█ _ مصطفى محمود 1998 حصريا كتاب اناشيد الإثم البراءة عن دار المعارف 2024 البراءة: كتاب أناشيد والبراءة هو من تأليف الدكتور تحدث فيه حقيقة الحب إلى الجمال الزائل والحياة الفانيه ومن السعادة الكاذبة ماهو أسمى الغضب والحقد والغلّو الشهوة وإلى جهاد النفس وليغير نظرتك السطحية للدنيا ليفهمك معنى الحقيقة ويدخلك نفسية المرأة يعمق للحب وينصحك بأن لا تكون أهل النار يسير بين صفحات كتابه الحبالى اسمى الحقد الغلّ ليغير للدنياليفهمك الحقيقةويدخلك فى المرأةيعمق للحبوينصحك بالأ الناربأن دوما مع االله وهذا الكتاب أروع ما كتب د: يحوى مقالات رائعة تلك المقالات : 1 الأسم 2 دعاء العبد الخطاء اليكم أحد الأدعية التى أعجبتنى كثيراً الهى أرزقنا خوفك ضع الموت أعيننا فلا شىء يستحق البكاء سوى الحرمان منك ولا حزن بحق الا الحزن عليك باطل الأباطيل وقبض الريح كل وجهك أنت الحق وأنت نرى جمال حيثما تطلعت عين أو استمعت أذن اله سبحانك انى كنت الظالمين وايضاً هذا الجزء تيأس مهما بلغت أوزارك ,ولا تقنط خطاياك فما جعل الله التوبة للخطاه وما ارسل الأنبياء للضالين , المغفرة للمذنبين سمّى نفسه الغفار التواب العفو الكريم أجل تخطىء فيغفر جدد أستغفارك لحظة تجدد معرفتك وتجدد العهد بينك وبين ربك وتصل انقطع بغفلتك واعلم يمل الداعين و مقتطفات الكتاب يارب سألتك باسمك الرحيم أن تنقذني عيني تريني الأشياء إلا بعينك وتنقذني يدي تأخذني بيدي بل بيدك تجمعني بهما أحب عند موقع رضاك فهناك ” “يارب استحلفتك بضعفي وقوتك وأقسمت بعجزي واقتدارك جعلت لي مخرجاً ظلمتي نوري نورك إله أنت” “لا يوجد وهم يبدو كأنه مثل نتعامل معها وكأنها الوهم الموت” “الله يأخذ بقدر يعطي ويعوض يحرم وييسّر يعسّر لو دخل كلٌّ منا قلب الاَخر لأشفق عليه ولرأي عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الظاهريه لما شعر بحقد بزهو بغرور …” “فكلما عظمت الأهداف طال الطريق” “إلهي ارزقنا شئ بجق حلّق الخيال إلّه إنى ” “من مات وفي شهوة لم يغلبها فقد وللنار نصيب ” “لو الأخر ولرأى ولما بحسد بغرور” “المشكلة يصادف الرجل المناسب المناسبة …” “تسألنى الذي أحببته فيك سوف تعجب إذا قلت لك إنها تجاعيد جبينك والخطوط الغائرة خديك وذلك القديم صوتك والإرهاق المستمر عينيك وتلك الخطى المكدودة والكلام القليل والشرود الصمت الحائر” “المرأة كالدنيا فيها تقلبات الفصول الأربعة …” فكر وثقافة مجاناً PDF اونلاين الثقافة تعني صقل والمنطق والفطانة حيث المثقف يقوم بتعلم أمور جديدة كما حال القلم عندما يتم بريه هذا القسم يشمل العديدة الكتب المتميزة الفكر والثقافة تتعدّد المعاني التي ترمي إليها اللغة العربية فهي ترجِع أصلها الفعل الثلاثي ثقُفَ يعني الذكاء والفطنة وسرعة التعلم والحذق والتهذيب وتسوية الشيء وإقامة اعوجاجه والعلم والفنون والتعليم والمعارف
❞ لو دخل كل منا قلب الأخر لأشفق عليه ولرأى عدل الموازين الباطنية برغم أختلال الموازين الظاهريه ولما شعر بحسد ولا بحقد ولا بزهو ولا بغرور . ❝
❞ حاول أن يكون فعلك مطابقًا لقولك .. و سلوكك مطابقًا لدعوتك .. فإذا غلبتك بشريتك و هزمك هواك في لحظة .. لا تيأس و إنما استنجد و استصرخ ربك .. و قل : الغوث يارب .. يقل لك لبيك عبدي و يخرجك بيده من ظلمة نفسك إلى نور حضرته !! ..
فإنك إن كنت أحد عمال الله في الأرض ..
و أحد سفرائه إلى قلوب الناس ..
فإنه سوف يرحمك إذا أخطأت و يغفر لك إذا أسأت و يعيدك إلى الطريق إذا انحرفت .. و سوف يرعاك و يتولاك لأنك من جنده و حاشيته و خاصته ..
و لا تيأس مهما بلغت أوزارك و لا تقنط مهما بلغت خطاياك .. فما جعل الله التوبة إلا للخطاة و ما أرسل الأنبياء إلا للضالين و ما جعل المغفرة إلا للمذنبين و ما سمى نفسه الغفار التواب العفو الكريم إلا من أجل أنك تخطئ فيغفر ..
جدد استغفارك كل لحظة تجدد معرفتك و تجدد العهد بينك و بين ربك و تصل ما انقطع بغفلتك ..
و اعلم أن الله لا يمل دعاء الداعين .. و أنه يحب السائلين الطالبين الضارعين الرافعي الأكف على بابه .. و إنما يمقت الله المتكبر المستغني المختال المعجب بنفسه الذي يظن أنه استوفى الطاعة و بلغ غاية التقوى و قارب الكمال .. ذلك الذي يكلم الناس من عل و يصافحهم بأطراف الأنامل !!
كتاب ˝ أناشيد الإثم و البراءة ˝ . ❝
❞ لا تنم على غلّ و لا تصبحَ على شهوة و لا تسع إلى طمع و لا تسابق إلى سلطة و إنما اجعل همك و اهتمامك في الخير و البر و الحق و الصدق، و المروءة و المعونة قاصدا وجه ربك على الدوام
..
د. مصطفى محمود رحمه الله
.. من كتـــاب / أنـاشيـد الإثـم و البـراءة . ❝
❞ و لا تيأس مهما بلغت أوزارك و لا تقنط مهما بلغت خطاياك.. فما جعل الله التوبة إلا للخطاة و ما أرسل الأنبياء إلا للضالين و ما جعل المغفرة إلا للمذنبين و ما سمى نفسه الغفار التواب العفو الكريم إلا من أجل أنك تخطئ فيغفر.
جدد استغفارك كل لحظة تجدد معرفتك و تجدد العهد بينك و بين ربك و تصل ما انقطع بغفلتك.
و اعلم أن الله لا يمل دعاء الداعين.. و أنه يحب السائلين الطالبين الضارعين الرافعي الأكف على بابه.. و إنما يمقت الله المتكبر المستغني المختال المعجب بنفسه الذي يظن أنه استوفى الطاعة و بلغ غاية التقوى و قارب الكمال.. ذلك الذي يكلم الناس من عل و يصافحهم بأطراف الأنامل.
ثم بعد التوبة و الاستغفار و التخلي عن الذنوب و التبرؤ من الحول و الطول.. يأتي التحبب و التقرب و التخلق و التحقق.
حاول أن تتحلى بأخلاق سيدك.. فإذا كان هو الكريم الحليم الصبور الشكور العفو الغفور.. فحاول أن يكون لك من هذه الصفات نصيب.
فإذا غالبتك نفسك الأمارة.. اسجد و ابك و تضرع و توسل.. و قل بين دموعك:
يا من عطفت على الطين فنفخت فيه من جمالك و كمالك.
يا من أخرجت النور من الظلمة.
يا من تكرمت على العدم
أخرجني من كثافتي و حررني من طينتي و خلصني من ظلمتي و قوني على ضعفي و أعني على نفسي.. فلا أحد سواك يستطيع أن يفعل هذا.. أنت يا صانعي بيديك.
ثم يقول سادتنا الأكابر :
إن الجهاد يطول فلا تتعجل الثمر.. فكلما عظمت الأهداف طال الطريق.. فلا تبرح الباب.. و أطل السجود.. و أدم البكاء.. فإنك لا تطلب نيشاناً أو جائزة و إنما تطلب وجه صاحب العرش العظيم.
تطلب رب السماوات.
تطلب العزيز الذي لا يرام.
و ذلك مطلب لا يبلغه طالب إلا بعد أن يبتلى و يمتحن و يتحقق إخلاصه.. و يشهد الملائكة منزلته و يرى الملأ الأعلى بينته.
فكيف يصحب الملائكة المقربين إلا النفر الكرام الذين تخلقوا بأخلاقهم.
و كيف تصعد إلى السماوات إلا بعد أن تلقي بمتاعك الأرضي و أثقالك.. ثم تلقي بنفسك الحيوانية من حالق.. ثم تلقي بغرورك و أنانيتك و شهواتك و أطماعك.. و تتجرد من دواعي بشريتك.. و تعود كما خلقك الله نوراً من نوره.
حينئذ تبلغ الحرية حقاً.. و تشاكل الأبرار و الشهداء و القديسين و الملائكة.
و ذلك معراج يحتاج إلى عمر بطوله و إلى زاد من التقوى و المحبة و الطاعة و صبر على البلاء و لا يقدر على هذا إلا آحاد.
و لهذا خلقت الجنة.
و لهذا كانت الأكثرية ترتع في النار من الآن.
. ❝
❞ سألتك يارب بعبوديتي أن ترفع عني غضبك .. فها أنا ذا و قد خلعت عن نفسي كل الدعاوي و تبرأت من كل حوْل و طوْل و لبست الذل في رحاب قدرتك . إنك لن تضيعني و أنا عبدك . لن تضيع عبداً ذل لربوبيتك و خشع لجلالك . و كيف يضيع عبد عند مولىً رحيم فكيف إذا كان هذا المولى هو أرحم الراحمين . ❝
❞ انما ينتحر من تعلق بغيره.
و لنتجنب هذا المصير فإننا لابد أن نتجنب المشكلة .
والمشكلة اصلا هى التعلق .. ومن ليس له تعلق بشئ لاينتحر لشئ.
و لا يجوز عند المؤمنين تعلق الا بالله فهو وحده جامع الكمالات الدائم الباقي الذي لا يتغير ولا تخيب عنده التوقعات ولا تضيع عنده الآمال .
و الله هو المحبوب وحده على وجه الاصالة وما نحب في الآخرين الا تجلياته فجمال الوجوه من نوره وحنان القلوب من حنانه فنحن لانملك من أنفسنا شيئا إلا بقدر مايخلع علينا سيدنا و مولانا من أنواره و أسمائه.
فنحن لا نحب في بعضنا إلا هو .
وهو حاضر لايغيب ولايغلق بابه في وجه لاجئ ولايطرد من رحابه ملهوف.
فالواقفون عنده مطمئنون راضون سعداء في جميع الأحوال . ❝
❞ و أهل الحكمة فى راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله فى راحة لأنهم أسلموا إلى الله فى ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا فى أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحوا عقولهم أيضا فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هى راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم..
أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فما زالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض ، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأ لا يرتوى و جوعا لا يشبع..
فانظر من أى طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك..
..
د. مصطفى محمود رحمه الله
من كتاب / أناشيد الإثم و البراءة . ❝
❞ خدعني شيطاني واستدرجني
إلى مسرح العرائس الذي يديره
وإلى تماثيل الطين والزجاج والحلي المزيفة
استدرجني إلى بيوت القماش وقصور الورق
وقدمني إلى ناس يبتسمون للمصلحة
ويحبون للشهوة ويقتلون للطمع ويتزاوجون للتآمر
رجال وجوههم ملساء مدهونة ونظراتهم خائنة
ولمساتهم ثعبانية ونساء تغطيهن المساحيق
فلا تبدو ألوانهن الحقيقية
بشرتهن مشدوة ووجوههن مكوية
وخطواتهن حربائية
وأيديهن تتسلل إلى القلوب
يسرقن كل شيء حتى الحقائق
عالم جذاب كذاب يضوع بالعطور ويبرق بالكلمات
عالم لزج معسول تغوص فيه الأرجل
كما يغوص النمل في العسل
حتى يختنق بحلاوته ويموت بلزوجته
والأصوات في هذا العالم كلها هامسة
مبللة بالشهوة تتسلل إلى ما تحت الجلد
وتخترق الضمائر وتأكل الإيمان من الجذور
تذكرتك يارب و أنا أمشي في هذا العالم
فشعرت بالغربة والانفصال
ولم أجد أحدا أكلمه و يكلمني وأفهمه ويفهمني
نبذوني كلهم ورفضوني كما نبذتهم ورفضتهم
وأحسست بنفسي وحيدا غريبا مطرودا
ملقى على رصيف أبكي كطفل يتيم بلا أم
وسمعت في قلبي صراخا يناديك
كانت كل خلية في بدني تتوب و تئوب وترجع
وسمعتك تقول في حنان : لبيك عبدي
ورأيت يدك التي ليس كمثلها شيء
تلتقطني و تخرجني من نفسي إلى نفسك
واختفى ديكور القماش والورق
وذاب مسرح الخدع الضوئية
وعاد اللا شيء إلى اللا شيء وعدت أنا إليك
لا إله إلا أنت سبحانك ولا موجود سواك
القرب منك يضيف والبعد عنك يسلب.
لأنك وحدك الإيجاب المطلق.
وكل ما سواك سلب مطلق.
علمت ذلك بالمكابدة وأدركته بالمعاناة
وعرفته بالدم والعرق والدموع
ومشوار الخطايا و الذنوب
وأنا أقع في الحفر وأتعثر في الفخاخ..
وكلما وقعت في حفرة شعرت بيدك تخرجني بلطف
وكلما أطبق عليّ فخ رأيتك تفتح لي سبيلا للنجاة..
وكلما وضعوني في الأغلال و أحكموا عليّ الوثاق
شعرت بك في الوحدة و الظلمة تفك عني أغلالي
وتربت على كتفي في حنان
وإلهامك يهمس في خاطري..
أما كفاك ما عانيت يا عبدي.
أما اتعظت.. أما اعتبرت..
أما جاء اليوم الذي تثبت فيه قدمك
وتستقر خطاك على الطريق
فأقول باكيا : سبحانك يارب
وهل هناك تثبيت إلا بك
وهل هناك تمكين إلا بإذنك
أنت وحدك الذي أصلحت الصالحين
وثبت الثابتين و مكنت أهل التمكين.
تعطي لحكمة و تمنع لحكمة و لا تسأل عما تفعل.
شفيعي إليك صدقي.
وعذري إليك حبي للحق.
وذريعتي إلى عفوك رغبتي في الخير.
فمن خطيئاتي نبتت الحكمة
كما تنمو أزهار الياسمين من الأرض السبخة.
ومن دموع ندمي علمت الناس
فصدقوني حينما كلمتهم
لأنهم رأوا كلماتي مغموسة بدمي
ومن عثراتي وسقطاتي
أضأت مصباحا هاديا يجنب الناس العثرات.
وكل من عبر طريقي قلت له كلمة صدق
ودللته على السلامة.
ربنا ما أتيت الذنوب جرأة مني عليك
ولا تطاولا على أمرك
وإنما ضعفا وقصورا حينما غلبني ترابي
وغلبتني طينتي و غشيتني ظلمتي.
إنما أتيت ما سبق في علمك
وما سطرته في كتابك وما قضى به عدلك .
رب لا أشكو ولكن أرجو
أرجو رحمتك التى وسعت كل شئ ان تسعنى ..
أنت الذى وسع كرسيك السماء والأرض ..
د. مصطفى محمود
من كتاب : اناشيد الإثم والبراءة . ❝
❞ و أهل الحكمة فى راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله فى راحة لأنهم أسلموا إلى الله فى ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا فى أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحوا عقولهم أيضا فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هى راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم..
أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فما زالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض ، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأ لا يرتوى و جوعا لا يشبع..
فانظر من أى طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك..
د. مصطفى محمود رحمه الله
من كتاب / أناشيد الإثم و البراءة.. العذاب ليس له طبقة . ❝
❞ إلهي .. ارزقنا .. خوفك ضع الموت بين أعيننا . فلا شئ يستحق البكاء سوى الحرمان منك ولا حزن بجق إلا الحزن عليك .. باطل الأباطيل وقبض الريح كل شئ إلا وجهك . أنت الحق . وأنت ما نرى من جمال حيثما تطلعت عين أو استمعت أذن أو حلّق الخيال . لا إلّه إلا أنت. سبحانك . إنى كنت من الظالمين . ❝
❞ ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف ..
فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة .. و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله ..
و هناك نفوس تمضُغ شقاءها و تجترّه و تحوله إلى حِقد أسود و حَسد أكّال .. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله .
و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر..
حيث يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية .. فأهل الرضا إلى النعيم .. و أهل الحقد إلى الجحيم .
د. مصطفى محمود رحمه الله ..
من كتاب / أناشيد الإثم و البراءة . ❝
❞ إلهي ..
إنك ترى نفسي و لا يراها سواك .
تراها كالبيت الكبير الذي تصدعت منه الجدران و تهاوت السقوف و انكفأت الموائد .
بيتاً مهجوراً يتعاوى فيه الذئاب و يلهو فيه القردة و تغرد العصافير .
ساعةً تتلألأ فيه الأنوار و تموج فيه أشعة القمر .
و ساعةً أخرى مظلماً مطموساً محطم المصابيح تسرح فيه العناكب .
مرةً تحنو عليه يد الربيع فتتفتح الزهور على نوافذه و تصدح البلابل و تغزل الديدان الحرير و تفرز النحلات الطنانة العسل.
و مرةً أخرى يأتي عليه الزلزال فلا يكاد يخلف جداراً قائماً لولا ذلك الحبل الممدود الذي ينزل بالنجدة من سماوات رحمتك .
حبل لا إله إلا أنت سبحانك .
أنت الفاعل سبحانك و أنت مجري الأقدار و الأحكام .. و أنت الذي امتحنت و قويت و أضعفت و سترت و كشفت .. و ما أنا إلا السلب و العدم .. و كل توفيق لي كان منك و كل هداية لي كانت بفضلك و كل نور كان من نورك .. ما أنا إلا العين و المحل و كل ما جرى علي من استحقاقي و كل ما أظهرت فيّ كان بعدلك و رحمتك .. ما كان لي من الأمر شيء .
و هل لنا من الأمر شيء !؟
مولاي .. يقولون إن أكبر الخطايا هي خطايا العارفين .. و لكني أسألك يارب أين العارف أو الجاهل الذي استطاع أن يسلم من الفتنة دون رحمة منك .. و أنت الذي سويت نفوسنا و خلقتها و وصفتها بأنها
( لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) .
و أين من له الحول و القوة بدونك .. و هذا جبريل يقول لنبيك لا حول من معصية إلا بعصمة الله و لا قوة على طاعة الله إلا بتمكين الله .
و هل استعصم الذين استعصموا إلا بعصمتك و هل تاب الذين تابوا إلا بتوبتك .. و هل استغفروا إلا بمغفرتك .
إلهي .. لقد تنفست أول ما تنفست بك و نطقت بك و سمعت بك و أبصرت بك و مشيت بك و اهتديت بك .. و ضللت عندما خرجت عن أمرك .
سألتك يارب بعبوديتي أن ترفع عني غضبك .. فها أنا ذا و قد خلعت عن نفسي كل الدعاوي و تبرأت من كل حوْل و طوْل و لبست الذل في رحاب قدرتك .
إنك لن تضيعني و أنا عبدك .
لن تضيع عبداً ذل لربوبيتك و خشع لجلالك .
و كيف يضيع عبد عند مولىً رحيم فكيف إذا كان هذا المولى هو أرحم الراحمين .
ربّ اجذبني إليك بحبلك الممدود لأخرج من ظلمتي إلى نورك و من عدميتي إلى وجودك و من هواني إلى عزتك .. فأنت العزيز حقاً الذي لن تضرك ذنوبي و لن تنفعك حسناتي .
إن كل ذنوبنا يارب لن تنقص من ملكك .
و كل حسناتنا لن تزيد من سلطانك .
فأنت أنت المتعال على كل ما خلقت المستغني عن كل ما صنعت .
و أنت القائل :
هؤلاء في الجنة و لا أبالي و هؤلاء في النار و لا أبالي .
و أنت القائل على لسان نبيك :
( ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم )
فها أنا أدعوك فلا أكف عن الدعاء .. فأنا المحتاج.. أنا المشكلة .. و أنا المسألة .
أنا العدم و أنت الوجود فلا تضيعني .
عاوني يارب على أن اتخطى نفسي إلى نفسي .. أتخطى نفسي الأمارة الطامعة في حيازة الدنيا إلى نفسي الطامعة فيك في جوارك و رحمتك و نورك و وجهك .
لقد جربت حيازة كل شيء فما ازددت إلا فقراً و كلما طاوعت رغائبي ازدادت جوعاً و إلحاحاً و تنوعاً .
حينما طاوعت شهوتي إلى المال ازددت بالغنى طمعاً و حرصاً و حينما طاوعت شهوتي إلى النساء ازددت بالإشباع عطشاً و تطلعاً إلى التلوين و التغيير .. و كأنما أشرب من ماء مالح فأزداد على الشرب ظمأً على ظمأ .
و ما حسبته حرية كان عبودية و خضوعاً للحيوان المختفي تحت جلدي ثم هبوطاً إلى درك الآلية المادية و إلى سجن الضرورات و ظلمة الحشوة الطينية و غلظتها .
كنت أسقط و أنا أحسب أني أحلق و أرفرف .
و خدعني شيطاني حينما غلف هذه الرغبات بالشعر و زوقها بالخيال الكاذب و زينها بالعطور و زفها في أبهة الكلمات و بخور العواطف ، و لكن صحوة الندم كانت توقظني المرة بعد المرة على اللاشيء و الخواء .
إلهي .. لم تعد الدنيا و لا نفسي الطامعة في الدنيا و لا العلوم التي تسخر لي هذه الدنيا و لا الكلمات التي احتال بها على هذه الدنيا .. مرادي و لا بضاعتي .
و إنما أنت وحدك مرادي و مقصودي و مطلوبي فعاوني بك عليك و خلصني بك من سواك و أخرجني بنورك من عبوديتي لغيرك فكل طلب لغيرك خسار .
أنت أنت وحدك .. و ما أرتضي مشوار هذه الدنيا إلا لدلالة هذا المشوار عليك و ما يبهرني الجمال إلا لصدوره عنك و ما أقصد الخير و لا العدل و الحرية و لا الحق إلا لأنها تجليات و أحكام أسمائك الحسنى يامن تسميت بأنك الحق .
و لكن تلك هجرة لا أقدر عليها بدونك و نظرة لا أقوى عليها بغير معونتك .. فعاوني و اشدد أزري .. فحسبي النية و المبادرة فذلك جهد الفقير .. فليس أفقر مني .. و هل بعد العدم فقر .. و قد جئت إلى الدنيا معدماً و أخرج منها معدماً و أجوزها معدماً .. زادي منك و قوتي منك و رؤيتي منك و نوري منك .
و اليوم جاءت الهجرة الكبرى التي أعبر فيها بحار الدنيا دون أن أبتل و أخوض نارها دون أن أحترق .. فكيف السبيل إلى ذلك دون يدك مضمومة إلى يدي .
و هل يدي إلا من صنع يدك ؟ .. و هل يدي إلا من يدك ؟!
و هل هناك إلا يد واحدة ؟
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
سبحانك لا أرى لي يداً .
سبحانك لا أرى سواك .
لا إله إلا الله .
لا إله إلا الله حقاً و صدقاً .
و ذاتك هي واحدة الحسن .
الحسن كله منها .
و الحب كله لها .
و يدك هي واحدة المشيئة .
الفعل كله منها و القوة كلها بها و إن تعددت الأيدي في الظاهر و ظن الظانون تعدد المشيئات .. و إن تعدد المحبون و تعددت المحبوبات .. ما يركع الكل إلا على بابك و ما يلثم الكل إلا أعتابك .. مؤمنون و كفرة .. و إن ظن الكافر أنه يلثم ديناراً أو يقبل خداً فإنما هي أيادي رحمتك أو أيادي لعنتك هي ما يلثم و يقبل دون أن يدري .
و إنما هي أسماء و أفعال و أوصاف .
و المسمى واحد .
و الفاعل واحد .
و الموصوف واحد .
لا إله إلا هو .
لا إله إلا الله .
الحمد له في الأول و الآخر .
رفعت الأقلام و طويت الصحف و انتهت الكلمات
مقال / دعاء العبد الخطاء
من كتاب / أناشيد الإثم والبراءة
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝