█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ كان هذا هو اليوم الأخير في ” التأبيدة ” التي قضى فيها السجين عشرين سنة من عمره وراء القضبان و هو يعد الأيام يوماً يوماً إنتظاراً لتلك اللحظة التي يرى فيها النور .
و قد دخل إبراهيم السجن في جريمة قتل ..
و يذكر إبراهيم ما حدث دقيقة بدقيقة ، و كأنما هناك شريط سينمائي ناطق مجسَم بالألوان يدور في رأسه و لا يكف عن الدوران .
يذكر ما حدث حينما عاد إلى بيته في تلك الليلة من يناير مبكراً على غيري عادة .. و وقف يقرع الباب ..
لم تأتي زوجته مهرولة كعادتها لتفتح .. و إنما سمع حركة مضطربة خلف الباب ، و سمع أقداماً تجري و لم يفتح أحد .
و عاد يقرع الباب و قد تحرك شك قاتل في صدره .. و عادت الأقدام تجري في اضطراب ، و سمع لَغطاً .. ثم أصوات أشياء تقع على الأرض و زجاجاً ينكسر و نوافذ تصطفق ..
و حمل على الباب بكل قوته و دفعه دفعة هائلة ، فانفتح و قفز إلى الداخل ليرى زوجته واقفة مذعورة على اللحم ، و شبح رجل يهرب من النافذة .
و ترك كل شيء و انطلق يجري وراء الهارب .
و لم يستطع أن يلحق به فقد اندس في زحام المولد و انقطع أثره ، و لكنه عرفه و عرف من هو ..
و في اليوم التالي حمل سكيناً تحت جلبابه و ذهب إلى محل المكوجي ، و قتل مُسعد المكوجي بضربة واحدة من سكينة قطع بها شرايين رقبته ..
و حينما حاول صاحب المحل أن يدافع عنه قتله هو الآخر ..
ثم تكاثر عليه الناس و انتزعوا السكين من يده و سلموه للبوليس .
و من ذلك التاريخ و هو مُلقَى بالسجن .
و حكم عليه القاضي بالمؤبد .
و مضت عليه عشرون سنة كأنها عشرون قرناً و هو يعض على نواجذه من الغيظ لأنه دخل الزنزانة قبل أن يقتل زينب .
كان في عزمه أن يقتل الإثنين ، و قد بدأ بالرجل و في نيته أن ينثني مسرعاً ليقتل المرأة و يستريح ..
و لكن الحوادث التي تلاحقت ، و قتله لرجلين ، ثم تكاثُر الناس عليه ، ثم اعتقاله ، غَيَّر مجرَى الأمور ..
و أعطى المرأة عشرين سنة من العُمر .. و حكم عليه بعشرين سنة من الكظم و الغيظ .. قضاها لا يفكر في شيء إلا لحظة يحز رقبتها بسكينه .
زينب .. التي عرف في حضنها اللذة و السكَن و الراحة .. و التي أعطاها رزقه و عرقه و شبابه .. خانته .
كم بات يحلم بأن يقطع لسانها الذي كان يقول له .. بحبك يا إبراهيم .. و كم راح يهذي بأنه يغمس السكين في قلبها الذي كان يخفق في حضن قلبه .
و كان يراها دائماً في خياله ، جميلة طرية ريانة ، كأنها ثمرة يانعة فيها رائحة الحقل .
و كان يراها دائماً في حضن الرجل الآخر تُقبِلُه و توشوشه كما كانت تقبله و توشوشه .. و كان يسمع غنج صوتها في ظلام زنزانته ، فيفور الدم و يغلي في شرايينه .
و كان يسمع النبض يدق في دماغه .. و لكنه عاش يكظم و يكتم في انتظار اللحظة التي يخرج فيها إلى النور .
و حينما جاء السجّان و فتح له الباب و قال له .. مبروك يا إبراهيم .. إفراج ..
خرج كالريح ..
خرج كما يخرج الغضب من فم الغضبان ..
و كان أول شيء عمله ، أن توجه إلى بيته و السكين تحت جلبابه .
و كان باب البيت مفتوحاً ..
و أسرع داخلاً .
و كانت المرأة راقدة مريضة تسعل .
و تسمر في مكانه حينما أطل في وجهها .. و شعر بدمائه تبرد .. ثم تتثلج .. و تجمدت مشاعره .. و أحس بجنونه يتبخر من رأسه .. ثم أحس برأسه ذاته يتبخر .
لقد رأى امرأة أخرى تماماً غير تلك التي كان يحلم بقتلها في زنزانته .. رأى عجوزاً عجفاء سقطت أسنانها و انحنى هيكلها و تجعدت بشرتها .. ذهبت النضارة و خبا الجمال .. و جف العود الريان .. و تيبست الأطراف .. لم يبق شيء يقتله ، أو يقتل الناس أنفسهم من أجله .
و خمدت الغيرة في قلب الرجل فجأة كأنما هبّت عليها ريح جليدية .. و حل محلها مزيج غريب من الذهول و الدهشة و الإشفاق .
و لم يدرِ الرجل ماذا قال لامرأته ، فقد راح يقول أي كلام .. ثم ما لبث أن تسلل خارجاً و قد أصبح رجلاً آخر غير الذي دخل السجن من عشرين عاماً .
و كما تغير الرجل فجأة .. فقد تغيرت الدنيا أيضاً في عينيه فجأة و راح يكتشفها كأنه مولود يحبو و يتعرف على الدنيا لأول مرة .
حينما جلس يشرب الشاي في القهوة علم بأن زملاءه السباكين قد هاجروا للعمل في الخليج و السعودية و الكويت .
و قال له القهوجي :
♦ إن السباك يعمل الآن بمرتب شهري خمسة آلاف ريال في السعودية أي ألف جنيه شهرياً .. أما صغار العمال الذين آثروا البقاء في مصر .. فإن الواحد منهم يكسب من السباكة مائة و خمسين جنيه في الشهر ..
و إن السباك مطلوب في كل مكان ، و إن الذي يعرف كيف يصلح حنفية يسمي نفسه باشمهندس و يركب عربة ملاكي .
و سرح إبراهيم بعينين ذاهلتين .
كان كل شيء يتغير و يتبدل بسرعة هائلة بينما هو رابض كالتمثال في زنزانته يمضغ حقداً أسود لا يريد أن يزول .
المرأة أصبحت غير المرأة .
و الرجل غير الرجل .
و الصنعة غير الصنعة .
و البلد غير البلد .
بينما هو كتمثال من حجر صوّان يجتّر عذاباً لا ينتهي .
يا لها من لحظة تافهة .. تلك التي توقف عندها و كبّل نفسه بأغلالها عشرين عاماً ..
كيف يحدث أن يقتل الناس بعضهم بعضاً لأمور بمثل تلك التفاهة ؟!
لقد قتل رجلين من أجل زينب .. و من أجل حبه لزينب .. و من أجل شهوته لزينب .. و من أجل غيرته على زينب ..
فأين زينب الآن .. ؟
و أين حبه لزينب .. ؟
و أين شهوته لزينب .. ؟
و أين غيرته على زينب .. ؟
لقد تبخرت زينب و كأنما كانت وهماً .. و خلفت شيئاً مثل رماد المدفأة ، و تبخر حبه لزينب كما تتبخر الأحلام .
و تبخرت شهوته كما يتبخر مستنقع في يوم صيف .
و خمدت غيرته كما تخمد شعلة أكلت نفسها .
يا لها من أمور تافهة يتقاتل من أجلها الناس .
كم تبدو تلك الأحداث الهائلة و اللحظات الرهيبة المفعمة بالغضب .. كم تبدو له الآن على البُعد أحداثاً صغيرة .
أمَا كان أولَى به أن يُطَلِّقها و أن يذهب كل منهما لحاله و أن يجرب كل منهما حظه من جديد دون أن تُراق كل تلك الدماء .. !
و لو أنه بدأ حياة جديدة في تلك الظروف من الرخاء لَتزوج مَنْ هي أجمل من زينب ، و أرق من زينب ، و أوفَى من زينب ..
و لكانت عنده عربة .. و لربما هاجر مع الذين هاجروا إلى السعودية و الخليج و اقتنوا الثروات ، و ذاق لذة الترحال و التنقل و الأسفار بدلاً من ضياع العمر في الزنزانة و ذُل المؤبد .
يا له من أمر تافه ذلك الذي عشت أطحنه تحت أضراسي عشرين عاماً ..
و دلق إبراهيم بقية فنجان القهوة في جوفه و قام ليتوضأ على صوت الأذان ، و قد شعر بأنه أصبح خفيفاً مُجنَّحاً يكاد يطير مع كل خطوة .
و مضى إلى المسجد ليصلي .. و كأنه رجل آخر غير ذلك الذي عرفه و عاشره ستين عاماً .
و عَجِبَ مِن أمر نفسه .
و تساءل و هو يخطو إلى المسجد :
♦ كيف يحدث في لحظة أن يولَد العقل من الجنون كما يولد النهار من الليل .. ؟
و هل يحتاج مثل ذلك الميلاد أن يدفع الإنسان ذلك الثمن الباهظ من زهرة العمر .. ؟
. ❝
❞ يجلس في الصالون مجموعة من الناس، يتحدث الجراح عن جراحاته التي أذهلت العالم، ويتحدث المهندس عن تصميم مبنى أحتار صغار المهندسين في كيفية تصميمه في دقائق أثناء شرب الشاي، والمحامي .. والسيدة .. والشاب .. وأترك الجلسة وأنا مستاء من هذه الأحاديث الذاتية التي يملؤها الأكاذيب، أترك المكان وأمر بمتجر أشتري منه لوازمي يحملها صبي المتجر حتى البيت حيث اسارع إلى سريرى وبعد ساعة أتذكر أنني تركت الصبي بالباب دون دفع أجره .. حتى أنا مشغول بذاتي . ❝
❞ الجزء الخامس
(عفتي والديوث)
بدءت مريم تحكي ودموعها لا تتوقف
انا كنت عايشه مع عائلتي ذيي ذي اي حد لحد مافي جت رساله لوالدتي علي تليفونها بتقول
(جوزك بيخونك وانتي نايمه علي ودنك والدليل اهو )صور كتير كتير اوي لبابا مع ستات كتيره
ماما وقتها انهارت علي قد حبها لبابا علي قد جرحها لما وجهيته وهو ما انكرش وطلبت الطلاق وهو ما اعترضش بس كان شرطه اني اكون معاه وهي تاخد توأمي معاها ولأن ماما ماكنش ليها حد بعد جدي الله يرحمه فوافقت وسابتني وهي مش راضيه
اينعم كان ليسه عندي عشر سنين بعد مش هنسا كلامها ابدا ليا
(حبيبتي يا مريم انا عارفه اني مش مقصره معاكي وكان نفسي اخدك معايا ذي اختك بس يا حبيبتي ابوكي عمره ما هسيبك ليا علشان طول عمره بيحبك انتي عن اختك بس انا دائما هطمن عليكي ودائما تاخدي بالك من نفسك ولو حسيت باي خطر انا موجوده اوعي تترددي انك تجيلي لو نص الليل انا هسيبك ونص روحي معاكي خدي بالك من نفسك )
وسابتني سابتني ومشيت وكأنها اخدت معاها سعادتي وهنايا
بابا كان دائما يرجع متاخر ومش مهتم بيا لا في دراسه ولا حياه كنت دائما مفتقده امي واختي روحي اللي اتاخدت مني غدر بسبب والدي
لحد ما في يوم وبعد تمن سنين كنت رايحه اطلع بطاقه وشفت اللي ما كنتش أتوقعه
~~~~~~~~~~~
عن رونال خرج الدكتور
فتحيه:خير يا دكتور طمني
محمد:ما تقلقيش يا حجه انا شاكك انها كدمه بس لازم تعمل الاشعه دي علشان اتاكد بس وكتب علي اسم الاشعه واعطها لها
فتحيه:طيب يا ابني في مركز علي اول الشارع هتروح تعمل فيه وقلي فين عيادتك
محمد:عيادتي هنا اتنقل عندكم لحد ما نطمن عليها
فتحيه:يعني حضرتك هتستناها لحد ما تجي
محمد :سيف باشا ماكد عليا ما امشي من هنا قبل ما اطمنه عليها
عندك شاي يا حجه ولا انزل اشربه علي القهوه لحد ما تخلص
فتحيه :يا ندامه يا ابني تعمل فينا معروف وتنزل تشرب الشاي تحت والله ما تحصل
رونال:طيب انزل انا بسرعه الحق علشان حضرتك اكيد مشغول
وقبل أن تنزل وجد الشاب الذي معه يستعد للمغادره معاها
فنظرت له باستغراب
فلاول مره يتكلم وقال:حضرتك انا لازم اكون معاكي احسن تحتاجي حاجه
رونال:لا شكرا ده منطقتنا يعني لو محتاجه حاجه هعرف اجيبها
الشاب:اعتبرني اخوكي بس سيف ماكد عليا لازم اكون معاكي لحد ما نطمن عليكي
رونال:لاحول ولاقوة الا بالله هو بالعافيه انا بقول لا
وانا بقول اه كان صوت فتحيه من وراءها فنظرت إليها سريعا رونال :له يا ست الكل لو حد شافه معايا في الحاره هيقولوا ايه
وقبل أن ترد فتحيه رد الشاب :ما تخافيش انا همشي وراءكي من بعيد انا اعرف الأصول كويس يا انسه رونال
رونال:امري لله اتفضل بس من بعيد لبعيد ها
نزلوا سويا وقبل أن يخرجوا من الباب أشار إليها أن تسبقه ففعلت
وهو وراءها في كل خطوه حتي وصلوا المركز
موظفه الاستقبال:اهلا اهلا رورو عاش من شافك
رونال بصدمه عاش من شافك انتي ايه اللي جابك هنا يا نرمين
(نرمين كانت صديقه رونال في الجامعه وظلت الي الان ولكن بينهم رسائل ولم يتقبلوا الا مره واحده من بعد انتهاء جامعتهم)
نرمين:انا شغاله هنا بالليل اصلي نقلت هنا في نفس الشارع
ففرحت رونال وقالت :بجد ده انا ساكنه هنا برضو كده بقا ملكيش حجه هنشوف بعض علطول
نرمين:ما قوليش انتي جايه هنا ليه خير
رونال:تصدقي شفتك ونسيت كل حاجه
انا عربيه خبطتني وعاوزه اعمل اشعه
نرمين :انهي حمار ده اللي عمل كده
رونال:يابت بس بلاش لسانك ده ده واحد من طرفه جيي معايا وأشارت إلي الشاب الذي يقف بعيد وعندما نظرت إليه نرمين احس بطعنه في قلبه وهي ايضا
نرمين:مين المز ده يا بت
رونال:مااعرفش ده جاي من عند مديري
نرمين:لا استني مش انتي قولتلي من طرف اللي خبطك ازاي دلوقتي من طرف المدير
رونال:ده موضوع يطول شرحه خليني اعمل الاشعه علشان الدكتور مستني عن فتحيه
نرمين:طيب خشي علشان الدكتور همشي ولما تطلعي حاسبي
رونال:ماشي يا ستي
دخلت رونال الي الغرفه واقترب الشاب من نرمين
وقال :اتفضلي فلوس الاشعه وأخرج من جيبه خمسه الآلاف جنيه
نرمين:حضرتك اولا هي هتطلع تحسبني وثانيا حتي لو المبلغ ده كبير اوووي يا.....
الشاب:انا رسلان السيوفي
فشهقت نرمين وقالت انت رسلان السيوفي معقول
رسلان:اه والله انا هو
نرمين :وايه اللي جابك حتتنا
رسلان:لا ده موضوع يطول شرحه ممكن دقيقه من موبايلك
نرمين:معقول رسلان السيوفي مش معاه رصيد في تليفونه
رسلان :معلش نسيت اشحن
نرمين:امري لله خد بس أنجز وقول للي انت هتكلمه أن ده سنترال علشان ما يكلمش هنا تاني
ضحك رسلان واخذ الموبايل ودقيقه وكان موبايله بيرن فكنسل واعطا نرمين تليفونها
رسلان:ده رقمي الخاص لو حبيتي تعرفي انا ايه اللي جابني هنا ابقي كلمني أو رني بس وانا اتصل بيكي
وبعدين يلا خدي فلوس الاشعه بقا
فضحكت نرمين وأخذت منه جزء من الفلوس التي معاه وأعطته الوصل ودلفت الي غرفه وبعدها بدقيقه
جاء عامل البوفيه ومعاه قهوه مضبوطه وقدمها له
رسلان:والله جت في وقتها بس انا ما طلبتش حاجه
عامل البوفيه:مدام نرمين هي اللي قلتي قهوتك مضبوطه
فهمس بين نفسه ودي عرفت ازاي
وفابتسم وعندما رفع رأسه وجد أمامه
يتبع . ❝
❞ في مصر الحياة عبارة عن روتين قاتل
يتكرر كل يوم باستمرار...... حتى تحولت الحياة إلى كابوس يأبى أن ينتهي
نستيقظ من النوم..... نذهب لإحضار الإفطار..... نشرب الشاي........ يتم تعويم الجنيه........ نذهب إلى العمل....... نتشاجر...... نصرخ........ نتصالح........ يتم تعويم الجنيه..... نعود من العمل...... نتناول الغداء....... نشرب الشاي........ يتم تعويم الجنيه
إن الإصرار و والمثابرة التي أراها في الجنيه المصري مُبْهِرَةٌ بحق
أقترح أن تُلغَى دورات التنمية البشرية و يتم استبدالها بشاشة كبيرة يظهر عليها سعر الجنيه مقابل سعر الدولار.
˝حسن ابوجليِّل˝
5 فبراير 2024 . ❝