█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ كيف ندعو إلى الإسلام ؟
"أنا لا أحسن جر الإسلام من ذيله كما تفعلون !"
دخلت مكتبي فتاة لم يعجبني زيها أول ما رأيتها ، غير أني لمحت في عينها حزنا وحيرة يستدعيان الرفق بها ، وجلست تبثني شكواها وهمومها متوقعة عندي الخير !
واستمعت طويلا ، وعرفت أنها فتاة عربية تلقت تعليمها في فرنسا لا تكاد تعرف عن الإسلام شيئا ..
فشرعت أشرح حقائق ، وأرد شبهات وأجيب عن أسئلة ، وأفند أكاذيب المبشرين والمستشرقين حتى بلغت مرادي أو كدت !
ولم يفتني في أثناء الحديث أن أصف الحضارة الحديثة بأنها تعرض المرأة لحما يغري العيون الجائعة ، وأنها لا تعرف ما في جو الأسرة من عفاف وجمال وسكينة ..
واستأذنت الفتاة طالبة أن آذن لها بالعودة ، فأذنت ..
ودخل بعدها شاب عليه سمات التدين يقول بشدة :
ما جاء بهذه الخبيثة إلى هنا ؟
فأجبت : الطبيب يستقبل المرضى لا الأصحاء ، ذلك عمله !
قال : طبعا نصحتها بالحجاب !
قلت : الأمر أكبر من ذلك .. هناك المهاد الذي لا بد منه ، هناك الإيمان بالله واليوم الآخر والسمع والطاعة لما نزل به الوحي في الكتاب والسنة ، والأركان التي لا يوجد الإسلام إلا بها في مجالات العبادات والأخلاق ..
فقاطعني قائلا : ذلك كله لا يمنع أمرها بالحجاب.
قلت في هدوء : ما يسرني أن تجيء في ملابس راهبة ، وفؤادها خال من الله الواحد ، وحياتها لا تعرف الركوع والسجود ، إنني علمتها الأسس التي تجعلها من تلقاء نفسها تؤثر الاحتشام على التبرج ..
فحاول مقاطعتي مرة أخرى ، فقلت له بصرامة :
أنا لا أحسن جر الإسلام من ذيله كما تفعلون ، إنني أشد القواعد وأبدأ البناء بعدئذ .. وأبلغ ما أريد بالحكمة ..
وجاءتني الفتاة بعد أسبوعين في ملابس أفضل ، وكانت تغطي رأسها بخمار خفيف ، واستأنفت أسئلتها ، واستأنفت شروحي ، ثم قلت لها :
لماذا لا تذهبين إلى أقرب مسجد من بيتكم ؟
فأجابت الفتاة : بأنها تكره رجال الدين ، وما تحب سماعهم !
قلت : لماذا ؟
قالت : قساة القلوب ، غلاظ الأكباد ! إنهم يعاملوننا بصلف واحتقار !!
ولا أدري لماذا تذكرت هند امرأة أبي سفيان التي [ أكلت كبد حمزة رضي الله عنه ] ونالت من الإسلام ما نالت ، إنها كانت لا تعرف رسول الله ، فلما عرفته واقتربت منه وآمنت به ، قالت له هذه الكلمات :
" يارسول الله ، والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب أن يذلوا من أهل خبائك !!
وما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يعزوا من أهل خبائك " .
إن نبع المودة الدافق من قلب الرسول الكريم بدل القلوب من حال إلى حال، فهل يتعلم الدعاة ذلك من نبيهم فيؤلفوا بدلا من أن يفرقوا ويبشروا بدلا من أن ينفروا؟؟ . ❝