موضوع (حقوق العمال) من الموضوعات التي يظنها الكثيرون من بنات أفكار الغرب، بينما هي من الأمور التي جاء فيها كثير من نصوص الشرع في الكتاب والسنة، وأشار إليها الفقهاء القدماء في ثنايا بحوثهم، ولا يلزمنا لبيان هذه الحقوق في الشريعة، وبحث الإسلام لها وحثه على إيصالها لأصحابها إلا أن نجمع شتات النصوص، وننظم أقوال الفقهاء المستخرجة من كتب الفقه، ليتيسر لمن شاء الاطّلاعُ على ذلك، فيزداد الذين آمنوا إيمانًا مع إيمانهم، وتقام الحجة على الذين في قلوبهم شك لم يزل. ويأتي هذا البحث ليساهم – إن شاء الله – في هذه الغاية النبيلة، وهو جهد قليل، أرجو أن تكثره نية صالحة، وبضاعة مزجاة، أرجو أن يروجها قصد نبيل. وقد اعتمدت في هذا البحث منهجًا يقوم على استقراء آراء الفقهاء في الأحكام الفقهية مـمّا بحثوه في باب الإجارة، ومن مظانِّ هذه الأحكام في كتب الفقه، وقمت في الغالب الأعمّ بالنقل من كتب المذاهب الأربعة المتبوعة، مع الإشارة عند الخلاف إلى الراجح في ظني، أو ترجيح مذهب الجمهور، وقد أكثرت من النقل عن مجلة الأحكام العدلية، لأنها جمعت فقه المعاملات بصورة تطبيقية على شكل مواد مرتبة، وهي تضم آراء المذهب الحنفي الذي كان معتمدًا في الدولة العثمانية في أرجح صوره عند فقهائه، وقمت بتخريج النصوص والأحاديث الواردة في البحث، وذكرت أحكام علماء الحديث عليها صحة وضعفًا، مع الحرص على عدم ذكر بالضعيف منها إلا في حال الضرورة مع بيان حاله، وقد اكتفيت – في الغالب – في حال وجود الحديث في الصحيحين، أو في أحدهما، أو في كتب السنن الأربعة بالعزو إليها، إلا لوجود فائدة إضافية من العزو لغيرها، سواء في لفظ الحديث أو في الحكم عليه.