█ تسألني يا أخي: متى يصير الإنسان كاملًا؟ فاسمع جوابي: يسير نحو الكمال عندما يشعر بأنه هو الفضاء ولا حد له وهو البحر بدون شواطئ وأنه النار المتأججة دائمًا والنور الساطع أبدًا والأرياح إذا هبت أو سكنت والسحب أبرقت أرعدت وأمطرت والجداول ترنمت ناحت والأشجار أزهرت الربيع تجردت الخريف والجبال تعالت والأودية انخفضت والحقول خصبت أجدبت إذا شعر بكل هذه الأمور بلغ منتصف طريق أما شاء بلوغ محجة فعليه إن بكيانه أن الطفل المتكل أمه والشيخ المسئول عن عياله والشاب الضائع بين أمانيه وغرامه والكهل الذي يصارع ماضيه ومستقبله والعابد صومعته والمجرم سجنه والعالم كتبه وأوراقه والجاهل ظلمة ليله وظلمة نهاره والراهبة أزهار إيمانها وأشواك وحشتها والمومس أنياب ضعفها ومخالب حاجتها والفقير مرارته وامتثاله والغني مطامعه وادعائه والشاعر ضباب أمسائه وشعاع أسحاره استطاع يختبر ويعلم جميع يصل إلى ويصير ظلًّا من ظلال الله كتاب مناجاة أرواح مجاناً PDF اونلاين 2024 يُأصل «مناجاة أرواح» لمجموعة القيم والصفات الراقية النبيلة التي شأنها الارتقاء بالإنسان والسمو بمعنى الإنسانية كالصدق والعطاء والصداقة ويتسم الكتاب بغلبة النزعة الروحية تسمو بالنفس إدراكِ أسرارها وسبر أغوارها وقد استحضر الكاتب بعض المعاني ذكرها سابقًا كتابه «البدائع والطرائف»؛ فهو سبيل المثال يُعيد استحضار صورة الشيطان باعتباره القوى الخفية تسعى تجريد النفس إرادتها تمكنها اكتساب الفضائل وتكبح جماح الأهواء تُفْضِي بها الرذائل وتكرار دليل صوفية الوجدان ودائرية الفكر فالذات الجبرانية تتخذ منبعًا للوحي مهما اختلفت الأفكار والموضوعات
❞ عندما فهمت أسرار الحياة، تشوقت إلى الموت؛ لأنه أعمق أسرار الحياة.
من يُشَنِّفه صوت الماضي، لا يستطيع مخاطبة المستقبل.
ما أفصحني متكلمًا عن القشور، وما أعياني أمام اللباب.
من حسنات الناس أنهم لا يستطيعون إخفاء سيئاتهم طويلًا . ❝
❞ يا خيبتي ، يا خيبة ! يا وحدتي وانفرادي ، إنك لأعز لدي من ألف انتصار ، وأحلى على قلبي من كل أمجاد الأقطار .
يا خيبتي ، يا خيبة !
يا معرفتي لنفسي واحتقاري لذاتي ، بك أعرف أني لا أزال فتياً سريع الخطى ، فلا تغريني أكاليل الغار الذابلة الفانية ، بك قد حظيت بوحدتي وانفرادي ، وتذوقت لذة فراري واحتقاري .
يا خيبتي ، يا خيبة !
يا سيفي البتار وترسي البراق ، قد قرأت في عينيك : أن الإنسان متى جلس على عرش الملك ، فقد صار عبداً ، ومتى أدرك الناس أعماق روحه فقد طوى كتاب حياته ، ومتى بلغ أوج كماله ، فقد قضى نحبه ، بل هو كالثمرة إذا نضجت سقطت واندثرت ؛ يا خيبتي يا خيبة ! يا رفيقي الباسل الودود ؛ أنت وحدك تسمعين إنشادي ، وصراخي ، وسكوتي ، وليس غيرك بمحدثي عن خفقان الأجنحة ، وهدير البحار ، وعن قذائف البراكين الثائرة في دوامس الليالي .
أنت وحدك تتسلقين صخور نفسي الجلمودية الشامخة .
يا خيبتي ، يا خيبة ! يا شجاعتي التي لا تموت ، أنت تضحكين معي في العاصفة ، وتحفرين معي قبوراً لما يموت مني ومنك ، وتقفين معي أمام وجه الشمس بجلد وثبات ، فنكون معاً هائلين مرعبين . ❝