█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ فنحن مازلنا مع الله لم يظهر فينا غيره .. هو الظاهر بأسمائه وأفعاله في كل شيء .. ولكن من وراء ستار الأسباب ومن خلف نقاب الكثرة ..
وبرغم هذه الكثرة فإنه لا إله إلا الله .. لا فعال سواه ، ولا شاف ولا رازق ولا نافع ولا ضار ولا محيى ولا مميت , ولا جبار ولا مهیمن غيره .. إنها ذاته الواحدة الفاعلة أبدا وأزلا ..
ألا تبدو الطاقة الكهربائية في كل مصباح بشكل مختلف حسب نوع الفتيل المعدني داخله ..
ألا تبدو الكهرباء في مصابيح النيون بألوان وتألقات متفاوتة ..
حسب نوع الغازات في تلك الأنابيب المفرغة ..
ما أشبهها جميعا بنفوسنا التي تختلف استعدادتها فتختلف أفعالها مع أن الفاعل فيها واحد ..
مجرد مثال
والدنيا كلها مثال رامز للقدرة قدرة الواحد الأحد الذي ليس كمثله شيء وإذا رأيت هذا الواحد من وراء الكثرة وإذا أنت لم تعبأ بهذه الكثرة وشعرت بنفسك تتعامل طول الوقت وجها لوجه
مع الله فلم تر شافيا لك غيره برغم تعاطيك الدواء واستسلامك لمبضع الجراح ، وإذا رأيته هو الذي يطعمك ويسقيك وشعرت
بنفسك تأكل من يده وتشرب من يده برغم كثرة المشارب والمطاعم التي تتردد عليها ، وإذا نسيت نفسك ولم تر غيره فأنت
المسلم الموحد على وجه التحقيق ..
وإنما يأتي فساد الأعمال من تصور الواحد منا أنه يأتيها وحده .. كما تصور قارون أنه صاحب العلم وصاحب العمل وصاحب الفضل وقال مختالا وهو يتحدث عن ماله وجاهه :
« إنما أوتيته على علم عندى » ..(۷۸ - القصص) ..
فلم يرى غیر نفسه ولم يشهد غير علمه الذاتي ونسی أنه
لا يملك علما ذاتيا ولا قدرة ذاتية ، وإنما قدرته وعلمه وذكاؤه
كانت كلها هبات سيده وهذا هو الشرك الخفي .. حينما يصبح اله الواحد نفسه وهواه وملكاته ..
« أفرأيت من اتخذ إلهه هواه »..(۲۳ - الجاثية )
ولهذا يتبرأ العارفون عن أعمالهم الصالحة ويسندونها إلى الله وتوفيقه
وأكثر من هذا يتبرأ الواحد من إرادته الخيرة ومن نياته الطيبة ويرى انها من أفضال سيده .. ثم يتبرأ من نفسه التي بين
جنبيه .. وينسى ذاته .. ويشهد أنه لا يملك من نفسه إلا العدم
وأن كل ماله من الله .. ولا يعود يختار .. وإنما يشهد الله يختار له
في كل لحظة .. ثم لا يعود يشهد إلا الله في كل شيء .. فذلك
هو التوحيد الكامل .. وهذه هي لا إله إلا الله حينها تصبح حياة ..
ونری دعاء أبي الحسن الشاذلي في هذه الحالة من الوجد :
رب خذني إليك مني ، وارزقني الفناء عني ، ولا تجعلني مفتونا بنفسي ، محجوبا بحسي ..
ونقرأ في المواقف والمخاطبات للنفری
ما يقوله الله لعبده العارف « ألق الاختيار ألقى المساءلة البته »
فثواب مثل هذا التوحيد الكامل الذي يلقى فيه العبد اختياره ويأخذه باختيار الله في كل شيء .. هو المغفرة الكاملة
وعدم المحاسبة . يقول الله في حديثه القدسي إلى المذنب :
لو جئتني بملء قراب الأرض خطايا ولقيتني لا تشرك بي شيئا
لوجدت عندي ملء قراب الأرض مغفرة ..
فتلك ثمرة التوحيد ، وهذا ثواب كلمة
لا إله إلا الله ، إذا جعلها الواحد منا حياته وسلوكه ومنهجه ونبضه وتنفسه وذوب قلبه .. وهذا ما أراده القرآن الكريم بإسلام الوجه لله سبحانه
وتعالى . وهذا ما أراده رسولنا العظيم محمد عليه الصلاة والسلام ، حينها سأله أحدهم أن يوجز له الدين الذي تلقاه عن
ربه في كلمتين .. فقال كلمته الجامعة :
« قل لا إله إلا الله ثم استقم » ..
الملة الحنيفية ملة أبينا إبراهيم الذي لم يعرف لنفسه إلها ولا خالقا ولا رازقا ولا شافيا ولا منقذا إلا الله .. والذي ألقى به في النار وظهر له جبريل يسأله حاجته .. فقال له النبي
العارف الموحد. أما لك فلا ..
إنه في ساعة الخوف والهول والفزع لا يسأل أحدا إلا ربه ..
لأنه لا يرى أحدا يملك له شيئا حتى ولو كان كبير الملائكة الروح القدس نفسه .. فلا فاعل في الكون إلا الله .. ولا يملك
أحد أن ينفع أو يضر إلا بإذنه
وتلك مرتبة عرفانية لا يصل إليها إلا نبی
وهذا معنى التوحيد ..🤎
#الاسلام_ما_هو . ❝
❞ سبعون ألف نبي في تقدير بعض العارفين عبروا هذه الأرض وبلغوا أقوامهم نفس الشيء، وأعادوا عليهم نفس الدرس، ورددوا نفس الكلمات، والناس مازالوا على حالهم لا يرى الواحد منهم أبعد من لحظته، مازالوا على جاهليتهم الأولى يتدافعون بالمناكب على نفس الخسائس، يرون حاصد الموت يحصد الرقاب من حولهم، ولا يعتبرون . ❝
❞ من أنا..؟!!!
ومن أكون..؟!!
أنا الذي أسجَد لي الله المُلك والملكوت وسخّر لي الكون أجمع.
أنا الذي أمرض وأشيخ وأموت ويفتك بي ميكروب لا يُرى لفرط تفاهته.
أنا الذي جئت من قطرة ماء مَهين وأنتهي إلى جيفة.
إلهي ... كم تكذب المظاهر وكم تُخفي جلودنا حقائق هائلة تحتها.
وكم تتشابه وجوهنا وتختلف منازلنا.. وكم يمشي في الأسمال والخرق من هم فوق الثريا منزله.
لهفي على ذلك اليوم الذي تهتك فيه الأستار وتفتضح الأسرار ويعرف كل منا من يكون.. ومقدار ما يكون.
وتُرفَع الحجب ويكشف الغطاء ويغدو البصر حديدًا ويُفاجأ كل منا من نفسه بما لا يعلم..
ويعرف كل منا حقيقته وخبيئته
يا له من يوم .. يا له من يوم ..
من كتاب/ الإسلام ما هو
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ آخر صيحة في أمريكا الآن موضة جديدة اسمها ( Transendental Meditation ) و ترجمتها الحرفية هي الاستغراق التأملي المتجرد .. و هي موضة وافدة من الهند و بدعة من بدع اليوجا .. و قد لاقت نجاحا مكتسحا في المجتمع الأمريكي شأنها شأن كل البدع الجديدة ، و وضعت فيها الكتب و المؤلفات ، و أقيمت المؤتمرات و أصبح لها رسل و دعاة و مبشرون ينطلقون إلى القارات الأربع و معهم الكتب و النشرات للدعوة للمذهب .. و قد التقيت بأحد هؤلاء المبشرين في نادي الجزيرة يحاول أن يدعو لمذهبه .
و المذهب في اختصار شديد يدعو كل منا إلى أن يخصص بضع دقائق من يومه يطرح فيها عن نفسه كل الشواغل ، و يلقي عن باله كل الهموم و يستلقي في استرخاء كامل على كرسي و قد أغمض عينيه و تجرد عن كل شيء حتى عن نفسه يلقيها هي الأخرى وراء ظهره ، و يخرج من جلده إلى حالة من الخلوص و المحو و اللاشيء .. إلى راحة العدم ..
و يختار المبشر لكل واحد من أتباعه تسبيحة يرددها .. هي في العادة كلمات سنسكريتية لا تعني بالنسبة للمريد أي شيء .. و سوف تعاون هذه التسبيحة المريد على أن يخرج من نفسه أكثر ، و يتجرد من عالمه و يخرج من حضرة الهم و الغم و التوتر إلى حضرة أخرى مجردة تكون فيها راحته و خلاصه .
إنها دعوة إلى نوع من السكتة العقلية التي تأخذ فيها النفس راحة و إجازة من معاناتها .. و رأيت مع المبشر كتبا و منشورات و بحوثا علمية و إحصائيات تؤكد شفاء الكثيرين من ضغط الدم و الذبحة و اضطراب الهرمونات و الصداع المزمن بعد مباشرة هذه الجلسات لمدة شهور .
و في أحد هذه البحوث كان الطبيب يتابع ضغط دم المريض في أثناء جلسة الاسترخاء فتسجل الأجهزة انخفاض الضغط انخفاضا ملحوظا مع هبوط في تسارع النبض مع تغير في أخلاط الدم الكيميائية في اتجاه المزيد من التوازن .
و في جلسة طويلة مع المبشر قال لي أنه ألقى عدة محاضرات في النادي مع تمارين توضيحية تشرح مذهبه .. و لكنه اشتكى من عدم التجاوب بين المستمعين و أنه لم يلاق الصدى و النجاح الذي توقعه .
و قلت له إن هذا أمر طبيعي و متوقع .. فما تقوله و ما تبشر به ليس أمرا جديدا على أسماعنا .. بل إننا نباشر هذه التمارين بالفعل كمسلمين خمس مرات في اليوم .. فهي جزء من صلاتنا الإسلامية التي أمرنا بها نبينا عليه الصلاة و السلام ..
فالصلاة عندنا تبدأ بهذا الشرط النفسي .. أن يتجرد المصلي تماما من شواغله و همومه ، و أن يطرح وراءه كل شيء ، و أن يخرج من نفسه و ما فيها من أطماع و شهوات و خواطر و هواجس هاتفا .. الله أكبر .. أي أكبر من كل هذا و يضع قدمه على السجادة في خشوع و استسلام كامل و كأنما يخرج من الدنيا بأسرها ..
و لكن صلاتنا تمتاز على التمرين الذي تبشر به .. بأنها ليست خروجا من دنيا التوتر و القلق إلى عالم المحو الكامل و راحة العدم .. بل هي خروج إلى الحضرة الإلهية .. إلى حضرة الغنى المطلق .. و نحن لا نستعين بتسابيح و طلاسم سنسكريتية لا معنى لها ، و إنما نسبح بأسماء الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لنتمثل في قلوبنا تلك الحضرة الإلهية الجمالية التي ليس كمثلها شيء .
و قلت له إن صلاتنا تعطي المؤمن كل الراحة و الإجازة التي تدعو إليها و زيادة .. فهي ليست مجرد سكتة عقلية ، بل صحوة قلبية و انفتاح وجداني تتلقى فيه النفس شحنة جديدة من النور و نفحة من الرحمة و مدد من التأييد الإلهي .
إنها لحظة خصبة شديدة الغنى ، تعيد صلة المؤمن بالنبع الخفي الذي يستمد منه وجوده .
إن الانفصال عن دنيا النقص و الشر و التوتر يواكبه الاتصال بعالم الكمال و من هنا كان أثر الصلاة على المصلي مضاعفا .
و صلاتنا إذا صلاها المسلم بحضور كامل ، و استغراق و فناء و اندماج ، فإنها تكون شفاء من كل الأمراض التي ذكرتها و أكثر .
و إذا أجريت البحوث و الفحوص على ما يحدث في أثناء الصلاة لضغط الدم و النبض ، و تسجيل المخ الكهربائي ، و أخلاط الدم الكيميائية ، لكشفت عن نتائج أكثر إبهارا مما ذكرت في تمارينك .. و لكن للأسف لا أحد في أمريكا أو أوروبا يرى إسلامنا على حقيقته و لا أحد يحاول أن يبحث فيه .
و لهذا سوف تظل صلاتنا الإسلامية كنزا مخفيا لا يعلم ما فيه إلا من باشره بحضور كامل .. يقول لنا الله (( أقيموا الصلاة )) و لا يقول صلوا .. لأن الصلاة الحقيقية إقامة تشترك فيها جميع الأعضاء مع القلب و العقل و الروح ..
و خطأ الأوروبي أنه يظن أن الصلاة (( الإسلامية )) هي مجرد حركات و أنها على الأكثر مجرد اغتسال و رياضة (( بدنية )) ، و لهذا يقف عند ظاهر الأمر لا يتخطاه ..
و ينسى أن الحركات في الصلاة مجرد رمز فهي وقوف إكبار لله مع كلمة الله أكبر ، ثم ركوع ثم فناء بالسجدة و ملامسة الأرض خشوعا و خضوعا ، و بذلك تتم حالة الخلع و التجرد و السكتة (( الكاملة )) النفسية .. و لا يبقى إلا استشعار العظمة لله تسبيحا .. سبحان ربي الاعلى و بحمده .. سبحان ربي الأعلى و بحمده ..
(( و سبحان )) معناها ليس كمثله شيء ، و هو اعتراف بالعجز الكامل عن التصور .. و معناها عجز اللغة و عجز اللسان و عجز العقل عن وصف المحبوب .
و تلك ذروة (( نفسية )) في النجوى ..
و تلك هي وقفة الأدب حينما بلغ جبريل سدرة المنتهى فلم يستطع أن يتخطاها .. و قال لو تقدمت لاحترقت .
و ليس بعد هذه الوقفة إلا التجليات و التنزلات للكاملين الذين يؤهلهم التجرد الكامل لاستشراف الأنوار .
فالصلاة هي المعراج الأصغر و هي نصيب المسلم من المعراج الأكبر الذي عرج فيه محمد - عليه الصلاة و السلام - إلى ربه .
و هي ليست مجرد حركات .. بل هي أسرار و رحمات .
و أشرفها و أرفعها صلاة الفجر التي تشهدها الملائكة .. و صلاة قيام الليل .. التي نال صاحبها بها المقام المحمود .
و الصلاة هي الرصيد المتاح من الرحمة لكل مسلم في البنك الإلهي .. إن شاء أخذ منه و إن شاء ضل عنه و تكاسل فأضاع على نفسه كسبا لا يقدر بمال ..
و ما زالت الصلاة كنزا مخفيا لا نعلم عن أسرارها إلا أقل القليل و لا ينتهي في الصلاة كلام .
مقال / الصلاة .
من كتاب / الإسلام .. ما هو ..؟
للدكتور مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ الشريعة هي قمة الحكمة الربانية و هي تحتاج ذروة الحكمة البشرية في الفهم و التطبيق.و أي كلام غير ذلك غوغائية و مزايدات حزبية و بالونات دخان للتعمية.. و أي تطبيق للشريعة بدون فهم لن يكون سوى اجراءات مظهرية و مجرد مرهم خارجي لخُراج مُعبأ بالصديد . ❝