█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ˝إنّها الكأس العاشرة. إنّني أعمى. أسير في دروبٍ مُتعرّجة زَلِقة. المطر يسقط. السّماء تُزمجر. والرّيح الشّديدة تجعل قطرات المطر كأنّها زَخّات رَصاص، أنا أحاول أنْ أفتحَ فمي لأشرب بعضَ تلك القطرات، ولكنّ الرّيح تَذروها عن فمي. إنّني أصمّ، لا أسمعُ إلاّ ضجيجًا عميقًا في أُذنَيّ، لا أسمعُ صوتي، ولا أسمعُ صوتَ الآخرين، الفضاء مملوءٌ بالأصوات الغريبة، إنّها تُشبه صراصير طيّارة تئزّ في المدى، وتدخل في فمي وعينَيّ وأُذنَيّ. أكادُ أختنق، أبحثُ عن هواء نظيفٍ، المدينة كلّها مليئةٌ بهواءٍ فاسدٍ، وأنا فاسدٌ مثلها!˝ . ❝
❞ كثيرا ما نشفق على الأشياء الجميله في حياتنا ان نكتبها, هل يكتب المرء انفاسه التي تتردد ,او قطرات دمه العابرة في عروقه ,او اقسام روحه الهائمه والذي يكتب عن الآخرين يكتب ليعبر عن نفسه, فكيف اذا كان الآخر هو النفس و النفيس و الروح الساكنه في الجسد . ❝
❞ من كِتاب ˝مَمرُ المُبهَمين˝
في الدروب أسير،
تحت انصباب المطر،
تبلل الشوارع مع غيوم رمادية،
قطرات الندى تترقرق على أوراق الزهر والشجر،
مُحتضنة الحيوانات بعضها،
والبشر تعود لمأواها،
اضع يداي في جيوبي،
أمشي على الرصيف فريداً،
بوجه مكتئب،
بعينين مُرهقتين،
بقلبٍ عقيم،
لاأريد أحدًا بجواري،
سوى ذراعي التي تضمني .
للكاتبه عبير مصطفى . ❝
❞ حدثتنا جدتي يوماً أنها كانت تجلسُ عِشاءً بجوارِ موقدِ النار (الكانون) تُلقمُ النار قطعَ الحطب المصفوفةَ بعنايةٍ في كيسٍ كبيرٍ يرقدُ جوارها. يجلسُ جدّي قُبالتها يوزعُ أرغفة الخبز حولَ الموقدِ؛ لتكتسبَ قرمشةً لذيذة ولوناً ذهبياً مُحمراً تتضاعفُ لرؤياه الشهيّة، وتزيدُ برائحته الزكيّة القابليّة، وأجلسَ برّادَ الشاي على حافةِ الموقد حتى يهنؤوا بشايٍ نكّهته ورقاتُ النعناع وأثيرُ الحطب. وفي هذه الأثناء خرجت عمتي إليهم بصينيةٍ كبيرةٍ تحتضنُ ما طابَ مخزون البيتِ من أطباق، زبديةٌ من الفولِ المدمسِ الغارقِ بسيلٍ من زيت الزيتون، صحنٌ ترقدُ فيهِ حباتُ زيتونٍ حديثةَ القطاف مدقوقةً بعنايةٍ ومنقوعةً بالملحِ والفلفلِ والليمون، صحنٌ ثانٍ تمتزجُ فيه اللبنة البيتية بقليلٍ من قطرات الزيت، صحنٌ آخر يتناثرُ فيه فتاتُ الزعتر كلما اهتزّ عنوةً بفعلِ خطى العمةِ المتعجلة، وآخرُ صنعت فيه الدُّقة الفلسطينية بحيرةً مع زيت الزيتون، وآخر تعتمره حباتُ البيض المسلوق، وطبقٌ يتوسطُ المائدة يبرقُ بدبسٍ أسود مع إطارٍ من الطحينيةِ يطوِّقه، وصحنٌ يختبئُ بين الأطباق لعشاق الفلفل الأحمر المطحون مع زيت الزيتون وعصرةٍ من الليمون. وضعت العمةُ الصينيةَ على جذعِ شجرةٍ _قد اقتصه جدي من الأرض وصنعَ منه طاولةً جميلة تُزين جلساتهم المسائية وسطَ كراسي الخيزران والقش_ وذهبت تنادي أخواتها الأربعة، وإخوتها الخمسة للاستمتاعِ بعشاءٍ يسردون خلاله أحداثَ اليوم.
ما إن التفّ الأبناء حول المائدةِ المهيبة، إلا وانهالت على الباب طرقاتٌ مريبة. دخلت البنات يستترنَ في إحدى الغُرف، وخرجَ أحدُ الأبناءِ يكتشفُ طارقَ البابِ أجاء بحزنٍ أم ترف؟!
فتحَ الباب وانهالتْ على وجههِ علاماتُ الخيبة، فهذا جارهم أكيد جاءَ يحملُ كعادتهِ الكثير من الغيبة.
دخلَ بكرشهِ المتهدِّل، ولباسه غيرَ المتبدِّل، وأشداقهِ التي تسعى وراءَ اللُّقم، ولسانهِ الذي يذكرُ كلّ شيءٍ إلّا النِّعم.
دلفَ إلى حيثُ يرقدونَ، أخذتهُ روائحُ الطعامِ والخبزِ المزيون. تهلّلَ وجهه واستبشر، فجاء على موعدِ العشاءِ دون تأخُّر.
ردَّ السلام على عجل، وجلسَ ينتظرُ دعوةً دونَ ملل.
أقسمَ عليه جدّي أن يتذوق، شمّرَ عن ساعديهِ وشرعَ دون تملُّق. راوغَ الأطباقَ كما يراوغُ الثعلبُ الفريسة. نظرَ إليهِ الأبناءُ في دهشةٍ فكأنه غول، فما تركَ في الأطباقِ ولا حتى لقمةَ فول.
شبعَ بعد أن نفدت الأطباق، ابتلت العروق وانتفخت الأشداق.
رفعَ يديه شاكراً حامداً ربّه، ثمَّ تجشَّأ فأراحَ قليلاً قلبَه . ❝
❞ وداعا أيها الغريب كانت إقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيرا وداعا أيها الغريب كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس لحناً سمعناه لثوان من الدغل ثم هززنا رؤوسنا وقلنا أننا توهمناه وداعا أيها الغريب لكن كل شيء ينتهي! . ❝