█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ النظرة الأولى هي النظرة قصيرة المدى، التي تهم الإنسان العجول، والنظرة الثانية الشاملة بعيدة المدى، هي التي يروِّض القرآن المؤمنين عليها؛ لأنها تمثِّل الحقيقة التي يقوم عليها التصور الإيماني الصحيح، وهكذا اتّصلت حياة الناس بحياة الملأ الأعلى، واتصلت الدنيا بالآخرة، ولم تَعُد الأرض وحدها هي مجال المعركة بين الخير والشر والإيمان والطغيان، ولم تعد الحياة الدنيا هي خاتمة المطاف ولا موعد الفصل في هذا الصراع . ❝
❞ حين تكون أصرة التجمع الأساسية في مجتمع هي العقيدة والتصور والفكرة ومنهج الحياة، ويكون هذا كله صادرا من إله واحد، تتمثل فيه السيادة العليا للبشر، وليس صادرا من أرباب أرضية تتمثل فيها عبودية البشر للبشر .. يكون ذلك التجمع ممثلا لأعلى ما في ˝الإنسان˝ من خصائص..خصائص الروح والفكر..فأما أن تكون آصرة التجمع في مجتمع هي الجنس واللون والقوم والأرض...وما إلى ذلك من الروابط، فظاهر أن الجنس واللون والقوم والأرض لا تمثل الخصائص العليا للإنسان..فالإنسان يبقى إنسانا بعد الجنس واللون والقوم والأرض، ولكنه لا يبقى إنسانا بعد الروح والفكر ! ثم هو يملك - بمحض إرادته الحرة - أن يغير عقيدته وتصوره وفكره ومنهج حياته، ولكنه لا يملك أن يغير لونه ولا جنسه، كما إنه لا يملك أن يحدد مولده في قوم ولا في أرض..فالمجتمع الذي يتجمع فيه الناس على أمر خارج عن إرادتهم الإنسانية فهو المجتمع المتخلف..أو بالمصطلح الإسلامي.. هو ˝المجتمع الجاهلي˝ . ❝
❞ والشريعة ˝ التي سنّها الله لتنظيم حياة البشر هي - من ثم - شريعة كونية . بمعنى أنها متصلة بناموس الكون العام ، ومتناسقة معه . . ومن ثم فإن الالتزام بها ناشئ من ضرورة تحقيق التناسق بين الحياة والإنسان ، وحركة الكون الذي يعيش فيه . . بل من ضرورة تحقيق التناسق بين القوانين التي تحكم فطرة البشر المضمرة والقوانين التي تحكم حياتهم الظاهرة . وضرورة الالتئام بين الشخصية المضمرة والشخصية الظاهرة للإنسان . .
ولما كان البشر لا يملكون أن يدركوا جميع السنن الكونية ، ولا أن يحيطوا بأطراف الناموس العام - ولا حتى بهذا الذي يحكم فطرتهم ذاتها ويخضعهم له - رضوا أم أبوا - فإنهم - من ثم - لا يملكون أن يشرعوا لحياة البشر نظاماً يتحقق به التناسق المطلق بين حياة الناس وحركة الكون ، ولا حتى التناسق بين فطرتهم المضمرة وحياتهم الظاهرة . إنما يملك هذا خالق الكون وخالق البشر ، ومدبر أمره وأمرهم ، وفق الناموس الواحد الذي أختاره وارتضاه . ❝
❞ أترى أحيــا بروح لا تحــس .. وفؤادٍ ليس يدري ما الشعور؟
أكتم الأنفاس إن جالت بحــس .. ثم أبقى صخرة بين الصخور؟
إن نفسي ليس ترضى؛ أي نفس .. تقبل العيش كسكان القـبور! . ❝