█ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ اللام واقعة جواب قسم أي وتالله لقد سبقت كلمتنا لعبادنا الذين أرسلنهم إلى الأمم ليقوموا بإرشادها وهدايتها وإنقاذها من أوحالها ونكباتها وإخراجها الظلمات النور وتلك الكلمة التي الله تعالى هي قوله سبحانه: {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ} كل عاداهم أقوامهم وغيرهم {وَإِنَّ جُنْدَنَا} وهم المرسلون وأتباعهم الصادقون {لَهُمُ الْغَالِبُونَ} لكل ووقف طريقهم وعد لا يخلف وعده كتاب أخلاق الشباب المسلم مجاناً PDF اونلاين 2024 يقول المؤلف: قال سورة (الإسراء: 70) : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} قال القاسمي تفسيره: آدَمَ} "أي بالنطق والتمييز والعقل والمعرفة والصورة والتسلط ما الأرض والتمتع به, {وَحَمَلْنَاهُمْ وَالْبَحْرِ} يسّرنا لهم أسباب المعاش والمعاد بالسير طلبها فيهما وتحصيلها {وَرَزَقْنَاهُمْ الطَّيِّبَاتِ} فنون المستلذات لم يرزقها غيرهم المخلوقات {وَفَضَّلْنَاهُمْ عظيما, فحقّ عليهم أن يشكروا هذه النعم بأن يعبدوا المتفضل بها وحده ويقيموا شرائعه وحدوده" فتفضيل للإنسان وتكريمه له بجعله الحاكم المتصرف وتسخيره حيوان ونبات وجماد يتصرف فيه كيف يشاء ويسيّره خدمته يكن بقوة الجسم ولا بخواص الأعضاء فإن كثيراً الحيوان كالأسد والنمر والفيل والدب والفرس والبعير أقوى منه بكثير وللحيوان مزايا خلقه ليست فمنه أعطي مزية السرعة الجري والسبق كالنعامة والغزال ومنه حاسة الشم أو البصر السمع يفوق الإنسان فالمزية الكبرى والنعمة العظمى وهبها وفضّله العقل والأدب كما قال الشاعر: ما وهب لامريء هبة أفضل عقله ومن أدبه هما جمال الفتى فُقِدا ففقده للحياة أجمل به والمراد بالأدب هنا الأدب النفسي وهو الخلق الحسن وبه تتفاوت ارتقاء وانحطاط وقوة وضعفا, وسيادة وعبودية فما أمة كثر حظها خلق إلاّ بلغت أوج الرقي وغاية السعادة وإن كانت قليلة العدد, أرضها ضيقة الغناء والخير غير صالحة للزرع والضرع الحواصل والثمرات ضعيفة الغلات جميع الخيرات والبركات يحمل إليها تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} المراد بالقرية أهلها الأمة والشعب وكما حكى عن إبراهيم الخليل دعائه لأهل مكة (البقرة: 126) {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ الثَّمَرَات} , وفي (إبراهيم: 57) {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} ومن أقام شرّفها حتى قبل عصر الطائرات يرى فيها فواكه الهند وأندونيسيا والشام ومصر يكاد عجبه ينقضي مع أنها أرض جبلية قاحلة البلاد البريطانية أكثر يؤكل ويلبس ويقتنى ويتخذ للزينة مجلوباً أطرف الدنيا وهي جزائر البحر ضيّقة الرقعة شديدة البرد لو اقتصر يخرج أرضهم لوقعوا مسغبة
❞ جرب المسلمون السابقون التمسك بالإسلام فوجدوه كفيلاً بسعادة الروح والبدن، وضابطا لمصالح الدين والدنيا، فالعجب من قوم يكون عندهم هذا الدين الحنيف محفوظا خالصا، لا تشوبه شائبة، ويرون كيف سعدت به أسلافهم، ثم يتنكرون له ويجهلونه ويجهلون عليه، ويردّدون أقول أعدائه، وينشرونها بين قومهم، مع ما فيها من الكذب والتدليس والتمويه والتحريف . ❝
❞ يمكن أن يقول القائل: إن التربية في هذا الزمان قد بلغت عند الأمم الراقية درجة عالية، وهي تقتضي عدم ضرب الصبيان، فهناك وسائل أخرى في الترغيب والترهيب والثواب والعقاب تغني عن الضرب، وتحبّب إلى الناشيء التعلم والعمل المثمر, فأقول في جوابه: هذا رأي يقال، والعمل في الأمم الراقية على خلافه، ففي البلاد الألمانية يفرض على كل التلميذات الحضور إلى الكنيسة مع معلمه يوم الأحد، ويشهد الصلاة والوعظ، فإن لم يحضر بلا عذر أدّب على ذلك بالضرب، وإن ترك الصلاة في الكنيسة ثلاثة آحاد متوالية طرد من المدرسة، أما الأيام الستة الباقية من الأسبوع فإن الكنيسة تبعث القسّيسين إلى المدارس يصلّون بالتلاميذ في داخل المدرسة، ويعلّمونهم دينهم ساعتين في كل يوم، ولا يستطيع التلميذ أن يتغيب في هاتين الساعتين إلاّ إذا كان على دين آخر غير المسيحية . ❝
❞ وينبغي لنا أن نتأمل تأملا طويلا في وفاء الخليفة أبي بكر الصديق بوعد النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل جابر بن عبد الله على أحسن وجه، وزاده مثلي ذلك, فمبلغ مجموع ما أعطاه ألفاً وخمسمائة درهم.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتننا يا جرير المحافل
بمثل هذه الأخلاق بلغ المسلمون الأولون من المجد والسؤدد غايتهما حتى وصلوا إلى بلادنا وفتحوها, وهي أقصى المعمور وجهة الغرب حسبما كان معروفاً في ذلك الزمان, وبهذه الأخلاق نفسها يمكن أن ينهض المسلمون المتأخرون من كبوتهم, وينفضوا غبار الذل عنهم, ويستأنفوا الحياة من جديد، وإلا فلا بعث لهم من مرقدهم بإعراضهم عن أخلاق سلفهم الصالح, واستبدالها بمحاولة التشبه بالأجانب, ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور . ❝