❞ ملخص كتاب ❞قضايا المرأة في الخطاب النسوي المعاصر❝
اخترت البحث في قضية (حجاب المرأة المسلمة) باعتبارها إحدى القضايا المتناولة في الخطاب النسوي بمساريه، “المسار النسوي العلماني، والمسار النسوي التوفيقي، الموسوم بالإسلامي”، إذ شكل الحجاب همّاً معرفياً نسوياً، وشغل حيزاً هاماً فيما بات يُعرف مؤخراً بحقل الدراسات النسوية، حيث تعددت مقاربات وأبعاد الحجاب في ذلك الخطاب ولم يعد محصوراً في بُعده الديني، بل تم التوسل بالدين نفسه لإثبات تاريخية الحجاب ومن ثم رفضه؛ ومن هنا ظهرت الحاجة لكشف تلك المقاربات والأبعاد، وفحص وتحليل منطلقاتها ومقولاتها، ودراستها دراسة علمية وافية. منطلقات الخطاب النسوي المعاصر: ينطلق الخطاب النسوي في تناوله لقضايا المرأة من منطلقات نظرية، ومنطلقات منهجية إجرائية:
المنطلقات النظرية: تنطلق الخطابات النسوية في تناولها لقضايا المرأة من منظورين، هما: المنظور العلماني، والمنظور الإسلامي. ❝ ⏤ملاك بنت إبراهيم الجهني
ملخص كتاب ❞قضايا المرأة في الخطاب النسوي المعاصر❝
اخترت البحث في قضية (حجاب المرأة المسلمة) باعتبارها إحدى القضايا المتناولة في الخطاب النسوي بمساريه، “المسار النسوي العلماني، والمسار النسوي التوفيقي، الموسوم بالإسلامي”، إذ شكل الحجاب همّاً معرفياً نسوياً، وشغل حيزاً هاماً فيما بات يُعرف مؤخراً بحقل الدراسات النسوية، حيث تعددت مقاربات وأبعاد الحجاب في ذلك الخطاب ولم يعد محصوراً في بُعده الديني، بل تم التوسل بالدين نفسه لإثبات تاريخية الحجاب ومن ثم رفضه؛ ومن هنا ظهرت الحاجة لكشف تلك المقاربات والأبعاد، وفحص وتحليل منطلقاتها ومقولاتها، ودراستها دراسة علمية وافية.
ينطلق الخطاب النسوي في تناوله لقضايا المرأة من منطلقات نظرية، ومنطلقات منهجية إجرائية:
المنطلقات النظرية: تنطلق الخطابات النسوية في تناولها لقضايا المرأة من منظورين، هما: المنظور العلماني، والمنظور الإسلامي.
- أولاً: المنظور العلماني:
ترى النسويات المنتميات للاتجاه العلماني أن النسوية بالأصل حركة حقوقية مدنية ترفض إقحام الدين في ميدان الحركة النضالية، ولا يمكن أن تكون إلا علمانية؛ فالقرآن واضح بشأن تفضيل الرجل على المرأة في المجال الدنيوي وإن ساوى بينهما في المجال الروحي، ولذا فإن تناول قضية المرأة داخل الإطار الإسلامي يفرض التناقض بين المنظورين: (الإسلام، والنسوية)، مما يجعل التحرك النسوي خارج الإطار الإسلامي أمراً لا بد منه. وتحدد صاحبات هذا الخطاب الإطار المفهومي للعلمانية التي ينطلقن منها ويُطالبن بها في طرحهن، فتُعرّفها رجاء بن سلامة بقولها: “اللائكية لا تعني الإلحاد، بل تعني أن الشرعية السياسية لا يمكن أن تُستمد من الدين؛ لأن الممارسة السياسية لا بد أن تكون بشرية وإن نطقت باسم الدين، وتعني التفرقة بين الخاص والعام؛ لأن العام يجب أن يكون مشتركاً، وتعني حياد الدولة دينياً”.
وتؤكد فريدة النقاش، هذا المفهوم وتُضيف له بُعداً تأويلياً بقولها: “إن العلمانية لا تقطع مع الدين، بل تقطع بين الدين والسياسة، والعلمانية ليس الإلحاد، بل هي التأويل العلمي الواقعي للدين الذي.... المزيد.
- ثانياً: المنظور الإسلامي:
من التعريفات المطروحة للنسوية الإسلامية من قِبل المنتسبات إليها، أنها مجموعة الأساليب، وأنماط السلوك ذات الصلة بالعدالة، والمساواة الجنوسية، والمؤطرة بالقيم الإسلامية.
وتوضح أميمة أبو بكر – إحدى الكاتبات النسويات – ماهية النسوية الإسلامية بوصفها محاولة ذات شقين:
الشق الأول: يستخدم الوعي النسوي (بالتمييز ضد المرأة، والتراتب بين الجنسين لتأسيس طبقتين تهيمن إحداهما على الأخرى بوصفها الأدنى)، لرصد الظواهر والمفاهيم الناتجة عن الثقافة، والمنسوبة زوراً للدين الإسلامي.
الشق الثاني: لا يكتفي بالوعي الكاشف لتحيزات الثقافة ونقد المكتشف منها، بل ينتقل للاجتهاد الإصلاحي، وطرح البدائل من وجهة نظر المرأة المسلمة.
المرجعية الحقوقية: تؤكد النسويات الإسلاميات على اشتمال القرآن على المُثل والمبادئ العُليا المتعلقة بالحقوق الإنسانية، ويرين إمكانية تبني إطار (للمساواة والعدل) يتسق مع مقاصد الدين الإسلامي ومبادئ حقوق الإنسان.
وترى آمنة ودود أن المساواة تعني المعاوضة أو المعاملة بالمثل، ولا تتحقق في أسرة تقوم على التراتبية والقوامة.
وتدافع ودود عن.... المزيد.
الإشكالية الثقافية: تدور حول عدة محاور يرتبط بعضها ببعض، ويُفسر بعضها بعضاً، وهي تُعنى بالمحضن الثقافي الذي نشأت ونمت وترعرعت فيه كل من العلمانية، والحداثة، والنسوية، وحقوق الإنسان في التاريخ الغربي. وسنتناول هذه الإشكالية عبر المحاور التالية:
- – العلمانية بوصفها وليدة سياقات ثقافية تاريخية معينة:
العلمانية من المفاهيم الخلافية التي كثر حولها الجدل وعدّها بعض الغربيين من أعسر المفاهيم، ومع ذلك فلا يكاد يوجد خلاف حول تشكّل مفهومها نتيجة للصراع الديني السياسي في أوروبا.
ولظهور العلمانية في الغرب سببان محوريان هما: جدلية العلم والدين، والتحولات الاجتماعية والصناعية والاقتصادية.
والدارس للإسلام عقيدة وشريعة وتاريخاً لا يجده قابلاً لاستزراع العلمانية في أرضه أو إقصائه لصالحها، وذلك لعدة أسباب أبرزها أن الإسلام لم يُخضع للتحريف الذي خضعت له المسيحية والذي تمثل في إدخال مكونات يونانية من قِبل من يسمون برجال الدين، وعدم وجود كهنوت في الإسلام أي سلطة أو هيئة تُشرّع في العقيدة، يُضاف إلى ذلك موقف الإسلام من العلم إذ جعله فريضة على كل مسلم ومسلمة، كما جعل الفكر عبادة.
أما ما تصفه النسويات بالعلمانية الدينية أو اللائكية الإسلامية فشكل من أشكال التضليل ليس إلا، فشريعة الإسلام الشاملة ليست كالمسيحية التي تلقاها الغرب عقيدة منفصلة عن الشريعة، والتي لم تحكم الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مجملها؛ إذ لم تحكم الشريعة حياة الناس إلا.... المزيد.
- – الفكر التوفيقي بوصفه استجابة للاحتكاك الحضاري: :
تَمسُّك منظرات ورائدات النسوية الإسلامية المعلن بالهوية الإسلامية وتصريحهن بالانطلاق من القرآن بوصفه المصدر الأول، مع تأكيدهن على الوعي النسوي في خطابهن، يُصنف فكر (النسوية الإسلامية) مبدئياً في خانة الفكر التوفيقي، والذي عُرِّف بأنه: ” النهج القائم على التقريب بين المتعارضات والأضداد، أيّاً كانت حدة التباعد أو التناقض بينهما”.
كما استعاضت منظرات التوفيقة النسوية عن الأدوات المنهجية الإسلامية بالأدوات المنهجية الغربية وأدوات ما بعد الحداثة بوجه خاص، وتعاطين مع الأحكام الإسلامية وفقاً للمنهجية النسوية الهادفة؛ لإثبات تاريخية تلك الأحكام وتفكيكها لإبراز ما فيها من تأثيرات السلطة الأبوية والتحيزات الذكورية تجاه المرأة.
وإذا كان خطر التوفيقية الإصلاحية وجاذبيتها يكمنان في عدم انبتاتها الظاهر من المجموع الفقهي فتبدو وكأنها خلاف دائر في إطار إسلامي فروعي، فخطر التوفيقية النسوية وجاذبيتها يكمنان في عدم مصادمتها للوجدان الإسلامي الرافض للعلمانية بدعوى انطلاق هذه التوفيقية من الإسلام وبالإسلام. واستعمالها للمصطلحات الإسلامية مع.... المزيد.
تنوعت مقاربات الخطاب النسوي المعاصر للحجاب، وتشكّلت وعُرضت عبر عدة دوائر متداخلة، منها المقاربة التاريخية المتناولة للأبعاد أو (الجذور) التشريعية للحجاب الإسلامي، ومنها المقاربة السيميائية المتناولة للدلالات النفسية للحجاب، والمقاربة النصية الباحثة في النص الشرعي للحجاب.
- الدرس النسوي في نقض الحجاب: :
يتجلى القسم الأكبر من تطبيقات الحجاب في الخطب النسوي الحداثي في المقاربات الناقضة لفرضية الحجاب والباحثة في أبعاده ودلالاته التاريخية والرمزية والنفسية والنصية، كما يتجلى ذلك بصورة أصغر في تدريس الطريقة التي يتحقق بها نقض الحجاب خطوة بخطوة، وتُعد رجاء بن سلامة من أبرز النسويات اللاتي مارسن تدريس المقاربة الجندرية في قضايا المرأة في نطاق الدراسات العليا في الجامعة، ولم يكتفين بتدريسها لطلابهن بل نقلن جهدهن التعليمي لنتاجهن الفكري فكتبن حول المنهج الأمثل لنقض الحجاب.
تصف رجاء بن سلامة الحجاب بالخرقة المقدسة التي نتمسك بها بكل ما أوتينا من عنف قداسي، والتي أدت وما زالت تؤدي إلى وأد النساء. وترى أن الحل المنهجي للتخلص من الحجاب يقوم على معيارية جديدة تضع منظومة حقوق الإنسان في الاعتبار، كما تضع أهمية التجربة الدينية في حياة الفرد في الاعتبار، فتفصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي.
وترى رجاء بن سلامة أنه يكفي أن نطرح الأسئلة اليسيرة لكي تنهار المُسلّمات التي تحمي البداهة الزائفة للحجاب – برأيها – ومن تلك الأسئلة:
لماذا نطالب المرأة بتغطية رأسها.... المزيد.
- مناقشة الدرس النسوي في نقض الحجاب: :
إن كَشَف الدرس النسوي هنا عن شيء فقد كشف عن النزعة الإقصائية والتحكمية في الخطاب العلماني الذي يُبشر بجنة كونية تنتعش فيها التعددية وتُحترم الحريات، مع إقصاء المحجبات عن هذه الجنة التي لا تتسع لهن. فوحدهن النسويات من يملكن التأويل الصحيح والمطلق للحجاب وهو تأويل تفرّق ناطقوه وتوحدت مقولاتهم حوله؛ فلم يروا في الحجاب سوى تأثم وجنسٍ وجان.
ولا يخفى أن السبب في إخراج الجدل العلماني حول الحجاب للحجاب والنقاب كليهما من دائرة (الديني) إلى الدائرة الإنسانية هو كونها الطريقة الأنسب لزعزعة الفكرة الدينية وتجريد المحجبة من خياراتها الإيمانية، والحجر عليها وإلقائها في السجون المظلمة الواقعة خلف خطوط الحرية، هذه الحرية التي لا تستحقها المحجبات ولا يملكن فيها أجسادهن ولا الحق بالاختيار، بينما يستحقها الشواذ جنسياً والسحاقيات، والمتاجرات بأجسادهن.
على أن سبب ارتداء المرأة للحجاب والنقاب في بلاد تُعلي من شأن الحريات أو بلاد يُحارب فيها الحجاب غالباً سببٌ إيماني، ينبع عن قناعة المتحجبة شخصياً بخيارها الإيماني باعتبار مسؤوليتها الذاتية أمام الله تبارك.... المزيد.
ولا يسعنا في النهاية إلا استدعاء ما سبق وأن ذكرته إحدى النسويات من أن النسوية لا تعتذر عمّا تروم تحقيقه، والمؤمنات – من باب أولى – لسن بحاجة للاعتذار عن التزامهن بما يتعلق بهن من أحكام ثبتت في كتاب الله وسنة نبيه، ومنها الحجاب.