█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ثبت في الصحيحين من حديث الأعمش ، عن سعيد بن عُبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي رضي الله عنه ، قال : استعمل رسول الله ﷺ رجُلاً مِنَ الأنصارِ على سَرِيَّةٍ ، بعثهم وأمرهم أن يسمعُوا له ويُطِيعُوا ، قال : فأغضبُوه في شيء، فقال : اجمعوا لي حَطَبَاً ، فجمعوا ، فقال : أوقدوا ناراً ، فأوقَدُوا ، ثم قال : ألم يَأْمُرُكُم رسول الله ﷺ أن تسمعُوا لي وتُطيعوا ؟ قالُوا : بَلَى ، قال: فادْخُلُوهَا ، قال : فنظر بعضُهم إلى بعض ، وقالُوا : إنما فَرَرْنا إلى رسول الله ﷺ من النَّارِ ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ ، وطُفِئَتِ النَّارُ ، فلما قَدِمُوا على رسول الله ﷺ ذكرُوا ذُلِكَ له ، فقال ﷺ ( لَوْ دَخَلُوَها مَا خَرَجُوا مِنْهَا ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المعروف) ، وهذا هو عبد الله بن حذافة السهمي ، فإن قيل : فلو دخلوها دخلوها طاعة لِلَّهِ ورسولِه ﷺ في ظنهم فكانوا متأولين مخطئين ، فكيف يُخَلَّدُون فيها ؟ قيل : لما كان إلقاء نفوسهم في النار معصية يكونون بها قاتلي أنفسهم ، فهموا بالمبادرة إليها من غير اجتهاد منهم : هل هُوَ طاعةٌ وقُربة ، أو معصية ؟ كانوا مُقْدِمِينَ على ما هو محرم عليهم ، ولا تسوغ طاعة ولي الأمر فيه ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، فكانت طاعةُ مَنْ أمرهم بدخول النار معصية لله ورسوله ، فكانت هذه الطاعة هي سبب العُقوبة ، لأنها نفس المعصية ، فلو دخلوها ، لكانوا عُصاةٌ لله ورسوله ، وإن كانوا مطيعين لولي الأمر ، فلم تدفع طاعتهم لولي الأمر معصيتهم الله ورسوله ، لأنهم قد عَلِمُوا أن من قتل نفسه ، فهو مستحق للوعيد ، والله قد نهاهم عن قتل أنفسهم ، فليس لهم أن يُقْدِمُوا على هذا النهي طاعة لمن لا تَجِبُ طاعته إلا في المعروف ، فإذا كان هذا حُكْمَ مَنْ عذب نفسه طاعةً لولي الأمر ، فكيف من عذب مسلماً لا يجوز تعذيبه طاعةً لولي الأمر ، وأيضاً فإذا كان الصحابة المذكورون لو دخلوها لما خرجوا منها مع قصدِهم طاعة الله ورسوله بذلك الدخول ، فكيف بمن حمله على ما لا يجوز من الطاعة الرغبة والرهبة الدنيوية ، وإذا كان هؤلاء لو دخلوها ، لما خرجوا منها مع كونهم قصدوا طاعة الأمير ، وظنُّوا أن ذلك طاعة الله ورسوله فكيف بمن دخلها من هؤلاء المُلبسين إخوان الشياطين وأوهموا الجُهَّال أن ذلك ميراث من إبراهيم الخليل وأن النار قد تصير عليهم برداً وسلاماً ، كما صارت على إبراهيم ، وخيار هؤلاء ملبوس عليه يظن أنه دخلها بحال رحماني ، وإنما دخلها بحال شيطاني فإذا كان لا يعلم بذلك ، فهو ملبوس عليه وإن كان يعلم به ، فهو مُلبس على الناس يُوهمهم أنه من أولياء الرحمن ، وهو من أولياء الشيطان ، وأكثرهم يدخلها بحال بُهتاني وتَحيَّل إنساني ، فهم في دخولها في الدنيا ثلاثة أصناف : مَلبوس عليه ، وملبَّس ، ومُتحيِّل ، ونار الآخرة أشد عذاباً وأبقى . ❝