█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ جلس ˝قيس بن رباح˝ على ركبتيه في خشوع يتضرع لأصنام صنعها بيديه من الطين، وجعلها في جوف بيته في مكان خاص يليق بمقامها.
وكيف لا يفعل وهؤلاء الآلهة لهم الفضل عليه وعلى مهارته في صناعة السيوف؟ حتى اشتهر بين قبائل العرب بصناعته تلك، ويتفاخر الجميع فيما بينهم بسيوفهم وقوتها وصلابتها، ومن كان سيفه من صنع ˝قيس بن رباح˝ وعليه ختمه الخاص به كان له الفخر والثناء كله.
والحق لقد كانت تجارته من صناعة السيوف رابحة ورائجة، يصنعها في مكان بناه بجوار بيته.
كان يجلس بخشوع أمام أحد هذه الأصنام، ويدعوه بصوت هامس خاشع: أيها الإله العظيم، شكرًا لك على نعمتك وكرمك؛ فقد صار ˝قيس بن رباح˝ بفضلك ملء السمع والبصر، والكل يهفو إلى شراء إنتاجه من السيوف.
أيها الإله، زوجتي ˝أسماء بنت صخر˝ حامل في شهرها الأخير و...
سكت برهة عندما تذكر زوجته وحملها، وخشي أن يكون طفله القادم بنتًا تجلب له العار والفضيحة، يسود لها وجهه، ويتجنب قومه، فتبور بضاعته، ويخسر نفسه وعمله، وقد يضطر لتجنب هذا العار إلى أن يدفنها حية، كما يفعل الكثير من قومه!
وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم هذا الفعل الشنيع فقال: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59].
ثم استطرد وهو يكاد يبكي قائلًا: أيها الإله، استجب لي وارزقني ولدًا أفخر به بين قومي، ويكون سندًا لي في عملي، ولا تُشمِت بي بين قومي وترزقني بنتًا يسود لها وجهي، وتجلب لي الفضيحة والعار بين قومي.
ثم تمهل وبلع ريقه، ثم عاد إلى تضرعه ودعائه، ثم سمع صرخة زوجته تتعالى في أرجاء المنزل، فهُرع من فوره إلى حجرتها؛ ليعرف السبب في صياحها، فإذا بها قد جاءها المخاض وسقطت على الأرض من شدة آلام الطلق . ❝
❞ عام الوفود .. وفد بني عامر ..
ولما افتتح رسول الله ﷺ مكة ، وفرغ من تبوك ، وأسلمت ثقيف وبايعت ، ضَرَبَتْ إليه وفود العرب من كل وجه ، فدخلوا في دين الله أفواجاً يضربون إليه من كل وجه .
لما قَدِمَ على رسولِ اللهِ ﷺ وفد بني عامر فيهم عامر بن الطفيل ، وأرْبَدُ بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر ، وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر ، وكان هؤلاء النفر رؤساء القوم وشياطينهم ، فقدم عدو الله عامر بن الطفيل على رسول الله ﷺ وهُوَ يريد الغدر به ، فقال له قومه : يا عامر ! إن الناس قد أسلموا ، فقال : والله لقد كنتُ اليتُ ألَّا أنتهي حتَّى تتبع العرب عَقِبي ، وأنا أتبعُ عَقِبَ هذا الفتى من قريش ! ثم قال لأربد : إذا قدمنا على الرجل ، فإني شاغل عنك وجهه ، فإذا فعلتُ ذلك ، فاعْلُهُ بالسَّيف ، فلما قَدِمُوا على رسول الله ﷺ قال عامر : يا محمد ! خالني ( تَفرِّد لي حتى أحدثك ) ، قال ﷺ ( لا والله حتى تُؤْمِنَ بالله وحده ) قال : يا محمد خالني ، قال ﷺ ( حتى تؤمن بالله وحده لاشريك له ) ، فلما أبى عليه رسول الله ﷺ ، قال له : أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً ، فلما ولى ، قال رسول الله ﷺ ( اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطَّفَيْلِ ) ، فلما خرجوا من عند رسول الله ﷺ قال عامر لأَرْبَد : ويحك يا أربد ، أين ما كُنْتُ أَمَرْتُك به ؟ واللهِ ما كان على وجه الأرض أخوفُ عندي على نفسي منك ، وايمُ اللهِ لا أخافك بعد اليوم أبداً ، قال : لا أبالك ، لا تَعْجَلْ عليَّ ، فوالله ما هممت بالذي أمرتني به ، إلا دخلت بيني وبين الرجل ، أفأضربك بالسيف ؟ ، ثم خرجوا راجعين إلى بلادهم ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق ، بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه ، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول ، ثم خرج أصحابه حين رأوه حتى قَدِمُوا أرض بني عامر ، أتاهم قومهم فقالوا : ما وراءك يا أربد؟ فقال : لقد دعاني إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي فارميه بنبلي هذه حتى أقتله ، فخرج بعد مقالته بيوم أو بيومين معه جمل يتبعه فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما ، وكان أريد أخا لبيد بن ربيعة لأمه ، فبكى ورثاه . ❝