█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ولما انقضت الحرب ، انكفأ المشركون ، فظن المسلمون أنهم قصدوا المدينة لإحراز الذراري والأموال ، فَشَقَّ ذلك عليهم ، فقال النبي ﷺ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ( اخْرُجْ فِي آثَارِ القَوْمِ فَانْظُرْ مَاذَا يَصْنَعُونَ وَمَاذَا يُرِيدُونَ، فَإِنْ هُمْ جَنَّبُوا الخَيْلَ وامْتَطَوا الابلَ ، فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ مَكَّةَ ، وَإِنْ رَكِبُوا الخَيْلَ وَسَاقُوا الإِبلَ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ المَدِينَةَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِئنْ أَرَادُوهَا ، لأَسِيرَنَّ إِلَيْهِمْ ، ثُمَّ لأنَاجِزَنَّهُمْ فِيهَا ) قال علي : فخرجتُ في آثارهم ، أنظر ماذا يصنعون ، فجنبوا الخيل ، وامتطوا الإبل ، ووجهوا إلى مكة ، ولما عزموا على الرجوع إلى مكة ، أشرف على المسلمين أبو سفيان ، ثم ناداهم : مَوْعِدُكم المَوْسِمُ ببدر ، فقال النبي ﷺ ( قولوا: نَعَمْ قَدْ فَعَلْنا ) ، قال أبو سفيان: فَذَلِكُم المَوْعِده ، ثم انصرف هو وأصحابه ، فلما كان في بعض الطريق ، تلاوموا فيما بينهم ، وقال بعضهم لبعض : لم تصنعوا شيئاً ، أصبتُم شوكتهم وحدَّهم ، ثم تركتموهم ، وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم فارجِعُوا حتى نستأصل شأفتهم ، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ ، فنادى في الناس ، وندبهم إلى المسير إلى لقاء عدوهم وقال ﷺ ( لَا يَخْرُجْ مَعَنَا إِلَّا مَنْ شَهِدَ القِتَالَ ) ، فقال له عبد الله بن أبي : أركب معك؟ قال: لا ، فاستجاب له المسلمون على ما بهم من القرح الشديد والخوف ، وقالوا : سمعاً وطاعة ، واستأذنه جابر بن عبد الله ، وقال : يا رَسُولَ الله ! إني أحب ألا تشهد مشهداً إلا كنتُ معك ، وإنما خلفني أبي على بناتِهِ ، فَائذَنْ لي أسيرُ معك ، فأذن له فسارَ رسول الله ﷺ والمسلمون معه حتى بَلَغُوا حمراء الأسد ، وأقبل معبد بن أبي معبد الخُزاعي إلى رسول الله ﷺ ، فأسلم ، فأمره أن يلحق بأبي سفيان ، فيخذله ، فلحقه بالروحاء ، ولم يعلم بإسلامه ، فقال : ما وراءك يا معبد ؟ فقال : محمد وأصحابه ، قد تحرّقوا عليكم ، وخرجوا في جمع لم يخرجُوا في مثله ، وقد نَدِم من كان تخلف عنهم من أصحابهم ، فقال: ما تقول ؟ فقال : ما أرى أن ترتحل حتى يطلع أول الجيش من وراء هذه الأكمة ، فقال أبو سفيان : والله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم ، قال : فلا تفعل ، فإني لك ناصح ، فرجعوا على أعقابهم إلى مكة ، ولقي أبو سفيان بعض المشركين يريد المدينة ، فقال : هل لك أن تُبَلِّغَ محمداً رسالة ، وأوقر لك راحلتك زبيباً إذا أتيت إلى مكة ؟ قال : نعم ، قال : أبلغ محمداً أنا قد أجمعنا الكرة لِنَستَأصِلَه ونَسْتَأصِل أصحابه ، فلما بلغهم قوله، قالُوا : حَسْبُنَا الله ونعم الوكيل . ❝