغار يصرخون ملء الحناجر، والجدات يواسين القلوب العطشى، كلنا نهتف: العطش.
أثناء هذه اللحظات، أتى الشيخ عبد القادر المصون، وهو يتكئ على عكازه الذي يتكون من شجر العرعار، ولحيتُه بيضاءُ تنم عن الوقار الذي يحظى
به عندنا، نحن الصغار والكبار. فمنذ أن فتحنا أعيننا على القرية، وآباؤنا يصبون على رؤوسنا المواعظ والإرشادات؛ كأن يقولوا لنا: احترموا الكبارَ كلَّهم، ولا تتحدثوا في حضرتهم وهم يرددون إذا حضر الماء يرفع التيمم، وأن الحديث في حضرة الشيوخ يعد من قلة الآداب والحلم، لهذا كان الشيخ يثق في نفسه كل الثقة، إلا أن انعدام الماء في القرية لأيام عديدة، جعل منه حكيما لأجل الحسم في هذا الوباء الذي انتشر فيها، كما تنتشر النار في الهشيم. وبعد أنِ استقر به المقامُ وسط الساحة التي تعد ساحةَ الأغورة عندنا، فيها نبث في أمورنا، ونناقش مشاكلنا الصغيرة والكبيرة، شرع يقول ولعابُه يتطايرُ كشرارة النار . ❝