█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ وقد وضع الإسلام الأسس الثابتة للصحة النفسية ، وذلك بالصبر والتوكُل والتسليم والتفويض والحمد والشُكر بعد الإجتهاد وبَذل الوسع .
" قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " .
" عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم " .
" قل يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم
لا تقنطوا من رحمةِ الله إنَّ الله يغفر الذنوبَ جميعا " .
" لا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من
روح الله إلا القوم الكافرون " .
وذلك هو الطب النفسي الإلهي الذي عجز فرسان الطب النفسي المادي أن يلحقوا به .. والذي مازال هو الباب الوحيد للسكينة والأمن حينما تُسَد جميع الأبواب .
. ❝
❞ ويقول الدكتور مصطفى محمود بأنه يظل هناك وجه معجز من وجوه القرآن ربما كان أهم من كل هذه الوجوه، يحتاج إلى دفعة طويلة، وهو ما أسماه بالمسمار أو البنية الهندسية أو التركيب العضوي أو الترابط الحي بين الكلمة والكلمة . ❝
❞ و الحكمة الإلهية هنا هو أن يضعك في موقف بعد موقف، و مشكلة بعد مشكلة.. و كل مشكلة تتطلب حلا.. و كل حل يتطلب اختيارا.. و كل اختيار يكشف عن حقيقتك رغما عنك مهما حاولت الاستخفاء
و بقدر ما تمتد حياتك يوما بعد يوم.. بقدر ما تتمزق عن وجهك الأقنعة.. و يظهر و يفتضح أمرك و ينتهك سرك.
و الله يعلم حقيقتك و سرك من البداية.. و لكنك أنت لا تعلم و لا تريد أن تعلم.. لأنك مدع.. و كل منا مدع..
كل منا يتصور أنه رجل طيب و أنه مستحق لكل خير، حتى الجبارون الذين شنقوا و سجنوا، و عذبوا شعوبهم تصوروا أنهم مصلحون
كل منا جاء إلى الحياة و معه دعوى عريضة مزعومة بأنه رجل صالح و طيب.
و لهذا اقتضى عدل الله أن يطلعنا على حقائقنا، حتى لا تقوم أعذار حينما يبدأ تصنيف الناس في الآخرة حسب درجاتهم.. و حتى يكون التصنيف على حسب الحقائق، و ليس على حسب المزاعم و الدعاوى . ❝
❞ “حتى الشيطان لا يستطيع أن يدخل قلبك الا اذا فتحت له الباب
وصادف اغراؤه هوى قلبك ...
ولكنه لن يستطيع أن يحملك على ما تكره مهما بلغت وسائله ...
وذلك شاهد آخر على أن الله أعتق القلب
وأعتق الضمير من كل وسائل الضغط والاكراه ...” . ❝
❞ ((المكر الإلهي)) للدكتور مصطفى محمود
بطل الحادث (( سليمة إبراهيم )) 801 جنايات الصف، اشتركت مع أخيها – 17 سنة – في قتل زوجها ضربا و خنقا، ثم هجمت عليه و أكلت أعضاءه و هو ميت.. هكذا تقول اعترافاتها المفصلة أمام وكيل النيابة و القاضي.. و هكذا شهدت الوقائع كما تشهد الجثة.
قرأت الحادث مع الألوف الذين قرأوه، و شعرت معهم بتلك القشعريرة الباردة، و الفضول إلى معرفة هذا الحادث الغريب في وحشيته.
هل يمكن أن يبلغ الغل بإمرأة إلى هذا المدى.
و ماذا يمكن أن تكون صورة هذا الوجه الذي يأكل الميتة.
طالعتني في سجن النساء بالقناطر إمرأة وسيمة، دقيقة الملامح، أسنانها جميلة كصفين من لؤلؤ.. على وجهها سكينة و طمأنينة.. تصلي و تصوم، و تنام نوما هادئا عميقا.. و كلامها كله عن رحمة الله و أمر الله و حكمة الله..
أيمكن أن يخالف الظاهر الباطن إلى هذا الحد؟
أيمكن أن تخدع الصور، و تكذب العين و اليد و اللسان؟
أيمكن أن تصبح الحياة كلها تمويها؟
و كيف يخلق الله للحقائق البشعة وجوها جميلة؟
و ما الدافع الذي أخرج من الباطن كل هذا الشر المخفي؟
و ما الذي هتك الحجاب و كشف النفس على ما هي عليه.
الزوج تزوج عليها..
هذا أمر عادي في البدو..
و هو يتكرر في تلك البيئة دون أن تأكل النساء أزواجهن.
الزوج طلق الزوجة ثم ردها..
كان يسيء معاملتها أمام الزوجة الجديدة.
أهي غضبة للنفس و للكرامة؟!
و لكن الزوجة اعترفت بأنها كانت على علاقات متعددة مع رجال متعددين أثناء الطلاق فهي لم تحفظ لنفسها كرامة..
كيف لا يبدو كل هذا الخراب النفسي على ذلك الوجه الجميل السمح الوديع، المطمئن الهادئ كأنه وجه قديس.
تذكرت رجلا جميلا رأيته ذات مرة.. كان جميلا فاتنا مفتول العضل، جذاب الصورة كأنه نجم سينما.. و كان مهذبا يتكلم بنبرة خفيضة.. و كان يجفل بنظراته في حياء.. ثم تبين لي فيما بعد أنه مجنون يعالج بالصدمات الكهربائية.
كان باطن الرجل خرابا مطلقا..
و كانت حقيقته الخواء.
و كان فارغا تماما و مجوفا من الداخل.. إلى هذا المدى يمكن أن تكذب الصور و تخدع الأشكال.
(( إن الله لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أشكالكم و إنما ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم )).
في ليلة الجريمة عاد الزوج إلى زوجته بهدية من الحلوى ليصالحها (( لم يكن يدري برغم سنوات المعاشرة الطويلة أنه ينام كل ليلة مع ضبع )).. قتلته في لحظة غزل.. كيف واتتها الشجاعة؟
نفس السؤال يلح علي باستمرار.
كيف تتنكر الحقائق في غير ثيابها؟
و يلبس الباطل الحق..
و يلبس القبح الجمال..
و تلبس الجريمة الحب.
و كيف يخلق الخالق هذه العبوات الجميلة لهذه النفوس البشعة؟ كيف يضع السم في وردة و يضع العسل في عقرب، و يخفي المتفجرات في أقنعة من حرير؟
أهذا مصداق الآية:
(( و الله مخرج ما كنتم تكتمون )) (72– البقرة).
أهو المكر الإلهي الذي يستدرج به الله النفوس، و يمتحنها بعضها ببعض ليفضح خباياها و مكتوماتها، و ليخرج حقائقها و يكشف بشاعتها، فإذا بالمرأة الجميلة جلادا و إذا بالرجل الدميم ملاكا..
هي لا تشعر بندم أو تأنيب ضمير.. و يقينها أنها على الحق.
أيمكن ألا يعرف الواحد منا نفسه؟
لقد قال أبوبكر أنه لا يطمئن إلى أنه صار إلى الجنة حتى و لو دخلت إحدى رجليه الجنة، مادامت الرجل الثانية لم تدخل بعد.. و ذلك خوفا من مكر الله.. خوفا من أن يكشف الله في اللحظة الأخيرة شرا مكتوما في نفسه يدخله به النار الأبدية.. شرا كان يكتمه أبوبكر في نفسه دون أن يدري به أو يدري عنه.
و تلك هي ذروة التقوى..
خوف الله..
و التواضع و عدم الإطمئنان إلى براءة النفس و نقائها، و خلوها من الشوائب..
و عدم الغرور بصالح الأعمال..
و خوف المكتوم الذي يمكن أن يفتضح فجأة بالامتحان..
لم يكن أبوبكر من أهل الدعاوي..
لم يكن يدعي لنفسه منزلة أو صلاحا..
و إنما كان من أهل الحقائق..
و أهل الحقائق في خوف دائما من أن تظهر فيهم حقيقة مكتومة لا يعلمون عنها شيئا تؤدي بهم إلى المهالك، فهم أمام نفوسهم في رجفة..
و أمام الله في رجفة..
و ذلك هو العلم الحق بالنفس و بالله..
فالنفس هي(( السر الأعظم )).. و هي الغيب المطلسم..
هي غيب حتى عن صاحبها.. لا تنكشف له إلا من خلال المعاناة.. و هي في مكر دائم تظهر وجها من وجوهها، و تخفي ألف وجه..
~
من كتاب (القرآن كائن حي) . ❝