❞ جنون الحب
(ثريا) فتاة تعدت العشرين بقليل
, تتمتع بجمال جذاب
, يقولون إنها فقدت عقلها
, عندما أحبت بجنون
, عرفتها من خلال العلاج النفسي الجماعي .. كانت تبكي حاولت تهدئتها .. وبعدما هدأت .. تحدثت معي .. ببراءة طفلة صغيرة
, غابت عن الحياة
, تحس أنها تعيش في جنة يحيط بها الأزهار وتتطاير الطيور حولها
, والفراشات ترقص مع حديثها وهي تحكي عن قصة حبها له تبدو لك لوحة فنية متناسقة تفوح جمالا
, تستمع إليها بشوق وكلك آذان صاغية
, جاذبيتها وسحرها ليسا ما يجذبك
, بل الأكثر جاذبية إحساسها وصدقها وهى تحكى عنه :
أحببته طوال سنوات عمرى
, منذ وقعت عيني عليه
, أحببته طفلاً بريئاً
, وشاباً ثائراً
, ورجلاً جذاباً
, كان حلم كل فتاة
, لفت انتباهي بتفوقه
, دراسيا ورياضيا وثقافيا
, عشقت القصص والقراءة ما إن عرفت بحبه لها
, حتى المباريات سرت أعشقها وأشاهدها كل يوم
, أحببت أن اشاركه اهتماماته
, كان من الممتع لي أن أعيش لحظات معه و لو بالخيال
, كنت أراقبه من بعيد بعشقِ وشوقِ
, أشاهده وهو يلعب الكرة كأنه يعزف بها لحنا
, على أوتار قلبي
, عشت معه مغامرات وحكايات في عالم من السحر والخيال
, نسجته بعقلي
, وعشته بقلبي ومشاعري التي فاضت لتملأ حياتي حباً
, سافرت معه بروحي وقلبي في عالم يجمعني به وحده
, لم أعد أفرق بين الحلم والواقع
, كان يشاركني كل خطوة
, أتحدث إليه متى أريد
, ويحدثني أينما كنت
, ننام معا ونستيقظ معا على دقات قلوبنا وألحانها
, تعزف داخلي أنشودة الحب والحياة !!
صرت مريضةً به
, وكأنه دائي ودوائي
, فرحي وحزني
, ألمي وأملي
, لم أعد أريد غيره
, نسيت نفسي ودراستي وأحلامي
, وعشت له و به
, كان نجاحه نجاحا لي
, وتفوقه سر سعادتي !!
لم الاحظ أنني أتأخر وهو يتقدم
, أصبحت خلفه بعد أن كنت بجواره
, تراجعت دراسيا لانشغالي به
, واستسلامى لأحلام اليقظة والآمال الواهمة .
حتي رأيته ذات ليلة أمامي
, هو حقيقة وليس خياله وطيفه اللذان يلاحقاني
, نظرت إليه في دهشة
, ونظر إليَ في شوق ولهفة
, ووقفنا عاجزين عن الكلام
, ولكن عيوننا كانت هي التي تتحاور وتروي كل ما في قلبينا !!
سمعِت كل كلمة لم ينطق بها
, وسمَع كل كلام قلبي بصمت
, تشابكت يدانا وسرنا معًا بين الأنوار الساحرة
, كان المكان جميلًا
, بدا كأجمل بقعة في العالم .
كأننا نرى الدنيا لأول مرة بعيون الحب
, ونسبح في بحر الهيام والعشق
, دون أن نخاف الغرق
, ابتسمنا معا ابتسامة محت كل ألم وحزن
, سْرنا كثيرا .. لم نَكل أو نتعْب
, حتى إنتهينا إلي صخرةِ تُنير كأنها القمر ليلة تمامه
, بجوارها أزهار رائعة
, تفوح عطرا لم أرى مثلها أبدا !!
قطف لي زهرة وقبَلها ثم ناولني إياها
, وكأنها الرسالة التي تحمل كل معاني الحب التي لم يكتبها
, وكل كلمات العشق التي لم ينطقها
, ذاب فلبينا شوقا وحبا .. تنهدنا معا كأننا تحدثنا طويلا وتعبنا
, ثم عانقني عناقا أذابني فيه
, عناقا أطفأ نارا اشتعلت منذ سنوات
, صرنا جسدا واحدا
, ذاب قلبي وروحي بين
ذراعيه
, وكأن الكون قد خلا من البشر و لم يعد غيرنا به
, كأننا غبنا عن العالم وطرنا نسبح في فضاء شاسع
, ينيره القمر وتزينه النجوم !!
كان هو قمري
, تمنيت إن كان حلماً ألا استيقظ منه
, وألا أعود للأرض مرة أخرى
, لكنني سمعت صوتا يناديني بإلحاح
, تجاهلت الصوت تماما
, حتى اقترب صاحبه وجذبني من بين ذراعي فارسي !! كان صوت أبي يعنفني
, وهو يحاول إيقاظى ˝ استيقظي أيتها الكسولة .. كفاكِ نوما وكسلا .. هيا انهضي !! ˝
نهضت من رقدتي .. ولكن أظلمت الدنيا فجأة وغاب القمر
, أصبحت وحدي بلا عاشق ولا حب
, ذبلت عيني من الدموع وتوقفت الأحلام
, يقولون أنني كنت نائمة
, ولكنه كان معي هنا
, أقسمت للجميع ولكنهم وصفوني بالجنون !!
ظللت أعواما معه
, حتي استيقظت لأجد القمر قد غاب والشمس ترسل بحرارتها لتحرق قلبي وتذيب أحلامي الوردية ذوبان الجليد
, استيقظْت لأجد أننا لم نلتق ولن نلتقي أبدا
, كنت بعيدة عن الأرض أهيم في أجواء السعادة والحب
, وهبطت لأجد كل شيء قد تحطم
, لأجد العذاب والألم ينتظراني !!
يقولون : مات حبيبي
, مات في حادث سير .. لم أصدق لأنه معي أراه كل ليلة وأتحدث إليه !! لا أحد يصدقني !! أنا لست مجنونة !! فهو ما زال هنا معي
, قل لهم يا حبيبي إنك هنا معي
, ألا ترونه ؟!! أنه لم يمُت !!
بعد ما سردت عن حكايتها
, ونفثت عما يدور داخلها .. تنهار ثريا فتضمها أختها
, التي ترافقها في رحلة علاجها التي استمرت طويلا
, تأتي الطبيبة تحقنها حقنة مهدئة لتهدأ .. تتساقط دموع الحضور حزنا عليها وشفقة
, وسؤال يدوربخلد شقيقتها : لماذا يقتلنا الحب
, ويقودنا للجنون
, ويفعل بنا ما يريد !؟ .. ❝