█ _ محمد الغزالى السقا 2005 حصريا كتاب الحق المر عن دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر لبنان 2024 : هو أحد أشهر كتب الداعية والشاعر والمفكر الإسلامي الشيخ الغزالي ويُعد أهم الدعاة القرن العشرين حيث أثرى المكتبة الإسلامية بعشرات الكتب القيمة حتى لُقب بأديب الدعوة لتميز كتاباته بأسلوبها الأدبي الرفيع والدعاة مجاناً PDF اونلاين ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل والدعاة مشكلات ليس فقط بالكتيب الذي يحوي القيم والمبادئ التي يجدر بكل طالب علم أو من يقف علي باب إلي الله أن يقرأها ويتعلم ما فيها بل إنه –علي أرى– لابد وأن يكون منهجًا قويمًا تسير عليه كل المؤسسات والهيئات والجمعيات المسؤولة أي بلد البلدان دين تعالى هذه مكانة لايمكن أبدًا لمثل هذه الأعمال توضع أدنى منها
❞ “نظرت في حال أمتنا وهي تقلد الغرب المنتصر فوجدتها في أحسن الظروف
تنقل البناء ولا تنقل قاعدته فإذا الهيكل المنقول يظل اياماً قلائل يسر الناظرين
فإذا هزته الأحداث تحول علي عجل الي انقاض” . ❝
❞ كيف ندعو إلى الإسلام ؟
"أنا لا أحسن جر الإسلام من ذيله كما تفعلون !"
دخلت مكتبي فتاة لم يعجبني زيها أول ما رأيتها ، غير أني لمحت في عينها حزنا وحيرة يستدعيان الرفق بها ، وجلست تبثني شكواها وهمومها متوقعة عندي الخير !
واستمعت طويلا ، وعرفت أنها فتاة عربية تلقت تعليمها في فرنسا لا تكاد تعرف عن الإسلام شيئا ..
فشرعت أشرح حقائق ، وأرد شبهات وأجيب عن أسئلة ، وأفند أكاذيب المبشرين والمستشرقين حتى بلغت مرادي أو كدت !
ولم يفتني في أثناء الحديث أن أصف الحضارة الحديثة بأنها تعرض المرأة لحما يغري العيون الجائعة ، وأنها لا تعرف ما في جو الأسرة من عفاف وجمال وسكينة ..
واستأذنت الفتاة طالبة أن آذن لها بالعودة ، فأذنت ..
ودخل بعدها شاب عليه سمات التدين يقول بشدة :
ما جاء بهذه الخبيثة إلى هنا ؟
فأجبت : الطبيب يستقبل المرضى لا الأصحاء ، ذلك عمله !
قال : طبعا نصحتها بالحجاب !
قلت : الأمر أكبر من ذلك .. هناك المهاد الذي لا بد منه ، هناك الإيمان بالله واليوم الآخر والسمع والطاعة لما نزل به الوحي في الكتاب والسنة ، والأركان التي لا يوجد الإسلام إلا بها في مجالات العبادات والأخلاق ..
فقاطعني قائلا : ذلك كله لا يمنع أمرها بالحجاب.
قلت في هدوء : ما يسرني أن تجيء في ملابس راهبة ، وفؤادها خال من الله الواحد ، وحياتها لا تعرف الركوع والسجود ، إنني علمتها الأسس التي تجعلها من تلقاء نفسها تؤثر الاحتشام على التبرج ..
فحاول مقاطعتي مرة أخرى ، فقلت له بصرامة :
أنا لا أحسن جر الإسلام من ذيله كما تفعلون ، إنني أشد القواعد وأبدأ البناء بعدئذ .. وأبلغ ما أريد بالحكمة ..
وجاءتني الفتاة بعد أسبوعين في ملابس أفضل ، وكانت تغطي رأسها بخمار خفيف ، واستأنفت أسئلتها ، واستأنفت شروحي ، ثم قلت لها :
لماذا لا تذهبين إلى أقرب مسجد من بيتكم ؟
فأجابت الفتاة : بأنها تكره رجال الدين ، وما تحب سماعهم !
قلت : لماذا ؟
قالت : قساة القلوب ، غلاظ الأكباد ! إنهم يعاملوننا بصلف واحتقار !!
ولا أدري لماذا تذكرت هند امرأة أبي سفيان التي [ أكلت كبد حمزة رضي الله عنه ] ونالت من الإسلام ما نالت ، إنها كانت لا تعرف رسول الله ، فلما عرفته واقتربت منه وآمنت به ، قالت له هذه الكلمات :
" يارسول الله ، والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب أن يذلوا من أهل خبائك !!
وما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يعزوا من أهل خبائك " .
إن نبع المودة الدافق من قلب الرسول الكريم بدل القلوب من حال إلى حال، فهل يتعلم الدعاة ذلك من نبيهم فيؤلفوا بدلا من أن يفرقوا ويبشروا بدلا من أن ينفروا؟؟ . ❝
❞ “وقد رأيت بعض الجهال الذين لا يجوز لهم الكلام فى الإسلام يرجمون المجتمعات بآثار ما فهموها، وما يدرون شيئا عن ملابساتها ودلالاتها، يقول للناس: إن الأغنياء أكثر أهل النار، وإن النساء أكثر أهل النار، يعنون أن الغنى جريمة، وأن الأنوثة جريمة!!.
وهذا لغو مقبوح الفهم والآثار، وقد آن للأمة أن تبرأ منه، وأن تنصح قائليه بالصمت والتوبة.” . ❝
❞ “إن نصف ما نشتريه من الخارج يمكن الاستغناء عنه فورا ! ونصف الباقى يمكن الاستغناء عنه فى أمد قريب،
وإذا لم نتعلم من ديننا ضبط شهواتنا فماذا نتعلم؟.” . ❝
❞ وظيفة الأمة
قلت محددا وظيفة الأمة العربية وجامعتها: إن الله ربى محمدا ـ عليه الصلاة والسلام ـ ليربى به العرب، وربى العرب بمحمد ليربى بهم الناس كافة. فلأمتنا رسالة واضحة يجب أن تعمل بها وتدعو إليها، وترفع رايتها وتشعر الأقربين والأبعدين بحقيقتها، وهذا معنى عالمية الإسلام، فليس هو نهضة عربية كما يزعم زاعمون، أو ثورة قومية كما يهرف خراصون .. إنه رحمة الله بالعالمين ، وهدايته للناس أجمعين.
وإذا كان العرب قد انكمشوا فى هذا العصر، وتقطعوا فى الأرض أمما، وصارت كل أمة تسعى وراء القوت وتهتم بحياتها الخاصة فإن ذلك لون من النسيان المخزى إن لم يكن من الارتداد القبيح!!.
وتوجد ـ ولله المنة ـ طوائف ترفض هذا الوضع وتعرف أن الإسلام رسالة عامة خالدة وتقدم آصرة الإسلام على كل آصرة وغايته على كل غاية، والآيات فى القرآن كثيرة على عالمية الرسالة، وعلى أن أمتنا شاهدة الأمم!. كما أن الرسول شاهد علينا أى أننا مبلغون مواريث الوحي كما بلغنا. وشاهدون على الأمم كما أن الرسول شهيد علينا. قال تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا). وجاء فى مكان آخر (هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة و ءاتوا الزكاة واعتصموا بالله).
ويحزننى أنى فوجئت بشخص ينكر هذه الحقائق ويحط عن الكواهل أعباء الدعوة العامة ويشغل المسلمين بقضاياهم الخاصة، ويزعم أن الشهادة على الناس فى الآخرة وليست فى الدنيا ويسوق فى ذلك حديثا لم يفهمه، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" يجىء النبى يوم القيامة ومعه الرجل والنبى معه الرجلان. وأكثر من ذلك، فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم هذا؟ فيقولون لا! فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول " نعم! فيقال له من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته! فيدعى محمد وأمته فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم! فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا.! فذلك قوله تعالى : (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس..)..
قلت - لمن ساق هذا الحديث - : إنه جاء بإضافة جديدة إلى جانب ما أفادته الآية من أن المسلمين أمة دعوة عامة تتناول الشعوب فى القارات الخمس، هذه الإضافة أننا شهداء على الناس فى الدنيا وفى الآخرة معا، فلا تضارب بين الآيات والحديث إلا فى أذهان المشوشين وذوى البلاهة!.
إن المسلمين ـ ومعهم كتاب الله وسنة رسوله ـ لهم إشراف وأستاذية على الناس الذين يملأون أرجاء العالم، ولا وظيفة لهم إلا الأكل والسفاد، وكما أخرجهم الرسول من الظلمات إلى النور يجب أن يفعلوا ذلك مع الناس ، وسيحق عليهم العقاب إذا تركوا هذه الوظيفة العليا.
. ❝
❞ أن هذه الملاحظه سبقت الي نفسي وانا اطالع الصحف لأتعرف علي احوال المجتمع شعرت ان امتنا تنتقل من سيئ الي اسوأ وان التربيه الدينيه النابعه من المدرسه والمسجد لا وجود لها
وان فراغ الافئده من العقائد وانفلات الطباع من القيود قد بلغ منا مبلغاً مخيفا . ❝
❞ مجلس الذكر
جلست إلى مكتبى سارح الفكر .. ثم استقرت عيناى على شىء فوق الأوراق ضئيل الحجم كأنه سمسمة، فقلت : إن الخادمة لم تنظف المكتب جيدا..
ومددت أصابعى لأنحى هذا القذى، فإذا السمسمة تفلت من يدى وتطير فى الهواء، فعلمت أنها فراشة صغيرة، لعلها كانت نائمة أو مستريحة فلما أحست أناملى تقترب منها طارت ! لكنى ما رأيت لها أجنحة، إن أجنحتها لا تكاد تبين! بل إنى ما أعرف لها رأسا من ذنب إن أجهزة الحياة فيها لا يمكن أن يراها بشر!
قلت لكن يراها خالقها الذى يطعمها ويسقيها ويمدها بالحياة!
وتداعت المعانى فى رأسى، إن الذى أحيا هذه الفراشات وأطلق أسرابها فى الجو لم يشغله تدبيرها عن أمر السماء، إنه فى الوقت الذى يلهم الفراشات طيرانها يلهم الكواكب دورانها فى مسار لا تزيغ عنه ولا تطيش!!، إنه لا يشغله شأن عن شأن؟ إنه (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور).
وعدت إلى نفسى أتساءل: لماذا عنانى أمر فراشة صغيرة؟! إن جرثومة "الإيدز" أصغر منها سبعين ألف مرة ومع ذلك تدخل هى وزميلاتها أجساد الفجار فتصرعها وتحدث بها تلفا يقهر العلم ويعيي الأطباء!!
ما أحوجنا نحن البشر إلى التأمل فى خلق الله واستنباط صفات الخالق من إبداعاته فى الكون، فيما بين أيدينا وما خلفنا وما فوقنا وما تحتنا!.
ماذا لو جلس بعضنا إلى بعض يتحدث عن آثار الله فى ملكوته على عباده، هذه هى مجالس الذكر التى تبحث عنها الملائكة، وتشارك فيها وهى معجبة فرحة!
جاء فى الحديث القدسى : " إن لله ملائكة يطوفون فى الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم . قال رسول الله: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا! قال فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم ـ ما يقول عبادى؟ قال يقولون يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك! فيقول: هل رأونى؟ فيقولون: لا والله ما رأوك! قال فيقول: كيف لو رأونى؟ قال يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة! وأشد لك تمجيدا وتحميدا وأكثر تسبيحا ".
إن جهود الأفكار فى معرفة الله هى الصورة الأولى للعبادة الصحيحة (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار).
إن الذكر وظيفة عقلية جادة واعية ترقى بأهلها من الأرض إلى السماء، والبشر الآن قسمان ملاحدة لا يعرفون الله، ولا يحسبون أنه سيجمعهم به لقاء!
ومسلمون لا يحسنون الذكر والتذكير! ومعرفتهم بالله قشرة لا تزكى فؤادا ولا تحسن تربية.
. ❝
❞ « أكره أصحاب الغلظة والشراسة، لو كان أحدهم تاجرا واحتجتُ إلى سلعة عنده ما ذهبتُ إلى دكانه ، ولو كان موظفا ولى عنده مصلحة ما ذهبتُ إلى ديوانه، لكن البلية العظمى أن يكون إمام صلاة أو خطيب جمعة أو مشتغلا بالدعوة، إنه يكون فتنة متحركة متجددة يصعب فيها العزاء.
إذا لم يكن الدين خلقا دميثا ووجها طليقا وروحا سمحة وجوارا رحبا وسيرة جذابة فما يكون؟! وقبل ذلك، إذا لم يكن الدين افتقارا إلى الله، وانكسارا فى حضوره الدائم، ورجاء فى رحمته الواسعة، وتطلعا إلى أن يعم خيره البلاد والعباد فما يكون؟!
بعض المصلين تحركه لينتظم فى الصف فكأنما تحرك جبلا! وبعض الوعاظ يتكلم فكأنه وحده المعصوم والناس من دونه هم الخطاءون! وهذا شاب حدث يحسب نفسه مبعوث العناية الإلهية لإصلاح البشرية فهو ينظر إلى الكبار والصغار نظرة مقتحمة جريئة..
إن القلب القاسى والغرور الغالب هما أدل شئ على غضب الله ، والبعد عن صراطه المستقيم... ومن السهل أن يرتدى الإنسان لباس الطاعات الظاهرة على كيان مُلوث وباطن معيب.
لو أن إنسانا عرف معايبى فسترها عن الناس وقصد إلى ليكشف لى أخطائى، ويرجع بى إلى ربى لشكرته ودعوت له! أنه أسدى إلى جميلا، ورحم الله امرءا أهدى إلى عيوبى..
إننى أخاف على نفسى وعلى الناس صياحا فضاحا سفاحا ، يرتقب الغلطة ليثب على صاحبها وثبة الذئب على الشاه، فهو فى ظاهره غيور على الحق ، وفى باطنه وحش لم تقلم التقوى أظافره ، ولم يغسل الإيمان عاره ولا اوضاه.
إنه تحت شعار الإسلام يوجد ناس ليس لهم فقه وليست لديهم تربية، يغترون بقراءات وشقشقات واعتراضات على بعض الأوضاع، ويرون أن الدين كله لديهم وأن الكفر كله عند معارضيهم، فيستبيحون دماءهم وأموالهم وكراماتهم. ما هذا بإسلام وما يخدم بهذا الأسلوب دين من الأديان ».
. ❝
❞ “إن ديننا هو الذي اخترع الحريات والحقوق التي يتطلع إليها العانون والمعذبون في الأرض، ولكن المسلمين كأنما تخصصوا في تشويه دينهم، وطمس معالمه بأقوالهم وأفعالهم” . ❝