█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ لطالما استغربت ذلك التصرف العجيب من الذكور المقربين، سواء المُقدرون لكنوزهم أو الغافلون، أتتركون غزلانكم في المرعى المفتوح في مهب الريح وسط العشب الداني ألا تعلمون أن المفترسين دائمًا بالجوار سِماهم في وجوههم من أثر الصيد ، يبتسمون في وداعة طفل وهم يتربصون . ❝
❞ كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- وهو مثقل بهموم أمة بأكملها يبتسم ويستعيذ من الحزن، فالضحك والتبسم ليس صفة للقلوب الفارغة، ولا يقترن بالعقول المستريحة، بل هو طبع من طبائع الشخصية السوية، ودلالة من دلالات الرحمة والعطف . ❝
❞ مضت الليلة بنفس الوتيرة مثل سابقتها.. الكل تحول إلى فراشات تحوم حول نيران نهايتها، هذا يسكر وهذه ترقص، ذاك يشاغل تلك وهذه تضع عينيها على آخر لترافقه، صفقات تُعقد في ثوان ومشاعر تتأجج في دقائق تحت وطأة نشوة خمر زائفة، كئوس تقرع وتفرغ في جوفِ ظمأى يئنون بالشكوى ويرسون بسفن همومهم على شاطئ ساقيهم، هو ينصت ويبتسم ويربت عليهم في حنو ثم تخرج من بين شفتيه كلمات براقة مدموغة بأمل كاذب، يبيع لهم السراب كل ليلة، فيتجرعون الوهم راضين مقبلين عليه بشغف يحتضنونه في لهفة، يخشون أن يتسرب من بين أيديهم، ولكن تتبخر كلماتهم وهمومهم من عقله وتنمحي من ذاكرته عندما يغادر الساقي حانته كل ليلة متخفيا مثلما حضر إليهم ينزع القناع الذي ارتداه أمامهم ويعود من حيث أتى، مثلما ينفضُّ السامر ويلملمون خيمة السيرك لينكشف العراء، ويبدأ المهرج في خلع القناع وإزالة المساحيق من على وجهه.. تنجلي الحقيقة وتظهر الوجوه الحزينة المرهقة البائسة، يهدأ الأسد ويكف عن الزئير ويصبح وديعًا كسولًا كقط أليف، يسدل الستار عن المسرح بأضوائه الباهرة ليختفي الجميع في ظلام الكواليس وبعدها بليلة تضاء الأنوار، يجدهم في انتظاره بلهفة، نفس جمهوره لا يتغير، يترقبون حضوره وكأنهم على موعد مسبق مع قدر تعيس مختار لا يحيدون عنه ولا يخطئهم أبدًا . ❝
❞ لقد سرت في دروب رغمًا عن أنفي، وفق إرداة الحياة، راضيًا بالعبر المؤلمة، وبقلبٍ شوّه بندوب النهايات، كنت أمضي مثقلًا بالحزن، وروح لا تجد الرضا سوى في ماضٍ، والآن مع نهاية الدرب، مع قرب جلّ ما أخافه وأرتعب منه، مع قرب الخلاص، أكتب بكل فخرٍ، بأنني قد أتممت واجبي، والآن أشعر كأن قلبي ولأول مرة… يبتسم بحق.
– من رواية “مجازاة” . ❝