يتناول الكتاب فكرة واحدة أمعن في مناقشتها وهي المقارنة بين فكر فلاسفة القرن الثالث عشر وإخوانهم - أو فلنقل أعدائهم - من فلاسفة القرن الثامن عشر.. من حيث ما وراء الطبيعة من الإلهيات ومنشأ الكون ومصير الإنسان ومعنى وجوده وقيمة مساعيه، وتأثير كل ذلك على الأخلاق وعلى إمكانية الوصول للمدينة الفاضلة.. فكر القرن الثالث عشر المبني على اللاهوت، والدين المسيحي، وسيطرة الكنيسة والدولة، وفي مقابله فكر القرن الثامن عشر المستمد من العقل والاكتشافات العلمية وفهم الكون فهما فيزيائيا مجردا وفهم الإنسان فهما تطوريا محايدا، وما تبعه من تنكر للدين ودُعاته، وما أدى إليه السير وراء العقل من إلحاد وإنكار لفلسفة الأخلاق.. وعجز عند كثير من فلاسفته عن تشييد عالمٍ أخلاقيٍ، ذي معنى ومغزى، وعن تفسير لمعاني الشر والخير، ثم إخفاء بعضهم للناتج الإلحادي لأفكارهم، خوفا من نقد المجتمع، ولجوئهم للبحث التاريخي للاستعاضة عن البحث اللاهوتي للوصول لهذه الأهداف.. والذي كان غير موفق في المجمل...