█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ إن الإنسان مدني بالطبع ، لا بد له أن يعيش مع الناس والناسُ لهم إرادات وتصورات ، فيطلبون منه أن يُوافقهم عليها ، فإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه ، وإن وافقهم حَصَلَ له الأذى والعذاب ، تارةً منهم ، وتارةً من غيرهم كمن عنده دين وتُقى حل بين قوم فجارٍ ظَلَمَةٍ ، ولا يتمكنون من فجورهم وظلمهم إلا بموافقته لهم ، أو سكوته عنهم ، فإن وافقهم أو سكت عنهم ، سَلِمَ مِن شرهم في الابتداء ، ثم يتسلطون عليه بالإهانة والأذى أضعاف ما كان يخافه ابتداء لو أنكر عليهم وخالفهم ، وإن سلم منهم ، فلا بد أن يُهان ويُعاقب على يد غيرهم ، فالحزم كُلُّ الحزم في الأخذ بما قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لمعاوية ( مَنْ أَرْضِيَ اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ ، كَفَاهُ اللَّهُ مُؤنَةَ النَّاسِ ، وَمَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ ، لم يُغْنِوا عَنْهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ) ، ومن تأمل أحوال العالم رأى هذا كثيراً فيمن يُعينُ الرؤساء على أغراضهم الفاسدة ، وفيمن يُعينُ أهل البِدَعِ على بدعهم هَرَباً من عُقوبتهم ، فمن هداه الله ، وألهمه رُشده ، ووقاه شرَّ نفسه ، امتنع من الموافقة على فعل المحرم ، وصَبَرَ على عُدوانهم ، ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة ، كما كانت للرسل وأتباعهم ، كالمهاجرين والأنصار ، ومن ابتلي من العلماء والعباد وصالحي الولاة ، والتجار ، وغيرهم . ❝