█ _ فخر الدين الرازي 1986 حصريا كتاب مناقب الإمام الشافعي (الرازي) عن الأزهر الشريف 2024 (الرازي): أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ (150 204هـ 767 820م) هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة وصاحب المذهب الفقه الإسلامي ومؤسس علم أصول وهو أيضاً إمام التفسير وعلم الحديث وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء وإضافةً إلى العلوم الدينية كان فصيحاً شاعراً ورامياً ماهراً ورحّالاً مسافراً أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه حتى قال فيه أحمد: «كان كالشمس للدنيا وكالعافية للناس» وقيل: إنه إمامُ قريش الذي ذكره النبي بقوله: «عالم يملأ الأرض علماً» وُلد الشافعيُّ بغزة عام 150 هـ وانتقلت به أمُّه مكة وعمره سنتان فحفظ القرآن الكريم ابن سبع سنين وحفظ الموطأ عشر ثم أخذ يطلب العلم أُذن له بالفتيا فتىً دون عشرين سنة هاجر المدينة المنورة طلباً للعلم مالك أنس ارتحل اليمن وعمل فيها بغداد 184 فطلب القاضي الحسن الشيباني وأخذ يدرس الحنفي وبذلك اجتمع فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق الحنفي) عاد وأقام تسع سنوات تقريباً يُلقي دروسه الحرم المكي سافر للمرة الثانية فقدِمها 195 وقام بتأليف الرسالة وضع الأساسَ لعلم مصر 199 وفي أعاد تصنيف كتبه الأولى كما ينشر مذهبه الجديد ويجادل مخالفيه ويعلِّم طلابَ توفي 204 هو «أبو العباس عثمان شافع السائب عبيد يزيد هاشم المطلب مناف قصي كلاب مرة كعب لؤي غالب فهر النضر كنانة خزيمة مدركة إلياس مضر نزار معد عدنان القرشيّ» يجتمع مع الرسولِ محمدٍ «وهو عم ممن تحرم الصدقةُ ذوي القربى الذين لهم سهم مفروض الخُمس وهم بنو وبنو المطلب» أما نسبه جهة أمه ففيه قولان: الأول: أنها أزدية يمنية واسمها فاطمة بنت الأزدية القول الصحيح المشهور انعقد الإجماع وكل الروايات التي رُويت تذكر لسانه أن أمَّه الأزد الثاني: قرشية علوية أي نسل علي أبي طالب وهذه الرواية شاذةٌ تخالف هذا المقام: «وأما نسب قولان: الأول شاذ رواه الحاكم أبو الحافظ أم رضيَ تعالى عنه هي الحسين كرم وجهه والثاني الأزد» ضريح (أو قبة الشافعي) عبارة غرفة تشغل مسطحاً مربعاً محاطاً بأربعة حوائط سميكة وبُنيت ذلك المربع تصل ارتفاع 27 متراً سطح وتتكون القبة طبقتين: خشبية داخلية والثانية خارجية مصنوعة الرصاص وللضريح ثلاثة محاريب تتجه نحو حائط اتجاه قبلة الصلاة وهناك باب كل الحائطين الشرقي والشمالي والحوائط الداخلية مغطاة بالرخام بنى السلطان صلاح ناووساً (تابوتاً) وضعه فوق قبر 574 الموافق 1178 م والناووس مصنوع خشب الساج الهندي ومزخرفٌ بحُلْية دقيقةٍ وآياتٍ وبعد بُني مسجدٌ يضم ضريح ويوجد قمة الخارج عشارى النحاس الأصفر وترمز عِلم ويعد الضريحُ واحداً أكبر الأضرحة المفردة الذكاء وغزارة العلم لقد شغل الناسَ بعلمه وعقله شغلهم نازل الرأي وشغلهم ابتدأ يَخرج عليهم بفقه جديد يتجه الكليات بدل الجزئيات والأصول الفروع خلافات الفقهاء وخلافات بعض الصحابة أصوله اهتدى إليها فقد أوتي اللغة العربية وأوتي الكتاب ففَقِهَ معانيه وطبَّ أسراره ومراميه ألقى شيئاً تلاميذه: إذا كأنه شاهد التنزيل» موطأ وضبط قواعد السُّنَّة وفهم مراميها والاستشهاد بها ومعرفة الناسخ والمنسوخ منها والقياس ووضع ضوابط القياس والموازين لمعرفة صحيحه وسقيمه وكان يدعو طلب فقد يقول: «من تعلم عظمت قيمته ومن كتب قويت حجته نظر نبل قدره رق طبعه الحساب جزل رأيه لم يصن نفسه ينفعه علمه» وكان مجلسه جامعاً للنظر عدد الربيع سليمان: الشافعي كان رحمَه يجلس حلقته صلى الصبح فيجيئه فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء فيسألونه تفسيره ومعانيه ارتفعت فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر ارتفع الضحى تفرقوا والعروض والنحو والشعر فلا يزالون قرب انتصاف النهار ومما روي ذكائه أنه ذاتَ مرةٍ جالساً الحميدي ومحمد حسن يتفرسون الناس فمر رجل فقال الحسن: «يا أبا انظر هذا» فنظر إليه وأطال «أعياك أمره؟» قال: «أعياني أمره لا أدري خياط أو نجار» الحميدي: فقمت فقلت له: «ما صناعة الرجل؟» «كنت نجاراً وأنا اليوم خياط» وقد وصف زكريا السلماسي علمه فقال: الشافعي جمع أشتات الفضائل ونظم أفراد المناقب وبلغ والعلم أعلى المراتب إن ذُكر التفسيرُ فهو إمامه الفقهُ ففي يديه زمامه الحديثُ فله نقضه وإبرامه الأصولُ الفصوص والفصول الأدبُ وما يتعاطاه العرب مبديه ومعيده ومعطيه ومفيده للصباحة ويده للسماحة ورأيه للرجاحة ولسانه للفصاحة ومفتي الأمة والمصباح الزاهر الظلمة عباس عمر معاذ القضاء الفرائض زيد القراءات أُبَيّ الشعر حسان كلامه بين الحق والباطل فرقان التواضع والكرم كان متواضعاً كثرة وتنوعه ومما يدل قوله: ناظرت أحداً فأحببت يخطئ قلبي إلا وددت أحد ولا ينسب إلي» وعن سليمان «سمعت ودخلت مريض فذكر ما فقال: لوددت الخلق تعلمه ولم إلي منه شيء أبداً» حرملة يحيى سمعت «وددت أعلَمه تعلَمه أوجر يحمدوني» وقال أحمد حنبل: لنا الشافعي: «أنتم أعلم بالحديث والرجال مني صحيحاً فأعلموني كوفياً بصرياً شامياً أذهب صحيحاً» كما معروفاً بالكرم والسخاء قاله سليمان: تزوجت فسألني «كم أصدقتها؟» فقلت: «ثلاثين ديناراً» أعطيتها؟» قلت: «ستة دنانير» فصعد داره وأرسل بصرَّة أربعة وعشرون ديناراً عمرو سواد السرحي: أسخى الدينار والدرهم والطعام لي «أفلستُ عمري ثلاث إفلاسات فكنت أبيع قليلي وكثيري حليّ ابنتي وزوجتي أرهن قط» الورع والعبادة كان ورعاً كثير العبادة يختم ليلة ختمة شهر رمضان ختم يوم ستين المرادي المصري صلاة» وقال الكرابيسي: «بتُّ ثمانين يصلي ثلث الليل يمر بآية رحمة سأل لنفسه وللمؤمنين أجمعين عذاب تعوّذ بالله وسأل النجاة ولجميع المسلمين وكأنما جُمع الرجاءُ والرهبةُ» ومما ورعه الحارث سريج: «أراد الخروج فأسلم قصّارٍ ثياباً بغداديةً مرتفعةً فوقع الحريق فاحترق دكان القصار والثياب فجاء القصارُ ومعه قومٌ يتحمل بهم تأخيره ليدفع قيمة الثياب قد اختلف تضمين القصّار أتبين الضمان يجب فلست أضمنك شيئاً» التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم بعد عهد الرسول وسلم بزمن يسير حيث حرص العلماء حماية وصيانة المصدر الثاني مصادر التشريع الإسلام النبوي حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق أولا الآثار المروية والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم مجاهد «جاء بشير العدوي فجعل يحدث ويقول: رسول يأذن لحديثه ينظر يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا سمعنا رجلا يقول ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا فلما ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر العمل هذه القاعدة ضرورة معرفة الرجال ناقلي بسبب حال نقلة النبوية وذلك لما ينبني المعرفة قبول والتعبد بما لله رد تلك والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه وممن سمع سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم (من منهم حدث سماعاً دلس أرسل عنه) مدة ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال الحاضرين عنده؟ الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب تفرّدته الإسلامية باقي الأمم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول المجال
❞ وكما أن الشمس إذا قربت من المشرق ظهر نورها في أول الأمر وهو الصبح. فكذلك الاستدلال الأول يكون كالصبح، ثم كما أن الصبح لا يزال يتزايد بسبب تزايد قرب الشمس من سمت الرأس، فإذا وصلت إلى سمت الرأس حصل النور التام، فكذلك العبد كلما كان تدبره في مراتب مخلوقات الله تعالى أكثر كان شروق نور المعرفة والتوحيد أجلى. إلا أن الفرق بين شمس العلم وبين شمس العالم أن شمس العالم الجسماني لها في الارتقاء والتصاعد حد معين لا يمكن أن يزاد عليه في الصعود، وأما شمس المعرفة والعقل والتوحيد، فلا نهاية لتصاعدها ولا غاية لازديادها فقوله: ﴿وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض﴾ إشارة إلى مراتب الدلائل والبينات، وقوله: ﴿وليكون من الموقنين﴾ إشارة إلى درجات أنوار التجلي وشروق شمس المعرفة والتوحيد . ❝
❞ ولقد سمعت أن حكاء الهند كانوا يعالجون الأمراض الجسمانية بالموسيقى ؛ وذلك لأنهم إذا عرفوا أن الصوت الحادث عند الغضب هو الصوت الفلاني ، عرفوا أن طبيعة هذا الصوت مشال ( ۲ ) لطبيعة الغضب في الحرارة واليبوسة ، فإذا حدث لإنسان مرض بارد ، ( 1 ) الانفعال نوع من السلوك مصحوب باضطرابات عضوية في الجهاز العصبي ، والحشوی ، والدموى ، والغتي والعضلى نتيجة لحالة من الإثارة والتغير وعدم الاستقرار . ❝
❞ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [2:212]. قال الرازي: ˝في سبب النزول وجوهاً: فالراوية الأولى: قال ابن عباس: نزلت في أبي جهل ورؤساء قريش، والراوية الثانية: نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم من بني قريظة والنضير وبني قينقاع، والراوية الثالثة: قال مقاتل: نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه. واعلم انه لا مانع من نزولها في جميعهم . ❝
❞ ﴿بَلْ قالُوا إنّا وجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وإنّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾
المسألة الثانية: لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآيات لكفت في إبطال القول بالتقليد، وذلك لأنه تعالى بين أن هؤلاء الكفار لم يتمسكوا في إثبات ما ذهبوا إليه لا بطريق عقلي، ولا بدليل نقلي، ثم بين أنهم إنما ذهبوا إليه بمجرد تقليد الآباء والأسلاف، وإنما ذكر تعالى هذه المعاني في معرض الذم والتهجين، وذلك يدل على أن القول بالتقليد باطل، ومما يدل عليه أيضا من حيث العقل أن التقليد أمر مشترك فيه بين المبطل وبين المحق، وذلك لأنه كما حصل لهذه الطائفة قوم من المقلدة، فكذلك حصل لأضدادهم أقوام من المقلدة، فلو كان التقليد طريقا إلى الحق لوجب كون الشيء ونقيضه حقا، ومعلوم أن ذلك باطل . ❝
❞ ﴿أَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ یَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ...
لم قيل (عن) عباده ، لا (من) عباده؟
المسألة الخامسة:(عن) في قوله تعالى: ﴿عَنْ عِبَادِهِ﴾ فيه وجهان:
الأول: أنه لا فرق بين قوله: ﴿عَنْ عِبَادِهِ﴾ وبين قوله: من عباده يقال: أخذت هذا منك وأخذت هذا عنك.
والثاني: قال القاضي: لعل(عن) أبلغ لأنه ينبئ عن القبول مع تسهيل سبيله إلى التوبة التي قبلت، وأقول: إنه لم يبين كيفية دلالة لفظة(عن) على هذا المعنى، والذي أقوله إن كلمة (عن) وكلمة (من) متقاربتان، إلا أن كلمة (عن) تفيد البعد، فإذا قيل: جلس فلان عن يمين الأمير، أفاد أنه جلس في ذلك الجانب لكن مع ضرب من البعد فقوله: ﴿عَنْ عِبَادِهِ﴾ يفيد أن التائب يجب أن يعتقد في نفسه أنه صار مبعدا عن قبول الله تعالى له بسبب ذلك الذنب، ويحصل له انكسار العبد الذي طرده مولاه، وبعده عن حضرة نفسه، فلفظة(عن) كالتنبيه على أنه لا بد من حصول هذا المعنى للتائب . ❝
❞ وأمّا قَوْلُهُ: ﴿وأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ فالمُرادُ مِنَ المُسْلِمِ إمّا المُنْقادُ أوِ المُؤْمِنُ، فَثَبَتَ أنَّ هَذا الكِتابَ عَلى وجازَتِهِ يَحْوِي كُلَّ ما لا بُدَّ مِنهُ في الدِّينِ والدُّنْيا، فَإنْ قِيلَ النَّهْيُ عَنِ الِاسْتِعْلاءِ والأمْرِ بِالِانْقِيادِ قَبْلَ إقامَةِ الدَّلالَةِ عَلى كَوْنِهِ رَسُولًا حَقًّا يَدُلُّ عَلى الِاكْتِفاءِ بِالتَّقْلِيدِ. جَوابُهُ: مَعاذَ اللَّهِ أنْ يَكُونَ هُناكَ تَقْلِيدٌ وذَلِكَ لِأنَّ رَسُولَ سُلَيْمانَ إلى بِلْقِيسَ كانَ الهُدْهُدُ ورِسالَةُ الهُدْهُدِ مُعْجِزٌ، والمُعْجِزُ يَدُلُّ عَلى وُجُودِ الصّانِعِ وعَلى صِفاتِهِ ويَدُلُّ عَلى صِدْقِ المُدَّعِي فَلَمّا كانَتْ تِلْكَ الرِّسالَةُ دَلالَةً تامَّةً عَلى التَّوْحِيدِ والنُّبُوَّةِ لا جَرَمَ لَمْ يَذْكُرْ في الكِتابِ دَلِيلًا آخَرَ . ❝
❞ ما العبادة التي خلق الجن والإنس لها
قلنا: التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله، فإن هذين النوعين لم يخل شرع منهما، وأما خصوص العبادات فالشرائع مختلفة فيها بالوضع والهيئة والقلة والكثرة والزمان والمكان والشرائط والأركان، ولما كان التعظيم اللائق بذي الجلال والإكرام لا يعلم عقلا لزم اتباع الشرائع فيها والأخذ بقول الرسل عليهم السلام فقد أنعم الله على عباده بإرسال الرسل وإيضاح السبل في نوعي العبادة، وقيل إن معناه ليعرفوني، روي عن النبي ﷺ أنه قال عن ربه ”كنت كنزا مخفيا فأردت أن أعرف“ . ❝
❞ لماذا جبريل عليه السلام سمي «روحا»؟
وسُمِّيَ رُوحًا؛ لِأنَّهُ رُوحانِيٌّ وقِيلَ: خُلِقَ مِنَ الرُّوحِ، وقِيلَ لِأنَّ الدِّينَ يَحْيا بِهِ أوْ سَمّاهُ اللَّهُ تَعالى بِرُوحِهِ عَلى المَجازِ مَحَبَّةً لَهُ وتَقْرِيبًا كَما تَقُولُ لِحَبِيبِكَ رُوحِي، وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ رَوْحَنا بِالفَتْحِ؛ لِأنَّهُ سَبَبٌ لِما فِيهِ رَوْحُ العِبادِ، وإصابَةُ الرَّوْحِ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِي هو عِدَةُ المُتَّقِينَ في قَوْلِهِ: ﴿فَأمّا إنْ كانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ ﴿فَرَوْحٌ ورَيْحانٌ وجَنَّةُ نَعِيمٍ﴾ [الواقِعَةِ: ٨٩] أوْ لِأنَّهُ مِنَ المُقَرَّبِينَ وهُمُ المَوْعُودُونَ بِالرَّوْحِ أيْ: مُقَرِّبَنا وذا رَوْحِنا . ❝
❞ ومن الناس من يقول: الروح عبارة عن أجسام نورانية سماوية لطيفة، والجوهر على طبيعة ضوء الشمس، وهي لا تقبل التحلل والتبدل ولا التفرق ولا التمزق فإذا تكون البدن وتم استعداده وهو المراد بقوله: ﴿فإذا سويته﴾ [الحجر: ٢٩] نفذت تلك الأجسام الشريفة السماوية الإلهية في داخل أعضاء البدن نفاذ النار في الفحم ونفاذ دهن السمسم في السمسم، ونفاذ ماء الورد في جسم الورد، ونفاذ تلك الأجسام السماوية في جوهر البدن هو المراد بقوله: ﴿ونفخت فيه من روحي﴾ (الحجر: ٢٩) ثم إن البدن ما دام يبقى سليما قابلا لنفاذ تلك الأجسام الشريفة بقي حيا، فإذا تولدت في البدن أخلاط غليظة منعت تلك الأخلاط الغليظة من سريان تلك الأجسام الشريفة فيها فانفصلت عن هذا البدن فحينئذ يعرض الموت، فهذا مذهب قوي شريف يجب التأمل فيه فإنه شديد المطابقة لما ورد في الكتب الإلهية من أحوال الحياة والموت، فهذا تفصيل مذاهب القائلين بأن الإنسان جسم موجود في داخل البدن، وأما أن الإنسان جسم موجود خارج البدن فلا أعرف أحدا ذهب إلى هذا القول . ❝
❞ { وَٱلسَّمَاۤءَ بَنَیۡنَـٰهَا }
<...المسألة الثالثة: الأصل تقديم العامل على المعمول والفعل هو العامل فقوله: ”بنينا“ عامل في السماء، فما الحكمة في تقديم المفعول على الفعل ولو قال: وبنينا السماء بأيد، كان أوجز؟
نقول الصانع قبل الصنع عند الناظر في المعرفة، فلما كان المقصود إثبات العلم بالصانع، قدم الدليل، فقال والسماء المزينة التي لا تشكون فيها بنيناها فاعرفونا بها إن كنتم لا تعرفوننا . ❝
❞ الإنسان لا يمكنه أن ينفق محبوبه إلا إذا توسل بإنفاق ذلك المحبوب إلى وجدان محبوب أشرف من الأول، فعلى هذا الإنسان لا يمكنه أن ينفق الدنيا في الدنيا إلا إذا تيقن سعادة الآخرة، ولا يمكنه أن يعترف بسعادة الآخرة إلا إذا أقر بوجود الصانع العالم القادر، وأقر بأنه يجب عليه الانقياد لتكاليفه وأوامره ونواهيه، فإذا تأملت علمت أن الإنسان لا يمكنه إنفاق الدنيا في الدنيا إلا إذا كان مستجمعا لجميع الخصال المحمودة في الدنيا . ❝
❞ ﴿ يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ ﴾
وأيضا يجب حمل هذه الفوقية على الفوقية بالقدرة والقهر كقوله ﴿وإنّا فَوْقَهم قاهِرُونَ﴾ [٧/١٢٧] والذي يقوي هذا الوجه أنه تعالى لما قال ﴿يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ﴾ وجب أن يكون المقتضى لهذا الخوف هو كون ربهم فوقهم؛ لِما ثبت في أصول الفقه أن الحكم المرتب على الوصف يشعر بكون الحكم معللا بذلك الوصف.
إذا ثبت هذا فنقول هذا التعليل إنما يصح لو كان المراد بالفوقية الفوقية بالقهر والقدرة؛ لأنها هي الموجبة للخوف، أما الفوقية بالجهة والمكان فهي لا توجب الخوف، بدليل أن حارس البيت فوق الملك بالمكان والجهة مع أنه أخس عبيده فسقطت هذه الشبهة . ❝
❞ اليقين عبارة عن علم يحصل بعد زوال الشبهة بسبب التأمل، ولهذا المعنى لا يوصف علم الله تعالى بكونه يقينا لأن علمه غير مسبوق بالشبهة وغير مستفاد من الفكر والتأمل.
واعلم أن الإنسان في أول ما يستدل فإنه لا ينفك قلبه عن شك وشبهة من بعض الوجوه، فإذا كثرت الدلائل وتوافقت وتطابقت صارت سببا لحصول اليقين وذلك لوجوه . ❝