█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ إن علة العالم الإسلامي اليوم هو الرضا بالحياة الدنيا و الاطمئنان بها، و الارتياح إلى الأوضاع الفاسدة و الهدوء الزائد في الحياة. فلا يقلقه فساد، و لا يزعجه انحراف، و لا يهيجه منكر، و لا يهمه غير مسائل الطعام . ❝
❞ وكذلك ضاعت رسالة الأنبياء، والأخلاق الفاضلة والمبادئ السامية في العالم المتمدن المعمور بين غنى مطغٍ وفقر مسن، وأصبح الغني في شغل عن الدين والاهتمام بالآخرة والتفكير في الموت وما بعده بنعيمه وترفه، وأصبح الفلاخ أو العامل في شغل عن الدين كذلك لهمومه وأحزانه وتكاليف حياته، وأصبحت الحياة ومطالبها هم الغني والفقير وشغلهما الشاغل، وكانت رحى الحياة تدور حول الناس في قوة لا يرفعون فيها إلى الدين والآخرة رأساً، ولا يتفرغون إلى ما يتصل بالروح والقلب والمعاني السامية ساعة . ❝
❞ وكذلك العالم اليوم رغم اتساعه وتوفر وسائل السفر والانتقال من مكان إلى مكان، واتصال الشعوب والأمم بعضها ببعض أضيق بأهله منه بالأمس، قد ضيقته المادية التي لا تنظر إلا إلى قدمها ولا تؤمن إلا بفائدة صاحبها، ولا تعرف غير العكوف على الشهوات وعبادة الذات، وقد خنقته الأثرة التي لا تسمح لاثنين بالعيش في إقليم واسع، والوطنية الضيقة التي تنظر إلى كل أجنبي شزرا وتجحد له كل فضل وتحرمه كل حق.
ثم ضيق هذه الحياة المادية المسيطرون السياسيون الذين يحتكرون وسائل الحياة والرزق والقوت، يضيقون هذه الحياة لمن شاءوا ويوسعونها لمن شاءوا، ويبسطون الرزق -زعموا- لمن شاءوا ويقدرونه لمن شاءوا، فأصبحت المدن الواسعة أضيق من جحر ضب، وأصبح الناس في بلادهم في شبه حجر كحجر السغيه واليتيم، وضاقت على الناس الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم، وأصبح الناس في أغلال وأصفاد من المدينة والمملكة مهددين في كل وقت بمجاعات مصطنعة وحقيقية، وحروب خارجية وداخلية، وإضرابات أسبوعية ويومية . ❝