█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ سؤال وجواب عن معاني الشعر:
أتتني رسالة من صديقي عبد الرحمن السعيد يقول فيها: ˝صبحك الله بالخير يا صاح!
قال الشاعر:
ولا بد للقلب من آلة •• ورأي يصدع صمَّ الصفا.
ما الآلة؟˝.
وقلتُ في جوابي: ˝الآلة هي الأداة التي بها يُستطاع الفِعل:
فالقلم -مثلًا- آلة الكتابة، والعين آلة النظر، والكفّ آلة التربيت أو البطش، والهاتف آلة التواصل مع الآخرين. وكل شيء تتوصَّل أنتَ به إلى فعل شيء آخر فهو آلة.
وقال الجاحظ إن فقهاء المدينة كانوا يقيمون الحدّ على مَن يَحمِل زِقًّا (وِعاءً من الجِلْد/زَمْزميَّة باللغة المصرية المعاصرة) وكانوا يقولون: لأن الزِّقَّ آلة شرب الخمر والإسكار.
وهنا صاح الجاحظ على هذه الفتوى غاضبًا وقال: هلَّا أقاموا حدَّ الزِّنا على كل رجل. إذ إن كل رجل لا يمشي إلا وهو يحمل معه آلة الزنا (يقصد الذَّكَر)؟!
وأعود إلى قول الشاعر فأقول: لا بد للقلب مِن عقلٍ ورأي صوابٍ نافذ، ولا بد للقلب من أعضاءٍ تُحقِّق ما يريده.
و˝صم الصفا˝ هي الصخور الصماء. والصخرة الصماء هي الصخرة الصلبة التي لا تسمع لها رنَّة إذا قرعتَها. ومضادها: صخرة جوفاء، وهي الصخرة التي بداخلها فجوة. وإذا شِئتَ مزيد بيانٍ فجرِّد أرضية الشقة التي تسكن فيها من البساط، وانقر بأصابعك على بلاطها: بلاطةً بلاطةً، فإن سمعتَ رنةً وشعرتَ بأن تحت إحدى البلاطات مساحة فارغة لم يملأها مُبلِّط السيراميك بالأسمنت فقل: هذه بلاطة جوفاء!
والفعل ˝يُصدّع˝ معناه: يُشقِّق.
والرأي الذي يشقق الصخور الصلبة رأي حازمٌ نافذ حكيم قويّ غالبٌ بلا شك.
والبيت من وزن المتقارب:
فَعُوْلُنْ فعولن فعولن فَعو •• فعولن فعولن فعولن فعو
وفي العروض والضرب وقع الحذف فصارت (فعولن) فعو.
وهو منسوب إلى أبي الطيب المتنبي، وبعده:
وَمَن يَكُ قَلبٌ كَقَلبي لَهُ •• يَشُقُّ إِلى العِزِّ قَلبَ التَوَى
تَوِيَ الإنسانُ يَتوَىٰ تَوًىٰ: هَلَكَ. التَّوَىٰ: الهلاك. وقد استعار للهلاك قلبًا يشُقُّه الشاعرُ.
والمعنى: ومَن كان له قلبٌ كقلبي فإنه يخوض المنايا والمهالِك حتى يَبلغ العِزّ والمجد والشرف.
ثم أتتني من صديقي رسالة نصها: ˝صديقي أشكرك كل الشكر على توضيحك وتبيينك اليسير، وما زدتنيه من مفاهيم وتفسيرات شقت ضروب جهلي! أحسنت القول وأفضت وعلمتني ما لم أكن أعلم. لا فُضَّ فوك يا صاح وسلمت أناملك!
قال الشاعر:
فلا برحت لعين الدهر إنسانا
ما إنسان العين؟ وهل غرض الشاعر هنا المدح أو الهجاء؟˝.
فكتبتُ إليه أنَّ ˝العين فيها سوادان: سواد داخل سواد، يحيط بهما بياض.
إنسان العين هو تلك الدائرة الصغيرة التي تنتصف سواد العين، والبعض يعتقد أن هذه الدائرة الصغيرة هي المسئولة عن عملية الإبصار.
العين غالية ونفيسة، ولكن أجزاء العين متفاوتة من حيث القيمة، فسواد العين خير من بياضها، وإنسان العين لا يُسوَّىٰ بينَهُ وبين سواد العين.
انظر في سواد عينك في المرآة وسوف تجد تلك النقطة السوداء داخله.
قال أبو العلاءِ المعري:
لَمْ نَلْقَ غَيْرَكَ إِنْساناً يُلاذُ بهِ •• فَلا برحْتَ لِعيْنِ الدهْر إِنْسانا
بين ˝إِنْسانا˝ و˝إنسانا˝ جناس تامّ.
الشاعر هنا يمدح، ويلعب بالألفاظ.
وقد قال المتنبي يومًا لممدوحه:
الدهر لفظ أنتَ معناهُ.
ورُوِيَ أن جريراً اجتمع مع الفرزدق في مجلس عبد الملك، فقال الفرزدق: النوار بنت مجاشع طالق ثلاثاً إن لم أقل بيتاً لا يستطيع ابن المَراغة أن ينقضه أبداً، ولا يجد في الزيادة عليه مذهباً، فقال عبد الملك: ما هو؟ فقال:
فإني أنا الموت الذي هو واقعٌ •• بنفسك فانظر كيف أنت مزاولُهْ
وما أحد يا ابنَ الأتان بوائلٍ •• من الموت إن الموت لاشك نائله
فأطرق جرير قليلاً ثم قال: أم حَرزة طالق مني ثلاثاً إن لم أستطع نقضه والزيادة عليه. فقال عبد الملك: هاتِ فقد - والله - طلَّق أحدُكما لا محالة، فأنشد جريرٌ:
أنا البدر يُعشي نورَ عينَيك فالتمِسْ •• بكفَّيك يا ابنَ القَين هل أنت نائلُه؟
أنا الدهر يَفنَىٰ الموتُ والدهرُ خالدٌ •• فجئني بمثلِ الدهرِ شيئاً يُطاوله
فقال عبد الملك: غلبَكَ والله يا أبا فِراس. فقال الفرزدق: فما ترى يا أمير المؤمنين؟ فقال: وايمُ الله لا تَريم حتى تكتب إلى النوار بطلاقها. فتأنى ساعة، فزجره عبد الملك، فكتب بطلاقها، وقال في ذلك:
نَدِمتُ ندامةَ الكُسَعيِّ لمَّا •• غَدَتْ مِنِّي مُطلَّقةً نَوارُ
ومعنى قول أبي العلاء:
لم نجد أحدًا نلجأ إليه غيرك.
ثم دعا له فقال:
لا برحتَ لعين الدهر إنسانا
أيْ: أبقاك اللهُ في تلك المنزلة الرفيعة التي أنت فيها.
والدهر عند العرب شيء قاهر يشتكون دائمًا منه، فإذا كان إنسانٌ مَّا جزءًا من الدهر نفسه فمعنى هذا أنْ لا شيءَ يُخافَ عليه منه. إذ إنه في صفّ الغالب القاهر.
قال مِهيار الديلميّ يشكو الدهر:
أفصخرةٌ يا دهرُ هذا القلبُ أمْ •• هُوَ لِلْهُمُومِ السَّارِياتِ قَرارُ؟
قوله: ˝لا برحتَ˝ أسلوب دعاء.
كما تقول:
لا بارك الله لك فيها!
لا أزال الله مُلكَكَ!
لا عَدمتُكَ!
لا فضَّ الله فاكَ!
ومن الأدعية المشهورة أن يدعو عليك شخص فيقول: لا كنتَ!
وهو كما ترى دعاء بالهلاك!
وقد افتتح أحد الشعراء قصيدته فقال:
لا زارَ عيني الكَرَىٰ لا مَسَّني الطَّرَبُ •• إنْ كنتُ يومًا لِغيرِ العُرْبِ أنتسِبُ˝ . ❝
❞ من طلاسم الكلام عند الكتابيين قولهم
مريم العذراء - ورحلة العائلة المقدسة
بقلم د محمد عمر
أيها السادة لابد أن يعلم أن كلمة عائلة إنما اسم علم عن الأسرة التي يعولها رجل كأن يقال عائلة فلان .
هذه الأسرة إنما تكونت من رجل وامرأة تزوج بها زواجا شرعيا بعد أن أصدقها صداقها فصارت له زوجة فهو الذي يعولها ويقوم عليها قوامة الرجال علي النساء.
تلك القوامة التي قوامها الإنفاق عليها ورعايتها فإن أنجبت صارت هي والأبناء تحت رعاية وقوامة رب الأسرة قال تعالي ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)
فلا يزال الأبناء تحت قوامة أبيهم إلي أن يبلغوا فإن بلغ الأولاد إنما سعوا إلي تكوين أسر جديدة وحمل القوامة بأنفسهم
أما عن البنات فتستمر قوامتها في عنق أبيها حتي تتزوج فتنتقل قوامتها إلي زوجها هكذا تكون الفطرة .
فالمرأة قبل أن تتزوج فهي في قوامة أبيها فإن تزوجت انتقلت قوامتها إلي زوجها فإن طلقت أو رملت إنما تعود قوامتها إلي أبيها أو ابنها البالغ إن وجدا وإلا فتعود قوامتها إلي أهل عصبتها من الرجال مثل أخيها أو عمها أو أبناء عمها وهكذا .
فأما عن مريم فهي مريم ابنة عمران الصديقة العذراء المبرأة من الزنا بين بني قومها وذلك بنطق ابنها وهو في المهد
قال تعالي ( قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ( 30 ) وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ( 31 ) وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ( 32 ) والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ( 33 )
تلك هي براءة مريم من تهمة الزنا بين بني إسرائيل قومها هذه البراءة التي جاءت في كتاب ربنا دينا ندين به لربنا إلي قيام الساعة فرغم أننا لم نعاصر حياة مريم وابنها لكنا نشهد ببراءتها تصديقا لما قال به ربنا تبارك وتعالي .
فهي مريم ابنة عمران سيدة نساء زمانها أبوها عمران قيل عنه أنه أحد أنبياء بني إسرائيل وقيل عنه أنه أحد الصالحين وأمها حنة بنت فاقوذ زوجة عمران وهي التي نذرت حملها لربها لما تحرك الجنين في بطنها
قال تعالي( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)
هذا هي النشأة الطيبة لمريم الصديقة في بيت أبيها فلما سكنت القدس وفاء لنذر أمها إنما قام علي كفالتها زكريا وهو زوج أختها أو زوج خالتها وهو في الحالتين أحد محارمها
قال تعالي ( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)
فلما جاءها جبريل يبشرها بحملها بابنها دون أن تتزوج أو يمسها ذكر إنما سارعت منكرة
قال تعالي ( إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) فما كان منها إلا إن أنكرت
إذ كيف تحمل من غير زوج وهي الطاهرة المطهرة
قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (47)
نعم أيها السادة فهذه عقيدتنا في مريم المطهرة النقية فلما شعرت بأمارات الحمل إنما سارعت بالفرار بعيدا عن أعين قومها
۞ فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22)) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23)
وهكذا كان حالها من الضيق وهي الطاهرة المبرأة التي ما كان لبراءتها أن تظهر إلا بنطق ابنها معلنا بها علي الملأ
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)
وهذا هو الثابت عندنا أن مريم كانت عذراء لم تتزوج إلي أن ماتت وقد حملت بابنها المسيح حملا معجز ليس له سابقة ولا لاحقة قد بينها ربنا تبارك وتعالي في كتابه
قال تعالي ( ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)
فإن الثابت عندنا أنها عذراء لم تتزوج وأنها كانت بكفالة أبيها عمران الذي يمتد نسبه إلي بيت داوود النبي وهو بيت النبوة في بني إسرائيل
فإذا كانت مريم عذراء فماذا يعني الكتابيون ومن خلفهم من المسلمين المغفلين بالعائلة القدسة ؟ فهل كان لمريم عائلة غير عائلة عمران أبيها وغير سيدنا زكريا النبي الذي كفلها
فهي لم تتزوج إلي أن ماتت وإن قلنا بما قاله الكتابيون والذي ينعق به المسلمون المغفلون من أنها كانت مخطوبة لرجل يقال له يوسف النجار فهل مجرد خطبتها لرجل يجعله عائلا لها ويجعلها وابنها تنتسب إليه فهل يعقل أن يقال مريم خطيبة يوسف بدلا من مريم ابنة عمران والثابت عندهم أنه لم يتزوجها وكان خطيبا لها ونحن ننكر هذه القصة بالكلية فهي الصديقة سيدة نساء زمانها لم تخطب ولم تتزوج إلي أن ماتت لكن حتي لو تنزلنا معهم وقلنا أنه خطبها فهل هذا مبرر بأن نقول أن العائلة المقدسة هي مريم وابنها وخطيبها .
أليس هذا يعد من باب الطلاسم الغير مفهومة إلا عند مروجيها الذين مرروا بكذبهم وأباطيلهم في حق مريم هذا الكذب لليهود ليتهموها بالزنا مع هذا الرجل بعد أن أخرجوها معه وابنها في رحلة دامت ثلاث سنوات لا رابع معهم وهم يحطون رحالهم في الصحاري والبراري والكهوف بين ظلام الليل ووضح النهار ثم يعودون بعد مضي ثلاث سنوات وقد كبر الصغير ولا يزال الرجل علي حد زعمهم يرافق أمه العذراء كما يقول القوم.
والسؤال الان .
عندما كان يري الطفل هذا الرجل وهو يرافق أمه هل
كان يراه أبوه؟
أم خطيب أمه؟
أم صديقها؟
أم ماذا كان يراه؟
ألا يستحق هذا الأمر علامة استفهام ؟
أم أننا صرنا مغفلين وضللنا كما ضل هؤلاء الكتابيون ؟
ويخشى علينا أن نموت علي عقيدتهم .
ونقف أمام ربنا يوم القيامة فنقول كما قال الكافرون( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)
نسأل الله عز وجل أن ينير بصائرنا حتي نفهم مثل هذه الطلاسم ونتوب إلي ربنا رب العالمين
بقلم د محمد عمر . ❝
❞ «أحب زميلي»
وجدت الأم حوارًا بين ابنتها وصديقها على هاتفها الذي نسيته مفتوحًا، وتركته كي تحضر كوب العصير الخاص بها،
صُدمت من الحوار الذي رأته حيث كان كالتالي:
- أحبك!
- وأنا أيضًا.
- متى سأقابلك؟
- لا أعلم، فأمي بالبيت الآن.
- حسنًا سوف أراك في النادي بعد غدٍ.
- لا أعلم كيف سأنتظر كل ذلك.
- ولا أنا.
- سأذهب لأحضر كوب عصير المانجو من المطبخ، هل أجلب لك بعضًا منه؟
- لا، أنا لا أريد مانجو، بل أريدك أنت.
- سأفتقدك في هذه الدقيقة.
- لا تتأخري.
كانت الأم تقرأ الكلمات وهي مصدومة.
ابنتي ذات الأحد عشر عامًا تتحدث مع فتًى!
كيف؟!
وكيف يتحدثان هكذا؟!
ما هذا الكلام؟!
كانت الكلمات تدور أمامها مثل صاعقة برق أوشكت أن تودي بقلبها.
حدث كل ذلك في غضون ثوانٍ معدودة، وما إن استدارت لتنادي عليها حتى وجدتها تقف أمامها.
ارتبكت الفتاة، ولم تجد ما يواسيها سوى دمعتها التي تحجرت في مقلتيها.
بادرتها أمها في غضب عارم وصوت اهتزت له أركان الغرفة:
- ما هذا؟! هل تتحدثين إلى شاب؟!
- هل جننت؟
ثم تحدثت يدها، لتلقي بصفعتها على وجه ابنتها التي وجدت نفسها ملقاة على الأرض.
ثم انهالت عليها بكلمات لم تعيها من أثر الصدمة:
- هل هذا ما ربيتك عليه؟
- وكيف تفعلين ذلك وأنت تصلين وتحفظين عدة أجزاء من القرآن؟
- ماذا سيفعل أبوك إن علم الآن؟ ماذا سأقول له؟
بالطبع لن أخبره؛ لأنه سيثور ويصب جام غضبه عليَّ ..لا لا سأخبره .. نعم سأخبره كي يتصرف معك.
بالتأكيد حدث هذا في النادي .. إذن لا تدريب بعد ذلك، ستمكثين في البيت حتى تتعلمي الأدب.
ولا هاتف أيضًا.. سآخذه منك .. لا .. بل سأبيعه، ولن تخرجي من المنزل إطلاقًا، هل فهمت ما أقول؟ .. لن تري الشارع مطلقًا بعد الآن.
ما الخطأ في الموقف:
قامت الأم هنا بردة فعل قوية جدًّا، بداية من قراءتها للحوار وصدمتها، إلى أن وصلت للذروة. فقامت بتوقيع عدة عقوبات على ابنتها:
- التعامل بقسوة، والإيذاء الجسدي عن طريق الضرب، والإيذاء النفسي عن طريق إهانتها بالكلام.
- حرمانها من هاتفها الجوال.
- حرمانها من الخروج إلى الشارع.
- تهديدها أنها ستخبر والدها.
خمن الكبسولة الصحيحة
.................................................................................................
.................................................................................................
............................
*تعديل:
بعد ما نزلنا البوست بدون الحل واستقبلنا تعليقاتكوا... هننزل الحل فى السطور التالية.
.............................................................
.................................................................................................
الحل:
يجب أن تعي الأم أن هذا تطور طبيعي لنمو ابنتها.
أن الحب شيء مهم في هذه المرحلة.
أن تراجع علاقتها بابنتها، فربما تفتقد الحب بين ذراعي، أبيها وأمها، وتبحث عنه مع شخص آخر.
تتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه شاب يستأذنه في الزنا:
عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال:
«إن فتى شابًّا أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مَهْ مَهْ! فقال: أدنِهِ، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله، يا رسول الله جعلني اللَه فداك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني اللّه فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهمَّ اغفر ذنبه وطهِّر قلبه، وحَصِّنْ فرْجَه. فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء».
رواه أحمد.
من هذا الحديث نستنتج ما يلي:
- أن هذا الشاب جاء ليستأذن رسول الله في الزنا، وليس فقط في أن يصاحب فتاة، مثلما وجدت الأم ابنتها، ورغم ذلك تعامل معه بحكمة ورَوِيَّة.
- هنا لم نجد النبي يستنكر، ولم يغضب، ولم يعبس في وجهه، حتى ولم يثُر، رغم أن ما يطلبه هو الحرام بعينه، لكنه صلى الله عليه وسلم قدَّر تماما رغبة هذا الشاب؛ لأنه يعلم أن لديه رغبة جسدية ونفسية، ويعلم أيضًا أن النفس تنفر من القسوة والغلظة.
- أدناه منه أولًا (لغة الجسد) مهمة جدًّا في التعامل في هذه المواقف؛ لأنه أشعره أنه يحبه ويتقبله، رغم الطلب الذي طلبه.
- أخذ يسأله وهو يجيب، وكان من الممكن أن يقول له إن ما يطلبه حرام، إلا أنه كان يسأله ليسمع منه، ويجعله هو الذي يختار الإجابة وليس أحد غيره، لينفذ عن اقتناع وليس عن فرض سيطرة، حتى وإن كان يتحدث عن الحلال والحرام.
من رأيي هنا أن سؤال النبى صلى الله عليه وسلم، ينمي التفكير النقدي عند هذا الشاب؛ لأنك عندما تسأل تجعله يفكر بنفسه ولا يفرض عليه إجابة بعينها.
- جعله يضع نفسه مكان الناس؛ لأنك عندما تجعله يأخذ موضع الآخر، فإن الأمر يختلف؛ لأنه لا يريد أن يتأذى.
- في النهاية وضع النبى يده على صدره ودعا له.
عندما تقرأ هذا الحديث والطريقة التي عالج بها النبي الموقف، ستجد نفسك تهدأ شيئًا فشيئًا؛ لأن ذلك معناه أن الموقف الذي تمر به أنت الآن ليس وليد اللحظة، وإنما هو شيء من آلاف السنوات، هذا الشيء يكون بدافع الرغبة الجسدية، وهو احتياج لا بد ألا نُغفِلَه.
في هذه الكبسولة هذه الفتاة لديها احتياج نفسي قوي، وهو الحاجة للحب، حتى وإن كان الأهل قريبين منها، هي تحتاج لأن تشعر أن هناك شاب يعجب بها ويهتم لأمرها مثلها مثل بقية الفتيات في عمرها.
إذا تذكرت أن هذا احتياج، فستتعامل معه بشكل مختلف، خاصة وأنك مررت بنفس المرحلة من قبل، أما إذا نظرت على أن ابنتك مجرمة، وأنك يجب أن تردعها، فستجد نفسك متجهًا إلى استخدام العنف والقسوة.
الكبسولة التربوية تقول:
بعد أن تكتشف الأم وتراها ابنتها وهي ممسكة بهاتفها، ترى الخوف في عيني ابنتها، فتشفق عليها، تمسكها من يدها وتُجلِسها بجوارها واضعة يدها على كتفها قائلة لها:
- لماذا أرى الخوف في عينيك؟
- لأني أعلم أنك ستغضبين.
- ولماذا سأغضب؟
- لأنني أتحدث مع صديقي.
- تتحدثين معه فقط؟
- لا بل ... ثم تصمت خجلًا ..
- هل أنت خائفة؟
- نعم يا أمي.
- ممَّ؟
- منكِ.
- لماذا يا حبيبتي؟
- لأنك رأيت هذا الحوار بيني وبين صديقي.
- حبيبتي أنا لا أريدك أن تخافي مني، فأنا أمُّك والأقرب إليك، أي شيء تشعرين به تعالي إليَّ في أي وقت، وقلبي مفتوح لك، حتى وإن كان شيء خاطئ، فاعلمي تمامًا، أنني سأقدره وأتناقش معك كما نفعل الآن.
- لكنني أخشى أن تغضبي أو أن تخبري أبي.
- حبيبتي أريد أن أخبرك بشيء.
- أي شيء تخافين من أن يطَّلِع عليه أحد، وتخجلين من أن يراه الناس، فاعلمي أنك تقومين بشيء خاطئ.
أنا وأبوك لن نراقبك طوال العمر. يجب أن تختاري أنت ما تقومين بفعله بدون وجودنا، وبدون أن تخجلي مما تفعلين؛ لأن الله تعالى فقط هو الرقيب عليك ولست أنا وأباك.
- لكن يا أمي أنا أحبه.
تحتضنها الأم حضنًا عميقًا دافئًا وتخبرها:
- أعلم يا حبيبتي أن لديك مشاعر رقيقة، وأقدر ذلك؛ فقد كنت في مثل عمرك، ولأن لديك هذه المشاعر يجب أن تحافظي عليها.
- ماذا تقصدين؟
- ليس عيبًا ولا حرامًا أن نحب، لكن يجب أن نعرف متى نعبِّر عن تلك المشاعر.
- لا أفهم.
- أي إنه من الوارد أن تعجبي بزميل لك، لكن ليس معنى ذلك أن تذهبي وتتحدثي إليه وتصارحيه بذلك؛ لأن تلك المشاعر يجب أن نحافظ عليها جميلة رقيقة، حتى يأتي الوقت المناسب لذلك.
- وما هو الوقت المناسب؟
تبتسم لها ابتسامة حانية .. تنظر في عينيها قائلة:
- أخبريني أنت.
تطأطئ ابنتها رأسها خجلًا وتقول:
- تقصدين وقت الزواج؟
- بالطبع يا حبيبتي، هذا هو الوقت المناسب.
عندما يأتي وقت الزواج تستطيعين أن تعبري لزوجك عن مشاعرك الجميلة، وسيبادلك أيضًا نفس المشاعر.
- هو يريد أن يتزوجني يا أمي.
- إذن إن كان يحبك حقًّا فيجب أن يحافظ عليك حتى ذلك الحين.
تصمت وكأنها مقتنعة.
- حسنًا .. ابنتي الحبيبة ماذا ستفعل الآن؟
- سوف أنتظر لكن هذا وقت طويل للغاية.
- نعم أعلم ذلك، لكنك فتاة واعية، وأعلم جيدًا أنك ستحافظين على نفسك.
- هل تعديني؟
- نعم أعدك يا أمي.
ثم ترتمي في حضن أمها، وكأنها كانت تحتاج للشعور بالراحة والطمأنينة، فلم تجد في العالم أفضل من هذا المكان . ❝
❞ ما نحبه في البيت والغرفة والفراش والمدفأة، وما نخلده بالأشعار والأغاني وما نشتاق إليه في ليالي الغربة،، ليس هو البيت ولا الغرفة ولا الفراش ولا المدفأة، وإنما مشاعرنا وذكرياتنا التي نسجت نفسها حول هذه الجمادات وبعثت فيها نبض الحياة وجعلت منها مخلوقات تُحَبُّ وتُفْتَقَدْ ،،إننا نحب عرق أيدينا في مفرش مشغول وعطر أنفاسنا على الستائر ورائحة تبغنا على الوسائد القديمة ،،
وحينما نحتفل بالماضي نحن في الواقع نحتفل بالحاضر دون أن ندري فهذه اللحظات الماضية التي أحببناها ظللنا نجرجرها معنا كل يوم فأصبحت معنا حاضرا مستمرا، إنه الحب الذي خلق من الجمادات أحياء ،، والحب جعل من الماضي حاضرا شاخصا ماثلا في الشعور،، وإذا كنا نقرأ أن السيد المسيح كان يشفي بالحب، فليس فيما نقرأ مبالغة ،،بل هي حقيقة علمية ،،
فالحقد والكراهية والحسد والبغضاء ترفع ضغط الدم، وتحدث جفافا واضطرابات خطيرة في الغدد الصماء وعسر دائم في الهضم والإمتصاص والتمثيل الغذائى، وأرقاً وشرودا ً،، والنفور والإشمئزاز يؤدي إلى أمراض الحساسية ،،والحساسية ذاتها نوع من أنواع النفور ،،نفور الجسم من مواد غريبة عليه ،،واليأس يؤدي إلى انخفاض الكورتيزون في الدم ،، والغضب يؤدي إلى إلى ارتفاع الأدرينالين والثيروكسين في الدم بنسب كبيرة ، وإذا استسلم الإنسان لزوابع الغضب والقلق والأرق واليأس أصبح فريسة سهلة لقرحة المعدة والسكر وتقلص القولون وأمراض الغدة الدرقية والذبحة، وهي أمراض لا علاج لها إلا المحبة والتفاؤل والتسامح وطيبة القلب ،،
جرب ألا تشمت ولا تكره ولا تحقد ولا تحسد ولا تيأس ولا تتشاءم ،وسوف تلمس بنفسك النتيجة المذهلة ،سوف ترى أنك يمكن أن تشفى من أمراضك بالفعل ،إنها تجربة شاقة وسوف تحتاج منك إلى مجاهدات مستمرة ودائبة مع النفس ربما لمدى سنين وسنين ،، وسوف يستلزم ذلك أن تظل في حالة حرب معلنة مع أنانيتك وطمعك ،حرب يشترك فيه العقل والعزم والإيمان والإصرار والصبر والمثابرة والإلهام ،، وأشق الحروب هي حرب الإنسان مع نفسه ،، وما أكثر القواد الذين استطاعوا أن يحكموا شعوبهم وعجزوا عن حكم أنفسهم وما أسهل أن تسوس الجيوش ،وما أصعب أن تسوس نفسك ،،
ولا يكفي أن تقول ،من الغد لن أبغض أحدا ولن أحسد أحدا ،وتظن بذلك أن المشكلة انتهت ،فقليل من الصراحة مع نفسك سوف تكشف لك أنك تكذب وأنك تقول بلسانك ما لا تحس بقلبك ، والإنتصار على الأنانية ليس معركة يوم وإنما معركة عمر وحياة ، ولكن ثمار المحبة تستحق كفاح العمر ،
وإذا قالوا لك إن معجزة الحب تستطيع أن تشفي من الأمراض فما يقولونه يمكن أن يكون علميا ،، فبالحب يحل الإنسجام والنظام في الجسد والروح، وما الصحة إلا حالة الإنسجام التام والنظام في الجسد ،وإذا كان الحب لم يشف أحدا إلى الآن ، فلأننا لم نتعلم بعد كيف نحب ،، الرجل يحب المرأة وينتحر من أجلها ويقتل ويختلس ويرتشي ويرتكب جريمة ويظن أن هذا هو منتهى الحب وهو لم يدرك بعد أن الحب هو أن يحب الكل ،،أن ينظر إلى كل طفل على أنه ابنه وكل كهل على أنه أبوه ،وأن يكون حبه لإمرأته سببا يحب من أجله العالم كله ويأخذه بالحضن ،، وبالنسبة لعالم اليوم ،عالم القنبلة الذرية والصاروخ والدبابة والدولار ،الكلام في هذا اللون من الحب هذيان ، وتخريف ! ولهذا فالمرض في هذا العالم فريضة ،والعذاب ضريبة واجبة لهذه القلوب التي تطفح بالكراهية ،لا بد أن نمرض لأن العالم مريض وعلاقاته مريضة ،،
والذبحة والجلطة والضغط والربو أمراض نفسية في حقيقتها ،، أمراض إنسان يطحن أضراسه غيظا ويعض على نواجذه ندما ،ويستجدي النوم بالمنومات ،ولا يستطيع النوم لأن أطماعه تحاصره ،ولأنه جوعان مهما شبع فقير مهما اغتنى،، إنسان يفرق بين أبنائه لأن بعضهم أبيض وبعضهم أسود ،إنسان يتسلق على إنسان ويتسلق عليه إنسان في مجتمع طاقته المحركة صراع الطبقات ،، وفي مثل هذا العالم الحب مستحيل لأن كل واحد يضع إصبعه على الزناد،، كل واحد في حالة توتر ،وهذا التقلص المستمر هو المرض ،وهو الذي يظهر في ألف مرض ومرض ،من تسويس الأسنان إلى السرطان ،،إذا قالوا لك إن سبب المرض ميكروب ،قل لهم لماذا لا نمرض جميعا بالسل مع أننا نستنشق كلنا ميكروب السل في التراب كل يوم ويدخل إلى رئاتنا في مساواة ؟ لأن بعضنا يقاوم وبعضنا لا يقوم ،،
وماهي المقاومة سوى أن تكون الحالة سوية للجسم ،، حالة العمل في انسجام بين كل الخلايا والغدد والأعصاب وهي حالة ترتد في النهاية إلى صورة من صور الإئتلاف الكامل بين النفس والجسد ،، ولهذا يمكن أن يكون مرض السل مرضا نفسيا ،، كما يمكن أن تعاودك الإنفلونزا بكثرة لأسباب نفسية ،، مع أن العلم يؤكد أن سبب السل هو ميكروب [باسيل كوخ] وسبب الإنفلونزا هو (الفيروس) ولكنها ليست أسبابا قاطعة لأن العدوى بها لا تحدث المرض إلا بشرط وجود القابلية والقابلية حالة نفسية كما أنها حالة جسدية ،،
وأمرض كالإكزيما أمكن إحداثها بالإيحاء أثناء التنويم المغناطيسي ،، بل إن إلتهابا كإلتهاب الحرق في الجلد يمكن إحداثه بنفس الطريقة بدون مادة كاوية ،لأن النفس يمكن أن تحرق كالنار وتكون كالمادة الكاوية ،، ولأن النفس يمكن أن تكون أخبث من الميكروب ،والحالة النفسية يمكن أن تكون سببا في الحمى الصداع والضغط والسكر والروماتيزم والسرطان ،، وإذا قرأت أن الحب يشفي وأن السيد المسيح كان يشفي بالحب فتأكد أنك تقرأ حقيقة علمية ..
مقال : لغز الصحة والمرض
من كتاب : فى الحب والحياة
للدكتور : مصطفي محمود (رحمة الله) . ❝