█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ المدهش هو أننا نلهو عن النواة بغلافها، و بدلاً من أن ننتبه لمحتوى الغلاف، أي للنية، فإننا نقضي الوقت في الاعتناء بأجسامنا -الغلاف، و يشبه ذلك أن نستلم هدية ثمينة مغلفة بغلاف جميل، فنقضي الوقت في الاعتناء بالغلاف و الزينة دون أن نحاول فتح الهدية و اكتشاف محتواها . ❝
❞ لقد أضحى ˝العامل الإسلامي˝ باندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية (1979) بمثابة مشكلة في الحياة السياسية الدولية. ففي كل الدول الإسلامية تقريبًا نشطت الجماعات التي لطالما كانت موجودة، والتي صاغت أهدافها السياسية معتمدة بقوة أو بشكل حصري على الإسلام من وجهة نظرهم. ثم حظيت تلك التدابير والإجراءات المنفذة بروح الشريعة الإسلامية بتغطية واسعة في الأخبار: رجم النساء، برنامج الأسلمة التامة للمجتمع، كما في باكستان على سبيل المثال، إلخ. تثير هذه الأحداث العديد من التساؤلات: هل نحن نشهد نهضة إسلامية أم موجة إسلامية؟ هل يمكن تحقيق تقدم اجتماعي في بيئة إسلامية؟ يجيب على هذه الأسئلة – عبر طرح تساؤلات جديدة – الرأي العام بطبقاته العريضة. هل تعود ˝العصور الوسطى المظلمة˝؟ هل يتحقق الكهنوت وهيمنة الباباوات؟ هل ينتعش التزمت والتعصب البدائي في عصر المركبات الفضائية؟ كما ينتشر ˝العامل الإسلامي˝ تدريجيا، فإنه يخرج من المنطقة الأفغانية الإيرانية ويتعولم (ظهور القاعدة، ˝الدولة الإسلامية˝ التي ليست إسلامية وليست دولة)، هكذا تتحجر الكليشيهات وتستقطب الأحكام المسبقة السلبية المعززة من قبل السياسيين أيضا في بعض الأحيان المزيد من الحشود إلى سلطتها. الصور النمطية المتشكلة والمتأصلة في ˝أوقات السلام السعيدة˝ في منعطف القرنين التاسع عشر والعشرين – ˝الشرق الذي يتحاكى به˝، القوافل الضاربة بين التلال الرملية، إلخ. – يُلحق بها في الوقت الراهن مثيرو مخاوف جدد: شيوخ نفط معممين في سيارات فارهة يمكنهم زعزعة الاقتصاد العالمي في أي وقت، إرهابيون متطرفون يُرقّصون العالم على شفا الحرب. ما زال الأوروبيون الناشئون في الثقافات اليونانية اللاتينية والمسيحية يتعاملون مع هذا العالم بشكل تقليدي مبالغ فيه، وباستثناء قطاع ضيق من المتخصصين، يتجاهلون ما بين 20 إلى 25 مليون مسلم يعملون في أوروبا، ويغضون الطرف تمامًا عن حقيقة أن المسلمين العرب أيضا ساهموا في تشكيل ثقافة قارتنا.
في الصفحات التالية، سأحاول الاقتراب أكثر من عالم هذا الدين الذي يعتنقه نحو ملياري شخص، وأوضح الجذور التاريخية والاجتماعية لأحداثه المدهشة. سأركز في المقام الأول على العالم العربي، وبقدر أقل على الشرق الأوسط الكبير الذي يشمل إيران وأفغانستان. أخص هذه المنطقة تحديدا لأنها منذ نشأتها وهي بؤرة الإسلام السياسي . ❝
❞ هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلًا .. وهل الحقول خضراء .. وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو .. والعلقَم مُر ؟
هل الماء سائل .. والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسّنا ؟
وهل حجارة الأرض مادة موات، لا حركة فيها ولا دبيب ؟
وهل الزجاج شفاف كما يبدو لنا .. والجدران صمّاء كما نراها ؟
وهل الخط المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين كما تقول لنا الهندسة التقليدية التي تعلمناها .. وهل مجموع زوايا المثلث تساوي 2 ق ؟
وهل أحداث الكون كلها ممتدة في زمن واحد .. بحيث يمكن أن تتواقت بعضها مع بعض في آن واحد في أماكن متفرقة .. كما يتواقت خروج الموظفين مثلًا من مختلف الوزارات في ذات الوقت والساعة .. فنقارن أحداثًا تجري في الأرض مع أحداث تجري في المريخ .. والزهرة وسديم الجبار .. ونقول إنها حدثت في وقت واحد .. أو أن أحدها كان قبل الآخر ..
وهل يمكننا أن نقطع في يقين أن جسمًا ما من الأجسام يتحرك وأن جسمًا آخر لا يتحرك ؟
♦♦ كل هذه الأسئلة التي يُخيّل لك أنك تستطيع الإجابة عنها في بساطة، والتي كان العلماء يظنون أنهم قد انتهوا منها من زمن .. قد تحولت الآن إلى ألغاز ..
لقد انهار اليقين العلمي القديم ..
والمطرقة التي حطمت هذا اليقين، وكشفت لنا عن أنه كان يقينا ساذجا، هي عقل أينشتين الجبار ..
ونظريته التي غيرت الصورة الموضوعة للعالم .. نظرية النسبية .
*********
والنظرية النسبية قد عاشت سنوات منذ بداية وضعها في سنة 1905 إلى الآن في برج عاجي لا يقربها إلا المختصون ..
وكان القارئ العادي يسمع عنها في خوف كما يسمع عن الكِهانات الغامضة والطقوس الماسونية .. ولا يجرؤ على الخوض فيها ..
ومن المأثور عن الدكتور "مشرفة" أنه كان يقول دائما إن هذه النظرية " النظرية النسبية " لا يفهمها في العالم كله إلا عشرة ..
ولكن النظرية النسبية ترتبت عليها القنبلة الذرية ..
إنها لم تعد نظرية .. وإنما تحولت إلى تطبيقات خطيرة تمس كيان كل فرد وتؤثر في مصيره .
لقد خرجت من حيز الفروض والمعادلات الرياضية لتتحول إلى واقع رهيب ..
وأصبح من حق كل فرد أن يعرف عنها شيئا .
ولقد تعددت المحاولات من العلماء لتبسيطها وتقريبها إلى الفهم .. من ادنجتون إلى جيمس جينز .. إلى لنكولن بارنت .. إلى راسِل ..
وكان أينشتين نفسه يحاول أن يبسط ما في نظريته من غموض .. وكان يقول إن قَصْر المعلومات على عدد قليل من العلماء بحجة التعمق والتخصص .. يؤدي إلى عزلة العِلم .. ويؤدي إلى موت روح الشعب الفلسفية وفقره الروحي، وكان يكره الكهانة العلمية والتلَفُح بالغموض، والادعاء .. والتعاظم ..
وكان يقول إن الحقيقة بسيطة .
وفي آخر محاولاته التي أتمها في عام 1949 كان يبحث عن قانون واحد يفسر به كل علاقات الكون .
ونظرية النسبية ليست كلها معادلات .. وإنما لها جوانب فلسفية .
وحتى المعادلات الرياضية .. يقول أينشتين أنها انبعثت في ذهنه نتيجة شطحاته التي حاول فيها أن يتصور الكون على صورة جديدة ..
وأمام هذه الشطحات الفلسفية سوف نقف قليلًا .. تاركين المعادلات الرياضية لأربابها من القادرين عليها، محاولين أن نشرح بعض ما أراد ذلك العالِم العظيم أن يقوله، على قدر الإمكان، إمكان فهمنا .
وسوف نبدأ من البداية .. من قبل أينشتين .. من السؤال الذي بدأنا به المقال :
هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلًا .. وهل الحقول خضراء .. وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو .. والعلقَم مُر ؟
هل الماء سائل .. والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسّنا ؟
وهل حجارة الأرض مادة موات، لا حركة فيها ؟
وهل الزجاج شفاف .. والجدران صمّاء ؟
# # # # #
لا ..
ليست هذه هي الحقيقة ..
هذا ما نراه .. وما نحسه بالفعل .. ولكنه ليس كل الحقيقة ..
فالنور الأبيض الذي نراه أبيض .. إذا مررناه خلال منشور زجاجي .. يتحلل إلى سبعة ألوان .. هي ألوان الطيف المعروفة .. الأصفر والبرتقالي والأحمر والأخضر والأزرق والبنفسجي .. إلخ .
فإذا حاولنا أن ندرس ماهية هذه الألوان، لم نجد أنها ألوان .. وإنما وجدناها موجات لا تختلف في شيء إلا في طولها ..
ذبذبات متفاوتة في ترددها .. وهذه كل الحكاية .. ولكن عيننا لا تستطيع أن ترى هذه الأمواج كأمواج .. ولا تستطيع أن تحس بهذه الذبذبات كذبذبات .. وانما كل ما يحدث أن الخلايا العصبية في قاع العين تتأثر بكل نوع من هذه الذبذبات بطريقة مختلفة ..
ومراكز البصر في المخ تترجم هذا التأثر العصبي على شكل ألوان ..
ولكن هذه المؤثرات الضوئية ليست ألوانًا .. وإنما هي محض موجات واهتزازات .. والمخ بلغته الإصطلاحية .. لكي يميزها عن بعضها .. يطلق عليها هذه التعريفات التي هي عبارة عن تصورات .. وهذه هي حكاية الألوان ..
والحقول التي نراها خضراء ليست خضراء .. وإنما كل ما يحدث أن أوراق النباتات تمتص كل أمواج الضوء بكافة أطوالها ما عدا تلك الموجة ذات الطول المعين التي تدخل عيننا وتؤثر في خلاياها فيكون لها هذا التأثير الذي هو في اصطلاح المخ "أخضر" ..
وبالمثل .. أي لون .. ليس له لون .. وإنما هو مؤثِر يفرقه المخ عن غيره بهذه الطريقة الاصطلاحية .. بأن يلونه .. ويتضح هذا الخلط أكثر حينما ننتقل إلى المثل الثاني .. العســل ..
فالعسل في فمنا حلو .. ونحن نتلذذ به ونلحسه لحسًا ونمصمصه بلساننا .. ولكن دودة المش لها رأي مختلف تمامًا في العسل .. بدليل أنها لا تقربه ولا تذوقه بعكس المش الذي تغوص فيه وتلتهمه التهامًا وتبيض وتفقس وتعشش فيه .
الحلاوة إذًا لا يمكن أن تكون صفة مطلقة موضوعية في العسل .. وإنما هي صفة نسبية نِسبةً إلى أعضاء التذوق في لساننا .. إنها ترجمتنا الإصطلاحية الخاصة للمؤثرات التي تُحدِثها ذرات العسل فينا ..
وقد يكون لهذه المؤثرات بالنسبة للأعضاء الحسيّة في حيوان آخر طعمًا مختلفًا هو بالمرارة أشبه ..
♦ فإذا جئنا للسؤال الثالث لنسأل أنفسنا .. هل الماء سائل .. وهل الجليد صلب .. فإن المشكلة تتضح أكثر ..
فالماء والبخار والجليد .. مادة كيميائية واحدة تركيبها الكيميائي ( اتحاد الأيدروجين بالأوكسجين 1:2 ) .. وما بينها من اختلاف ليس اختلافًا في حقيقتها وإنما هو اختلافًا في كيفيتها ..
فحينما نضع الماء على النار فإننا نعطيه حرارة .. أو بمعنى آخر طاقة .. فتزداد حركة جزيئاته وبالتالي تتفرق وتتفركش نتيجة اندفاعها الشديد في كل اتجاه ويكون نتيجة هذه الفركشة عند لحظة معينة أن تتفكك تمامًا وتتحول إلى جزيئات سابحة بعيدة عن بعضها (غاز) .. فإذا فقدت هذه الحرارة الكامنة التي أخذتها عن طريق النار حتى تصل في لحظة إلى درجة من التقارب نترجمها بحواسنا على أنها (صلابة) .
الحالة الغازية والسائلة والصلبة هي ظواهر كيفية لحقيقة واحدة .. هي درجة تقارب الجزيئات من بعضها البعض لمادة واحدة هي الماء ..
وشفافية الماء وعتامة الثلج سببها أن جزيئات الماء متباعدة لدرجة تسمح لنا بالرؤية من خلالها .
ولا يعني هذا أن جزيئات الثلج متلاصقة .. وإنما هي متباعدة هي الأخرى ولكن بدرجة أقل .
وجزيئات كل المواد حتى الحديد مخلخلة ومنفصلة عن بعضها .. بل إن الجزئ نفسه مؤلف من ذرات منفصلة .. والذرّة مؤلفة من بروتونات وإلكترونات هي الأخرى منفصلة ومخلخلة ومتباعدة تباعد الشمس عن كواكبها .
كل المواد الصُلبة عبارة عن خلاء منثورة فيه ذرّات .. ولو أن حِسّنَا البصري مكتمل لأمكننا أن نرى من خلال الجدران لأن نسيجها مخلخل كنسيج الغربال ..
ولو كنا نرى عن طريق أشعة إكس لا عن طريق النور العادي لرأينا بعضنا عبارة عن هياكل عظمية، لأن أشغة اكس تخترق المسافات الجزيئية في اللحم .. وتراه في شفافية الزجاج ..
♦ مرة أخرى ..
رؤيتنا العاجزة هي التي ترى الجدران صماء .. وهي ليست صمّاء .. بل هي مخلخلة أقصى درجات التخلخل .. ولكن وسائلنا المحدودة والأشعة التي نرى عن طريقها .. لا تنفد فيها، وإنما تنعكس على سطوحها وتبدو لنا وكأنها ســدّ يقف في طريق رؤيتنا .
إنها جميعًا أحكام نسبية تلك التي نطلقها على الأشياء .. ( نسبة إلى حواسنا المحدودة ) وليست أحكامًا حقيقية ..
والعالَم الذي نراه ليس هو العالَم الحقيقي .. وإنما هو عالَم اصطلاحي بَحتْ .. نعيش فيه معتقَلين في الرموز التي يختلقها عقلنا .. ليدلنا على الأشياء التي لا يعرف لها ماهية أو كَنَهًا .
والرسّام التجريدي على حق حينما يحاول أن يعبر عما يراه .. على طريقته .. فهو يدرك بالفطرة أن ما يراه بعينه ليس هو كل الحقيقة، وبالتالي فهو ليس ملزِمًا له .. وفي إمكانه أن يتلَمّس الحقيقة .. لا بعينه .. وإنما بعقله .. وربما بعقله الباطن .. أو وجدانه .. أو روحه ..
وهو لا يكون مجنونـــًا .. وقد نكون نحن المجــانين .
ورجل العلم له وسائل أخرى غير رجل الفن ..
الفنان يبحث عن الحقيقة معتمدًا على وسائله .. عن طريق الإلهام .. والروح .. والوجدان .
ورجل العلم يلجأ إلى الحسابات والمعادلات .. والفروض النظرية .. التي يحاول أن يتثبت منها بتجارب عملية .
وأينشتين في مغامرته العقلية لم يكن يختلف كثيرًا عن الرسّام التجريدي في مغامرته الفنية .
ومعظم ما كتبه أينشتين في معادلاته كان في الحقيقة تجريدًا للواقع على شكل أرقام وحدود رياضية .. ومحاولة جادة من رجل العلم في أن يهزم العلاقات المألوفة للأشياء ويزيحها لتبدو من خلفها لمحات من الحقيقة المدهشة التي تتخفى في ثياب العادة والألفة ..
وماذا هناك في الواقع المحسوس المألوف ؟
إننا لا نرى الأشياء مشوهة عن أصلها فقط .. وإنما لا نراها إطلاقًا .. وأحيانًا يكون ما نراه لا وجود له بالمرة ..
فهناك غير ألوان الطيف السبعة .. أمواج أقصر من أن ندركها .. هي فوق البنفسجية .. وأمواج أخرى أطول من أن ندركها .. هي تحت الحمراء .. وتكون النتيجة ألا نراها مع أنها موجودة ويمكن إثباتها باللوح الفوتوغرافي الحساس .. وبالترمومتر ..
وعلى العكس نرى أحيانًا أشياء لا وجود لها ..
فبعض النجوم التي نراها بالتلسكوب في أعماق السماء تبعد عنا بمقدار 500 مليون سنة ضوئية .. أي أن الضوء المنبعث منها يحتاج إلى خمسمائة مليون سنة ليصل إلى عيوننا .. وبالتالي فالضوء الذي نلمحها به هو ضوء خرج منها منذ هذا العدد الهائل من السنين .. فنحن لا نراها في الحقيقة .. وإنما نرى ماضيها السحيق الموغَل في القِدَم ..
أما ماهيتها الآن .. فالله وحده يعلم .. وربما تكون قد انفجرت واختفت .. أو انطفأت .. أو ارتحلت بعيدًا في أطراف ذلك الخلاء الأبدي وخرجت من مجال الرؤية بكل وسائلها .. فحالها الآن لا يمكن أن يصلنا خبره إلا بعد مضي خمسمائة مليون سنة ..
إننا قد نكون محملقين في شيء يلمع دون أن يكون له وجود بالمرة .
إلى هذه الدرجة يبلغ عدم اليقين ..
وإلى هذه الدرجة يمكن أن تضللنا الحواس ..
ما دليلنا في هذا التِيه .. ؟!
وكيف نهتدي إلى الحقيقة في هذه الظلمات المطبقة ؟!
مقال / أينشتين والنظرية النسبية .
من كتاب : اينشتين والنسبيه.
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ كان الصينيون قديمًا ـ ونُسبت إلى النازيين كذلك ـ يلجأون إلى طريقة فريدة في تعذيب الأسرى من أجل إخراج المعلومات منهم، بأن يضعوا الأسير تحت دلو من الماء المثقوب والذي تبدأ قطراته في التساقط قطرة قطرة على جبة الأسير الموثق بإحكام، في بداية الأمر يكون الأمر منعشًا، مع الوقت يبدأ عقل المسكين في الاضطراب، صار انتباه الذهن للحظة سقوط قطرة الماء كبيرًا، وقبل مرور يومين يقترب صاحبنا من الجنون، ويفرغ ما لديه من معلومات خلاصًا من العذاب الشديد!
هذه القطرات الصغيرة التي أوصلت الرجل للجنون هي نفسها التي نغرق فيها في حياتنا الزوجية، يمكننا أن نرى هذا بوضوح في إجابات الأزواج عما يقلقهم في حياتهم الزوجية، معظمهم سيخبرك أن لا مشكلة كبيرة يمكن أن نرويها، كل ما هنالك أننا لم نعد كما كنا، ثمة شيء غامض أصاب العلاقة، والحقيقة أن هذا الشيء الغامض هو الأخطاء الصغيرة، كلمات باردة، إهمال غير متعمد، ردود أفعال سلبية، مع الوقت تبدأ مشكلة في التبلور (لا تهتم بي بالشكل الكافي) (لست موجودة في أولوياته)، والمدهش أن لا أحد منهم يرى بأن كلام شريكه صحيحًا، إنه في قرارة نفسه لم يتعمد شيئًا مما يُتهم به.
يعيدنا هذا إلى القلق الذي انتاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد انتصار دعوته، وهو يؤكد أنه لا يخشى على أتباعه من عبادة الأصنام مرة أخرى، وإنما يخاف على أمته مما سماه ˝محقرات الذنوب˝، تلك الذنوب الصغيرة البسيطة التي قد نتهاون معها لصغرها وتفاهتها، لكنها مع الوقت تصنع ما يشبه ˝الران˝ أو طبقة سميكة من اللامبالاة تجاه تعاليم السماء، هذا بالضبط ما يحدث معنا، إهمال مستمر لأشياء صغيرة في حياتنا الزوجية تصنع ما نعاني منه.
وعليه فإن الحل لهذه المشكلة على تعقيدها بسيط جدًا، وهو الانتباه إلى الأشياء البسيطة التي توقفنا عن الإتيان بها، خصوصًا وأن لدينا معادلة مغلوطة تقول بأننا توقفنا عن السلوكيات الجيدة لأن الحب انزوى بعيدًا، والصحيح أن الحب انزوى يائسًا لأننا توقفنا عن السلوكيات الجيدة.
الحب لا يأكل الفتات، ولا يعيش على ردود الأفعال، الحب كأي كائن حي يحتاج إلى رعاية وتعهد واهتمام ومراعاة دائمة، وإلا سيضعف ويموت، سيموت ببطء ونحن شهود..
الحب يا أصدقائي لا يموت فجأة، صعب أن نرى حبًا يموت بالسكتة القلبية! . ❝