█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ تجمَّد الأب ˝محمدو˝ كعمود خيمة صحراوية كبيرة وسط هذا الفناء العاري، عيناه تلمس الآفاق كأنه يستجديهما في هذا الموقف الصعب. هل يوفي بعهده بعدم مسامحته لإبنه بسبب إلتحاقه بالمنظمات الإرهابية؟! لقد كان يأمل أن يكون مهندسا كبيرا، يفتخر به بين أهله ووسط قريته. أن يصير بذلك من أعيان القرية، يفسحون له في المجالس، ويتقربون إليه ليحل لهم مشاكلهم بالعاصمة. أن يتوسط بينهم في خصوماتهم العائلية وما بين الجيران، ولم لا قد يلعب معه الحظ ويبايعونه ملكا على القبيلة، بعد المرض الخطير الذي نخر عظام وقوة الملك الحالي!
أم يتجلد ويقدم عاطفة الأبوة على كل شيء، مهما كان الغضب فإن القلب لا يتحمل حضن الإبن بعد الغياب الطويل. خاصة عندما كان لا يعلم هل هو حي أم ميت؟! هل سيراه من بعد أم ذهب ولن يعود أبدا…؟!
إنهار الأب بين يدي إبنه وأجهش بالبكاء المرير، كأنين الحامل عند وضع جنينها. زاد الإبن من تقبيل رأسه ويديه، طالبا منه المسامحة بغصَّة وبحنو يشبه الصمت، حتى لا يوقظ من بالداخل، خاصة زوجة أبيه التي لن يستطيعوا غلق فمها الثرثار، الذي لا يتوقف أبدا إلا عند النوم. وأحيانا تتكلم وهي نائمة أيضا، تسب أبناء الجيران ونسوان الجيران، وكل من احتكت بهم بالنهار أو رمقتهم بعينيها الحادتين ولو من بعيد.
ـ تعال ورائي، بهدوء … . ❝
❞ هديه ﷺ في الجهاد والمغازي والسرايا والبعوث .
لما كان الجهاد ذروةَ سَنَامِ الإسلام وقُبته ، ومنازِلُ أهله أعلى المنازل في الجنة ، كما لهم الرفعة في الدنيا ، فهم الأَعلَونَ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، كان رسول الله ﷺ في الذروة العُليا منه ، واستولى على أنواعه كُلها فجاهد في الله حق جهاده بالقلب ، والجِنَانِ ، والدّعوة ، والبيان والسيف ، والسِّنَانِ ، وكانت ساعاته موقوفةً على الجهاد ، بقلبه، ولسانه، ويده. ولهذا كان ﷺ أرفع العَالَمِينَ ذكراً ، وأعظمهم عند الله قدراً ، وأمره الله تعالى بالجهاد من حين بعثه ، وقال تعالى { وَلَوْ شِلْنَا لبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ، فَلَا تُطلع الكَفِرِينَ وجهدهم به جهادًا كبيرًا } ، فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار بالحجة ، والبيان وتبليغ القرآن ، وكذلك جهاد المنافقين ، إنما هو بتبليغ الحجة ، وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام ، قال تعالى { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَهِدِ الْكُفَارَ وَالْمُنَفِقِينَ وَاغلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } ، فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار ، وهو جهاد خواص الأمة ، وورثةِ الرُّسل ، والقائمون به أفراد في العالم ، والمشاركون فيه ، والمعاونون عليه ، وإن كانوا هم الأقلين عدداً ، فهم الأعظمون عند الله قدراً ، ولما كان من أفضل الجهاد قول الحق مع شدة المُعارِضِ ، مثل أن تتكلم به عند من تخاف سطوته وأذاه ، كان للرسل - صلوات الله عليهم وسلامه - الحظ الأوفر ، وكان لنبينا ﷺ من ذلك أكمل الجهاد وأتمه ، ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسه في ذاتِ اللهِ ، كما قال النبي ﷺ ( المجاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ في طَاعَةِ اللَّه ، والْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنه ) ، كان جهاد النفس مُقدَّماً على جِهَادِ العدو في الخارج ، وأصلاً له ، فإنه ما لم يُجاهِدُ هَمه أَوَّلاً لتفعل ما أُمِرَتْ به ، وتترك ما نُهيتُ عنه ، ويُحاربها في الله ، لم يُمكِنه جهاد عدوه في الخارج ، فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه وعدوُّه الذي بين جنبيه قاهر له ، متسلط عليه ، لم يُجاهده ، ولم يُحاربه في الله؟ بل لا يمكنه الخروج إلى عدوه ، حتى يُجاهد نفسه على الخروج ، فهذان عدوَّانِ قد امْتُحِنَ العبد بجهادهما ، وبينهما عدو ثالث لا يمكنه جهادهما إلا بجهاده ، وهو واقف بينهما يُثبط العبد عن جهادهما ، ويُخَذلُه ، ويُرجفُ به ، ولا يزال يُخَيِّل له ما في جهادهما من المشاق وتركِ الحظوظ ، وفوت اللذات والمشتهيات ، ولا يمكنه أن يُجاهِدَ ذَيْنِكَ العدوينِ إلا بجهاده ، فكان جهاده هو الأصل لجهادهما ، وهو الشيطان ، قال تعالى { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوا } ، والأمر باتخاذه عدواً تنبيه على استفراغ الوسع في محاربته ، ومجاهدته ، كأنه لَا يَفْتُر ، ولا يُقصر عن محاربة العبد على عدد الأنفاس . ❝
❞ كانت سميرة فتاة جادة .. ربما هي جادة أكثر من اللازم، وفي تصرفاتها درجة من العصبية لا بأس بها. كما أنها نشأت بين ثلاثة أولاد، وهذه نشأة لا تختلف عن نشأة طرزان في الغابة، حيث القوة هي سيد الموقف، وعليك أن تنتزع حقك بيدك وتستخدم قبضتك، وإلا جعت بالمعنى الحرفي للكلمة.
لما كبرتْ سميرة صارت فتاة جميلة ذات ملامح رقيقة، لكنها خشنة الطباع فعلاً ..
ولم يكن أحد من زملائها يصدق هذا.. من يتصور أن هذا الوجه الرقيق الحالم لا يملك ذرة شاعرية على الإطلاق، والحقيقة أنها كانت تعتبر الأمر كله سخيفاً..
لكنها رأت أن الفتيات كلهن يتصرفن بطريقة مختلفة. لا بد للفتاة من مطرب مفضل ومن صور بلهاء تضعها على صفحة فيس بوك.. صور تظهر فتيات رقيقات يمشين في أيكة او يتأملن شلالاً. أمضّها الاختلاف فصنعت لنفسها صفحة على فيس بوك.. ووضعت بعض الصور لقطط وأطفال. كان رأيها أن هذه الصور قبيحة جداً، لكنها تحملت. هناك مثل مصري قديم يقول ما معناه: «لو ذهبت لبلد يعبد العجل .. فاقطع البرسيم وارم له». كان عليها أن تقطع الكثير من البرسيم.
بما أنها فتاة عملية، فقد كانت تعرف أنها يجب أن تتزوج.. لن يظل أبوها يطعمها للأبد. وهي لن تتزوج ما لم تفعل مثل الفتيات الأخريات.
أخيراً خُطبت إلى شاب ناجح يعتبر عريساً لا بأس به، وحسبت أن عذابها انتهى.. هنا فوجئت بأن هذه هي البداية. هذا الأبله يختزن كمًا هائلاً من الرومانسية يريد أن يفجره في وجه أي واحدة تقبل. وهكذا راح يمطرها بالأغاني.. وهي تمقت الأغاني ولا تطيق سماع أغنية لأكثر من خمس ثوان. بعد هذا راح يمطر بريدها بالشعر.. وهي لا تطيق الشعر.. تشعر أن الشاعر رجل مصاب بنوع من الخبال يجعله لا يستطيع الكلام مثلنا.. بدلاً من أن يقول:
- «أريد شرب كوب ماء»
يقولها بطريقته:
- «الظمأ القاتل يحرقني .. فهبوني أقداح السقيا»
وكان يرسل إليها القصيدة فتشكره بشدة، ثم تمسحها بعد ربع ثانية وهي تلعن أبا الغباء. ازداد الأمر تعقيدًا عندما زارها ذات مرة وهو يحمل قطة صغيرة..
لم تكن تطيق هذه الحيوانات القذرة، لكنها تظاهرت بالحنان والرقة وراحت تموء بدورها:
- «كم هي لطيفة!.. كم هي حسناء!.. ربي !»
وتمنت لو كان عندها مفتاح delete لتمسح به هذا الشيء من الوجود.. الأشياء تكون أسهل على الكمبيوتر على كل حال.
ثم كان الموقف الأفظع عندما راح يرسل إليها باقة ورد كل يوم.. هذا الفتى مجنون.. كانت تتخلص من الزهور فورًا ثم تعلمت من جارة لها طريقة عمل مربى الورد، فبدأت تجرب.. هكذا صار لديها مورد دائم من مربى الورد..
عندما زارها ذات يوم لم تكن قد تخلصت من الأزهار لحسن الحظ، وهكذا راحت تتشمم الأزهار في حنان وهي ترمق خطيبها منبهرة.. أغمضت عينيها وراحت تحلم. ثم بدأت تهمس:
- «نرجس.. تيوليب.. بنفسج.. الله!»
لقد انتهت حصيلتها من أسماء الأزهار. أما هو فأخبرها في دهشة أن الباقة لا تحوي أي نرجس أو بنفسج أو تيوليب. فقالت له إنها تتكلم عن الأزهار عامة..
أما أسوأ المواقف طراً فهو اضطرارها- كأي أنثى- إلى أن تنبهر عندما ترى أطفالاً وتنسى كل شيء، برغم أنها تعتبر الأمومة نشاطاً بدائياً مزعجاً. هكذا ترى طفلين صغيرين يلهوان أمامهما فتصيح في انبهار
- «عسل !»
وتجري لتداعبهما.. وتحمل أحدهما إلى صدرها ثم تدرك في هلع أنه مبتل وأن حفاضته غير محكمة. أما الوغد الآخر فيمسح أنفه الرطب في تنورتها. هي تتمنى أن تحمل كل واحد من قفاه لتلقي به من النافذة، لكن خطيبها يراقب الموقف.. يجب أن تكون رقيقة..
الحقيقة أن سميرة كافحت كثيرًا جدًا لتبدو حالمة مرهفة، لكنها في سرها كانت تلعن الرومانسية والفتيات الحمقاوات شديدات البلاهة.. تتمنى لو تخرج لتحرق كل الأزهار والقطط الصغيرة والأطفال..
في النهاية تم الزفاف. ما زلت أنتظر مصيبة أو طلاقاً .. أدعو الله ألا يحدث هذا لكنه أمر حتمي. الأمل الوحيد هو أن يكون زوجها يدعي الرقة بدوره.. هذا سيكون توفيقاً عظيمًا.
. ❝
❞ أميرة الشعراء
يا أميرة الشعراء لا تتكلمي
لا تتعبي نفسك لا تتعلمي
در الكلام لب المعاني
كلام قليل فلا تندمي
لا تندمي على القليل بل على كثرة الكلام كانت الناس تندمي
وظُلاما تحكموا وضحايا تظلّموا
وبيوتا هدموا
كثرة الكلام خطيرة
وكثير من الناس لخطورتها لا تعلم
كلام حكيم قد يختصر .. كلام كثير عنه يغض النظر
كلام.. كلام فهل كله يفهم
أم قليله معناه يعلم
أميرة أنت صاحبة القلم
أميرة أنت حرة الدم
اقيمي محاكم للحروف ومن يخطئ يعدم
والحاكم العادل ميزان بالقسط ويحلم
لا تأخذه رأفة بمجرم
أو سارق أو هارب يسطو على بيت فيكسره فيهدم
الباب مطلع والمطلع باب
ولا يجوز قبل إكمال القصيدة أن يعلم
والقافية حجارة مرصوصة تدعم بعضها البعض كالسلم
والروي يروي ظمأ العطش مزيدا خمرا أو دم
والزحافات كانسحاب الأفاعي على الرمل فهل وجهتها تعلم
والعلل علّة عند الشعراء حين سمعوا شعري نار تضرم
بحور الشعر أسبحها كيربوع على رمل الصحراء الحمم
والشمس ساطعة والرأس بين البحور فلا يندم
دمي يغلي شعرا شغلي دمي
يا بحر هل تخشاني وأن يا صحراء فهذا حال الأمم
أنا بركان وكلماتي صخور الحمم
أبيد الشعراء وناري لا يطفئها الندم
خفيفة رمال البحر طويلة أماجه
كاملة الجمال أعماقه وافرة كنوزه سريعة ضرباته
بسيطة نسماته متقاربة سفنه وأيضا أسراب أسماكه
هل تدرك حقيقته؟أم أنك تتعجل العلم والعلم
منسرحة شطآنه
والوزن وزني بخزينة الرشيد وكل الأمم . ❝